السلام عليكم
ما زالت ردود الأفعال الإسلامية والعربية على نشاطات التوسع الفارسي والتمدد الامبراطوري وحركة التشييع الجارية بالمال والأوهام دون المستوى بكثير.
وما إن تخفت بؤرة حتى تشتعل أخرى لا تقل عنها أهمية، وبدت أمتنا إزاء هذا الطموح "الاستعماري" والمذهبي كفريسة تتلقى طعنات في أنحاء مختلفة دون أن تقوى على رد شيء منها، وهو ما بات يقلق الكثيرين من الغيورين على مستقبل هذه الأمة وشعوبها.
ولا ريب أن الأمة الإسلامية تتلقى طعنات نجلاء من الدول "الاستعمارية" التقليدية والحديثة، وتنتهب اقتصاداتها وتغيب ثقافاتها وينتهك حاضرها ويدمر مستقبلها من قبل أطراف سبقت الدولة الإيرانية التي لم تظهر لحد الآن كقوة "استعمارية" اقتصادياً، لكنها أضحت خطراً صاعداً كبيراً مع كل موقف عربي يتناهى في ردات فعله عن المأمول، وفي كل صمت مريب لحد التواطؤ يتبدى في وجوه الدول الغربية التي تظهر عداء لإيران وتبطن تماهياً مع طموحاتها و"مصالحها".
وبعد أن كشفت السلطات المصرية عن خلية ينتمي بعض أفرادها لـ"حزب الله" الموالي لإيران، واعتراف زعيم الحزب حسن نصر الله بضلوعه في القضية، برغم تدثره برداء المقاومة ومساندتها عبر الادعاء بتقديم هذه المجموعة التي ألقت السلطات المصرية القبض عليها دعماً لوجيستياً لحركات المقاومة الفلسطينية في غزة؛ فإن حلقة جديدة من التحرك الشيعي الموازي لأخطر مراحل البرنامج النووي الإيراني تكتمل، مع بروز أنشطة شيعية في أكثر من بلد عربي يحوي أقلية شيعية ـ أو متشيعة حديثاً ـ في المنطقة العربية.
لا حديث اليوم عن البحرين واضطراباتها، ولا الكويت ومكتسبات الشيعة المتوالية فيها، ولا النفوذ الإيراني المتنامي في سوريا والتشييع الجاري فيها بأعلى درجات الفعالية وعبر مالٍ يتدفق من إيران للأسر الفقيرة، ولا التمرد المسلح في اليمن بزعامة الحوثي الذي يتلقى دعماً قوياً من بلد عربي بخلاف إيران، ولا النشاط المحموم في المغرب الذي استدعى قطع العلاقات مع إيران، ولا التقارب مع قطر وبعض الفعاليات الإعلامية فيها، وإنما نعالج الآن مشكلتين تخصان أكبر دولتين في المنطقة العربية، السعودية، ومصر.
وبعد أقل من شهرين على أحداث البقيع المؤلمة، ومظاهرات العوامية، وخطبة النمر في القطيف، الداعية إلى الانفصال عن السعودية بلد الحرمين، وبيان الألف شيعي وغيرها، تطل الفتنة من قلب العروبة عبر خلية "حزب الله" التي كشفت عن نية شيعية للتغلغل في منطقة استراتيجية في مصر، وهي تلك القريبة من الحدود مع فلسطين.
إنهما السعودية، ومصر، قلبا العالمين الإسلامي والعربي، اجترأت إيران أخيراً على إثارة الفتن داخلهما بعد أن اقتصرت في المراحل السابقة على دول صغيرة وبعضها هامشي، وزادت من وتيرة التصعيد مع دخول برنامجها النووي حيز المجاهرة والتنفيذ الفعلي، في ظل تراجع غربي مقصود أمام القادم الجديد، رغبة في أن يتحول ـ أو يظل ـ فزاعة لجميع دول المنطقة، حتى الكبيرة منها والمؤثرة، من أجل تأمين حماية أكبر لـ"إسرائيل"، وتدجين دول المنطقة، وضخ مزيد من الأموال العربية في خزينة الغرب الفارغة مع تفاقم مشاكل الأزمة الاقتصادية تحت طائلة الاتفاقات الأمنية مع الدول العربية التي أمسى بعضها مذعوراً وهو يتابع أخبار التمدد الإيراني!!
مواقع النشر