دويتشه ﭭيله : بالقرب من رام الله يتم بناء مدينة "روابي" التي تعد أول مدينة نموذجية وأكبر مشروع سكني في الضفة الغربية، وهو مشروع بلغت تكلفته الإجمالية مليار دولار أمريكي، كما أنه يضم مخططات وفق أحدث المعايير وبجودة عالية.
تقود رانية مرعي سيارتها في شارع يمر من تحت ورشة بناء مدينة "روابي" قرب رام الله. ورغم أن طول الشارع لا يفوق ثلاثة كيلومترات، إلا أن المشروع كان مهددا بالفشل بسبب ذلك الشارع الصغير الذي تنقل عبره مواد البناء لمشروع يعد حاليا من أضخم مشاريع البناء في الضفة الغربية. ويعود السبب في ذلك، إلى أن ذلك الشارع يمر من منطقة خاضعة للمراقبة الإسرائيلية.
رانية مرعي مديرة العلاقات العامة للمشروع.
"احتجنا لسنوات طويلة للحصول من إسرائيل على رخصة لبناء المدينة. وعلينا تجديدها سنويا"، تقول الشابة رانية التي تشغل منصب مدير العلاقات العامة بمشروع مدينة "روابي" الواقع قرب رام الله.
وبعد سنوات قليلة فقط، يُنتظر أن يسكن المدينة حوالي 40 ألف فلسطيني. ويراد أن تعم الحياة فيها. ولهذا ستضم مدارس ومستشفيات ومسارح ودور سينما وفنادق ومسجد وكنيسة، علاوة على مركز ضخم للتسويق، وملاعب رياضية ونظام صرف صحي مركزي؛ كما ستحصل مدينة "روابي" على إدارة منتخبة أيضا.
استثمارات بقيمة مليار دولار
"روابي" حلم بشار المصري الذي يبلغ عمره 52 عاما. وهو رجل أعمال من نابلس درس في الولايات المتحدة وأسس عام 1994 شركة "مسار العالمية" التي تضم 15 شركة فرعية، بالإضافة إلى عدد كبير من الأنشطة التجارية حول العالم. ويكمن هدف المصري في تأسيس أول مدينة حديثة في فلسطين.
عائلة فلسطينية اشترت شقة في روابي.
ولم يكن حلمه ممكنا من دون مساعدة قطر التي ساهمت بثلثي ميزانية المشروع المقدرة بنحو مليار دولار أمريكي، على أن يدفع المصري وباقي المستثمرين الصغار بقية المبلغ. ولا تعد "روابي" بالنسبة لرجل الأعمال الفلسطيني مشروعا استثماريا فحسب، وإنما يرى في المشروع خطوة هامة نحو إنشاء الدولة الفلسطينية في المستقبل.
ويهدف المصري إلى بناء فلسطين عصرية، واجهات منازلها بسيطة ومبنية من الحجر المحلي، ومن دون وجود أزبال في الشوارع أو صحون لاقطة في نوافذ المنازل.
مشروع بناء خاص
من المقرر أن تنتقل نهاية السنة الجارية الدفعة الأولى من السكان إلى المدينة. وإلى جانب عرض ثلاثي الأبعاد، تقدم رانية نماذج لأثاث المطبخ والحمامات والأبواب والسراميك. مع العلم أن جميع التجهيزات الأساسية متوفرة فيها.
وعادة ما ينحدر زبائن رانية من الطبقة المتوسطة التي تلقت تعليما جيدا. وهي اليوم بصدد التحدث إلى زوجين اختارا بلاطات خضراء لحمامهما المقبل. وعن أسعار الشقق يقول الزوج "إنها مناسبة، لجودتها العالية"، موضحا أنه وبالسعر ذاته يمكنه شراء شقة في رام الله، لكنها بحاجة إلى إصلاح ولا تتوفر على مكان مخصص ليلعب فيه الأطفال. وتبلغ مساحة الشقق في "روابي" بين 124 و230 مترا مربعا. في ما يصل سعر شقة بمساحة 180 مترا مربعا، إلى حوالي 110 آلاف دولار أمريكي.
تقود رانية سيارتها على الشارع الوحيد مؤقتا الذي يؤدي إلى مركز المدينة. وتُبنى على جوانب هذا الشارع، عمارات عالية يمكن لسكان مستوطنة عتريت رؤيتها أيضا. وهي المستوطنة التي يعتبر بناؤها غير شرعي بموجب القانون الدولي. ويعتبر المستوطنون روابي "استفزازا". وتحدثت رانية عن حدوث "مشاكل حقيقية معهم"؛ مضيفة أنه وفي المراحل الأولى للمشروع، "اعتدى هؤلاء في ساعات الليل المتأخرة على عمال البناء حين كان عددهم قليلا". غير أن الاعتداءات تراجعت اليوم وفق رانية. مستوطنة عتريت بدورها تشهد أعمال بناء، فالصراع في الشرق الأوسط يُخاض بالحفارات والإسمنت.
شباب مؤهلون
تعد مهندسة البناء الشابة حنان خلف التي أكملت دراستها في جامعة بير زيت قبل فترة قصيرة، من الشباب الكثيرين الذين يشاركون في تنفيذ المشروع. وبفضل "روابي" تعلمت حنان الشيء الكثير، موضحة أن "كل شيء هنا يتم بصورة محترفة. وهو ما لا نشهده عادة في فلسطين لصعوبة الوضع". ويبلغ عدد العمال في روابي حوالي 5000 شخص، بينهم عدد كبير من النساء في مناصب عالية.
رجل الأعمال الفلسطيني بشار المصري.
في المقابل، يسهر مدير المشروع أمير الدجاني على عملية التنسيق، وهو عمل مضني يتطلب منه مجهوداجما. وأشار الأخير إلى وجود "ضرورة ملحة لبناء شقق سكنية"، ورغم الاستثمارات الضخمة التي خصصت لهذا المجال في السنوات الأخيرة، إلا أن عدد المنازل حاليا لم يسد بعد الحاجة القائمة. من جهة أخرى ركز الدجاني على توفير فرص العمل: "نريد أن نوفر في فترة تنفيذ المشروع حوالي عشرة آلاف فرصة عمل".
وتجري أعمال بناء المدينة على قدم وساق. بينما بدأ حلم بشار المصري يتحقق تدريجيا. وحول الصعوبات الكثيرة التي يسببها الاحتلال الإسرائيلي، يقول الأخير "انتقل منفذو المشروع من وصفها بأنها مشكلة إلى وصفها بأنها تحد".
مواقع النشر