جدة - واس : انطلقت اليوم أعمال المؤتمر العالمي الحادي عشر للإعجاز العلمي في القرآن والسنة 2015، الذي تنظمه الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة التابعة لرابطة العالم الإسلامي بمقر المركز الثقافي الإسلامي بمدريد كأكبر تجمع بحثي إسلامي على مستوى العالم تشهده القارة الأوروبية بحضور صاحب السمو الأمير منصور بن خالد بن عبد الله الفرحان سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة أسبانيا، ومشاركة أكثر من 2,000 مشارك من الباحثين والمفكرين والعلماء والجاليات الإسلامية من مختلف أقطار العالم ويستمر على مدى ثلاثة أيام.
وبدئ حفل افتتاح المؤتمر بآيات من القرآن الكريم، إثر ذلك ألقى صاحب السمو الأمير منصور بن خالد بن عبد الله الفرحان كلمة نوه في مستهلها بالدور الرائد الذي تقوم به المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - في نصرة قضايا الأمة والاهتمام بشأن المسلمين في مختلف بقاع العالم ومنها الحرص على ترسيخ مفهوم البحث العلمي بجميع صوره وأشكاله وانفتاحها على الحوار والتعايش مع الثقافات بصفتها بيئة الوسطية الأولى التي تستند على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم منذ تأسيسها على يدي الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن -رحمه الله-.
وأثنى سمو سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة أسبانيا على الجهود المبذولة من الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة في الترتيب والتجهيز لهذا المؤتمر بالتعاون مع المركز الثقافي الإسلامي بمدريد وعدد من الجامعات الأسبانية الذي يتعايش مع أهمية الحضارة الاسبانية وموقعها الجغرافي بين الشرق المسلم والبلدان الغربية، مشيداً بالمنجزات التي حققتها الهيئة في مجال البحث العلمي والندوات الدولية والمؤتمرات العالمية والإقليمية لتعزيز التواصل العلمي العالمي وإثبات أن الإسلام دين علم ومعرفة وسلام يبحث عن الحق ويدعو إلى الإبداع والتقدم والأخذ بأسباب الرقي المادي وصناعة الحضارة من أجل حياة إنسانية يسودها العدل والتسامح والإنصاف.
وأبرز سموه التجهيزات الكبيرة التي قام بها المركز الثقافي الإسلامي بمدريد لإطلاق هذا المؤتمر البحثي العالمي والتي تصب فيما يشهده من مناشط ثقافية واجتماعية وخيرية متنوعة تحظى بإقبال كبير من الجاليات المسلمة في أسبانيا للاستفادة من البرامج والأنشطة المختلفة التي يقيمها ويشرف عليها إلى جانب إسهامه في دخول العديد من غير المسلمين في الإسلام من جنسيات مختلفة باعتباره مركز ثقافي متكامل.
بعد ذلك ألقيت كلمة معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، ألقاها نيابة عنه الدكتور صالح بن حسين العايد والتي رحب خلالها بالمشاركين من العلماء والمفكرين والباحثين في المؤتمر، متمنياً أن تتكلل جهود العاملين في هذا الحدث البحثي الإسلامي العالمي بالنجاح الاستفادة للجميع.
وأكد معاليه على أن رسالة الإسلام ختمت ما سبقها من رسالات الله تعالى وهي جامعة لأصولها من المبادئ والقيم والتعاليم الإلهية التي توجه حياة البشرية نحو الرشاد وتقيها التخبط في مصارع الجهل والضلال وحيرة الفلسفات التي لا تستنير بنور الله، لافتاً النظر إلى ما يزخر به القرآن الكريم من فنون البيان عن صنع الله البديع في خلقه من الكون والإنسان التي يدقق معها المتأمل في روائع الإبداع وعجائب القدرة والحكمة الإلهية.
وأوضح أن هذا المؤتمر الذي تنظمه الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة التابعة لرابطة العالم الإسلامي وسيلة من الوسائل المهمة التي أدرك المتخصصون أهميتها في هذا العصر للتعريف بالإسلام من أفق العلم الحديث باستثمار ما توصلت إليه الاكتشافات العلمية للكشف عن وجوه الإعجاز في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وإثبات الحقائق الدينية.
وأضاف أن الهيئة بتوفيق من الله ثم بخطتها وبرامجها وجهود المتعاونين معها من الباحثين والمستشارين حققت رصيداً وفراً من المحتويات العلمية والمواد السمعية والبصرية في العديد من المجالات مما يخدم الإعجاز العلمي القرآني والنبوي ويمكنها من إيصال صوت الإسلام إلى أناس يعيشون في أجواء علمية بحثية، منوهاً بالجهود التي تبذلها المملكة في دعم رابطة العالم الإسلامي وهيئاتها وخدمة الحرمين الشريفين والإسلام والمسلمين في كل مكان ودعم البحوث العلمية المسهمة في خدمة الإنسانية وسعادتها، وفيما يحقق لها الأمن والاستقرار ونصرة المظلومين وردع الظلمة كما يجري حالياً في اليمن، مقدماً شكره لمملكة أسبانيا وحكومتها على استضافة هذا المؤتمر ولسفارة خادم الحرمين الشريفين بأسبانيا على التنسيق في الإعداد واستقبال ضيوف المؤتمر والمؤسسات الأوروبية والعربية للعمل في كل ما من شأنه إنجاح هذه التظاهرة العالمية البحثية الإسلامية.
بعدها ألقى فضيلة أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة التابعة لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز المصلح كلمة بين فيها أن قافلة الإعجاز العلمي المباركة انطلقت من مكة المكرمة ومن رحاب بيت الله الحرام وجوار الكعبة المشرفة حيث شع نور النبوة الخاتمة وأشرقت شمس الإسلام فدخل الناس بذلك في دين الله أفواجا ليبنوا أعظم حضارة جمعت بين الإيمان والعلم والعمارة والرقي.
وقال : انطلقت قافلة الإعجاز هذه تجوب مشارق الأرض ومغاربها لتحط رحالها اليوم بهذه المحطة العملاقة، محطة إسبانيا التي كانت نقطة التقاء بين قوافل الحضارات التي تعاقبت عليها حضارات عديدة آخرها حضارتان كبيرتان الحضارة القائمة الآن, وحضارة الإسلام المعطاء التي ضربت أطنابها قروناً عديدة بهذه الربوع تشع على أوربا نورها وضياءها وتضيء لها أرضها وسماءها حتى أيقظتها من سبات عميق ونوم طويل عاشته خلال القرون الوسطى فنهضت تلك النهضة القوية التي كانت إيذانا بقيام الحضارة الغربية الممتدة حتى اليوم.
وعرج فضيلته على حضارة الإسلام مبينًا أن هذه الحضارة كانت كفيلة بإجراء عقد قران وثيق, وبناء ارتباط عميق بين شعوب العالم الإسلامي والعالم الغربي فالحضارة الإسلامية سباقة إلى مد الجسور طالما احترمت لها خصوصيتها واعترف لها بحقها في الكرامة والبناء والاعمار.
ولفت نظر الحضور إلى أن الدين الإسلامي دين علم ومعرفة ويبحث عن الحق, ويدعو إلى الإبداع والتقدم والأخذ بأسباب الرقي المادي وصناعة الحضارة من أجل حياة إنسانية كريمة يسودها العدل والأمن والأمان ، منوهاً بان الهيئة في هذا الإطار قامت بالتحضير لمؤتمرها الحادي عشر الذي ينعقد في هذا البلد الذي له أهميته التاريخية الكبرى حيث وجهت الدعوات للباحثين في العلم أجمع للمشاركة بعد أن وردت للهيئة ما يزيد عن 500 بحث ، قبلت اللجان العلمية والشرعية منها 55 بحثاً موزعة على محاور المؤتمر.
وأفاد الدكتور المصلح أن الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة ألزمت نفسها بمقتضى المنهج العلمي وضوابط البحث في الإعجاز العلمي بأن تتجاوز مرحلة الفرضية والنظرية إلى مرحلة الحقيقة العلمية التي لا تقبل النقض ولا التغيير ووجود الدلالة الظاهرة على تلك الحقيقة في كتاب الله أو ما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والربط بين هذه الحقيقة ودلالة النص بأسلوب ميسر وسهل وأن تكون تلك الدلالة وفق مفهوم العرب الذين نزل القرآن بلغتهم وأن لا نبحث في الأمور الغيبية التي اختص الله نفسه بعلمها وأن يكون تفسير القرآن بالقرآن ثم بالسنة الصحيحة ثم بالآثار التي صحت عن سلف هذه الأمة ثم بدلالة اللغة العربية التي تنزل بها القرآن الكريم.
ودعا العلماء والباحثين والمهتمين بمجال الإعجاز العلمي في القرآن والسنة للمشاركة بعلمهم ورأيهم ونصحهم في هذا المؤتمر ، موجهاً في ختام كلمته شكره لسفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة إسبانيا والعاملين في السفارة ومعالي أمين عام رابطة العالم الإسلامي الذي لم يأل جهداً في تسديد مسار هذا اللقاء والإشراف على أعماله ورئيس المركز الثقافي الإسلامي بمدريد والعاملين به على ما بذلوه من جهود مباركة لتنظيم الحدث والداعمين والرعاة والباحثين الذين سيقدمون أوراقهم العلمية خلال جلسات المؤتمر .
عقب ذلك عبر مدير المركز الثقافي الإسلامي بمدريد الدكتور سعود بن عبدالله الغديان خلال كلمته في حفل افتتاح المؤتمر عن عظيم فخره واعتزازه بإقامة هذا المؤتمر العالمي الكبير في القارة الأوروبية الذي يجلي للعالم ربانية هذا الدين وسماوية شريعته وكمال تعاليمه بعرض جوانب من وجوه الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية ، لافتاً النظر إلى أن المؤتمر يدل دلالة واضحة على أن الإسلام هو دين العلم .. يرعاه ويحض على طلبه ويكرم حملته .
وشدد على حرص المركز منذ قيامه على مد جسور للتواصل مع جميع الفئات والشرائح المجتمعية لإيصال حقيقة الإسلام ورعاية المسلمين وتقديم كل ما يخدم الدين ويوصل رسالته للعالمين بعيداً عن المزايدات السياسية والصراعات المذهبية وعن كل ما يفرق بين فئات المجتمع ، مشيراً إلى أنه يجئ احتضان المركز لهذا المؤتمر إيماناً بدور مثل هذه التظاهرات في أوساط الناس وبخاصة بين النخب المتخصصة في المجالات العلمية فالمظاهر المضيئة للإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية دليلاً قاطعاً وبرهاناً ساطعاً على أن لهذا الكون مبدعاً وخالقاً عظيماً قد أبدع خلقه وأحسن صنعه وجعله في أحسن نظام وأكمله ، فتبارك الله أحسن الخالقين .
إثر ذلك ألقى أستاذ القانون الدولي بجامعة لاكورونيا بأسبانيا الدكتور خوان فيريرو كلمة المشاركين في المؤتمر الذي يعزز روح التنافس في البحث العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية في مجالات الطب وعلوم الحياة والأرض وعلوم البحار والفلك وعلوم الفضاء والعلوم الإنسانية والحكم التشريعية .
وأشار إلى أن المؤسسات الدينية الثقافية في العالم تتطلع إلى نتائجه وما يصدر عنه من توصيات لاسيما ما يتعلق منها بالحقائق العلمية ذات الصلة بالموجودات الكونية التي كانت غائبة عن الإدراك البشري مشيدين بجهود الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة بإخراج هذا المؤتمر في حلته الإسلامية مما يشجع علماء المسلمين على متابعة البحث والتجريب والمقارنة وغير ذلك من وسائل الكشوف العلمية والتقدم المعرفي .
وعد المؤتمر يعد مهمة علمية دعوية ويعمل على شحذ الفكر العلمي للوصول إلى الإيمان والربط بين وجدان البشر والحقائق في هذا الوجود والخالق الذي أوجد الكون من خلال قضايا الإعجاز العلمي التي تعد من أكثر الوسائل تأثيراً وأقوى حجة خاصة في تعريف غير المسلمين من علماء الشرق والغرب بما جاء به الإسلام من علوم وحكمة.
ثم جرى عرض الفلم التسجيلي الخاص بفعاليات المؤتمر العالمي الحادي عشر للإعجاز العلمي في القرآن والسنة 2015م.
بعدها قدم أمين عام الهيئة العالمية للإعجاز العلمي هدية تذكارية لصاحب السمو الأمير منصور بن خالد بن عبدالله الفرحان سفير خادم الحرمين الشريفين لدى مملكة أسبانيا نظير الجهود المبذولة من قبل السفارة لإنجاح الحدث.
ثم أدى ضيوف المؤتمر من الحضور والمشاركين صلاة الجمعة في مسجد المركز الثقافي الإسلامي بمدريد حيث أم المصلين معالي المستشار في الديوان الملكي وإمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، وتركزت خطبة الجمعة في تقوية أواصر الإيمان وحسن الظن في الله.
مواقع النشر