الرياض - واس : يتسم مجال ترجمة الكتب بالصعوبة وحاجة للدقة في إيصال الفكرة والرسالة، لأنها ترتكز أساساً على استعارات وكنايات مخصصة لنقل المعنى المُراد للقارئ، ليتمكن من فهم النصوص وقراءتها واستيعابها.
كما يذكر التيجاني زايد من دار مسكيلياني للنشر، فإن دار النشر تبحث عن مترجمين معروفين اكتسبوا شهرة وخبرة في لغات أصلية يتقنونها مع اللغة العربية، لكن دار مسيكلياني لديها توجه آخر، وهو خلق جيل جديد من المترجمين مدعومين بفريق من المحررين والمراجعين والمدققين، وهذا الفريق المتكامل يعمل على مئات الترجمات، ويمكن أن يتم اختيار مترجمين جدد ليسوا معروفين في الساحة العربية لكنهم متقنين للغتهم الأصلية واللغة العربية وقادرين على زرع اللغة العربية دون أن يخل بأفكار الكاتب الأصلي، والدار تجد نفسها من خلال هذه التجربة قد نجحت في تقديم نص جيد للقراء، والدليل الإقبال الدائم على إصدارات الدار من قبل القارئ في جميع الدول والشرائح العمرية، والشباب بدورهم يعتبرون قد قدموا أعمالاً لافتة في الترجمة، ولكن يبقى الدور على دار النشر، وهذا يتطلب جهداً كبيراً من الناشر عبر الفريق المراجعين والمدققين.
ويوضح التيجاني أن الشعوب لا تستغني عن كفاءاتها مهما بلغ في السن، ولكن مستقبلها في كل المجالات يرتكز اليوم على الشباب، فهم عماد الحاضر، ولنخلق منهم طاقات وكفاءات بديلة.
وأضاف "الإقبال على الأدب المترجم يدل على اتجاه القراء في كل البلدان العربية والخليج، والقارئ الجيد أصبح يطالب بنص جيد، ويتجه الناشرين العرب في الترجمة في الروايات أكثر من الدراسات والفلسفة وهذا أكثر ما يطلبه القراء".
أما محمد العتيق، مالك دار جداول للنشر والترجمة والتوزيع، فأوضح أن الدار أصدرت أكثر من 400 إصدار خلال الست سنوات الماضية، منها 100 كتاب مترجم إلى العربية، ويلاحظ الإقبال كبير على حركة الترجمة من قبل الشباب والشابات، حتى أن "جداول" أصبحت تستقطب الشباب والشابات وتدعمهم في مجال الترجمة، سواءً كانوا من السعودية أو من الدول العربية، وتفخر الدار بترجمة كتاب "الإيمان والعقل" للمترجمة السعودية أرين الجلال، وكذلك كتاب "ملوك النفط"، وهو كتاب سياسي للمترجم من سلطنة عُمان أحمد المعيني، وهؤلاء من الشباب المترجمين الذين نعتز بأعمالهم وكتبهم تعتبر من الكتب الأكثر رواجاً.
وأضاف "الدار لا تزال تحرص على وجود كبار المترجمين ويبقون في مجالهم، مثل الدكتور المفكر رضوان السيد، والبكائي ولد عبد المالك، ودار جداول تحاول أن توائم بين المترجمين الشباب وكبار المترجمين"، مؤكداً إلى أن أكثر الكتب ترجمة هي الكتب السياسية، ثم التاريخية، ثم كتب الفكر والفلسفة، أما الروايات ترجمتها قليلة جداً، وليس لها نصيب كبير من كعكة الترجمة في دار جداول.
ويصنف محمد الربيعة، صاحب ملتقى تواصل، من المهتمين بالترجمة الأدبية منذ الستينيات أن رفع تكلفة الترجمة عند المختصين جعل دور النشر غير قادرة على تمويل الترجمات المميزة، لأن كلفة المترجمين المتخصصين أصبحت عالية جداً، لذا أصبحت تلجأ للشباب لتخفيض التكلفة، وهذا - بحسب رأيه - أثر سلباً على جودة الكتب المترجمة، إذ يلاحظ الفرق بين المترجمين القدماء والمختصين عما هو في الوقت الحالي، موضحاً "الترجمات القديمة في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات قوية وثرية في الطرح والتناسق مع الكاتب الأصلي، لذا اليوم نجد المنظمة العربية للترجمة هنا قد أعادت طباعة عدد من الترجمات القديمة، وفي أمهات الكتب كالفلسفة".
وقال "بالنسبة للترجمات الحالية الموجودة في معرض الكتاب لم تحقق المطلوب"، ويرى حالياً دور النشر تتجه إلى نوع محدد من القراء، فالقارئ الذي يبحث في كتب الفلسفة والسياسة لم يعد يجدها، وإنما أصبحت الكثير من دور النشر تتجه إلى قارئ مختلف.
مواقع النشر