بغداد - جون ديفيسون / أحمد أبو العينين (رويترز) - اقتحم محتجون عراقيون القنصلية الإيرانية في مدينة النجف بجنوب العراق وأضرموا فيها النار يوم الأربعاء، في مستوى جديد من العنف الذي تشهده المظاهرات الهادفة إلى إسقاط حكومة تدعمها إيران.
وهذا أشد تعبير حتى الآن عن المشاعر المناهضة لإيران في أوساط المتظاهرين العراقيين الذين يخرجون إلى الشوارع منذ أسابيع في بغداد وجنوب البلاد ذي الأغلبية الشيعية وقتلت قوات الأمن المئات منهم بالرصاص.
وقالت الشرطة ومصادر الدفاع المدني والمسعفون إنه تم إجلاء العاملين بالقنصلية قبل قليل من اقتحام المتظاهرين لها. ولم ترد بعد تقارير عن سقوط ضحايا.
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن السلطات أعلنت حظر التجول بعد وقت قصير من الواقعة.
وتمثل الاحتجاجات التي بدأت في أكتوبر تشرين الأول أكثر التحديات تعقيدا للطبقة الحاكمة التي يهيمن عليها الشيعة وتدير مؤسسات الدولة وشبكات من المحسوبية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 وأطاح بصدام حسين.
ويقول المحتجون، وهم شبان أكثرهم من الشيعة، إن السياسيين فاسدون ويتهمونهم بالمسؤولية عن إخفاق العراق في التعافي من عقود من الصراع والعقوبات بالرغم من عامين شهدا هدوءا نسبيا بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية عام 2017.
وأغلق المحتجون العديد من الطرق في جنوب العراق بالإطارات المشتعلة واشتبكوا مع الشرطة في بغداد يوم الأربعاء بهدف استغلال الاضطرابات الاقتصادية كأداة ضغط للإطاحة بالحكومة واقتلاع جذور الفساد المستشري على مستوى المسؤولين.
وقتلت قوات الأمن شخصين بالرصاص في كربلاء ليل الثلاثاء وقتلت اثنين آخرين في بغداد يوم الأربعاء، بينما قتل خامس بأعيرة نارية أطلقتها قوات الأمن خلال احتجاجات في البصرة، كبرى مدن الجنوب.
وقال شاهد من رويترز إن المتظاهرين منعوا الموظفين الحكوميين من الوصول إلى العمل في البصرة بإقامة حواجز من الخرسانة تم طلاؤها لتصبح مثل نعوش أقاربهم الذين قتلوا خلال الاضطرابات المستمرة منذ أسابيع.
وبددت الاضطرابات هذا الهدوء وتحذر السلطات من استغلاله من قبل جماعات مسلحة، خاصة إذا امتد العنف المرتبط بالاحتجاجات إلى شمال العراق حيث يشن مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية هجمات.
وأعلن التنظيم المتطرف يوم الخميس المسؤولية عن ثلاثة تفجيرات في بغداد وقعت ليلا وأدت إلى مقتل ما لا يقل عن ستة أشخاص، لكنه لم يقدم دليلا على مسؤوليته.
ولم تصل إصلاحات الحكومة إلى أكثر من توفير بضع وظائف بالدولة للخريجين ومقررات مالية للفقراء ووعود ضبابية بإصلاح انتخابي بالكاد بدأ النواب مناقشته.
وقال علي ناصر، وهو مهندس عاطل عن العمل عمره 28 عاما ويشارك في مظاهرات بالبصرة ”في البداية كان مطلبنا الإصلاح ومحاربة الفساد“.
وأضاف ”لكن بعد أن قتلتنا الحكومة وسالت دماء الشباب السلمي... لن نرجع قبل إسقاط هذه الحكومة والطبقة الفاسدة التي تتحكم بنا“.
*
إصلاح بطيء عقيم
قالت علياء (23 عاما) والتي تدرس الطب ”الإصلاحات مجرد كلام. نريد أفعالا. أمضينا 16 عاما من الكلام دون أفعال. تعرضنا للسرقة طوال 16 عاما“.
وقتلت قوات الأمن المزيد من المتظاهرين بالرصاص. واستخدمت الذخيرة الحية في مدينة كربلاء جنوبي بغداد ليل الثلاثاء وقتلت اثنين من المحتجين. وقتل شخصان آخران في اشتباكات قرب جسر الأحرار في بغداد يوم الأربعاء.
وقالت الشرطة ومسعفون إن محتجا توفي بالقرب من البصرة متأثرا بإصابات بأعيرة نارية، مما يرفع عدد القتلى منذ بدء الاضطرابات في الأول من أكتوبر تشرين الأول إلى 344 في أنحاء البلاد.
وعبر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في وقت متأخر يوم الثلاثاء عن قلقه إزاء العنف والخسائر المالية الناجمة عن الاضطرابات، لكنه اتهم مخربين لم يحددهم بالمسؤولية عن الأضرار.
وقال في اجتماع لمجلس الوزراء بثه التلفزيون إن شهداء سقطوا بين المحتجين وقوات الأمن، كما أصيب عدد كبير واعتقل الكثيرون. وأضاف أن السلطات تحاول تحديد الأخطاء التي ارتكبتها قوات الأمن وهي تحاول إخماد الاحتجاجات.
وذكر أن إغلاق الموانئ كلف الدولة مليارات الدولارات.
وأوقف المحتجون مرارا حركة المرور إلى الميناء الرئيسي للسلع بالعراق القريب من البصرة هذا الشهر وحاولوا حصار البنك المركزي في بغداد عازمين على ما يبدو على تعطيل الاقتصاد بعد فشل المطالبات بإقالة الحكومة.
وتتحرك الحكومة ببطء عند تنفيذ أي نوع من التغيير. ولم يصادق البرلمان بعد على أي وعود بالإصلاح الانتخابي وبإجراء انتخابات عامة مبكرة، والطبقة السياسية متحدة في وجه أي تحد كبير لقبضتها على السلطة.
مواقع النشر