سُميت مدينة “قرطبة” بجوهرة أسبانيا الحقيقية، فلا تزال قرطبة محطَ إعجاب العالم ودهشته، حيث تقع ,احدة من أشهر المدن الأسبانية على نهر الوادي الكبير، في الجزء الجنوبي من أسبانيا، وتتفرع سفوح جبالها من سلسلة جبال سيرا مورينا، الممتدة شمالي المدينة. وتمتد قرطبة على الضفة اليمنى لنهر الوادي الكبير، الذي ينحني طفيفاً في مجراه نحو الغرب مؤلفا أهم طريق طبيعي في أسبانيا الجنوبية، ويبلغ عدد سكانها حوالي 330 ألف نسمة.
الطريق من غرناطة إلى قرطبة
فتح قرطبة تأسست قرطبة كمستوطنة رومانية على الجانب الشمالي لنهر الوادي الكبير (نهر بيتيس قديماً) في عصر جمهورية روما سنة 206 قبل الميلاد، حتى فتحها المسلمون بقيادة القائد الشهير طارق بن زياد سنة (93هـ/ 711م)، ومنذ ذلك العهد بدأت مدينة قرطبة فى الصعود كمدينة حضارية عالمية.
وقد كانت دولة قرطبة من أهم الدول الأوروبية في القرن العاشر، كما كانت منارة للعلم والثقافة في أوروبا، وعاصمة من عواصم الأدب والثقافة العربية والإسلامية، وأنجبت المدينة في هذه الفترة الشاعر ابن زيدون، والشاعرة الأموية ولادة بنت المستكفي، والفقيه ابن حزم، والعالم عباس بن فرناس، كما انتقل إليها الموسيقي زرياب وأسس دار المدنيات.
آثار قرطبة
تشتهر مدينة قرطبة بكثرة المواقع الأثرية ومنها، الجسر الروماني الذي يقطع نهر الوادي الكبير، وقد تم ترميمه في العصر الإسلامي، ولا يزال مستخدماً حتى يومنا هذا، وهناك المعبد الروماني، الذى يقع فى شمال المدينة القديمة، والضريح الروماني، كما يوجد متحف “Taurino” لمحبى مشاهدة مصارعة الثيران وتاريخ بدايتها.
جامع قرطبة الكبير أهم آثار مدينة قرطبة
ومن أهم المواقع الأثرية على الإطلاق فى قرطبة هو مسجدها الكبير، أجمل ما أبدعه المسلمون في الأندلس، وقد صنفه اليونسكو كموقع تراث عالمي، ويعتبر المسجد من أعظم مساجد الأندلس وأكثرها أناقة، ويعد تحفة فريدة من حيث روعة زخارفه وفنون عمرانه.
جامع قرطبة تحفة فنية من حيث المعمار والزخارف
ورغم الاحتفاظ بكامل معالم المسجد العربية الإسلامية من زخارف وآيات ونقوش بعد سقوط قرطبة علي يد الملك فيرناندو في عام 1236م فإن مكان الصلاة قد امتلأت جدرانه بالصور والرسومات والتماثيل الكاثوليكية وتم تغيير أسماء بوابات المسجد ومعالمه، ويعتبر هذا المسجد أهم تحفة معمارية فى أسبانيا عامة، فقد بدأ إنشاؤه في عهد عبدالرحمن الداخل عام 170 هـ – 786 م، وقد بلغت إجمالي مساحته 23 ألف متر مربع، وهو يقع في الجهة المقابلة لقصر الإمارة وجلب عبدالرحمن الداخل إليه الأعمدة الفخمة والرخام المنقوش بالذهب واللازورد وبلغ ما أنفق عليه 100 ألف دينار ثم زاد خلفاء المسلمين من بعده في هذا العمل حتي أصبح أعظم مساجد الأندلس.
قلعة كالاهورا من معالم قرطبة
ومن أشهر المواقع الأثرية التى يمكن زيارتها فى “قرطبة” قلعة “كالاهورا”، وهي قلعة إسلامية تقع على الجانب الآخر (الجنوبي) للوادي الكبير عند نهاية الجسر الروماني، وأجرى عليها الملوك الإسبان إضافات فيما بعد، وتحولت فى الوقت الحالى إلى متحف. بالإضافة إلى “الناعورة”، التى تقع بجوار الجسر الروماني.
السور الروماني في قرطبة
كما توجد على بعد ثلاثين كيلومتر من قرطبة “مدينة الزهراء” المدينة الأندلسية الملكية المشهورة وتشتهر بعمارتها وما استخدم فيها من الذهب والرخام. قام ببنائها الخليفة الأموي عبد الرحمن الثالث الملقب بالناصر في بين أعوام 936 و940 م، وقد بناها لتماثل قصور دمشق العاصمة الأموية القديمة، ثم هجرها أهلها من جند قرطبة خلال ثورة البربر وقد احترقت تماماً خلال ثورة البربر عام 1020م، ومدينة الزهراء مليئة بالتحف الأثرية الرائعة والأسوار والبنايات الشاهقة التي تسحر الأبصار والقلوب.
أطلال مدينة الزهراء الأندلسية
فنادق قرطبة
أسعار الفنادق فى قرطبة ملائمة جدًا لكل السائحين، ومن أكثر الفنادق شهرة من حيث عروضها وخدماتها المميزة فندق “Hotelopia”، ويتمتع هذا الفندق بشعبية بين الزوار الاجانب على مدار السنة. وهناك فندق “سيمانا سانتا”، الذى من الصعب أن تجد به غرفة غير شاغرة معظم أوقات السنة. وفندق “أميستاد دي كوردوبا” في قلب المنطقة التاريخية.
وتتمتع قرطبة بمناخ البحر الأبيض المتوسط مع التأثيرات الساحلية للمحيط الأطلسي؛ فالشتاء معتدل مع الصقيع فى المساء، أما الصيف فهو حار مع جفاف كبير أكثر نموذجية من مناخات البحر الأبيض المتوسط الأخرى.
وخلال أشهر الصيف فى قرطبة تقام عدة احتفالات ومعارض محلية، فى شتى أحياء المدينة، مع جو احتفالي كبير، وتتميز هذه الاحتفالات برقصات وموسيقى الفلامنكو.
رقصة الفلامنكو، قرطبة ـ أسبانيا
مواقع النشر