عرب الأمس.. وعرب اليوم!.
يوسف الكويليت
الجيل الذي عايش العدوان الثلاثي على مصر يدرك كيف كان الحسّ العربي والسياسة وكل الطاقات الفكرية في المعركة، حتى إن التجنيد التطوعي من أجل الدفاع عن مصر من قبل شخصيات مرموقة، لم يكن مساهمة رمزية، بل كان تجسيداً لمفهوم المعركة الواحدة، حتى إن تدخل أمريكا في عهد الرئيس أيزنهاور الذي أوقف الحرب وأنهى الأسطورة الثنائية لقوتيْ بريطانيا وفرنسا، بعث في الأمة العربية شعوراً طاغياً لو استثمِر بعقل لربما تغيرت الخارطة العربية ووزنها الدولي، حتى إن الرفض العام، الذي صاحبَ ذلك العدوان بمقاطعة البضائع، وإغلاق المطارات والموانئ على صادرات تلك الدول سبّب صدمة مساوية للحرب.
أما تحرير الجزائر فلا يوجد عند أي طالب أو شيخ أو امرأة، إلا وصورة البطولة ماثلة أمامه حتى إن التبرع بالقروش والملاليم من المواطنين كان له فعل يكمل حرب التحرير، ولعل القيادة التي تعاملت بحس الثورة ضد الاستعمار، لم تكن تابعةً لأي نظام عربي أو عالمي، وهذا الاستقلال منحها الثقة والاحترام، بحيث تحددَ الهدف بالاستقلال وحده وقبول المعونة والدعم من أي نظام ينتهج أسلوب الغرب أو الشرق، وهي قيمة معنوية استطاعت أن تجعل الجزائر رمزاً للمقاومة والنضال، وتحقيق المكاسب أمام أشرس دولة استعمارية..
الفلسطينيون حصلوا على إجماع عربي وإسلامي في الاتفاق على قضيتهم ورفع سقفها بأنها مسؤولية قومية وإسلامية، وقد نالوا الدعم المادي والمعنوي والسياسي، غير أن الأساليب التي اتبعها بعض القيادات سواء من فرض انقسامات مع وضد النظم العربية، أو الذهاب كلية للمنظومة اليسارية المتمثلة بالاتحاد السوفياتي والدائرين في فلكه، قد نجد له بعض العذر عندما كان الغرب في خندق إسرائيل، ومع ذلك استطاعت المقاومة أن تكسب اليسار واليمين لأن حربها ضد إسرائيل لم تكن بالأسلحة وإنما بالحجارة، وكانت الصور هائلة الوقع على العالم في مواجهة المدفع بالحجر، وهي فرصة أُهدرت لأن القيادة، بعد عرفات، ظلت منقسمة وموزعة على دوائر مختلفة الاتجاهات والأهداف..
مصر احتضنت المصالحة بين فتح وحماس، وقامت بدور رائد لأنها عملت بحيادية تامة في أن تكون الوسيط لا الخصم، وهي الدولة المقبولة من كل الأطراف، وكانت تحسد على صبرها أمام تغير المواقف والأفكار، ومع ذلك استطاعت أن توجد الحل الوسط لاستيعاب المطالب والتناقضات ومحاولات الانقسام، غير أن النتائج من قبل القيادتين، وخاصة حماس التي رغبت بعودة القضية الى مربعها الأول، أجبرت مصر على الإعلان إما التوقيع على ما اتفق عليه، أو انسحابها، وهو حق معنوي، لأن لديها ما يشغل فراغها بهمومها الداخلية، وهنا لا بد من فهم أن الصبر قد ينقلب إلى غضب، وأي انتكاسة لوساطة مصر، سوف تعيد القضية إلى نقطة اللاعودة، ولا يستطيع أحد لومها إذا ما تخلت عن صداع طويل جلب لها العديد من المشاكل..
أن يتفق الفرقاء، أو لا يتفقوا، فالموضوع أصبح تحت مسؤوليتهم أمام شعبهم والعالم، وعليهم الأخذ بتجربة الجزائر التي حررت وطنا وكانت نموذجاً لتحرير أوطان أخرى..
الرياض
التعليق
منذ أن وئدت ثورة الحجارة تداعت على إثرها كل الحماسات والآمال العربية والإسلامية وحتى الدولية المنصفة في ظل تناحر الفلسطينيين مع بعضهم وقتل القضية بأيديهم من خلال تبادل الإتهامات بالخيانة والعمالة والتبعية بل إن هذه الإتهامات المتبادلة فيها شيء من الحقيقة والواقع الأمر الذي ثبط عزيمة المواطن العربي العادي حتى وصل الأمربه إلى أزمة الثقة في القيادات الفلسطينة بل واليأس منها كمنظمة وطنية كنا نعول عليها كثيرا في تحقيق الإستقلال ولكن التشاؤم هو سيد الموقف فمن خان أخيه فليس كثيرا عليه خيانة جيرانه
مواقع النشر