دويتشه فيله : سيصل عدد سكان العالم في عام 2030 إلى ثمانية مليار نسمة، إلا أن موارد المياه والطاقة والمواد الغذائية محدودة. لذا أطلقت الحكومة الألمانية مبادرة تدعم الاقتصاد الأخضر وتدعو إلى سياسة مستدامة في تعاملنا مع هذه الموارد. حقيقة أننا بحاجة إلى إعادة التفكير في التعامل مع ازدياد ندرة الموارد الطبيعية، ليست بالأمر الجديد. فقبل 40 سنة أصدر "نادي روما" دراسة عنوانها "حدود النمو" رفض فيها سياسة النمو المادي اللامحدود. وقبل 25 سنة أصدرت الأمم المتحدة تقريرا عنوانه "مستقبلنا المشترك" وقبل عشرين عاما في عام 1992، في ريو دي جانيرو، دعت الأمم المتحدة إلى تنمية اقتصادية وبيئية مُستدامة. آنذاك اتفقت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على برنامج عمل مشترك أُطلق عليه اسم أجندة 21.
ضرورة العمل المشترك
في شهر حزيران/ يونيو المقبل ستشهد ريو دي جانيرو مؤتمرا تكميليا لمؤتمر 1992 يطلق عليه اسم مؤتمر قمة ريو+20، وهو مؤتمر تنظمه الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. وترى الحكومة الألمانية وجود ترابط بين المياه والطاقة والغذاء في أي نمو مستقبلي. وقد استبقت ألمانيا قمة ريو بالدعوة إلى مؤتمر "نيكسوس" في مدينة بون في الفترة بين السادس عشر والثامن عشر من الشهر الجاري، تشرين الثاني نوفمبر، للتحضير لمؤتمر الأمم المتحدة.
ازدهار الطاقة المتجددة في ألمانيا
واختيرت الكلمة اللاتينية "نيكسوس" اسما للمؤتمر لأنها تعني الربط والتشابك، أملا في أن يساهم المؤتمر في الربط بين مختلف الأفكار في العالم حول السياسة المستدامة، أي التي لا تستنزف الموارد الطبيعية، بل تستغل منها ما يسد حاجتها، وتترك ما يكفي من هذه الموارد للأجيال القادمة.
تحوّل نحو التنمية الاستدامة
يركز مؤتمر بون على العلاقة بين المياه والطاقة والغذاء وكيف أن كل عامل من هذه العوامل مرتبط بالعوامل الأخرى، يتأثر به ويؤثر فيه. وفهم هذه العلاقة هام جدا لنشوء اقتصاد أخضر في العالم.
لهذا تحظى المبادرة الألمانية بدعم مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، أخيم شتاينر: "لقد أعدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أجندة طموحة لمؤتمر ريو وهي ترى دورا رياديا لألمانيا. أعتقد أن ألمانيا أدركت منذ زمن، أن تعزيز التنمية المستدامة على الصعيد العالمي من مصلحتها".
ألمانيا كرائدة
يأتي انعقاد مؤتمر بون في وقت تبدو ألمانيا مستعدة فيه لاستضافة مؤتمر دولي عن التنمية المستدامة. فقد أعلنت الحكومة الألمانية مؤخرا عن الاستغناء النهائي عن الطاقة الذرية بعد كارثة فوكوشيما. وهو قرار أشاد به مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة. كما تعتبر ألمانيا مثالا يُحتذى منذ سنوات في إدارة المياه، وهي تستثمر مبالغ طائلة في البحث العلمي لتطوير الزراعة.
ألمانيا من الدول الرائدة في إعادة تصنيع النفايات
رخاء أكثر بطاقة أقل
لا يقتصر التحول في سياسة الطاقة الألمانية على استغلال ٍ أفضل للطاقة المتجددة كالشمس والرياح، وإنما تعني السياسة الجديدة الحفاظ على الموارد والتقشف في استهلاك الطاقة، إضافة إلى زيادة الكفاءة في استخدام الطاقة. فمثلا يمكن عبر عزل المباني بشكل أفضل، توفير 80 بالمائة من الطاقة اللازمة للتدفئة. وعن ذلك يقول ديرك ميسنر، مدير المعهد الألماني للتنمية: "لسنا بحاجة إلى إنتاج كميات أكبر من الطاقة، بل يمكننا الحفاظ على مستوى معيشتنا الحالي، باستهلاك كميات أقل من الطاقة".
لكن لا يكفي أن تطبق ألمانيا وحدها سياسة التنمية المستدامة، فهذه السياسة لن تنجح إلا إذا شاركت باقي دول العالم فيها وحصل تغيير في التفكير والسلوك، وهو ما يهدف إليه مؤتمر "نيكسوس" في بون.
في عام 1990 أطلقت ألمانيا مشروعا لإعادة تصنيع النفايات، واليوم يتم إعادة تصنيع 88 بالمائة من الورق المستعمل و87 بالمائة من الزجاج و72 بالمائة من المعادن و67 بالمائة من البلاستيك. وبذلك توفر ألمانيا مبلغ ثلاثة مليارات و500 مليون يورو سنويا، بدلا من شراء مواد خام جديدة.
ندرة في الموارد
توليد الطاقة من الألواح الشمسية قد يساهم في إيصال الكهرباء إلى مئات ملايين البشر الذين يعيشون بدون كهرباء
لكن إعادة تصنيع المواد المستعملة والنفايات تكلف أيضا الكثير من المياه والطاقة. كما تؤدي زراعة الحقول بنباتات تستخدم لإنتاج الوقود النباتي إلى ضياع كميات كبيرة من المياه النادرة والمواد الغذائية. فاليوم يوجد 900 مليون إنسان في العالم لا يحصلون على مياه شرب نقية، ويوجد مليار جائع في العالم ومليار و600 مليون شخص بدون كهرباء. هناك ندرة في المياه والغذاء والطاقة الأحفورية كالنفط والغاز، وهذا يتطلب تغييرا في تفكيرنا ووضع حلول منهجية لهذه المشاكل.
مواقع النشر