دويتشه ﭭيله : قررت قطر طرد قياديين في جماعة الإخوان المسلمين المقيمين لديها، فما هي خلفيات هذا القرار؟ الباحث عبد الخالق عبد الله يرى في حوار مع DW أن هذا القرار جاء استجابة لضغوط خارجية، لكنه يعتقد أن الدوحة ستستمر في دعم الإخوان.
الرعاية القطرية للإخوان جلبت للدوحة غضب أخواتها الخليجيات (صورة من الإرشيف)
قال قيادي في الإخوان المسلمين في مصر إن قادة الجماعة المقيمين في المنفى في قطر سيغادرون الدولة الخليجية اثر تعرضها لضغوط كبيرة لوقف الدعم الذي تقدمه لهم. وفي شريط فيديو نشره على موقع يوتيوب ليل الجمعة، السبت، قال الداعية وجدي غنيم "قررت أن انقل دعوتي خارج قطر الحبيبة حتى لا اسبب أي ضيق أو حرج أو مشاكل لإخواني الأعزاء في قطر". كما أكد مسؤولان من جماعة الإخوان المسلمين في قطر ما جاء في وسائل الإعلام حول مغادرة بعض قيادات الإخوان لقطر. إزاء هذا القرار يتساءل البعض عن خلفية القرار القطري. فهل هو مجرد قرار لرفع العتب عنها أمام الدول الخليجية، وخصوصا السعودية؟ أم أن القرار يشكل تمهيدا لقطيعة الدوحة مع الجماعة؟ DW عربية حاورت الباحث السياسي والكاتب الأكاديمي عبد الخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات وسلطت الأضواء على جوانب متعددة لهذا الملف.
DWـ هل قرار قطر بمطالبة قيادات الإخوان مغادرة أراضيها قرار لرفع العتب عنها أمام الدولة الخليجية الأخرى؟ أم أنها قطيعة مع الإخوان؟
عبد الخالق عبدالله: لا، لا أعتقد أن قطر قررت أنها تعمل قطيعة كلية ونهائية مع الإخوان، لكنها أدركت، ولو متأخرا، أنه من الضروري جدا التوافق مع مطالب العواصم الخليجية الأخرى، وأدركت أن عواقب احتواء وإعطاء الإخوان إيواء في قطر، أن العواقب بالفعل كانت كبيرة، ليس فقط لقطر، وإنما للعمل الخليجي عموما. فهي استجابة قطرية تنم عن واقعية وتنم عن إدراك قطر عن خطورة عدم اتخاذ هذه الخطوة فيما يتعلق بعلاقاتها مع السعودية وبقية دول الخليج العربي.
ماذا بخصوص الداعية يوسف القرضاوي وبقية القيادات الوسطية لجماعة الإخوان الذين سيبقون في قطر؟ ألا يشكلون حرجا للقيادة القطرية؟
هل سيأتي الدور على الشيخ المثير للجدل يوسف القرضاوي؟
نحن تعودنا أن تكون الخطوات متأنية وتدريجية، وخطوة بعد خطوة، هذه الخطوة بحد ذاتها مهمة جدا ومتقدمة جدا واستجابة ينبغي أن تقدر، وهي استجابة تنم عن واقعية من قبل الدوحة. وبعد ذلك لكل حادث حديث. أعتقد أن قطر تقدمت خطوة باتجاه ما ألتزمت به، وأعتقد أن العواصم الخليجية تقدر ذلك. هناك ضغط ضخم وكبير من السعودية ودول الخليج على قطر، لأنه في حالة عدم الاستجابة لهذه المطالب، ربما تكون عواقب، منها عزلة قطر عن لجان مجلس التعاون وعن اجتماعات مجلس التعاون، فأعتقد الثمن كان كبيرا جدا. وهذه هي الخطوة الأولى وأتوقع أن تتلوها خطوات أخرى.
هل يعيد القرار القطري المياه إلى مجاريها في علاقات قطر الخليجية؟
أتوقع أن هذه الخطوة مهمة وكانت ضرورية لإظهار حسن النية، لكني استبعد أن السفراء الثلاثة، سفراء السعودية والإمارات والبحرين، سيعودون إلى قطر قريبا. فهناك مجموعة من المطالب، أنها تسعة مطالب مختلفة. قطر لم تلبي منها سوى ثلاثة جزئيا، وهذا واحد من المطالب العديدة، واعتقد أن تلبي قطر بقية المطالب، سوف لن نرى عودة قريبة ووشيكة للسفراء الثلاثة الذين غادروا الدوحة.
القرار يأتي بعد قمة جدة العربية الأمريكية، هل يعني أن قطر ستساهم في الحملة الأمريكية ضد "داعش"؟
اعتقد أن قطر حضرت الاجتماع والقرار المتخذ في جدة كان قرارا جماعيا، في تقديري أن القرار القطري كان استجابة للجهود الدبلوماسية السعودية في المقام الأول، والقرار جاء أيضا نتيجة لضغوط العواصم العالمية، مثل واشنطن وباريس، وهناك ضغوط عالمية كبيرة على قطر. قطر لا تستطيع أن تعيش طويلا في ظل مثل هذه الضغوط وفي ظل مثل هذه المقاطعات الخليجية. وعلاوة على ذلك اعتقد أن الإحساس بوجود هذا الخطر في الأفق القريب، وليس البعيد، أي خطر "داعش"، اعتقد كان له دوره في سياق التمهيد لقطر أن تتخذ مثل هذا القرار الذي جاء في التوقيت الصحيح، مباشرة بعد قمة جدة الأخيرة وبعد اجتماعات وزار الخارجية قبل أسبوعين.
ماذا عن الاتهامات بخصوص تمويل قطر لقوى متشددة مثل جبهة النصرة وغيرها في سوريا؟
يستطيع المرء أن يقول بثقة كاملة وبثقة مطلقة إن قطر لا يمكن أن تكون مصدر تمويل "لداعش" أو مصدر تمويل لمنظمات إرهابية بشكل رسمي. لكني اعتقد أن قطر، وكبقية دول الخليج، ساهمت في لحظة من اللحظات في دعم جميع الجماعات السورية الجهادية والمعارضة التي كانت تسعى لإسقاط نظام بشار الأسد. ففي هذه المسألة تركيا معنية بذلك ودول الخليج معنية أيضا، وليس فقط قطر. ولكن الاتهامات الخاصة بدعم قطر "لداعش" ثبت بأنها غير صحيحة وإنها مجرد شائعات.
هناك من يقول إن الحملة المرتقبة ضد المتشددين الإسلاميين قد تشمل حركة الإخوان المسلمين، ما هو دور قطر في ذلك؟
الإخوان المسلمون مصنفون من قبل المملكة العربية السعودية كجماعة إرهابية، ومع ذلك قطر مستمرة في تمويلها. قطر لا تتفق مع هذا التصنيف. قطر لديها علاقات تاريخية ولديها علاقات عميقة جدا مع جماعة الإخوان وتعتبرهم جماعة معتدلة وديمقراطية، ولديها شعبية، اعتقد أن علاقة قطر بالجماعة وتمويل قطر لجماعة الإخوان، هذا التمويل سيستمر، حتى لو أغضب ذلك السعودية، وحتى اغضب ذلك الولايات المتحدة.
أجرى الحوار: حسن ع. حسين
الدكتور عبد الخالق عبد الله باحث وكاتب أكاديمي،
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات العربية المتحدة.
مواقع النشر