الاقتصادية : حلت السعودية رابعة على مستوى العالم في نصيب الفرد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فيها بعد كل الولايات المتحدة وأستراليا وكندا التي قررت الانسحاب من اتفاق كيوتو لمكافحة التغير المناخي، فيما جاءت الصين وأمريكا وروسيا كأكبر الدول التي تتسب في الانبعاثات الكربونية.
رسم بثته رويترز عن الانسحاب الكندي من اتفاق كيوتو علما بأن كندا تتقدم على
السعودية مباشرة وتحتل المركز الثالث في نصيب الفرد من انبعاثات الكربون
وبحسب تحليل نشرته رويترز فهناك توقعات بأن رتفع حرارة الارض وأن ترتفع مناسيب البحار وأن تحدث الظواهر المناخية المزيد من الدمار لكن الاتفاق الجديد الذي توصلت اليه حكومات الدول في مدينة دربان لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري لن يساهم كثيرا في الحد من هذه الخسائر.
تشير بيانات مناخية من وكالات الامم المتحدة الى أن تراكم الغازات المسببة للاحتباس الحراري سيرتفع خلال السنوات الثماني القادمة -أي قبل الموعد المقرر لبدء تطبيق النظام المتفق عليه لخفض الانبعاثات- لمستويات تجعل كوكب الارض على مسار تصادمي مع تغير بيئي دائم. ووافقت دول من أنحاء العالم يوم الاحد على صياغة اتفاق جديد يجبر للمرة الاولى كل الدول الكبرى التي تمثل اكبر مصادر للتلوث على خفض انبعاثات هذه الغازات بحلول عام 2020 . لكن البعض يقول ان هذه الخطة تسير بخطى بطيئة للغاية في كبح جماح ظاهرة ارتفاع حرارة الارض.
ويقول محللون ان من الضروري كي يكون لاي خطة لخفض انبعاثات الغازات أثر حقيقي اثناء الصين -وهي أكبر مصدر للغازات الضارة- عن استخدام مصادر الطاقة التي تعتمد بشدة على الفحم والتي تخنق الارض بثاني اكسيد الكربون كما يجب ان تنفق الدول المتقدمة مبالغ كبيرة لتغيير مصادرها للحصول على الطاقة. لكنهم لا يرون ارادة سياسية تذكر لتنفيذ تلك الخطط المكلفة ويقولون ان عملية الامم المتحدة أظهرت خلال اسبوعين من المحادثات في مدينة دربان بجنوب افريقيا عجزها بصورة كبيرة عن احداث تغيير كاسح.
قالت جنيفر هافركامب مديرة البرنامج الدولي للمناخ في صندوق الدفاع عن البيئة وهي مجموعة أمريكية تحارب التلوث "التحدي هو أننا نبدأ المحادثات انطلاقا من أدنى نقطة في تطلعات كل طرف." وأضافت "حتى تنجح هذه المساعي لابد أن تكون الدول طموحة في التزاماتها وأن ترفض استخدام هذه المفاوضات كمجرد أداة أخرى معرقلة."
ومن غير المرجح نظرا للقيود السياسية المحلية تنفيذ وعود دربان باقامة المزيد من المشاريع الصديقة للبيئة في العالم المتقدم وتكثيف المساعدات للدول النامية وذلك نظرا لمشكلات التمويل الحكومي في اوروبا والولايات المتحدة واليابان. وخلال مفاوضات استمرت نحو 20 عاما لم تسفر عملية الامم المتحدة سوى عن اتفاق واحد ملزم حول خفض الانبعاثات وهو بروتوكول كيوتو لعام 1997. وينظر له على أنه اتفاق يزداد ضعفا ولا يحكم الا عددا محدودا من الدول المتقدمة التي تمثل حاليا 25 في المئة فقط من الانبعاثات العالمية وأعطاه اتفاق دربان شريان حياة. ومن شأن الاتفاق الجديد ان يمدد العمل بالقيود على الدول المتقدمة والتي كان من المفترض أن تنتهي العام القادم رغم أنه ينظر لها على نطاق واسع باعتبارها لا تساهم كثيرا في احداث خفض في الانبعاثات.
ويعرف الاتفاق الجديد باسم "أساس دربان" ويعد بالتوصل الى اتفاق ملزم قانونا بحلول عام 2020 ويرسم خارطة طريق لتحقيق هذا الهدف. ويقول محللون ان مصدر القلق هو أنه بحلول الوقت الذي تسري فيه أي بنود جديدة سيكون اثرها قد تقلص في المفاوضات لدرجة تجعلها بلا معنى. والصين والولايات المتحدة والهند أكبر ثلاثة مصادر في العالم لغاز ثاني أكسيد الكربون وهناك تقديرات بأنها تمثل نحو نصف انبعاثات العالم من هذا الغاز وهي ليست ملتزمة بكيودو ولن تكون ملتزمة بأي أرقام مستهدفة حتى عام 2020 على الاقل. وتتهم جماعات الضغط المدافعة عن البيئة الدول الثلاث منذ سنوات بمنع اتخاذ اجراءات صارمة. وتتعلل هذه الدول بأولويات داخلية في مجال الدفاع. ويحتاج مجلس الشيوخ الامريكي أغلبية كافية للموافقة على المعاهدات العالمية وليس به تحالف واسع للموافقة على أي معاهدة دولية للمناخ.
وقالت كل من الهند والصين ان خفض الانبعاثات سيضر باقتصادها ويعرض مئات الملايين من السكان للخطر في وقت يسعون فيه للخروج من الفقر. لكن من يطالبون بقيود أكبر على الانبعاثات يقولون ان هؤلاء السكان معرضين لخطر أكبر مع التغير المناخي. وقال ألدن ماير من اتحاد العلماء المعنيين "سكان العالم أكبر طرف خاسر لان الحكومات تذعن لدى اتخاذ اجراء أكثر حسما لمصالح الشركات اكثر من اذعانها لمصالح الناس." ودعا ماير وهو مخضرم في محادثات المناخ التي تجريها الامم المتحدة لرفع سقف خفض الانبعاثات والدعم المالي للتغير الصناعي والى "روح تعاون أكبر مما شهدناه في مركز مؤتمرات دربان خلال الاسبوعين المنصرمين."
ويقول علماء ومبعوثون من دول مختلفة لعملية المناخ التي تشرف عليها الامم المتحدة ان هناك حاجة للحد من المتوسط العالمي لارتفاع حرارة الارض الى درجتين مئويتين على الاقل مقارنة بعصر ما قبل الصناعة للحيلولة دون حدوث أخطر مظاهر التغير المناخي. لكن جماعات مدافعة عن البيئة تقول ان حتى هذا المعدل غير كاف. وقال برنامج الامم المتحدة البيئي في تقرير الشهر الماضي ان الانبعاثات توشك أن تتخطى حد الدرجتين المئويتين ويحذر محللون من ان تأجيل خفض انبعاثات الدول المتقدمة والحد من المعدل الكبير لنمو الانبعاثات في دول نامية رئيسية يعرضان الكوكب للخطر بشكل متزايد. وقال ماير "نحن على مسار زيادة من ثلاث درجات مئوية الى ثلاث درجات ونصف اذا لم نحقق خفضا كبيرا بحلول 2020 . "وليس هناك ما يشير الى أن هذا الاتفاق سيغير ذلك."
وتشير تقارير للامم المتحدة الى أنه مع ارتفاع الحرارة ترتفع أيضا الخسائر والتي تشمل تلف المحاصيل وزيادة حمضية المحيطات لدرجة تمحو أنواعا من الكائنات وارتفاع مناسيب البحار لدرجة محو جزر من على الخريطة. وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ان متوسط حرارة الارض سيرتفع ما بين ثلاث وست درجات مئوية بحلول نهاية القرن ما لم تحتو الحكومات الانبعاثات وهو ما من شأنه أن يحدث دمارا دائما للانظمة البيئية. واعتبرت جمعيات الصليب الاحمر والهلال الاحمر أكبر شبكة اغاثة في العالم اتفاق دربان فشلا جماعيا في القضاء على الدمار الذي يسببه التغير المناخي لاكثر السكان تأثرا في العالم.
وقال بيكيلي جيليتا الامين العام للشبكة في بيان "من غير المقبول بصراحة أن نعجز جميعنا عن الاتفاق بينما يتعلق ذلك بأرواح كثيرين." ولكن سلوين هارت كبير مفاوضي تحالف من مجموعة دول صغيرة مكونة من جزر أبدى ثقة قائلا ان هناك على الاقل اتفاقا على مواصلة المحادثات مضيفا "كنت أريد الحصول على المزيد لكن على الاقل لدينا شئ يمكن العمل به... لم نفقد كل شئ بعد."
مواقع النشر