ربيكا موريل (بي بي سي) - أشارت دراسة طبية إلى أن الفئران السوداء قد لا تكون المسؤولة عن حالات عديدة من الإصابة بالطاعون الدبلي في أنحاء أوروبا. ويعتقد العلماء، بدلا من ذلك، بأن انتشار الطاعون، التي وصلت أوروبا في منتصف القرن الرابع عشر، ترجع إلى اليرابيع القادمة من آسيا.
قد لا تكون الفئران السوداء التي اتهمت كثيرا المسؤولة عن عودة تفشي الطاعون
وقال نيلز كريستيان ستينث، من جامعة أوسلو "إذا كنا نتوخى الصواب، فعلينا أن نبدأ في إعادة كتابة هذا الجزء من التاريخ." ونشرت الدراسة في دورية (وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم Proceedings of the National Academy of Sciences).
ووصل الطاعون الأسود، الذي تعود نشأته إلى آسيا، أوروبا في عام 1347، وتسبب في واحد من أكثر الأوبئة فتكا في التاريخ البشري. وخلال الـ 400 عام التالية، ظهرت الأوبئة مرارا بصورة مفاجئة، وقتلت الملايين من البشر. وكان يعتقد بأن الفئران السوداء هي المسؤولة عن السماح للطاعون التوطن في أوروبا، في ظل تفشي حالات جديدة بسبب انتقال البراغيث من القوارض المصابة إلى الإنسان.
تجمعات الفئران
ومع ذلك، لا يعتقد ستينث وزملاؤه بأن تجمعات الفئران هي المسؤولة عن الطاعون. وقارن الفريق البحثي سجلات لحلقات الأشجار الدائرية مع سبعة آلاف و711 حالة تاريخية لتفشي الطاعون لرؤية ما إذا كانت ظروف الطقس ستكون الظروف المثلى لحالة تفشٍ سببتها الفئران.
وقال ستينث "ولهذا، ستكون بحاجة إلى فصول صيف دافئة، وهطول أمطار غير مبالغ فيها، وجافة لكن ليست جافة جدا." وأضاف: "بحثنا في قطاع عريض من المؤشرات المناخية، ولم تكن هناك علاقة بين ظهور الطاعون وبين الطقس."
عندما يكون الطقس مناسبا تزدهر اليرابيع العملاقة في آسيا، ما يؤدي إلى ازدياد فرص انتقال الطاعون
وبدلا من ذلك، يعتقد فريق العلماء بأن ظروفا مناخية خاصة في آسيا ربما كانت السبب في أن أصبحت القوارض -من فصيلة اليرابيع العملاقة- أكثر قوة. ثم أدت بعد ذلك إلى انتشار الأوبئة في أوروبا.
وأضاف "نوضح أنه أينما كانت هناك ظروف جيدة لليرابيع والبراغيث في آسيا الوسطى، تظهر بعد ذلك بسنوات البكتيريا في المدن البحرية في أوروبا، ثم تنتشر في أنحاء القارة." وقال ستينث إنه في حالة حلول ربيع رطب بعد صيف دافئ قد يؤدي ذلك ازدهار أعداد اليرابيع.
وأضاف "تعد مثل هذه الظروف أمرا جيدا لليرابيع، إذ تؤدي إلى زيادة في معدلات ولادة اليرابيع في المناطق الشاسعة وهذا أمر جيد للطاعون." ثم تنتقل البراغيث، التي تنمو هي الأخرى جيدا في تلك الظروف، إلى الحيوانات المنزلية أو إلى الإنسان.
وأوضح أن هذه الفترة شهدت بلوغ التجارة بين الشرق والغرب ذروتها، ولذا فإن الطاعون انتقل على الأرجح إلى أوروبا عبر طريق الحرير في آسيا.
عاصفة شديدة
وقال "كان هذا بالنسبة لي مثيرا للدهشة." وتابع "وفجأة، تمكنا من حل المشكلة. فلماذا لم يكن لدينا تلك الموجات من الطاعون في أوروبا." وأضاف "اعتقدنا في البداية بأن ذلك كان بسبب الفئران والتغيرات المناخية في أوروبا، أما الآن فقد عرفنا أنها ترجع إلى آسيا الوسطى."
ويخطط الفريق البحثي الآن لفحص عينات الحمض النووي لبكتيريا الطاعون التي أخذت من هياكل عظمية قديمة في أنحاء أوروبا. وإذا أظهرت المادة الوراثية قدرا كبيرا من التنوع قد يشير ذلك إلى أن صحة نظرية الفريق. وقد تظهر الموجات المختلفة من الطاعون القادمة من آسيا اختلافات كثيرة أكثر منها سلالة ظهرت من تجمعات الفئران.
وقضي على الطاعون في أوروبا بعد القرن التاسع عشر، ومع ذلك واصل المرض ظهوره هذه الأيام في أجزاء أخرى من العالم. وقالت منظمة الصحة العالمية إنه أبلغ عن 800 حالة إصابة تقريبا في أجزاء متفرقة حول العالم عام 2013، من بينها 126 حالة وفاة.
وفي بحث آخر نشر في دورية الصحة والطب الاستوائي الأمريكية، قال باحثون في الولايات المتحدة إن اتساع الرقعة الزراعية عرضت شرق أفريقيا إلى ازدياد مخاطر الإصابة بالطاعون.
وقال الباحثون إنه مع اتساع رقعة الأراضي الزراعية ارتفعت معدلات المواليد بين القوارض، ما أدى إلى "عاصفة عاتية" لانتقال الطاعون.
مواقع النشر