القاهرة - رويترز : أعلنت مصر يوم الثلاثاء موافقة أغلبية كبيرة من ناخبيها على مشروع الدستور الذي صاغه مؤيدون إسلاميون للرئيس محمد مرسي وفي نفس الوقت فرضت الحكومة قيودا على نقل العملات الأجنبية مع المسافرين من البلاد وإليها لمواجهة أزمة اقتصادية ازدادت سوءا بسبب أسابيع من القلاقل.
وبينت النتائج الرسمية للاستفتاء التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات التي تولت الإشراف على الاقتراع أن 63.8 في المئة من أصحاب الأصوات الصحيحة أيدوا مشروع الدستور مقابل 36.2 في المئة رفضوه وهو ما يمثل ثالث نصر انتخابي للإسلاميين منذ إسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية عام 2011.
وكان معارضو مرسي من الليبراليين واليساريين والعلمانيين والمسيحيين نظموا احتجاجات في الشوارع محاولين وقف عمل الجمعية التأسيسية التي صاغت مشروع الدستور قائلين إنه يخلط الدين بالسياسة بصورة مقلقة وإن ذلك يغير شخصية مصر.
ويقول مرسي إن الدستور الجديد يوفر حماية كافية للأقليات وإن إقراره بسرعة لازم لإنهاء عامين من الاضطراب السياسي الذي ضرب الاقتصاد.
وقال علي مراد وهو قيادي في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين متحدثا لرويترز إنه يتطلع إلى أن تبدأ القوى الوطنية العمل الآن لبناء مصر جديدة.
وأضاف أنه يعتبر الدستور الحالي أفضل دستور في تاريخ مصر.
وقال شهود عيان إن نشطاء أوقفوا المرور مساء يوم الثلاثاء بإشعال اطارات سيارات على جسر علوي قريب من ميدان التحرير الذي يشهد اعتصاما منذ أكثر من شهر احتجاجا على سياسات مرسي.
وقال شاهد إن النشطاء يحتجون على إقرار الدستور.
وقبل ساعات من إعلان النتائج الرسمية أكدت الحكومة حظر السفر إلى الخارج أو دخول البلاد بأكثر من عشرة آلاف دولار أو ما يعادلها من العملات الأجنبية الأخرى فيما بدا أنها خطوة لوقف هروب رؤوس الأموال.
وبدأ مصريون في سحب أموالهم من البنوك خشية فرض المزيد من القيود.
وبعد أن جاءت نتيجة الاستفتاء بالموافقة ستجرى انتخابات برلمانية في غضون شهرين مما يهيء الساحة لمنافسة جديدة بين الإسلاميين ومعارضيهم الليبراليين.
وكانت جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي أعلنت نتائج غير رسمية للاستفتاء قريبة للغاية من النتائج الرسمية.
وتثير النتائج التي أعلنت اليوم غضب المعارضين الذين طالبوا بإعادة الاقتراع قائلين إن مخالفات واسعة شابت العملية.
وقال خالد داود وهو متحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني وهي ائتلاف المعارضة الرئيسي في البلاد إن الدستور الحالي لا يمثل جميع المصريين وطالب بدستور أفضل.
وقال رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار سمير أبو المعاطي وهو يعلن النتائج إن اللجنة تلقت مختلف الشكاوى من وقوع مخالفات "وقامت بفحصها فحصا كاملا."
وأضاف أن نسبة التصويت بلغت 32.9 في المئة.
ودعت جماعات معارضة لاحتجاجات واسعة لإسقاط الدستور يوم 25 يناير كانون الثاني الذي يوافق الذكرى الثانية للانتفاضة التي أطاحت بمبارك.
وحثت الولايات المتحدة كل السياسيين في مصر على تجاوز الخلافات ودعت كل الأطراف الى نبذ العنف.
وتقدم الولايات المتحدة لمصر مساعدات عسكرية ومساعدات أخرى لمصر تقدر بمليارات الدولارات وتعتبر مصر ركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية باتريك فنتريل في بيان "الرئيس مرسي باعتباره الرئيس المنتخب ديمقراطيا لمصر عليه مسؤولية خاصة للمضي قدما بأسلوب يدرك الحاجة الملحة لتجاوز الخلافات." واشار الى ان كثيرا من المصريين عبروا عن "بواعث قلق كبيرة" بشأن الدستور الجديد.
وتسبب الاستفتاء الذي أجري يومي 15 و22 ديسمبر كانون الأول في انقسام عميق في أكبر الدول العربية سكانا لكن مرسي يقول إن إقرار الدستور بسرعة لازم لعلاج الاقتصاد.
وتعيش مصر التي تشهد استقطابا في جو أزمة منذ أسابيع. وخفضت وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أمس الاثنين تصنيف مصر طويل الأجل. وقالت إنها قد تخفضه مجددا إذا قوضت الاضطرابات السياسية الجهود المبذولة لدعم الاقتصاد والمالية العامة.
وقال رئيس الوزراء هشام قنديل قبل إعلان النتائج للمصريين الذين يبلغ تعدادهم 83 مليون نسمة إن الحكومة ملتزمة باتخاذ إجراءات تقيل الاقتصاد من عثرته.
وقال "أبرزالأهداف التى تعمل من أجلها الحكومة حاليا هي سد العجز فى الموازنة العامة للدولة والعمل على رفع نسبة النمو من أجل زيادة نسب التوظيف وخفض مستوى التضخم وزيادة تنافسية الصادرات المصرية للخارج."
وقال البنك المركزي إنه اتخذ خطوات لحماية ودائع البنوك وذلك في بيان أصدره بعدما قال مصريون إنهم سحبوا أموالهم خوفا من أن تجمد السلطات أرصدتهم.
وهناك شائعات كثيرة بشأن الوضع الاقتصادي. وقال أيمن عثمان الذي يعول طفلين "سمعت أن البنك المركزي سيهيمن على ودائعنا في البنوك لدفع أجور الموظفين في ضوء الوضع الاقتصادي المتدهور."
وأضاف أنه سحب ما يعادل 16 ألف دولار من حسابه هذا الأسبوع ويعتزم سحب المزيد وأنه طلب من زوجته شراء حلي ذهبية.
وتابع "لن أضع نقودا أخرى في البنك وسيفعل كثيرون أعرفهم نفس الشيء.
ومنذ إسقاط مبارك حقق الإسلاميون نصرين انتخابين سابقين في الانتخابات التشريعية والرئاسية الأمر الذي يمثل تحولا حاسما في الدولة التي تقع في قلب العالم العربي والتي تعرضت جماعة الإخوان المسلين فيها للقمع عشرات السنين في ظل حكم رؤساء من الجيش.
ومع ذلك تأمل المعارضة العلمانية والليبرالية أن تصبح أكثر تنظيما في المرة القادمة.
وعلى الساحة السياسية ما زالت هناك توترات. وتقول المعارضة إن الدستور الذي وضعته جمعية تأسيسية يهيمن عليها حلفاء مرسي الإسلاميون لم يكفل الحريات الشخصية وحقوق المرأة والأقليات. وتنفي الحكومة ذلك.
وعانى الاقتصاد المصري كثيرا منذ سقوط مبارك بعدما كان مفضلا لدى مستثمري الأسواق الناشئة.
وقال حسام الدين وهو بائع صحف يبلغ من العمر 35 عاما في وسط القاهرة إنه يوافق على أن الدستور سيجلب بعض الاستقرار السياسي لكنه مثل كثيرين يخشون إجراءات التقشف المحتملة المقبلة.
وأضاف "لا يريد الناس أسعارا أعلى. الناس مستاءون لهذا السبب. يوجد ركود والأمور لا تتحرك. لكنني أتمنى الأفضل إن شاء الله."
مواقع النشر