بســم الله الـرحمــن الرحيــم
إنما دعاني لكتابة هذه الأسطر القليلة هو إمتعاضي الشديد من ظاهرة رنين الجوالات في المساجد وأوقات الصلوات , وبنغمات رنين أنسب ما تكون لنادي ليلي أو حفل غنائي , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
بالأمس , إصطفّ المصلّون لأداء صلاة الظهر (وكما لا يخفى عليكم فهي صلاة سريّة) . وكما هي العادة , لم يكبّـر الإمام تكبيرة الإحرام إلا بعد أن قال كلمته الشهيرة ( سوّا الصفوف وسدّوا الفرج , إعتدلوا رحمكم الله ) , وما أن باشرنا الصلاة وفي الركعة الأولى وإذا بجوّال أحد المصلين يصدح بنغمة راقصة صاخبة ملأ صداها أطراف مسجدنا الصغير وتشـتّت عقول المصلين وذهب خشوعهم , وبعد رنين طويل صمت الجوال وهدأ الجو وبدأ المصلون يسترجعون تركيزهم لعلّهم يخشعون بما تبقى من ركعات , فترى هذا يغمض عينيه وهذا يقرأ بتفكّـر وما هي إلا لحظات حتى عاودنا ذلك الجوال البغيض بجولة ثانية من الرنين المتواصل وبتلك النغمة القبيحة حتى أيقن كل من كان في المسجد أنه لا مجال للخشوع في هذه الصلاة ولا خيار سوى القيام بحركات الصلاة لعل الفرض يسقط عنهم . وبعد التشهد الأخير في الركعة الرابعة " السلام عليكم ورحمة اللـــــــه ,, السلام عليكم ورحمة اللــه " . وقبل إستغفار الله وقراءة آية الكرسي في دبر كل صلاة بدأ كل فرد بالإلتفات يمنة ويسرة لعلّه يعرف في أي جيب يقبع ذلك الجوال اللعين وما هي إلا لحظات حتى قام بعض المصلين لصلاة سنّة الفرض وإنسحب البعض الآخر بهدوء وذهب كل حيّ إلى سبيله كما يقولون على آمل الخشوع في الفرض القادم إن كتب الله لهم الصلاة في جماعة .
هذه الظاهرة المزعجة والتي لا يكاد مسجد يخلو منها أصبح من الصعب تحمّلها والتعايش معها , والأدهى من ذلك كله أنني كنت أتكلم مع أحد الأشخاص عن هذه الظاهرة , فقال لي ليت الأمر إنتهى في المساجد , وأقسم بالله أن بعض الحجيج والمعتمرين الذين يطوفون بيت الله الحرام في شهره الحرام يرن جواله وهو يطوف فيرد على الأتصال ويتناول أطراف الحديث مع المتصل وكأنه يتمشى على كورنيش البحر والله المستعان . وهذا كله بالرغم من التنبه والتشديد والتحذير المستمر من شيوخنا وخطباءنا حفظهم الله ولكن قد أسمعت لو ناديت حيّـا ولكن لا حياة لمن تنادي .
فمتى بالله نفهم معنى (اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) ومتى نعرف معنى الخشوع والسكون في الصلاة ومتى نستوعب معنى الوقوف بين يدي الله واستشعار الله في كل عباداتنا !!!
هلّا أغلقتم جوّالاتكم يرحمكم اللــــــــــــــــــــــــــه !!!!
مواقع النشر