الصدمة التي غيّبت الدور العربي..
يوسف الكويليت
هل ضاعت الثورة التونسية في خضم مجريات أحداث مصر، بينما هي البداية، التي أوقدت الشعور العام العربي؟!
صحيح أن لكل من البلدين خصائصه وقوة تأثيره، إلا أن تونس لا تبقى في الظل مهما كانت عوامل التغيير التي تتوالى بسرعة غير متوقعة..
الموقف العربي الغائب، كالعادة، لم يسجل حضوره الحقيقي أمام ما جرى في بلد عربي مهم، فلا زيارات تبارك وتؤيد، وتستطلع وتبحث الاحتياجات وعلاقات ما بعد تغيير النظام السابق، وهذا السكوت العربي محير تماماً، وكأن ما جرى خارج الأفلاك المحيطة بنا، في المقابل نجد وفوداً أوروبية وأمريكية تتقاطر على تونس ومن كل الآفاق الأخرى، هل هو الخوف من نظام قفز على السكون العربي وفجر الشارع ودوّن في التاريخ أول ظاهرة شعبية غيرت معالم الحياة العربية، أو أن القرب من تونس شعباً وحكومة قد ينقل العدوى؟ وهذه تهيؤات وتصورات تؤكد قصور عقل بعض العرب، بينما هي فرصة لقراءة ما حدث عن قرب، قراءة الأسباب والنتائج، دواعي الثورة وتحققها..
فلا الجامعة العربية حضرت، ولا بلدان المغرب العربي، الثورية منها في منظار ما قبل ثورة تونس، أو التقليدية، تقدمت لتفهم الحدث عن قرب، ولا دول المشرق بادرت بإرسال وزرائها أو مسؤوليها لاستطلاع الحالة الجديدة التي قلبت الموازين..
عرب ما بعد السبعينيات ماتوا سريرياً، ولم يموتوا دماغياً، فقد تحارب الصوماليون، وبقوا خارج الوعي العربي عندما تُركت قضيتهم في مهب العواصف، واحتُل العراق ليسقط في يد إيران، والفرجة العربية مجانية في رؤية كيف تفاعلت الأحداث في مدارهم، ولم يتخذوا موقفاً واضحاً من كل ما جرى، فقد تمزقت القاعدة الفلسطينية بين الحكومة وحماس، وتكرّس الانفصال بشكل ثابت، واستغلت إسرائيل البيات العربي لتتمدد على القدس والضفة الغربية وتختار بنفسها القرار الذي تفرضه على العرب بمباركة دولية..
هناك من يعزو أسباب الغياب العربي إلى نواتج ما بعد «كامب ديفيد» ، وتقلص الدور المصري الذي هادن في العديد من القضايا، أو فضل عدم الدخول فيها والدليل أن القطبية على محور المنطقة تتنازعها تركيا وإيران نتيجة فراغ قاتل، وحتى في حالة ثورة مصر رأينا كيف حاول كلّ من البلدين تأكيد وجوده على الساحة المصرية..
صحيح أن النظام العربي برمته عليل، فقد فشلت كل اللقاءات من القمم، وإلى السفوح وسقطت معادلتهم بأنهم كيان مؤثر في الساحة العالمية، وفي أجواء القصور عن أداء المهمات القومية تحولت كل المنطقة إلى فراغ يملؤه أصحاب القواعد العسكرية، ومن يضغطون بأساليب الترهيب والترغيب، وما يؤلم أن تتعرض المنطقة إلى أكبر عملين مؤثرين في التاريخ العربي الحديث في تونس ومصر، ونجد اهتمام الشعب العربي بهما أقوى وأهم من المواقف الرسمية، وهذه السلبية لن تدوم لأن مصر لو عادت إلى شخصيتها المحورية الجامعة والمؤثرة في محيطها، فقد تتغير أنماط السياسات، لأن هناك جيلاً عربياً ولد من رحم المأساة ولن يستسلم..
الرياض
((( التعليق )))
وفي ظل هذا الغياب بات كثيرون يخشون تآكل وموت الثورة الشعبية في مصر في ظل الإحتراف الدكتاتوري الذي يمد حبال الوعود المعسولة فوق تواتر لأيام ولياليها وهو يمتص باحترافية متخصصة كل ردود الأفعال في الثورة الشبابية في مصر
لست متشائما ولكني كغيري نخشى من فرط تفاؤلنا أن تزلزلنا صدمة مرتدة غادرة مدروسة ومرسومة قد تحصد مزيدا من الأرواح ولسان حالنا يقول مع بعض التعديل
إذا رأيت نيوب الضباع بارزة === فلاتظنن أن الضبع يبتسم
مواقع النشر