بسم الله الرحمن الرحيم
نشرت صحيفة إلكترونية تقريرا بعنوان " سعوديات في سهرات حمراء " ، ويحكي التقرير تصريحات لصحفيات وإعلاميات وكاتبات عن ممارسات قمن بها تتصادم مع شرع الله أولا ، ثم الرسالة السامية للإعلام ثانيا .
أحدث التقريرُ هزاتٍ – وليس هزةً واحدة - قويةً في الوسطِ الإعلاميِّ – بعيدًا عن مصداقيتهِ من عدمها - ، وقامت هيئة الصحفيين السعوديين بالتحرك للدفاع عنهن ضد ذلك الموقع الذي تولى نشر التقرير ، وليتها تحركت فيما يخصها بل تنادت بتدخل جهات حكومية أخرى لمحاكمة ذلك الموقع ، وإقامة دعوى عليه تحت مسمى " التشهير " ! و " الجرائم الإلكترونية " ! ، وفرض أنظمة تعاقب الصحف الإلكترونية !
لست مع أو ضد ما قامت به هيئة الصحفيين الموقرة فهذا حقّ لها في الدفاع عمن ينضوي تحت مظلتها من الصحفيين والصحفيات ، لكني عندما قرأت التقرير بتأمل خرجت بهذه النتائح التي أرجو من هيئة الصحفيين أن يتسع صدرها لها :
أولا : تصعيد هيئة الصحفيين لقضية الصحفيات والإعلاميات ، والتصريحات النارية والتهددية والوعيدية ، والخروج في القنوات الفضائية ، ومطالبة بعض الجهات الحكومية كالداخلية ، والإعلام ، بالتدخل يجعلك تحتار في اللغة التصعيدية التي استخدمت ، ويجعل الفأر يلعب في عُبّك بلهجة إخواننا المصريين ، فلهجة التصريحات لهجة مسئول أمني ، أو رسمي ، أو محامي يملك كل الأدلة التي تدين الفاعل .
هذه اللهجة وهذا التصعيد لا نسمعها من هيئة الصحفيين عندما ينال من دين الله ، أو صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال أحدهم في صحيفة رسمية : " ولعل أول وأهم واقعة تاريخية عبرت عن ميلاد فكرة التكفير في الإسلام هي «حروب الردة» التي خاضها الخليفة أبو بكر الصديق في مطلع عهده .. وبذلك تكون «حروب الردة » أول بيان رسمي يعلن ميلاد أيديولوجيا التكفير " .
أو الطعن في كلمة التوحيد ، أو غير ذلك من التجاوزات التي تمس ثوابت الأمة ، فلماذا النظرة المتباينة بين القضيتين ؟!
أيضا أين هيئة الصحفيين من كاتبات فُضليات ضُيق عليهن وظُلمن في بعض الصحف - بسببٍ أو آخر - لأنهن قلن رأيهن بصراحة ففضلن الخروج من تلك الصحف ، وأرض الصحافة واسعة فهاجرن فيها .
لماذا لم تقف الهيئة معهن لنيل حقوقهن ممن ظلمهن ؟!
وعند الله تجتمع الخصوم !
وأظن أن الهيئة ستنجح في فرض أنظمة على المواقع الصحفية الإلكترونية بعد التصعيد فمن ثمرات التصعيد أنني قرأت اليوم في صحيفة محلية أن الداخلية أحالت دعوى قذف الإعلاميات إلى الشؤون الأمنية .
ثانيا : التقرير لم يورد اسم صحفية أو إعلامية واحدة ، وإنما الذي ورد اسم كاتب التقرير فقط ، فكيف ستتصرف الهيئة مع عدم ذكر أسماء الصحفيات من ناحية نظامية ؟! كيف يطلبون بمحاكمة ؟! هل تمّ تعيين مدّعية أخذوا وكالةً عنها لرفع دعوى في المحاكم وفقا لأنظمة الدولة بل عُرف المحاكم دوليا ؟! .
هل وصلت سطحية المعلومات إلى هذا الحد ؟!
نعم يدافعون عبر صحفهم ومقالاتهم لهم ذلك ، أما طلبهم للمحاكمة فكما أنه غريب لا أعده إلا لإحداث ضجيج فحسب .
وقد نشرت صحيفة " سبق " اعتذاره الرسمي عن التقرير .
ثالثا : هل من اختصاص هيئة الصحفيين أن تقوم بالدفاع عن الصحفي والصحفية عندما يقوما بأمر لا علاقة له بعملهما الصحفي ؟
ولأقرب الصورة أكثر ، هناك مؤسسات وشركات حكومية وخاصة في بلادنا يعملُ فيها آلاف الموظفين ، عندما يقوم أحد الموظفين بجريمة أخلاقية خارج الدوام فهل يحق لشركته أو مؤسسته أن تقوم بالتقاضي والترافع عنه ؟!
لا أظن أن عاقلا يقولُ بهذا ، فطالما أن جنايته تخصه فلا يُنتظر من مرجعه أن يُدافع عنه ، بل من العقل أن يفرض عليه عقوبة لأن يسيء إلى المكان الذي يعمل فيه .
رابعا : لم تتدخل هيئة الصحفيين في قضايا أكبر من قضية الصحفيات ، وتعتبر من اختصاصها في مراقبة وتنظيم عمل الصحف والصحفيين ، فعلى سبيل المثال لا الحصر :
تابع البعض مشكلة صحيفة " الندوة " وما آلت إليه أوضاعها بعد النكسة التي أصيبت بها بسبب أزمتها المالية ، مما أدى إلى توقف أكثر من 40 موظفا عن العمل لتأخر رواتبهم وتسوية حقوقهم ، فماذا كان موقف هيئة الصحفيين من تلك الأزمة ؟
يقول تركي السديري رئيس هيئة الصحفيين السعوديين عن دور الهيئة تجاه الصحيفة أو الموظفين الممتنعين عن العمل سواء كانوا من أعضائها السعوديين أو من خارجهم بالنسبة لغير السعوديين قال "حتى لو كانوا غير سعوديين، فهيئة الصحفيين السعوديين لها علاقات بالمنظمات العربية والدولية، من المفروض أن تحول الهيئة دون ضياع حقوق أي صحفي، أو يتعرض لأي مضايقات سواء كان سعوديا أو غير سعودي. وبصفة عامة نعم. كهيئة مسؤولة عن حرية الصحفيين ورعاية حقوقهم يفترض أن تتضامن معهم، لكن لا يعني ذلك أن تتبنى الهيئة قضيتهم". ( صحيفة " الوطن " - الخميس 5 رجب 1428هـ - العدد 2484 ) .
تأملوا عبارة " لكن لا يعني ذلك أن تتبنى الهيئة قضيتهم " ! .
فكيف لا تتبنى الهيئة قضيتهم التي هي من صميم عملها ، وتتبنى قضية الصحفيات التي لا علاقة لها بعملهن الصحفي وإنما هي قضية شخصية بإمكان الصحفيات رفع قضية من دون تبني الهيئة لها ؟!
وهنا نضع علامة استفهام ، والمطالبة بالجواب على السؤال يا هيئة الصحفيين لو تكرمتم ! .
إنها بحقٍّ ومنذ نشأتها ... هيئة الصحفيين سطحية المعلومات ، والكيل بمكيالين ...
وتقبلوا فائق تحياتي ...
عَبْداللَّه بن محمد زُقَيْل
من صيد الفوائد
مواقع النشر