هل تفريج القدمين في السجود هو السنة أم إلصاقهما؟
أرجوكم ثم أرجوكم إن أمكنكم أن تصفوا الصلاة من البداية حتى النهاية ، وبالدليل من الكتاب والسنة الصحيحة . شيء آخر ، في الصلاة وأثناء السجود هل من السنة أن نضم الكعبين مع بعضهما ؟ وحيث إنني قرأت في فقه الحديث للشيح ناصر الدين الألباني مستدلا من ابن خزيمة وابن ماجة ، ولكنني سمعت مؤخرا أن هذه الأحاديث المتعلقة بالكعبين ليست صحيحة . ما الحق في ذلك ؟ أرجو الإجابة مع الاستدلال .
الحمد لله
أولا :
أما بيان صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتفصيل فقد سبق شرح ذلك في موقعنا ، في جواب السؤال رقم (13340) ، ولمعرفة الأدلة وتفصيل الكلام عليها بشكل أكمل يرجى مراجعة كتاب الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله ، واسمه : " صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها " ، فهو كتاب مفيد يكفيك إن شاء الله في ذكر الأدلة ، إذ لا يتسع المقام في موقعنا لذكر جميع الأدلة ، وإنما شيء إجمالي منها .
ثانيا :
أما وضع القدمين أثناء السجود ، هل السنة المباعدة بينهما ، أو رصهما وإلصاقهما ؟ فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين :
القول الأول : استحباب التفريق بينهما ، وهو قول جماهير أهل العلم الذين نصوا على هذه المسألة ، واستدلوا بما ثبت في السنة النبوية من استحباب تفريج الركبتين والفخذين أثناء السجود ، قالوا : والقدمان تبع لهما ، فالأصل أن يفرج بينهما أيضا .
فقد روى أبو داود (735) عن أبي حميد رضي الله عنه قال في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم : (وإذا سجد فَرَّج بين فخذيه) .
قال الشوكاني رحمه الله :
" قوله : ( فرَّجَ بين فخذيه ) أي : فرق بين فخذيه ، وركبتيه ، وقدميه .
قال أصحاب الشافعي : يكون التفريق بين القدمين بقدر شبر" انتهى .
"نيل الأوطار" (2/297) .
وقال النووي رحمه الله :
" قال الشافعي والأصحاب : يستحب للساجد أن يفرج بين ركبتيه وبين قدميه . قال القاضي أبو الطيب في تعليقه : قال أصحابنا : يكون بين قدميه قدر شبر " انتهى.
"المجموع" (3/407) .
القول الثاني :
استحباب ضم القدمين ، واختار هذا القول من المعاصرين الشيخ ابن عثيمين والشيخ الألباني رحمهما الله .
واستدل أصحاب هذا القول بما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (فقدت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان معي على فراشي ، فوجدته ساجداً ، راصّاً عقبيه ، مستقبلاً بأطراف أصابعه القبلة ، فسمعته يقول : أعوذ برضاك من سخطك ، وبعفوك من عقوبتك ، وبك منك ، أثني عليك ، لا أبلغ كل ما فيك) .
أخرجه الطحاوي في "بيان مشكل الآثار" (1/104) ، وابن المنذر في "الأوسط" (رقم/1401) وابن خزيمة في صحيحه (1/328) ، وابن حبان في صحيحه (5/260) ، والحاكم في "المستدرك" (1/352) ، وعنه البيهقي في "السنن الكبرى" (2/167) .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ ، لا أعلم أحدا ذكر ضم العقبين في السجود غير ما في هذا الحديث .
وقال الذهبي في "التلخيص": على شرطهما.
قال ابن الملقن في "البدر المنير" (3/669): إسناده صحيح . وصححه الشيخ الألباني رحمه الله في "أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" (2/736) .
وقد بوب ابن خزيمة لهذا الحديث بقوله : باب ضم العقبين في السجود .
وبَوَّب له البيهقي في السنن الكبرى (2/167) : باب ما جاء في ضم العقبين في السجود .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الذي يظهر مِن السُّنَّة أن القدمين تكونان مرصوصتين ، يعني : يرصُّ القدمين بعضهما ببعض ، كما في "الصحيح" من حديث عائشة حين فَقَدَتِ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم ، فوقعت يدُها على بطن قدميه وهما منصوبتان ، وهو ساجد .
واليد الواحدة لا تقع على القدمين إلا في حال التَّراصِّ .
وقد جاء ذلك أيضاً في "صحيح ابن خزيمة" في حديث عائشة المتقدِّم : ( أنَّ الرسولَ صلّى الله عليه وسلّم كان رَاصًّا عقبيه ) .
وعلى هذا فالسُّنَّةُ في القدمين هو التَّراصُّ ، بخلاف الرُّكبتين واليدين " انتهى.
"الشرح الممتع" (3/169) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
مواقع النشر