الدمام - مالك العلقم (واس) : يضم متحف الأحساء للآثار والتراث الشعبي بين جنباته أغلى النفائس والكنوز والقطع التراثية لآثار وحضارات مرت على تاريخ الأحساء لحقب زمنية متتالية. ويحظى باهتمام ورعاية صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية.



ويلحظ الزائر للمتحف بوسط مدينة الهفوف على مساحة أربعة آلاف متر مربع، تصميم قاعاته الداخلية المحاكية للحضارات التي نشأت أو استوطنت في المنطقة وتنوع المقتنيات الأثرية لكل حقبة من العصر الحجري إلى حضارة دلمون وأساطيرها، وصولا للحقبتين الآشورية والبابلية.

ويختزن المتحف الذي افتتح عام 1403هـ، بين زواياه وممراته أسرار ومقتنيات تاريخ واحة الأحساء، إذ تحكي أكثر من 1400 قطعة أثرية وتراثية موجودة، إلى جانب الصور والمخطوطات والوثائق التاريخية، والمسكوكات النقدية، فصلاً من حياة وتاريخ المنطقة على مر العصور.

ويبدأ المتجول خطواته على أرضية المتحف من العصر الحجري الذي يطل بآثاره وتاريخه المدون وأدواته إلى ما قبل 5ooo سنة ق.م، من خلال العثور على العديد من الأماكن والمواقع التي تشهد بهذا التاريخ، حيث تشهد القاعة تاريخ الأزمنة الجيولوجية للمنطقة منذ ملايين السنين، إضافة إلى إطلاله لحركة القارات والأزمنة الجيولوجية المتعاقبة وعمر الأرض، وآثار المنطقة في مساحاتها الشاسعة، وأهمية المنطقة الزراعية والتجارية والخليج العربي، وتشكلها.



كما تشهد القاعة عرضا لأدوات ومقتنيات ومواقع لفترات العصر الحجري القديم والوسيط والحديث من أبرزها موقع عين قناص بالأحساء، والدوسرية، حيث عثر في هذين الموقعين على حظائر ومساكن الأكواخ البدائية، علاوة على مقتنيات أخرى للمتحف وهي نماذج وعرض تأثر المنطقة بالحضارات المجاورة.

ويوجد في ساحات المتحف عروض مختلفة للحياة الفطرية في المنطقة الشرقية، تبرز فيها الحياة النباتية الصحراوية والأشجار الحولية والمعمرة والمشهورة بالأحساء، والحياة البرية ومظاهرها السطحية والحيوانات البرية والكائنات التي تعيش فيها، وكذلك الحياة البحرية وأنواع الأسماك ومصائدها في الخليج العربي، وعرض نموذج مصغر لأحد المراكب وأدوات ومراحل صناعتها، إضافة إلى مهنة الغوص عن اللؤلؤ ومصائده (الهيرات) في الخليج العربي وتشريح الأصداف، ونماذج لسلال الغوص وموازين اللؤلؤ.

كما يحتوي المتحف على أقسام أخرى للتحف والأثريات وترممها وأخرى للمساحة والرسم وأستديو تصوير العصر البرونزي، حيث يتم ابراز مواقع الألف الثالث وأوائل الألف الثاني قبل الميلاد، ومدن العصر البرونزي في شرق الجزيرة العربية، وهو ما يطلق عليه فترة حضارة دلمون وأساطيرها وظهور رعاة الجمال 1700ق.م – 500ق.م (الفترة الآشورية والبابلية المتأخرة).



ويعرض في المتحف كذلك معثورات من مواقع العقير وفترات افدلفتراه الهانيستية المعاصر لفترة الجرهاء التي ترجع إلى عصر الجرهاء 400ق.م- 320 م إضافة إلى عرض خرائط تبين الطرق التجارية البرية والبحرية في الجزيرة العربية وما حولها، كما يتم عرض وابراز الخطوط واللغات في شرق الجزيرة العربية قبل الإسلام، ونماذج لأنواعها مع عرض لشاهد حجري كتب بالخط المسند الحسائي، إضافة إلى نبذة عن الكتابة في التراث الإسلامي وتطورها وأدواتها، كما يبين الفترة الساسانية في شرق الجزيرة العربية 228–622م واتحاد القبائل العربية.

وأوضح مدير عام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالأحساء خالد بن أحمد الفريدة أن أقدم مقتنيات المتحف هي أدوات من العصر الحجري الحديث (قبل 5000 سنة)، التي عثر عليها في العديد من المواقع المختلفة في الأحساء، وأخرى في يبرين وعين قنّاص في شمال الهفوف، مبينًا أن العثور على هذه الأدوات الحجرية يحمل دلالة واضحة على أن الحياة الطبيعية كانت غنية جدا، مع توفر الغطاء النباتي والحيوانات بها.

وأفاد أن متحف الأحساء يسلط الضوء على تاريخ الأحساء الغني بإرث تاريخي وتراثي وديني ضخم، من خلال جمع نحو (1400) قطة أثرية وتراثية وعملات إسلامية ومخطوطات وصور، لافتا النظر إلى أن المتحف أنشئ لتحقيق مجموعة من الأهداف منها صيانة وحماية المواقع الأثرية، وتيسير تسجيل المواقع واستقصائها، واحتواء القطع الأثرية والتاريخية، وتقديم أفضل الطرق لتوثيقها وصيانتها وخزنها، واستقصاء وتسجيل ألوان التراث الشعبي المادي والشفهي، وإيجاد مركز لجمع قطع التراث الشعبي المحلي، وكذلك اطلاع الجمهور على الآثار والتاريخ والتراث الشعبي المحلي.



وأشار الفريدة إلى أن المتحف يتضمن قاعة مكونة من ثلاثة أقسام، أولها صالة تعرض خريطة للمواقع الأثرية بالمنطقة الشرقية، ولوحة تعرّف متحف الأحساء للآثار والتراث الشعبي، وأخرى تبين تاريخ التنمية الحديثة بالمملكة وتتضمن صوراً للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن - رحمه الله - أثناء تدشينه لبعض المشروعات بالمنطقة الشرقية، ويعرض عددا من الصور القديمة للأحساء، التقطت في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي، كما خصص جزء من صالة الاستقبال لعروض المتاحف الخاصة، وتوجد صالة المحاضرات والعروض، ويضم خزائن العرض الزجاجية واللوحات التوضيحية الملونة والخرائط التفصيلية حسب التسلسل الزمني والتاريخي للمنطقة.

وأضاف أن المتحف يضم قسمًا يركز على الفترة الإسلامية والخلافة في شرق الجزيرة العربية، وعرض معثورات منها، كما يعرض دور قبيلة بني عبد القيس في الاقتناع بالإسلام والدخول فيه وتأسيسهم لأقدم المساجد فيها وكذلك مدينة هجر والأحساء والعقير في صدر الإسلام، وقسما آخرا لفترة الحكام المحليين للأحساء (العيونيون والعصفوريون والجبريون)، إضافة إلى قسم يعرض الأحساء في العصر الإسلامي، وخلال الدولتين السعوديتين الأولى والثانية، وحكم الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله -.



وأبان أن المتحف يحتوي على عرض لمواد وأدوات التراث الشعبي في حياة البدو، والمجتمع الريفي والحضري ومدن وأسواق الأحساء، ويعرض فيه مجموعة من العملات الإسلامية المنوعة وعدد من المخطوطات، كما يحتوي على أستديو، وقسمين للترميم، والمساحة والرسم.

وأفاد أن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وفرت وعياً بقيمة تراثنا وتاريخنا لدى شريحة عريضة من المجتمع، وهو ما تجسد في عثور مواطن في الأحساء (قبل بضع سنوات)، على آنية فخارية وجدها صدفة خلال تشييده لمنزله (شرق الأحساء)، وهي آنية فخارية نادرة يعود تاريخها إلى عصر ما قبل الإسلام، وتعد المرة الأولى التي يعثر في الأحساء على قطعة بهذا التاريخ، حيث وصفت هذه الآنية بأنها آنية نادرة وجميلة، ولاقت اهتمام شخصي من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، ومن صاحب السمو الأمير بدر بن محمد بن جلوي محافظ الأحساء رئيس مجلس التنمية.

إعداد : مالك العلقم - تصوير: قاسم السرحان

تم تصويب (51) خطأ متنوع