بسام اليوسف (هيئة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر) : مقدمة: قدم للباحث نائب رئيس هيئة التحقيق والإدعاء العام، وأن سبب البحث توسع رجال التحقيق وخلافهم من المختصين في توصيفات السحر وتكييفاته الجرمية، وانتشار السحر والسحرة وخلافهم من المشعوذين والدجالين ورواج بضاعتهم، وأن الباحث قدّم توضيحاً لماهية السحر، وأوصافه وأنواعه، والعقوبات المتوجبة على كل منها. وما يعد كفراً وما ليس بكفر، وتأصيل ذلك من الكتاب والسنة وأقوال السلف. ويقع البحث في حوالي (50) صفحة.
وبعدها قدم الباحث بأن هذا البحث يقصد منه معالجة معينة مركزة، دون بقية الأحكام من حرمة السحر والذهاب إلى غير ذلك من الأمور التي تذكر عادة على سبيل التمهيد للبحث، وتطرق إلى أن هذا العصر المادي المتقدم تنتشر في شعوب العالم عامة والإسلامي منها خاصة بعض مظاهر السحر وأنواعه بسبب ضعف الإيمان بالله تعالى وظهور الجهل بأحكام الشريعة، وجهلهم بحال هؤلاء السحرة والمشعوذين. والوقوف على حقيقة السحر وأنواعه، ولحاجة المحقق والمدعي العام على الإطلاع والمعرفة الدقيقة على ما هية هذه الجريمة، وأوصافها وأنواعها وعقوبة كل نوع والتفريق بين السحر الذي يعد كفراً وما ليس كذلك، حتى يكون قرار الاتهام، ولائحة الدعوى، أكثر دقة وتحديداً، مبتعداً فيهما عن الألفاظ الثقافية والوعظية والكلمات العامة والاجتهاد في المصطلحات والتعميم في العقوبة. وقسم الباحث دراسته إلى مقدمة وستة مباحث، وتحت المباحث عدد من المطالب، ثم خاتمة.
المبحث الأول : في السحر والساحر وحقيقتها :
وتحت هذا المبحث ثلاثة مطالب،
المطلب الأول منها في تعريف السحر اصطلاحاً : وذكر عددا من اختلاف الفقهاء في تعريف السحر وقال أحسنها ما عرفه ابن قدامه بقوله: عقد وعزائم ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور أو قلبه، أو عقله من غير مباشرة له، فيُمرِض، ويقتل، ويفرق بين المرء وزوجه، ويغير ويبدل المشاعر.
المطلب الثاني: في أن الشيطان مصدر القوة عند الساحر: وذكر أن المقصود من السحر الأضرار بالخلق ويصدر من الساحر دون مباشرة له ويعتمد فيه على أمرين: استعداد عقدي بالخضوع للشيطان. والتأقلم التام مع هذا الخضوع ليتم التأثير المطلوب في المسحور.
المطلب الثالث: في الفرق بين الساحر والكاهن: فالكاهن لا يؤثر في الموجودين بمؤثرات مرضية كالجنون والأمراض، ولا يعتمد كثيراً على الشياطين في الإخبار بالغيب، ويعتمد كثير على الظن والتخمين. وأما الساحر فيهدف إلى إحداث تأثيرات مرضية، ومعظم أنواعه يعتمد على الشياطين، ويستخدم الطوالع والشعوذة في إنتاج وتنفيذ أعمال سحرية. وقد يشتركان في التنبؤ بالغيب، واعتمادهم على الشياطين، وأرضاهم لشياطينهم، والكذب والزور.
المبحث الثاني: الأوصاف المتعلقة بجريمة السحر:
وفي هذا المبحث يذكر الباحث تسعة عشر وصفاً، والسحر منه ما هو حقيقة ومنه ما هو تخيل. ومن الأوصاف الشرعية للسحر:
1. الكهانة: وهو مدعي علم المستقبل، ومعرفة الأسرار، وعلم شيء من المغيبات، وله رفيق من الجن بخبر بالمضمرات.
2. الحازي: هو الذي ينظر في الأعضاء وفي خيلان الوجه، ويتكهن ويدعي علم الغيب.
3. العرافة: وهي نوع من الكهانة، وهو الذي يحدس وتخرص ويظن ويرجم بالغيب بضرب من القول أو الفعل، وهو يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل عليها كالمسروق والضالة.
4. التنجيم: معرفة الغيب بالاعتماد على النجوم وغيرها.
5. الشعوذة: ويسميها الفلاسفة الشعبذة: وهي التخيلات، والأخذ بالعيون، ومبناها على البصر.
6. العيافة والطيرة: وهو التفاؤل بأسماء الطير وحركاتها وأصواتها وممرها فيتطير ويتشاءم.
7. العزيمة: وهي ألفاظ وخطوط مجهولة المعنى غالباً تتضمن أسماء رجال من الجن يدعون ويستغاث بهم، ويقسم عليهم.
8. السخرة: وهي الاتصال بالأرواح الأرضية ويحصل بأعمال: كالرقى والدخن.
9. الخط : أشكال من الخطوط والنقط بقواعد معلومات تجمع ويستخرج منها جملة دالة على عواقب الأمور.
10. الطرق: ومن أنواعه: خط الرمل، والضرب بالودع، والخط بالأرض، والضرب بالحصى، وإلقاء الحجارة، وقراءة الفنجان.
11. الطلسم : عمل الساحر بمساعدة الشيطان، يكون على ورق أو قماش أو معدن، بشكل مخصوص ووقت مخصوص وبحجم وصورة معينة،، أو تمزيج القوة الفاعلة بالقوة المنفعلة لإحداث ما يخالف العادة.
12. الأوفاق : أعداد توضع في أشكال هندسية بشكل مخصوص، حمله يؤدي إلى يسر الولادة.
13. السيميا : يركب من خواص أرضية كالدهن والمائعات توجب تخيلات خاصة، وإدراك الحواس الخمس.
14. العقد : عقد الخيط التي تنفث فيها السواحر.
15. الرقية : «سقط ورقتين مما بعده».
المبحث الثالث: أنواع السحر بحسب النتيجة:
يشمل هذا
المبحث ثلاثة مطالب :
المطلب الأول: السحر بالأعمال الموجبة للردة: فإذا زاول الساحر أعمالاً اعتقادية تشتمل على الكفر فهو كافر مرتد ويغلب عليه حد الردة عن حد السحر، والسحر الذي يعد كفراً يتضمن أنواعاً كثيرة من المكفرات الاعتقادية والقولية والعملية.
المطلب الثاني: السحر بالأعمال الموجبة لحد الساحر: وهو في أصلها حقيقة، لكنها غير مشتملة على ردة مثل : منع الجماع للتفريق، وقطع أذن الرجل وإدخال السكاكين في جوف نفسه وركوب المكنسة ...، وإذا قال سحري ينفع، وأقدر على القتل به ولو لم يقتل. واعتقاده أن روح الإنسان بعد التصفية والقوة، يمكن أن تخاطب الكواكب، وإيجاد الأجسام والحياة والقدرة والإهلاك وقدرته على قلب الأعيان، أو قال أنا أعلم المسروقات.
المطلب الثالث: السحر بأعمال وأقوال توجب التعزير: مثل من لم يقوم بأعمال وأقوال واعتقادات يكفر بها ولا توصل للكفر ألبته ولا توجب القتل فهو على الأصل العصمة ويعزر، مثل لو أنكر أن السحر له حقيقة وقام بفعله، ومن يزعم أنه يجمع الجن، وإصابته بحدسه وفراسته، وعقد الزوجة عن نفسها أو غيرها، وعقد الرجل على النساء، وتعاطي الأدوية المبلدة للعقول، ما يفعله أصحاب الحركات وخفة اليد، والآلات العجيبة، والتدجيل على الناس والخرص والتخمين.. الخ.
المبحث الرابع: كيفية إثبات السحر :
يثبت السحر بطريقين إما بالإقرار أو البينة وهما مطلبا المبحث.
المبحث الخامس: عقوبة الساحر:
يقسم الباحث هذا المبحث إلى خمسة مطالب،
المطلب الأول: عقوبة القتل فإما أن تكون ردةَ أو حداً أو قصاصاً، فإذا كان سحره كفراً فهو مرتد ويقتل ردة. وإن عرف مزاولته للسحر المضر والمفسد بالاعتقاد أو القول أو الفعل فيقتل حداً. وإن قتل بسحره نفساً معصومة باعترافه أو مما يقتل غالباً، فإنه يقتل قصاصاً. ويمكن أن تجتمع فيقتل ردة وحداً وقصاصاً إن قتل بسحره نفساً بمكفر.
المطلب الثاني : فعقوبة التعزير: فإن كان فعل الساحر أو قوله مما لا يقتل به لا ردة ولا حداً وليس فيه جناية على النفس ولا مادونها، وإنما يزاول أعماله وأقواله لإلهاء الناس أو تشكيكهم أو أخذ أموالهم، فإنه يعزر، ويرجع التعزير إلى الإمام الناظر الشرعي، ويمكن أن يصل إلى القتل إن كان له شهرة.
المطلب الثالث: العقوبة بالقصاص والدية: فإن كان الكلام أو الفعل ليس كفراً وليس فيه شيء من الأمور السحرية التي توجب الحكم بسحره، ولكنه أحدث في المسحور جناية، ففيه تفصيل: فإن أحدث جناية توجب القصاص أقتص منه سواء بالنفس أو ما دونها وإن أحدث جناية لا توجب القصاص فعليه الدية.
المطلب الرابع: عن عقوبة الساحر الذمي، وأن جمهور العلماء على أن الذمي يعاقب ولا يقتل إلا بشروط كأن يدخل بسحره ضرراً على المسلمين، فيكون ناقضاً للعهد، وإن قتل بسحره أحداً وكان سحره مما يقتل غالباً، ودليلهم حديث لبيد بن الأعصم وأن النبي r لم يقتله. وأما الحنفية فيرون أن الذمي الساحر حكمه كحكم المسلم . ولم يرجح الباحث في هذه المسألة.
المطلب الخامس: الأدلة على عقوبة الساحر بالقتل لمجرد سحره: وأورد فيه جملة من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الدالة على ذلك.
المبحث السادس: في كفر الساحر:
وقسمه إلى مباحث ثلاثة: فالأول: سبب الخلاف في كون السحر كفر: وأن ذلك مبني على أن السحر لا يتم إلا بما هو كفر، والساحر لا يتم سحره إلا بعبادة الشيطان والتزلف إليه بالشرك، ولذلك فالساحر غير المشعوذ ولا صاحب الطلسم ...الخ.
والمطلب الثاني: أقوال العلماء في كفر الساحر: واختصر كلام أهل العلم في هذه المسالة. وأما المطلب الثالث: في حكم تعلم السحر: وأنه لا خلاف بين العلماء في حرمة تعلم ما كان من السحر، فإن تعلمه معتقداً جوازه أو أنه ينفع كفر، وإذا تعلمه وفعله كفر سواءً اعتقد تحريمه أو إباحته، وإذا تعلمه ليتميز ما فيه كفر من غيره فلا محذور فيه إلا من جهة الاعتقاد، وإذا تعلمه ليوفق بين زوجين أجازه بعضهم ورده آخرون لأنه من التولة، وإذا تعلمه لإزالته إن وقع به فأجازه البعض. وإن كان نوع تخيل ولهو فهو مكروه.
ثم ختم الباحث دراسته بخاتمة استخرج فيه نتائج المطالب السابقة باختصار .
ملحوظات على البحث :
1. البحث بحاجة إلى تفصيلات لأهل العلم ونقول أكثر، خاصة في العصر الحاضر، والاستناد إلى كلام اللجان العلمية والمجامع الفقهية.
2. كثير من التقسيمات بحاجة إلى التمثيل والبسط.
3. يوجد سقط في الورقة رقم (24,23) .
4. لم يتعرض لبعض أنواع السحر مثل الدنبوشي وهو منتشر بين بعض اللاعبين، والزيران وغيرهما.
اقترح أن يشكل لجنة علمية من وزارة العدل وهيئة التحقيق والإدعاء العام، لدراسة السحر للوصول إلى التوصيفات المناسبة وتكييفاته الجرمية، والتوصل إلى الأحكام المناسبة لأنواعه الكثيرة.
ملخص بحث: السحر - حقيقته وكيفية إثباته وعقوبته في الفقه الإسلامي
إعداد: د . عبد الرحمن بن محمد الجار الله (عام 1423هـ)
رئيس مركز البحوث والدراسات بهيئة التحقيق والإدعاء العام
مواقع النشر