الرياض - واس : أعرب معالي وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير عن استنكار المملكة ورفضها للتصريحات العدوانية للمسؤولين الإيرانيين التي تتعلق بتدخلات إيران في الشأن الداخلي لدول المنطقة، مؤكداً أن هذا الأمر غير مقبول لنا ولأشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي والعالم العربي.
كما عبر عن استنكار المملكة للتهديدات والتصريحات التي أدلى بها المسؤولون الإيرانيون تجاه الأشقاء في البحرين، وقال: "هذا أمر لا نقبله ونرفضه ونعتقد أنه لا يمثل رغبة دولة تسعى للحصول على حسن الجوار بل يمثل دولة لها طموح في المنطقة وتقوم بتصرفات عدوانية.
وأوضح معاليه خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده بمقر الوزارة مع الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موغيريني، أن الملف النووي الإيراني والاتفاقية التي وصلت إليها الدول خمسة زائد واحد مع إيران شرحت لنا الآلية المتعلقة بالاتفاقية لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وأن آلية التفتيش تشمل المواقع العسكرية وأيضا آلية لإعادة العقوبات على إيران في حال مخالفتها لهذه الاتفاقية.
ونوه معاليه بالاجتماعات الموسعة مع الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية والسياسة الأمنية التي تناولت العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي وكيفية تعزيزها في شتى المجالات، وتسهيل التأشيرات للمواطنين السعوديين والعمل على زيادة مدتها إلى خمس سنوات والاستمرار في بحث هذا الموضوع.
وأضاف أن الاجتماع تناول عدداً القضايا الإقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وكيفية إعادة إحياء عملية السلام على أسس معروفه وبالذات على أساس مبادرة السلام العربية وكيفية تفعليها.
وتطرق الجبير إلى الوضع في سوريا وأهمية إيجاد حل سياسي يؤدي إلى إبعاد نظام بشار الأسد من السلطة ويحافظ على المؤسسات السورية الحكومية والأهلية.
كما أكد على أهمية تطبيق الإصلاحات بالعراق التي تم الاتفاق عليها في الصيف الماضي والمتمثلة في إشراك جميع الطوائف العراقية في دولة عراقية موحدة.
وتحدث معاليه عن الأوضاع في اليمن والهدنة الإنسانية التي طلبها فخامة الرئيس اليمني وأيدتها دول التحالف، مشدداً على أهمية إيجاد حل سياسي يعيد السلطة الشرعية لإخراج اليمن من المأساة التي يعيشها ونقل اليمن إلى مستقبل أفضل بأذن الله.
وقال: تحدثنا أيضاً عن الأوضاع في ليبيا وكيفية التعامل معها بشكل يعيد الاستقرار لهم ويسمح لليبيا أن تعمل على إعادة البناء.
وعبر معاليه عن شكره للمبعوثة الأوروبية للشؤون الخارجية على زيارتها للمملكة، وعلى المباحثات والنقاش المثمر والبناء.
من جانبها عبرت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موغيريني عن شكرها للمملكة على حسن الاستقبال، مشيدة بالفرصة الطيبة التي أتيحت للمناقشات الضافية والجيدة على مختلف الأمور التي تهم الاتحاد الأوروبي والمملكة بالنظر إلى العلاقة القوية التي تربط المملكة والاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات.
وأشارت موغيريني إلى التعاون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب ورغبة الاتحاد الأوروبي في تعزيز العلاقات الثقافية والتعليم وتقوية أوجه التعاون في مختلف المجالات، منوهة بالجهود التي تبذلها الدول الخليجية في تقوية العلاقات وأيضاً الاجتماعات الوزارية التي جرت بين الدول الخليجية والاتحاد الأوروبي خلال الشهور الماضية.
وأكدت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية والسياسة الأمنية أن للمملكة العربية السعودية دور أساسي ومهم تؤدية لدفع عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط، موضحة سعي دول الاتحاد الأوروبي إلى إيجاد حلول سلمية في المنطقة متحدثة عن صعوبة الأوضاع الحالية في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت: حاولنا إيجاد أوجه التعاون ليس من جهة الاتحاد الأوروبي ولكن أيضاً من جهة الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وغيرها التي تسعى جميعاً لإيجاد حلول سلمية لمشكلة الشرق الأوسط وأيضاً إيجاد دولة فلسطينية تعيش في وئام مع " إسرائيل " وبحث العواقب والمترتبات في حال عدم التوصل إلى اتفاق سلام.
وأضافت: تبادلنا مع المملكة العربية السعودية الرؤى والأفكار وأيدنا العمل المشترك للوصول إلى حلول في سوريا وهذا الموضوع له أهمية قصوى لإحلال السلام في سوريا.
وفيما يتعلق بموضوع ليبيا، قالت موغيريني: "نظرنا إلى الحالة الإنسانية ومحاولة الوصول إلى حلول سياسية، واستعرضنا ضرورة الوصول إلى اتفاقية وإلى حلول أخرى، بحيث يتمكن الشعب الليبي من الوصول إلى حلول هادفة والاستقرار والوئام والسلام"
.
وأفادت أن المحادثات شملت الاتفاقية التي أبرمت بين دول خمسة زائد واحد وإيران في يوليو التي تم تسهيلها ودعمها من المجتمع الدولي وقام بدعمها والموافقة عليها مجلس الأمن بعد مفاوضات مضنية.
وقالت: "سأقوم بزيارة إلى طهران وهناك لجنة ستشرف على ما يتعلق بتنفيذ الاتفاقية، حيث تصل هذه الاتفاقية إلى منع إيران من الوصول إلى أسلحة نووية وأهمية القيام بالتفتيشات اللازمة بصورة مشددة وإعادة الحظر في حال عدم التزام إيران بهذه الاتفاقية".
وعبرت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية والسياسة الأمنية عن ارتياحها للتعاون بين المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي وشكرها لمعالي وزير الخارجية على عمله الممتاز والمحادثات التي جرت.
بعد ذلك أجاب معالي وزير الخارجية والممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية على أسئلة الصحفيين، فجاوبا على سؤال بشأن تصريحات نوري المالكي تجاه المملكة، أكد معاليه أننا وصلنا لقناعة فيما يتعلق بتصريحات المالكي على مدى السنوات، وأن كثيرًا مما يقوله المالكي لا أساس له ولا مصداقية.
وقال: إن السياسات الطائفية التي تبناها خلال وجوده رئيسا لوزراء العراق هي التي أدت لخلق الفتنة في العراق وتهميش السنة، ودخول داعش للعراق، فآخر من يتهم المملكة العربية السعودية بدعم الإرهاب يجب أن يكون المالكي، والحكومة العراقية أصدرت بيانًا بأن هذا لا يمثل وجهة نظرها تجاه المملكة واستدعي القائم بالأعمال العراقي في الرياض، ووصلنا رسالة قوية اللهجة فيما يتعلق بهذه التصريحات ولا أعلم لماذا هو يقوم بهذه التصريحات من وقت لآخر.
وأضاف معاليه: "الذي أعلمه أن السياسات التي تبناها خلال وجوده رئيسا للوزراء في العراق والنعرة الطائفية التي يروج لها هي التي أدت لخراب البيت في العراق للأسف، ونحن نعلم أن العراقيين يرفضون مثل هذه اللهجة، وأهل المنطقة وشعوبها يرفضونها كذلك"، مبينًا أن المملكة من أوائل الدول التي عانت من الإرهاب وفي مقدمة الدول المحاربة للإرهاب، وأن المملكة يشهد لها المجتمع الدولي في تعاملها الحازم مع الإرهاب والتطرف وتمويل الإرهاب ومحاربة داعش ضمن التحالف الدولي في سوريا.
وحول تصريحات المسؤليين الإيرانيين، قال معاليه "لماذا في الآونة الأخيرة تصاعدت هذه التصريحات وكثرت، وأتوقع أن يكون لها علاقة بالاتفاقية لأنهم قبلها كانوا رافضين لكثير من الشروط التي وضعت لهم، ويمكن تعود إلى هزيمة حلفائهم في اليمن، أو إلى تدهور وضع حليفهم بشار الأسد في سوريا أو أنها تعود إلى وصول المجتمع الدولي إلى قناعة أن السياسات الطائفية التي كانت تتبع في العراق يجب أن يتم التخلي عنها وتطبيق الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها في الصيف الماضي، فيمكن إيران ترى أن هذه الأشياء استفزتهم.
وأضاف الجبير: "نحن نرفض كلامهم العدواني الذي يبرزونه تجاه المملكة ودول المنطقة لأنها لا تمثل حسن الجوار ولكن تؤكد نهج العدوانية التي تتخذها إيران تجاه دول المنطقة".
وأوضح الجبير أن العقوبات على إيران ما زالت قائمة وستبقى حتى تنفيذ الاتفاقية، التي لم يبدأ تنفيذها حتى الآن ولم يعتمدها مجلس الأمن وسيستغرق هذا عدة شهور، ولن يحدث تدفق المال في ساعات أو أيام، ستأخذ بعض الوقت وسيتم رفع العقوبات بشكل تدريجي، واستخدام المال سيكون كذلك تدريجيًا.
وأشار إلى أن دول العالم تأمل في أن تستخدم إيران المال لتنمية الاقتصاد والاستثمار في مستقبلها والبنية التحتية والتعليم معربا عن اعتقاده بأن جزءا من الشعب الإيراني والشباب بصفة خاصة يأمل في الانفتاح على بقية العالم لمستقبل مختلف وهو الاستثمار الذي ينبغي أن يقوم به الإيرانيون.
وحول الأوضاع في اليمن قال معالي وزير الخارجية إن موقف المملكة العربية السعودية من البداية أن الحل في اليمن حل سياسي، وكان أملنا أن تستطيع الجهات المختلفة في اليمن أن تصل إلى حل يضمن الأمن والاستقرار، لكن للأسف لم يحصل هذا الشيء، الحوثيون احتلوا وحركوا مليشياتهم من صعدة إلى عمران وصنعاء ثم إلى إب وتعز وعدن وشكلوا خطراً مباشرا على الحكومة الشرعية اليمنية مما أدى إلى طلب الحكومة الشرعية تقديم الدعم لها بموجب بند 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وأضاف: "أن المملكة العربية السعودية ودول التحالف قدمت هذا الدعم ولكن من أول يوم في العمليات العسكرية كنا دائما نقول إن الحل في اليمن سياسي، ونأمل أن يستطيع الحوثيون وعلي صالح أن يكون لديهم الحكمة للوصول إلى حل سياسي لإخراج اليمن من هذه المشكلة واستمرت العمليات وحققت قوات التحالف الآن انتصارا في منطقة عدن وسيطروا على المطار والميناء وعلى أجزاء كبيرة من عدن وربما تكون ضواحي عدن، والآن بدأنا نشاهد تغيرا في ميزان القوى في اليمن، ونأمل أن يقنع ذلك الحوثيين وأتباعهم بالتخلي عن الخيار العسكري والرجوع إلى طاولة المفاوضات من أجل إنقاذ اليمن وإخراجه من الأزمة التي يعيشها".
وأوضح معاليه أن الهدنة الإنسانية وضعت لفتح المجال لإيصال المساعدات الإنسانية لليمن، مشيرا إلى أن المملكة أرسلت ثلاث رحلات إغاثة، وهناك سفن دخلت الآن الميناء في عدن .
وأكد أن المملكة ستستمر في تكثيف إيصال المساعدات الإنسانية للشعب اليمني الشقيق وتحث المجتمع الدولي على أن يقوم بأعمال مشابهة.
وحول اختراق الحوثيين للهدنة قال معاليه: "إن هذا أمر وارد للأسف، ولكن نحاول أن يكون هناك تواصل معهم عن طريق الأمم المتحدة وأطراف آخرين ليلتزموا بالهدنة لفتح المجال لمساعدات الشعب اليمني الشقيق".
وأضاف: "أن على الحوثيين أن يحلوا مشاكلهم مع الحكومة الشرعية بشكل يضمن أمن واستقرار اليمن، وأن يدركوا أنه لا مكان في اليمن لأي ميليشيا خارج عن السلطة الشرعية والسلطة الحكومية، وأن الحوثيين وضعهم في اليمن مثل وضع أي فئة أخرى في اليمن لهم الحق في الانخراط في العملية السياسية واتخاذ مواقف معينة وليس لديهم مكان مميز في اليمن ولا لهم حق أن يكون لديهم ميليشيا مسلحة خارجة عن الحكومة المركزية".
وجوابا على سؤال عن الأحداث في عدن وهل لها علاقة بالبرنامج النووي الإيراني، قال معاليه: "لا علاقة بينهما لأن المحادثات بدأت منذ 20 شهراً، وتم تمديدها لمدة سنة، واعتقد أنه يجب أن نفصل بين ما يحدث في اليمن وبين الاتفاقية النووية لأن إيران اضطرت أن تقبل شروطا كانت رفضتها على مدى طويل".
وحول الموقف الدولي من التطورات في عدن قال معالي وزير الخارجية: إن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا مؤيدة للجهود التي تقوم بها دول التحالف ودعم الشرعية في اليمن.
وبخصوص سوريا قال معاليه إن هناك جهودا قائمة على مدى سنوات بين عدد من دول العالم لدعم المعارضة السورية المعتدلة.
واضاف: "أن هناك تغيرا بدأ يظهر في سوريا على أرض الواقع في إضعاف نظام الأسد وتعزيز موقف المعارضة، ونأمل بإذن الله أن يؤدي ذلك إلى تغير في الوضع في سوريا يسهم في إخراج الشعب السوري الشقيق من المأساة التي يعيشها".
وبشأن الوضع في ليبيا عبر معاليه عن قلق الجميع من الأوضاع في ليبيا ورغبتهم في أن تكون هناك حكومة تستطيع أن تسيطر على الأمن وأن تؤدي أو تسهم في إيجاد الاستقرار لإخراج ليبيا من هذه المأساة التي تعيشها.
من جانبها عبرت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فيديريكا موغيريني، عن أملها في العمل بالمستقبل لبناء الثقة مع إيران لتشكيل إطار في المنطقة وحركة جديدة .
وأضافت: "أن أبرز خطر تواجهه المنطقة هو الاختلاف الطائفي والصراعات ونحن في نفس القارب، لأن الانقسام المذهبي جديد في مجتمعاتنا وخطير جداً ولن يتوقف عند المنطقة وسيكون في جميع أوروبا وفي كل مكان في العالم".
مواقع النشر