بسم الله الرحمن الرحيم
اعتبروا بباكستان يا أولي الأبصار
بـقـلـم : د. خادم حسين إلهي بخش
19-3-2008
قبل أن يتم الجنرال المتقاعد ( برويز مشرف ) خلع بدلته العسكرية ، وتسليم قيادة الجيش إلى خليفته ، وجد على مكتبه قائمة المطالبات الأحد عشر الأمريكية .
والمعروف في تاريخ البشر أن من ركع واستسلم مرة يتخذه غالبه مطية الركوب طوال الحياة .
وقد عرف الأمريكان طريق الركوب منذ أن قَدَّم كولن باؤل أولى المطالب الأمريكية لضرب أفغانستان ، ولم يكن يحلم بالموافقة على أيٍ منها .
إلا أنه وجد العكس ، لم يُرْفَضْ له أي مطلب من المطالب التي قدمها على الإطلاق ، بما في ذلك إهداء القواعد الباكستانية إلى الجيش الأمريكي ، وتقديم المساعدات الاستخباراتية من الحكومة الباكستانية ، والسماح للجيش الأمريكي بتجنيد الباكستانيين للعمل في الاستخبارات الأمريكية .
وظلت باكستان تنحدر إلى الهاوية الأمريكية يوماً بعد آخر ، ولن يصعب عليك تحديد الانحدار الذي وصلت إليه البلاد خلال حكم هذا الجنرال بسنواته الثمان .
وإن هذه القائمة ظهرت على الملأ بعد إسدال الستار من حكومة هذا الجنرال على دخول مائة مظليٍ أمريكيٍ إلى الأراضي الباكستانية ، بحجة تدريب الشرطة شبه العسكرية في المناطق القبلية المضطربة ، وإخفاء النوايا الحقيقية من الاستيلاء على البرنامج النووي الباكستاني .
إلا أن الأمريكان ماضون في خططهم للاستيلاء على ما أنتجته باكستان من تفجيرها الذري ، فالمظليون الأمريكيون مقدمة لدخول الجيش الأمريكي إلى باكستان ، وهذا ما تصادق عليه قائمة المطالب الأمريكية الأحد عشر ، وأترك لك أيها القارئ الكريم حكم المصادقة أو الرفض ، وإليك هذه المطالب :-
1/ يُعَامَل أفراد الجيش الأمريكي معاملة أفراد السفارة الأمريكية من الفنيين والإداريين . وما أنت بجاهلٍ أيها القارئ الكريم مما يتمتع به أفراد السفارات من الحصانة الدبلوماسية وعدم المساءلة فيما يعملون .
2/ أفراد السفارة هؤلاء (الجيش الأمريكي + والعاملون في السفارة الأمريكية ) يُسْتَثْنَون من حمل الجواز ، أو الحصول على التأشيرة لدخول باكستان . ويعني ذلك السماح لهؤلاء العاملين الأمريكيين بدخول باكستان بإبراز البطاقة الأمريكية ، أو إبراز رخصة القيادة الأمريكية ، وما شابه ذلك .
3/ الأمريكي العسكري والمدني يحق له حمل السلاح ، بموجب الرخصة الأمريكية ، ولا يحتاج إلى ترخيص جديد بحمل السلاح من الحكومة الباكستانية .
4/ من سبق ذكرهم ( المدني والعسكري ) من الأمريكان يحق لهم حمل السلاح بالبدلة وبغير البدلة ، ولا يُمَانَعُون من التحرك في كل أرجاء باكستان .
5/ الأمريكيون السابق ذكرهم لا تُطَبَّقُ عليهم القوانين الباكستانية ، بل تُطَبَّق عليهم القوانين الأمريكية .
علماً أن القواعد العسكرية الأمريكية في اليابان تخضع لمثل هذا الابتزاز ، وأنت أيها القارئ الكريم تسمع في الأخبار في جل الأيام أن الجنود الأمريكان اغتصبوا فتيات يابانيات ، ولا تملك اليابان محاكمتهم ، أو إنزال العقوبة عليهم ، لأنها وقعت معاهدة مع الأمريكان بهذا الخصوص ، وهكذا تصبح القوانين الأمريكية أعلى درجة من القوانين الباكستانية على الأراضي الباكستانية .
6/ يستثنى الأمريكيون من جميع الضرائب المفروضة على الباكستانيين ، بما في ذلك ضريبة الدخل ، وضريبة السكن ، وضريبة المشتريات ، وضريبة الكهرباء ، وضريبة الواردات .........
علماً أن مثل هذه الإعفاءات والامتيازات غير متاحةٍ للأمريكيين في بلادهم .
7/ من حق كل فرد أمريكي أن يستورد إلى باكستان ما يشاء ، ويصدر منها ما يشاء ، دون أن تخضع معاملته للإجراءات النظامية ، أو المساءلة من قبل الحكومة الباكستانية .
8/ من حق الجيش الأمريكي التصرف الكامل بالحرية التامة داخل الحدود البرية والبحرية والجوية الباكستانية ، واستعمال كل الوسائل المتاحة فيها دون دفعٍ مالي أو تعويض .
9/ الامتيازات الممنوحة للجيش الأمريكي ينالها كل المقاولين الذين يتعاملون معه ، في المجالات المختلفة .
10/ من حق الحكومة الأمريكية إقامة نظام اتصال خاص بها ، وتلتزم باكستان بتأمين كل ما يحتاج إليه هذا النظام ، دون أي مقابلٍ مادي .
11/ لا يحق لباكستان المطالبة بتعويض مالي نتيجة عملية عسكرية أمريكية ، أدت إلى تلف الممتلكات أو النفوس .
وإنك أيها القارئ الكريم تشاركني في السؤال التالي : هل تبقى باكستان دولة مستقلة مع تلبية هذه المطالب ؟ هذا وقد رفضت الخارجية الباكستانية هذه المطالب في الوقت الحاضر ، ألا أنها سترغم على تلبيتها بعد تعديل شكليٍ طفيف ، لأن تنفيذ المطالب الأمريكية السابقة خير شاهد لتنفيذ هذه المطالب الحالية .
وعكس هذه المعاملة هو المطبق من الحكومة الأمريكية تجاه الشعب الباكستاني ، تُطَالَبُ باكستان حكومة وشعبا بتلبية كل ذلك دون مقابل ، بينما الحكومة الأمريكية تمنع الباكستانيين من التقاط الفتات الأمريكي المتساقط المتاح لكل شعوب الأرض .
فنظام الهجرة إلى أميريكا والحصول على جرين كارد ، الذي تقدمه الحكومة الأمريكية كل سنة لجميع شعوب العالم ، يمنع الباكستانيين من تقديم الطلب والمشاركة فيه ، فما أعظم هذا الجبار ، وما أضعف هذا الجنرال الذي نَصَّبَ نفسه بقوة السلاح دون إرادة الشعب .
هل تتعظ الشعوب الإسلامية وزعماؤها بما هو حاصل في باكستان ؟ التي ترتبط بأمريكا في الوقوف في خط الدفاع الأول ضد ما يسمى بالإرهاب ، هل تأخذ الحذر والحيطة في اتخاذ القرارات المفيدة لشعوبها ، وتصمد أمام هذه الإبتزازات ؟
اللهم يا قوي يا عزيز ارزق الشعوب الإسلامية قيادة تصمد أمام أعدائك ، وتسعى في تحقيق مصالح شعوبها المسلمة ، إنك قادر حكيم .
مواقع النشر