عبد الله البصيلي - الإقتصادية : كشف الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد عن أن حجم تمويل المصارف الممنوح للشركات تجاوز في نهاية الربع الثاني من عام 2011م أكثر من 800 مليار ريال، فيما وصل تمويل الأفراد إلى نحو 217.5 مليار ريال، وتمويل القطاع العام الذي بلغ في نفس الفترة نحو 250.5 مليار ريال.

وقال الجاسر خلال كلمته التي ألقاها البارحة الأولى في حفل إطلاق مشروع تقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الذي تشرف عليه الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية ''سمة'' بحضور عدد من المسؤولين: ''يأتي اليوم مشروع سمة لتقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة كخطوة مهمة في سبيل تشجيع المصارف على تمويل تلك المنشآت بأسلوب علمي ومنهجي يأخذ في الاعتبار درء مخاطر تمويل هذه الشركات، ويساعد المصارف على تنويع محافظها، بحيث يضيف مجالاً آخر إلى مجالات التمويل الرئيسية إلى المملكة.

وأضاف: ''نسعى اليوم من خلال مشروع ''تقييم'' إلى جعل تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة رافداً من روافد التمويل في القطاع المصرفي، ليحقق أهداف التنمية التي تسعى المملكة لتحقيقها للاقتصاد السعودي''.

وأوضح الجاسر أن مشروع ''تقييم'' يعنى بتقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة والخاص من خلال إيجاد نموذج علمي لتقييم جميع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد السعودي، معبراً عن شكره وتقديره للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) على المشروع الذي وصفه بـ''المهم''، مؤكداً في الوقت ذاته أن على الجميع تقديم جميع وسائل الدعم اللازمة لنجاحه.

وأكد الجاسر أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة ما زال بحاجة إلى الكثير من الرعاية وتوفير البيئة المناسبة لتؤدي دورها المطلوب في الاقتصاد، خاصة في مجال خلق وتوطين الوظائف، مشيراً إلى أن مشروع سمة '' تقييم'' هو الانطلاقة الحقيقية لتوحيد الجهود لمساعدة هذا القطاع في التغلب على أحد أهم عوائق نموه وهو الحصول على التمويل اللازم.

وأشار محافظ مؤسسة النقد إلى أن الاقتصاد الوطني يتكون من مجموعة كبيرة ومتكاملة من المؤسسات العامة والخاصة التي تستخدم ما هو متاح من عناصر إنتاج بشرية ومادية تسهم في تقديم تدفقات مستمرة من السلع والخدمات لمواجهة احتياجات المجتمع المحلي وجزء من الطلب الخارجي، مبيناً أن أحجام المؤسسات المحلية تختلف بحسب معايير العمالة، ورأس المال.

وأضاف: ''من الاعتقادات الخاطئة أن المؤسسات كبيرة الحجم هي المحرك الرئيس للنشاط الاقتصادي، وأن الواقع الفعلي يؤكد أن المنشآت صغيرة ومتوسطة الحجم تمارس دوراً مهماً في الحركة الاقتصادية في الدول المتقدمة والنامية، وذلك من خلال قدرتها الاستيعابية الهائلة لتوظيف القوى العاملة بما فيها متوسطة ومتواضعة التدريب والتأهيل العلمي''.

وتابع: ''أظهرت دراسة لمنتدى الرياض الاقتصادي حول قطاع الأعمال السعودي ومواجهة التحديات الاقتصادية أن متوسط عدد العاملين في القطاع الخاص السعودي بلغ 8,4 عامل في المنشأة الواحدة، وبالتالي فإن 90 في المائة من المنشآت في المملكة تعد ضمن نطاق المنشآت الصغيرة والمتوسطة''.

ولفت محافظ مؤسسة النقد إلى أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تُعد الأداة الأكثر كفاءةً وقدرةً على دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما في المناطق النائية الأقل حظاً في التنمية، معتبراً أنها أيضاً توفر مجالاً خصباً للتدريب وتطوير المهارات للعاملين، علاوة على مساعدتها للمشاريع الكبيرة في العملية التسويقية وتوفير المواد الخام والسلع الأولية في مختلف المراحل الإنتاجية.

وقال الجاسر ''نحن في المملكة لسنا بعيدين عن هذا، حيث أولت الحكومة هذا القطاع أهمية كبيرة وحثت جميع الأطراف ذات العلاقة على دعم هذه المنشآت''.

وأردف قائلاً: ''منشآت الأعمال شهدت في المملكة نمواً واضحاً في السنوات الأخيرة، فقد ارتفع عدد المنشآت المشتركة في نظام التأمينات الاجتماعية من نحو 121.5 ألف منشأة عام 1426هـ إلى نحو 218.4 ألف منشأة في عام 1430هـ، أي بمتوسط سنوي نسبته 16 في المائة. وتمثل المنشآت الفردية نحو 93,1 في المائة من الإجمالي، والمحدودة نحو 4.7 في المائة، والتضامنية نحو 0.6 في المائة''.

وتابع: ''يتركز النشاط الاقتصادي لهذه المنشآت في ثلاثة أنشطة هي التجارية بنسبة 34,3 في المائة، والتشييد والبناء بنسبة 32.3 في المائة، والصناعات التحويلية بنسبة 14,6 في المائة، فيما تحظى المنشآت الصغيرة التي يعمل بها أقل من خمسة أشخاص بالنصيب الأكبر، أي بما نسبته 55.5 في المائة من إجمالي عدد المنشآت في نهاية عام 1430هـ، كما يبلغ النصيب المئوي للمنشآت التي يعمل بها من 5 إلى 59 شخصاً نحو 42 في المائة، والباقي ونسبته 3.8 في المائة للمنشآت التي يعمل بها أكثر من 60 شخصاً''.

وزاد: ''وبذلك، فمعظم المنشآت في المملكة هي منشآت صغيرة الحجم بالنظر إلى معيار عدد العمالة، في حين أن مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي في المملكة منخفضة جداً، حيث بلغ نصيب إجمالي ناتج القطاع الخاص، الذي هو جزء منه نحو 33 في المائة، في الوقت الذي أسهمت فيه المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي بنسبة 64,3 في المائة في اليابان و43.3 في المائة في إسبانيا و56 في المائة في فرنسا و44 في المائة في النمسا و43 في المائة في كندا و33 في المائة في أستراليا، أما في الولايات المتحدة فإنها تسهم بأكثر من 50 في المائة''.

وعزا الجاسر تواضع مساهمة المنشآت الصغيرة في الناتج المحلي في المملكة إلى ضخامة القطاع النفطي والقطاع العام اللذين يمثلان المحرك الرئيس للنشاط الاقتصادي.


نبيل المبارك يلقي كلمته.

من جهته، أكد نبيل المبارك الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) أن مشروع تقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة (تقييم) هو آخر المشاريع التي تدشنها الشركة، وأنه يأتي كأول مشروع سعودي شامل يرى النور يختص بتقييم تلك المنشآت بعد أن تم التعاون مع إدارة حلول المخاطر في ''ستاندرد آند بورز'' من خلال دراسة مستفيضة لتشخيص الوضع الحالي لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السوق السعودية، وعقد عديد من الاجتماعات الدورية مع الجهات ذات العلاقة في مرحلة تشخيص للمشروع استمرت عاما كاملاً من 2009 إلى 2010.

وقال المبارك ''تنبع أهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة من الآثار الاقتصادية والاجتماعية على التنمية المستدامة من خلال التوظيف والمساهمة الاقتصادية ففي الدول المتقدمة تسهم المنشآت الصغيرة والمتوسطة بنسبة 65 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما تسهم تلك المنشآت في الدول النامية بنسبة 66 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي''.

وحول الهيكل القانوني للمنشآت الصغيرة والمتوسطة قال المبارك ''معظم المنشآت الصغيرة والمتوسطة ملكيتها إما فردية أو ذات مسئولية محدودة، و99 في المائة من المنشآت في المملكة تعود ملكيتها، إما لأفراد أو لذات مسؤولية محدودة، فيما يعزى ارتفاع عدد المنشآت لارتفاع عدد ملكية الشركات ذات المسؤولية المحدودة''.

وحول أهداف مشروع تقييم، أبان المبارك أن المشروع يهدف إلى دراسة جميع الأوجه المالية والاقتصادية والتمويلية والإدارية والاستراتيجية المرتبطة بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتقييم جميع الشركات المنضوية تحته من حيث رأس المال، وحجم النشاط، وعدد الموظفين، مبيناً أن ذلك سيسهل عليها الحصول على التمويل المناسب من الجهات التمويلية وتطوير أعمالها، واتخاذ خطوة جادة في مجال التقييم قائمة على أسس علمية ومنهجية.

وأوضح الرئيس التنفيذي لـ ''سمة'' أن فكرة المشروع بدأت في ''سمة'' منذ وقت طويل، وأن الشركة فضلت بداية القيام بجميع الدراسات المطلوبة لواقع هذا القطاع الحيوي، ودراسة أهم الإشكاليات التي تواجهه، سواءً التمويلية أو غيرها، من خلال مقارنات حديثة مع القطاعات المشابهة في بعض الدول المتقدمة، خصوصاً إبان حدوث الأزمة المالية العالمية.

وأضاف: ''أنه ومن خلال مرحلة الدراسة العامة للمشروع من قبل ''سمة'' وقفنا على جملة من المعطيات المهمة، أبرزها تردد المصارف في الإقراض لافتقادها المعلومات الائتمانية لقياس الملاءة المالية، وارتفاع تكلفة تقييم الإقراض والتقييم، وارتكاز عوامل إقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إدارة المخاطر الائتمانية، وارتفاع أسعار الإقراض للمنشآت الصغيرة والمتوسطة نتيجة المخاطر الائتمانية المرتفعة، وعدم قدرة جميع الجهات على احتساب إمكانية التعثر، وهو ما أخذه مشروع تقييم في عين الاعتبار لتشجيع المصارف على التوسع في منح القروض للمنشآت الصغيرة والمتوسطة''.

وحول النتائج المتوقعة من مشروع تقييم، أشار المبارك إلى أن مشروع (تقييم) يوفر نموذجا دقيقا يساعد جهات التمويل على تقييم الملاءة المالية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، كما يمكن للمنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال (تقييم) الحصول على شهادة تقييم عبر نظام التقييم الائتماني، ويعمل على تطوير نموذج تقييم ائتماني خاص لكل مصرف، وفق متطلباته الخاصة.

وتابع: ''يتوقع أن يكون النموذج المستخدم في مشروع سمة (تقييم) أدق وأقوى من النماذج التي تستخدمها المصارف لاعتماده على قاعدة بيانات ضخمة''.

وحول أبرز العوامل التي يبني عليها مشروع تقييم حساباته، أشار المبارك إلى أن هناك عوامل مالية تشتمل على إجمالي نمو الأصول، وصافي نمو المبيعات، وصافي الأرباح، ونسب التغطية وعوائد الأصول، وعوائد المبيعات، وعوائد حقوق الملكية، ونمو صافي الأرباح، والنسبة الحالية، والنسبة السريعة.

أما العوامل غير المالية- والحديث للمبارك- تتمثل في توسيع الملكية، نوعية وحجم فريق الإدارة، التركيز الاستراتيجي، التعرض للسوق، معدل الفائدة أو تذبذب أسعار المنتجات، التعرض لمخاطر خارج الميزانية الضوابط التشغيلية، استمرار فريق الإدارة، المصداقية الاستراتيجية، ونزاعات الإدارة ونزاعات الملاك وغيرها، مفيداً بأن هناك معايير خاصة بسلوكيات المنشآت والقطاع بشكل عام.

وحول أبرز المعوقات لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، قال المبارك ''تشكل المنشآت الصغيرة والمتوسطة أغلبية المنشآت القائمة، وأكبر موظف تقريباً لغير السعوديين في الغالب، كما أن عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تحولت لشركات كبيرة محدود للغاية وبطيء، علاوة على أن هذا القطاع مشتت وغير منظم، ويفتقد التنسيق وآليات تطوير العمل المستمر، كما يفتقد التمويل المصارف، نظراً لمخاطر التمويل العالية''.

وفيما يتعلق بالآثار الإيجابية لـ(تقييم) على الاقتصاد الكلي، أشار المبارك إلى أن المشروع سيساعد المنشآت الصغيرة والمتوسطة على الحصول على تمويل لنموها واتساع أعمالها، كما سيحل مشكلة تباين المعلومات لكامل القطاع ويطور من فاعلية وكفاءة سوق التمويل، وسيوفر أدوات وآليات متقدمة للمصرفيين والماليين لمعرفة المخاطر الائتمانية للشركات.

وتابع: ''سيعمل المشروع أيضاً على زيادة مستوى شفافية الاقتصاد من خلال تسليط الضوء على عمليات تلك المنشآت وطبيعتها، وتوفير معيار موحد لقياس أحجام الشركات والقطاعات التي تنتمي إليها، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتخفيض تكاليف الإقراض من خلال توفير المعلومات المحدثة والدقيقة لجهات التمويل والسعي جدياً لتغيير سلوك إقراض الجهات التمويلية لتكون مبنية على مخاطر السوق وعوائد المحافظ''.

وتطرق المبارك خلال حديثه إلى أبرز الإنجازات التي قدمتها ''سمة''، حيث أكد أن مشروع التصدي للشيكات المرتجعة نجح حتى آب (أغسطس) من العام الجاري في تقليص نسبة تلك الشيكات لتصل نسبة الانخفاض 71 في المائة، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وعرج المبارك إلى موضوع السجلات التجارية، حيث أوضح أن نسبة السجلات التجارية المشطوبة وصلت إلى 30 في المائة خلال خمسة أعوام، أي بمعنى شطب سجل واحد من كل 3 سجلات تجارية.