غزة - (شينخوا) -
تحليل اخباري : تجاوزت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سريعا هول الضربة الأولى التي دشنت بها إسرائيل عمليتها العسكرية في قطاع غزة باغتيال قائدها العسكري أحمد الجعبري، وبدأت تتبنى عمليات "نوعية" ضد الدولة العبرية.
صورة ارشيفية لإطلاق صواريخ
وقال مراقبون فلسطينيون أنه على الرغم من ان مقتل الجعبري وجه صفعة قوية للحركة الاسلامية التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007 إلا ان جناحها العسكري الذي يقوده فعليا مجلسا عسكريا منظما يضم كبار القادة اظهر قدرة اكبر على التماسك من قبل.
وللمرة الاولي في تاريخ الصراع بين الفصائل الفلسطينية المسلحة تمكن ناشطو حماس في غزة من اطلاق صواريخ بعيدة المدى مكنها من بلوغ مدينة تل ابيب والبلدات حولها حتى ان صفارات الانذار دوت في مدينة القدس التي تعتبرها اسرائيل عاصمتها السياسية .
واعتبر محللون سياسيون استهداف نشطاء حماس تل ابيب والقدس خطوة ستسهم في تغيير قواعد اللعبة في الصراع الدائر بين اسرائيل والفصائل المسلحة .
ويعتقد هؤلاء ان الحركة استخلصت على ما يبدو العبر من عملية الرصاص المصبوب العسكرية التي شنتها إسرائيل قبل ثلاثة أعوام ، وساهمت في تعزيز قدرات الحركة.
وقال اللواء متقاعد واصف عريقات من رام الله في الضفة الغربية ، لوكالة أنباء ((شينخوا)) ، إن وصول صواريخ حماس إلى تل أبيب والقدس "تغيير إستراتيجي في موازين الردع " .
ورأى عريقات أن الرعب الذي تحدثه صواريخ حماس البدائية من شانه أن يخلق رعبا غير مسبوق للسياسة الإسرائيلية وستوسع النطاق الجغرافي الذي يمكن من خلال الهجمات الفلسطينية إحداث الخسائر لدى الدولة العبرية.
وشن سلاح الجو الإسرائيلي أكثر من 600 ضربة جوية على مختلف أنحاء قطاع غزة الذي لا يتجاوز مساحته 360 كم مربعا ، وقال إنه يستهدف خلايا ومنصات إطلاق القذائف الصاروخية ومراكز حركة حماس العسكرية ومخازن أسلحة .
غير أن مقاتلي كتائب القسام وجماعات مسلحة أخرى أبرزها الجهاد الإسلامي تمكنوا تدريجيا من إطلاق عشرات القذائف الصاروخية على المدن والبلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة.
وقالت القسام التي أطلقت اسم (حجارة من سجيل) على هجماتها ، إنها أطلقت منذ بدء الهجوم الإسرائيلي 527 قذيفة صاروخية أبرزها استهداف مدينة تل أبيب واستخدام صواريخ فجر وصواريخ أرض جو.
وعرضت القسام شريط فيديو لطائرة استطلاع إسرائيلية قالت إنها أسقطتها لدى تحليقها في أجواء غزة، وأعلنت لاحقا أنها أسقطت طائرة حربية إلى جانب استهداف زورق حربي إسرائيلي قبالة سواحل بحر غزة.
ورأى الكاتب والمحلل السياسي في غزة مصطفى الصواف في تصريحات لـ ((شينخوا)) ، أن ردود كتائب القسام" مثلت مفاجأة للكثيرين سواء على المستوي المحلي أو المستوى الخارجي ".
وقال الصواف الذي كان يرأس تحرير صحيفة (فلسطين) في غزة، إن حماس تبدو "جادة جدا بالثأر لاغتيال قائدها الجعبري وهي تريد أن تؤكد لقاعدتها الشعبية ولشعبها أنها لم تتخل عن العمل المسلح وظلت تعد لمثل هذه المواجهة ".
وكانت حماس اعتبرت اغتيال إسرائيل للجعبري "بمثابة حرب " وتوعدت بالثأر لدمائه.
وقتل 3 إسرائيليين دفعة واحدة عندما سقط صاروخ أطلقته كتائب القسام على مدينة (كريات مردخاي) التي تبعد 40 كلم عن قطاع غزة بعد أن أصاب عمارة سكنية في تطور نادر لتأثيرات القذائف الفلسطينية التي تصنع محليا . واستخدمت حماس لأول مرة صاروخ "فجر 5 "، وهو أصلا استنساخ إيراني لصاروخ يحمل اسم (WS1) علما أنه صاروخ أرض أرض يصل مداه إلى 75 كيلومترا .
وكشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية للمرة الأولى في فبراير الماضي أن حماس حصلت على "فجر 5" القادرة على ضرب تل أبيب وهربت كميات منه عبر أنفاق التهريب مع مصر .
وردت على ذلك إسرائيل بمناورات سميت بـ"ضربة في القلب" في مارس الماضي لمحاكاة أي سقوط محتمل لصواريخ من الجانب الفلسطيني على اسرائيل .
ورجح الصواف بأن الحرب ما زالت في بدايتها (..) وكتائب القسام ما تزال تحمل الكثير في جعبتها وهي تعمل بشكل متدحرج على استخدام كل ما تملكه من وسائل قتالية .
وقد يثير ما تتحدث حوله حماس بشأن امتلاكها مضادات أرضية نقلة هائلة في صراعها مع إسرائيل التي تعتمد تاريخيا على سلاح الجو في توجيه ضربات قاصمة للفلسطينيين .
ومن شأن استمرار حماس بهذا المستوى في المواجهة أن يرفع سقف مطالبها السياسية عند الحديث عن تهدئة جديدة مع إسرائيل خاصة في ظل ما باتت تحظى به من دعم حليفها الإستراتيجي جماعة الأخوان المسلمين التي تحكم في مصر.
وقال يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس حكومة حماس في غزة لـ((شينخوا)) ، إن "المقاومة كانت تجتهد في السنوات الماضية لتعزيز قدراتها الذاتية".
واعتبر رزقة أن "ما تسدده المقاومة يؤذي الإسرائيليين حاليا بشكل أكبر من أي وقت مضى وهذا من شأن ردع طموحات الاحتلال في فرض شروط جديدة عند الحديث عن تهدئة مستقبلية بتوفير ضمانات أقوى وربما لرفع حصار غزة نهائيا ".
وتكافح حماس منذ أن طردت القوات الموالية للسلطة الفلسطينية من قطاع غزة في يونيو 2007 لرفع حصار مشدد فرضته إسرائيل على القطاع التي انسحبت منه بشكل أحادي الجانب قبل ذلك بعامين.
واضطرت إسرائيل التي تصنف حماس على أنها كيان معادي، إلى إدخال تسهيلات واسعة على حصارها للقطاع الذي يتجاوز عدد سكانه مليون ونصف نسمة، لكنها ما تزال تتحكم عمليا بمنافذه البرية والبحرية.
ويظهر ذلك أن لإسرائيل تبقي اليد الطولى تجاه القطاع.
وقال اللواء عريقات إن إسرائيل باتت تدرك ان حماس والفصائل المسلحة خصما يجب ان لا يستهان بهم ، ومن المرجح أن يؤدي ذلك لتصعيد الحرب التي تشنها إسرائيل منذ ثلاثة ايام ولمزيد من التصعيد للحفاظ على ما تقيمه من قوة للردع ".
مواقع النشر