فاس - مولاي الشريف (م. ش. س) : أثار غرس ثلاثة أشجار من الزيتون وسط المدار الطرقي الذي يلتقي فيه شارعا الجيش الملكي ومحمد الخامس، وهما من بين الشوارع الرئيسية وسط مدينة فاس، انقساما وسط المهتمين بالشأن العام المحلي بالمدينة، بين رأي مؤيد للفكرة، باعتبارها ذات دلالات وأبعاد بيئية وجمالية، وآخر معارض لها، أو ساخر منها، لكونها تفتقد إلى الذوق والحس الجمالي والحضري.
ويأتي هذا الانقسام الذي يعرفه الشارع الفاسي بعد أن أقدم المجلس الحضري الحالي على الخروج عن “القاعدة” التي سنها حميد شباط، العمدة السابق لمدينة فاس، التي كانت ترتكز على تحويل المدارات الطرقية بمدينة فاس إلى نافورات تزينها مصابيح متعددة الألوان ومجسمات مختلفة الأشكال، حتى أصبحت مدينة فاس لا تضاهيها أي مدينة مغربية أخرى في عدد النافورات، التي يزيد عددها عن 25 نافورة، بعضها تعرض للإهمال وأصبحت مياهها آسنة.
ولم ينحصر هذا الاختلاف بين الفاسيين داخل المقاهي وحافلات النقل الحضري وسيارات الأجرة حول غرس أشجار الزيتون داخل هذا المدار الطرقي، بل امتد التعبير عن هذا الاختلاف إلى العالم الأزرق “فيسبوك”؛ حيث بمجرد أن قام أحد المهتمين بالشأن العام المحلي بالمدينة بنشر صورة لذلك المدار حتى تقاطرت التعليقات بين مؤيد ومعارض للفكرة.
محمد حداد، الذي يقدم نفسه بصفته مهتما بشؤون البيئة، دافع عن الفكرة بقوة، وأكد أن هذا العمل، عكس ما يعتقد البعض، يشكل مبادرة جيدة وثورية حسب المعايير البيئية العالمية والجمالية والتراثية، وأضاف أن “له مغاز كثيرة لا علاقة لها بالبَدْونة ولا بغياب المعرفة”، مبرزا أن غرس أشجار الزيتون، في مثل تلك المدارات، له معنى بيئيا وجماليا كبيرا، وطالب المنتقدين، قبل جلد المبادرة، بالاطلاع، عبر شبكة الإنترنيت، على تجارب مماثلة متميزة في مدن عالمية.
ولكونه عضوا في جمعية فاس للسلامة الطرقية ونظرا لاطلاعه على بعض التجارب الدولية، رد المتحدث ذاته على المتخوفين من أن تؤدي هذه الأشجار إلى حجب الرؤية على السائقين، بأن غرس الأشجار، وأحيانا غابات صغيرة، في المدارات، الهدف منها، بالإضافة إلى الجانب البيئي والجمالي، هو بالضبط حجب الرؤية لدفع السائقين إلى التقليل من السرعة ومن ارتكاب الحوادث، وتساءل: “لماذا توضع علامات التشوير قبل المدارات؟ أليس لهذا الهدف؟”.
معلق آخر، مؤيد لهذه المبادرة، سمى نفسه موراد زكراوي، ذكر أنه أعجب بالفكرة، وخصوصا أن أشجار الزيتون التي تم غرسها بالمدار من النوع الذي لا يثمر، وأضاف قائلا: “لقد سئمنا من النافورات التي تجمع الأزبال والباعوض أمام عدم التتبع والصيانة”؛ وهي الفكرة التي أيده فيها محمد جيبان، الذي حبذ العملية نظرا لكون استحضار شجرة الزيتون والاحتفاء بها تذكير بتراث ثقافي واقتصادي وتاريخي قديم.
المعارضون، من جانبهم، اعتبروا غرس أشجار الزيتون وسط مدار طرقي رئيسي بمدينة فاس أمرا سخيفا؛ حيث علق على ذلك أحدهم ساخرا: “لا شك أن المهندس غش في امتحان التخرج”، بينما دوّن آخر، كنى نفسه بجمال بن وطن، “اﻷشجار المثمرة ليس مكانها في الشوارع وملتقياتها، وإلا ستتعرض للنهب والسرقة، ما سيتسبب في متاعب للراكبين والراجلين بسبب تهافت الأطفال وبعض المارة على جني ثمارها، ولو اقتضى الأمر رميها بالحجارة من بعيد”، وأضاف: “نتمنى تعويض أشجار الزيتون بأزهار وورود حتى لا تحجب الرؤيا عن السائقين”.
منتقد آخر، سمى نفسه غسان أمرسال، كتب: “الفكرة ستكلف أرواح أطفال ونساء عندما يحاولون، ذات يوم، إسقاط ثمار الزيتون وجمعها من على جنبات المدارة”، وأضاف: “ستُحجب الرؤية على السائقين حينما تطلق الأشجار عروشها وفروعها… حقيقة فكرة بليدة”، وهو الرأي الذي أيده فيه سعيد تلمساني الذي قال ساخرا: “خلال فصل الصيف حيث الحرارة المفرطة، سيجد المواطن الفاسي مكانا يقيه من أشعة الشمس، نظرا لانعدام أماكن الراحة”، ليرد عليه معارض آخر، اسمه إدريس الواغش، بسخرية لاذعة: “هو بكل تأكيد مشروع مستقبلي طموح لمشاجرات طاحنة بين أطفال الشوارع على الغلة وسب الملة”.
مواقع النشر