الحديث بالألوان يكسر الصمت بين أطفال التوحد
[BIMG]http://www10.0zz0.com/2008/12/03/08/150296221.jpg[/BIMG]
سان فرانسيسكو: رويترز
كاري كاراهاليوس يمكنها أن تعرض تفاصيل ما يريد أن يقوله طفل يعاني من أعراض مرض اضطراب سبيرجر عندما تتوه منه حروفه أثناء المحادثة مع رفيق آخر كتوم وقليل الكلام، حتى لو لم يكن بوسعه أن يتحدث بصورة كبيرة.
فمن خلال ما تقوم به" كاري" - إحدى العالمات في مجال الكمبيوتر بجامعة إيلنيوس – فإن "الصوت يظهر على شاشات الكمبيوتر في صورة ألوان اهتزازية متنوعة بين الأحمر والأصفر والأخضر، وكلما اشتد ارتفاع الصوت كلما زاد حجم الصورة، وتداخلت ألوان أخرى بصورة مفاجئة بما يقلل من حدة الصمت ويجعل الشخصين يتحدثان بلغة الألوان".
وتقوم فكرة كاري - والمتعلقة بالحديث عن طريق الألوان - على ابتكارها لطريقة جديدة تحول الإشارات الصوتية التي ترد في المحادثات إلى إشارات رقمية. ثم تقوم بعد ذلك بعرضها كصور تجعل الأشخاص قادرين على رؤية محادثاتهم على شاشات الكمبيوتر.
وحسبما يشير إليه معهد ماشستوس للتكنولوجيا - والمعني بتدريب أساتذة الجامعات – فإن "طريقة كاري تقوم بعملية استرجاع لحظية للإشارات الصوتية بحيث يتم تحويلها إلى ما يشبه المرآة الاجتماعية، ويسمح للأشخاص بأن يضبطوا حديثهم بنفس الطريقة التي يضبطون بها مظهرهم أمام مرآة زجاجية".
تقول كاري "اعتدنا النظر إلى المرآة عندما نقوم بتغيير ملابسنا، لأن النظر إلى المرآة يساعدنا على أن نتعرف على مظهرنا بصورة لحظية، والأمر نفسه يحدث من خلال تلك التقنية الصوتية الجديدة، حيث تتباطأ الأرقام بحيث يمكن للأشخاص رؤية ومتابعة التطور الداخلي للمحادثة، وليس فقط متابعتها في اللحظة الراهنة".
وتضيف كاري إن "البرنامج الكمبيوتري الجديد، والذي أطلقت عليه ساعة المحادثة تم اختباره على أطفال توحديين، ومن المقرر استخدامه بالنسبة لمن يعانون من أعراض اضطراب سبيرجر".
تقول أخصائية التخاطب بجامعة ميريلاند ماريا ديكسون إنه" من المعروف أن من يعانون من اضطراب سبيرجر تظهر لديهم أعراض نقص المهارات الاجتماعية وصعوبة التعامل الاجتماعي وضعف التركيز والتحكم ومحدودية الاهتمامات، حيث يكون الأطفال أكثر ميلاً إلى التوحد والصمت دون أن يدعوا للآخرين أي مجال للتدخل".
وتضيف أن "التحدي الكبير الذي يواجه نجاح البرنامج هو قدرة الأطفال على الاسترجاع المرئي الذي يجري أمامهم بالنسبة للإشارات الصوتية، وهو الأمر الذي جرى قياسه من خلال تجربة اشترك فيها طفلان يعانيان من اضطراب سبيرجر كان كل منهما يجلس على طرف من طرفي الطاولة، حيث تم قياس إلى أي حد أبدى الأطفال الذين يعانون من اضطراب سبيرجر تجاوباً مع برنامج ساعة المحادثة وإلى أي حد قاموا بتغيير النماذج التي يستخدمونها في المحادثة بما يضمن لهم الوصول إلى حالة التوازن مع الألوان التي تظهر أمامهم على شاشة الكمبيوتر بما يمكنه أن يضع حداً لتوحدهم ولو أثناء التجربة على الأقل".
تقول سارة ويلاند (أخصائية نفسية) وهي أم لطفلين يعانيان من اضطراب سبيرجر - إن" ابني الكبير شخص مذهل، إنه يشعر بأن البرنامج الجديد يمكن أن يحقق نجاحاً".
ومن المنتظر أن يبدأ فريق العمل الذي تقوده كاري منذ نحو عام في مواصلة إجراء أبحاثه في الصيف القادم لصالح بارك كوليدج التابعة لجامعة ميريلاند.
وكانت كاري قد درست استخدام الكمبيوتر والإشارات المرئية من خلال التخاطب البشري لأكثر من عقد من الزمان، ونشرت دراستها الأولية المتعلقة ببرنامج ساعة المحادثة منذ نحو عامين، كما ستقوم بعرض نتائج دراستها على مدى العامين الماضيين بصورة أكثر توسعاً في مؤتمر"إيكوم" والذي سيقام في فرانسيسكو هذا الشهر.
وتشير كاري إلى أنه في إحدى التجارب تابعت تسجيل البرنامج لمحادثة بين أربعة أشخاص حيث أظهرت التجربة تقدماً في المحادثة التي كانت تجري بينهم، وفي كل مرة كان هناك تجاوب بين الألوان التي تظهر على شاشة الكمبيوتر وبين ارتفاع وانخفاض معدلات الإشارات الصوتية، حيث بدا تفاعل الألوان وكأنها شجرة من ألوان مختلفة، والأكثر أنه بعد أن تم إيقاف البرنامج ثم إعادة تشغيله، فإن المشاركين في المحادثة حاولوا إحداث نوع من التوازن في المحادثة التي كانوا يجرونها، بما يعني أنهم تعاملوا مع الإشارات اللونية التي شاهدوها على أنها مرآة ساعدتهم على ضبط إيقاع المحادثة والطريقة التي يتكلمون بها. لقد شعر كل منهم أن عليه الوصول إلى توازن مع الألوان التي يشاهدها على الشاشة والتي تعكس طريقة كلامه".
وتشير كاري إلى أنه "عندما وضعت برنامجها كانت تستهدف تطبيقه على الأطفال الذين يعانون من مرض التوحد، لكنها عادت لتوسع من دائرة تجربتها من خلال إجراء تجاربها على أطفال يعانون من درجات أقل من التوحد ممن تتراوح أعمارهم بين الثالثة والسابعة دون أن يتحدثوا، وكان الهدف من وراء ذلك هو مساعدة الأطفال على التلفظ من خلال استخدام أصوات تمثل أساسيات التكلم بدلاً من الصراخ والهمهمات".
تعلق جوشوا هيلبيرن - إحدى عضوات الفريق الذي تقوده كاري- قائلة" لقد نجحنا في جعل الأطفال ينطقون عشر كلمات لم يسبق لهم سماعها عن طريق أمهاتهم" معربة عن أملها في أن "ينجح البرنامج الجديد في مساعدة الأطفال الذين يعانون من التوحد وأسرهم في التفاعل مع المجتمع المحيط بهم بصورة أكثر متعة وأكثر تفاعلاً".
[BIMG]http://www.alwatan.com.sa/news/images/newsimages/3108/0304.mis.p26.n444.jpg[/BIMG]
مواقع النشر