بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
الدراسات الطبية الحديثة تؤكد أن توقف التنفس الشديد أثناء النوم يزيد من احتمال التعرض لجلطات القلب والدماغ!
يعتبر القلب أحد أهم الأعضاء التي تستفيد من النوم. والنوم مهم لعدد كبير من أعضاء الجسم ولكن أهميته للقلب ووظائفه تعتبر من أهم وظائف النوم. وتحدث الكثير من التغيرات الفسيولوجية والأنشطة المعقدة في مختلف أعضاء الجسم خلال النوم. والقلب أحد الأعضاء التي تتأثر بالنوم والاستيقاظ. وتعتبر التغيرات التي تحدث للقلب خلال النوم أحد أهم المواضيع الطبية التي أكدت أهمية النوم وأهمية علاج اضطرابات النوم. فأمراض النوم تؤثر في القلب ووظائفه، ومن جهة أخرى فإن أمراض القلب تؤثر في استمرارية وصفاء النوم وراحة الجسم. وسنتعرض لذلك بشيء من التفصيل إن شاء الله فيما يلي:
تأثير النوم الطبيعي في القلب:
يمر النائم خلال نومه بعدة مراحل، يمكن تقسيمها إلى مجموعتين رئيسيتين: المجموعة التي لا تحدث فيها حركة العينين (NREM) والمجموعة الثانية مرحلة الأحلام (REM). وتقسم المجموعة الأولى (NREM) تجاوزا إلى نوم خفيف ومتوسط ونوم عميق. ويقضي الإنسان الطبيعي نحو 80 في المئة من نومه في المراحل التي لا تحدث فيها حركة العينين (NREM)
النوم أثناء المراحل التي لا تحدث فيها حركة العينين: (NREM)
وخلال هذه المراحل تقل سرعة دقات القلب ويحدث هبوط بسيط في ضغط الدم مما يؤدي إلى راحة القلب.
النوم أثناء مرحلة الأحلام (REM):
وخلال هذه المرحلة تزيد سرعة دقات القلب ويرتفع ضغط الدم مما يؤدي إلى ازدياد حاجة القلب إلى الأكسجين. وحيث إن 80 في المئة من فترة النوم الطبيعي تكون في المراحل التي لا تحدث فيها حركة العينين (NREM) فإن التأثير العام للنوم هو راحة القلب. وفي العادة لا تؤثر زيادة سرعة دقات القلب وضغط الدم خلال مرحلة الأحلام على القلب في الحالات الطبيعية؛ حيث تصحب ذلك زيادة في تدفق الدم إلى الشرايين التاجية. ولكن عند المرضى المصابين بتصلب وضيق في شرايين القلب فإن التغيرات التي تحدث في مرحلة الأحلام قد تؤدي إلى نقص في تروية القلب، وقد لوحظ ذلك على نماذج حيوانية أثناء التجارب العلمية.
انسداد مجرى التنفس أثناء النوم والقلب:
هناك علاقة بين هذا الاضطراب الذي ينتج منه توقف متكرر للتنفس أثناء النوم بسبب انسداد مجرى التنفس العلوي وبين هبوط (فشل) القلب. وتوقف التنفس أثناء النوم مرض شائع ينتج منه استيقاظ متكرر ونقص متكرر لمستوى الأكسجين في الدم.
وهذه التغيرات (الاستيقاظ المتكرر ونقص الأكسجين) ينتج منها زيادة متكررة في ضغط الدم ودقات القلب التي بدورها تزيد من احتياج القلب إلى الأكسجين ومن ثم احتمالات نقص تروية القلب خاصة عند المرضى المصابين بضيق في الشرايين التاجية.
وأظهر عدد من الدراسات العلمية أن توقف التنفس أثناء النوم بسبب انسداد مجرى الهواء العلوي قد يؤدي إلى الإصابة بتصلب وضيق الشرايين التاجية. وفي دراسة أجريناها في مستشفى الملك خالد الجامعي، وجدنا أن أكثر من 50 في المئة من المرضى الذين أدخلوا إلى العناية القلبية المركزة بسبب حدوث جلطة حادة في القلب أو نقص حاد في تروية القلب مصابون بتوقف التنفس أثناء النوم. كما أظهرت الدراسات الطبية الحديثة أن توقف التنفس الشديد أثناء النوم يزيد من احتمال جلطات القلب المميتة وغير المميتة ومن جلطات الدماغ. وفي العادة تزداد الجلطات بين الساعة السادسة صباحا والثانية عشرة ظهرا ولكن عند المصابين بتوقف التنفس تحدث الجلطات بشكل أكبر أثناء النوم بسبب نقص الأكسجين أي بين الساعة 12 منتصف الليل والساعة السادسة صباحا. الجيد في الأمر أن الدراسات أظهرت أن علاج توقف التنفس أثناء النوم يقلل من خطر الإصابة بالجلطات ويعيده إلى المستوى الطبيعي.
اضطرابات النوم وانتظام دقات القلب:
المصابون بانقطاع التنفس أثناء النوم هم أكثر عرضة لعدم انتظام دقات القلب خلال النوم بسبب نقص الأكسجين المتكرر وتزايد نشاط الجهاز العصبي الخاص بالتوتر (السيمباثاتيكي) وإفراز هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول. وقد تستمر هذه الاضطرابات في دقات القلب إلى النهار وإذا لم تعالج فقد تستمر ليلا ونهارا. وأكثر هذه الاضطرابات شيوعا هو الرجفان الأذيني ولكن قد تظهر اضطرابات في دقات القلب أكثر خطورة مثل حدوث دقلت بطينية غير طبيعية أو رجفان بطيني قصير المدى أو انقطاع جزئي أو كامل في نظام توصيل كهرباء القلب. أيضا كما ذكر آنفا، العلاج يقلل كثيرا من هذه المضاعفات.
اضطرابات النوم وارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئيسي:
أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن تكرار نقص مستوى الأكسجين في الدم أثناء النوم بسبب انسداد مجرى التنفس العلوي يسبب زيادة في ضغط الدم الشرياني. والعلاقة بين المرضين وثيقة. فقد أظهرت الدراسات أن نحو 50 في المئة من المرضى المصابين بانقطاع التنفس أثناء النوم مصابون بارتفاع ضغط الدم، وأن انقطاع التنفس أثناء النوم هو أحد عوامل الخطر التي تؤدي إلى زيادة ضغط الدم، وقد تأكدت هذه الحقيقة في أكثر من دراسة علمية حديثة أجريت على مجموعات كبيرة من الأشخاص المصابين بانقطاع التنفس أثناء النوم، وأثبتت هذه الدراسات العلاقة القوية بين انقطاع التنفس أثناء النوم وارتفاع ضغط الدم حتى بعد استبعاد العوامل الأخرى التي تزيد من ضغط الدم كزيادة الوزن وتقدم العمر وغيرها.
القلب أحد أهم الأعضاء التي تستفيد من النوم
اضطرابات النوم وارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي:
ومن ناحية أخرى فإن نقص الأكسجين في الدم يسبب انقباض شرايين الرئة الذي بدوره يسبب ارتفاع ضغط الدم في شرايين الرئة. ومع مرور الزمن يصبح ارتفاع ضغط الدم في الشرايين الرئوية مزمنًا. وقد يؤدي هذا إلى فشل وهبوط في الجزء الأيمن من القلب مما ينتج منه تورم الساقين وفي بعض الأحيان تجمع السوائل في البطن. إضافة إلى ما سبق، فإن نقص الأكسجين في الدم أثناء النوم قد ينتج منه اضطرابات في دقات القلب، وهذه الاضطرابات قد تتسبب في توقف القلب أثناء النوم، أو حدوث نقص في تروية القلب إن كان معتلا.
انقطاع التنفس أثناء النوم وفشل القلب:
أوضحت الدراسات والبحوث العلمية أن ما بين 40 و50 في المئة من مرضى فشل القلب يعانون انقطاع التنفس بسبب انسداد مجرى التنفس العلوي أو انقطاع التنفس المركزي (توقف التنفس أثناء النوم من دون انسداد مجرى الهواء العلوي). كما أن هناك أدلة متتالية تدل على أن اضطرابات التنفس أثناء النوم قد تزيد من حدة وتقدم فشل القلب على المدى الطويل. وقد أثبتت عدة دراسات أخرى أن الوفاة عند مرضى القلب المصابين بانقطاع التنفس المركزي أكثر من مرضى القلب غير المصابين بهذا المرض، وأن العلاقة بين اضطرابات التنفس أثناء النوم وفشل القلب علاقة وثيقة وكل منهما يؤدي ويزيد من حدة الآخر. لذلك يؤدي علاج اضطرابات التنفس أثناء النوم إلى تحسن كبير في أمراض فشل وضعف القلب. كما أن العلاج الطبي لفشل القلب قد يقلل من اضطرابات التنفس أثناء النوم.
نقص النوم والقلب:
أظهرت دراسات حديثة منها اثنتان نشرتا نهاية العام المنصرم أن نقص النوم بسبب السهر وبدون وجود اضطرابات تنفسية أثناء النوم له علاقة بزيادة ضغط الدم الشرياني الرئيسي. وهذه نتائج مهمة تبين أهمية الحصول على نوم كاف.
طرق العلاج:
أهم طرق العلاج هو استخدام جهاز ضغط الهواء الموجب المستمر اثناء النوم وهو جهاز صغير يتم معايرته خلال دراسة النوم وينتج عنه اختفاء كامل لتوقف التنفس أثناء النوم ومن ثم اختفاء لنقص الأكسجين. وهذا بدوره يقلل الضغط على القلب ويعيد نشاط أجهزة وهرمونات التوتر في الجسم إلى مستواها الطبيعي ويساعد انقباضات القلب ويحسن وظائفه وقد يقلل من مستوى ضغط الدم الشرياني الرئيسي والرئوي.
وفي الختام أنصح كل من يعاني أمراض القلب واضطرابات التنفس أثناء النوم مراجعة الأطباء المختصين لتشخيص حالته الصحية ومعالجته لتفادي المضاعفات الخطيرة التي ذكرناها سابقًا.
مع تمنياتى للجميع بالصحة والعافية ...والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
مواقع النشر