لاتنه عن خلق وتأتي مثله...
الاختلاف في القائل وذكر الأبيات
هذا البيت اختلف في قائله اختلافا كبيرا قال في خزانة الأدب
- (ج 3 / ص 275)
اختلف في قائله، فنسبه الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في أمثاله إلى المتوكل بن عبد الله الليثي الكناني. وأورده في باب تعيير الإنسان صاحبه بعيب هو فيه.
والمتوكل الليثي من شعراء الإسلام، وهو من أهل الكوفة، وكان في عصر معاوية وابنه يزيد، ومدحهما.
ونسبه إليه أيضاً الآمدي في المؤتلف والمختلف، وقال فيمن يقال له المتوكل: منهم المتوكل الليثي، وهو المتوكل بن عبد الله بن نهشل بن وهب بن عمرو بن لقيط بن يعمر الشداخ بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة.
الشاعر المشهور، القائل:
لا تنه عن خلق.........البيت
ونسبه إليه أيضاً أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني وذكر بإسناد أن الأخطل قدم الكوفة فنزل على قبيصة بن ذالق، فقال المتوكل الليثي لرجلٍ من قومه: انطلق بنا إلى الأخطل نستنشده ونسمع من شعره. فأتياه فقالا له: أنشدنا يا أبا مالك. فقال: إنني لخاثرٌ يومي هذا.
فقال له المتوكل: أنشدنا أيها الرجل، فوالله لا تنشدني قصيدةً إلا أنشدتك مثلها، أو أشعر منها. قال: ومن أنت؟ قال: أنا المتوكل. قال: ويحك، أنشدني من شعرك.
فأنشده: الكامل
للغانيات بذي المجاز رسوم ... فببطن مكة عهدهن قديم
فبمنحر البدن المقلد من منًى ... حلل تلوح كأنهن نجوم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله ... ............البيت
والهم إن لم تمضه لسبيله ... داءٌ تضمنه الضلوع قديم
وكذلك نسبه إليه الزمخشري في المستقصى قال: هو من قول المتوكل الكناني:
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك تعدل إن وعظت ويقتدى ... بالقول منك ويقبل التعليم
لا تنه عن خلقٍ ... ............البيت
ونسبه سيبويه للأخطل. ونسبه الحاتمي لسابق البربري. ونقل السيوطي عن تاريخ ابن عساكر أنه للطرماح.
والمشهور أنه من قصيدةٍ لأبي الأسود الدؤلي. قال اللخمي في شرح أبيات الجمل: الصحيح أنه لأبي الأسود. فإن صح ما ذكر عن المتوكل فإنما أخذ البيت من شعر أبي الأسود. والشعراء كثيراً ما تفعل ذلك. وهذه هي قصيدة أبي الأسود، سقناها برمتها لجودتها:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ... فالقوم أعداءٌ له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... حسداً وبغياً إنه لدميم
والوجه يشرق في الظلام كأنه ... بدرٌ منيرٌ والنساء نجوم
وترى اللبيب محسداً لم يجترم ... شتم الرجال وعرضه مشتوم
وكذاك من عظمت عليه نعمةٌ ... حساده سيفٌ عليه صروم
فاترك محاورة السفيه فإنها ... ندمٌ وغبٌّ بعد ذاك وخيم
وإذا جريت مع السفيه كما جرى ... فكلاكما في جريه مذموم
وإذا عتبت على السفيه ولمته ... في مثل ما تأتي فأنت ظلوم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
ابدأ بنفسك وانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما وعظت ويقتدى ... بالعلم منك وينفع التعليم
ويل الخلي من الشجي فإنه ... نصب الفؤاد بشجوه مغموم
وترى الخلي قرير عين لاهياً ... وعلى الشجي كآبةٌ وهموم
ويقول: ما لك لا تقول مقالتي ... ولسان ذا طلقٌ وذا مكظوم
لا تكلمن عرض ابن عمك ظالماً ... فإذا فعلت فعرضك المكلوم
وحريمه أيضاً حريمك فاحمه ... كي لا يباع لديك منه حريم
وإذا اقتصصت من ابن عمك كلمةً ... فكلومه لك إن عقلت كلوم
وإذا طلبت إلى كريمٍ حاجةٌ ... فلقاؤه يكفيك والتسليم
فإذا رآك مسلماً ذكر الذي ... كلمته فكأنه ملزوم
ورأى عواقب حمد ذاك وذمه ... للمرء تبقى والعظام رميم
فارج الكريم وإن رأيت جفاءه ... فالعتب منه والكرام كريم
إن كنت مضطراً وإلا فاتخذ ... نفقاً كأنك خائفٌ مهزوم
واتركه واحذر أن تمر ببابه ... دهراً وعرضك إن فعلت سليم
فالناس قد صاروا بهائم كلهم ... ومن البهائم قائلٌ وزعيم
عميٌ وبكم ليس يرجى نفعهم ... وزعيمهم في النائبات مليم
وإذا طلبت إلى لئيمٍ حاجةً ... فألح في رفقٍ وأنت مديم
والزم قبالة بيته وفناءه ... بأشد ما لزم الغريم غريم
وعجبت للدنيا ورغبة أهلها ... والرزق فيما بينهم مقسوم
والأحمق المرزوق أعجب من أرى ... من أهلها والعاقل المحروم
ثم انقضى عجبي لعلمي أنه ... رزقٌ موافٍ وقته معلوم
مواقع النشر