دويتشه ﭭيله : لماذا ظهر أسم سلمان رشدي مؤلف "آيات شيطانية" مجدداً بعد نشر فيلم "براءة المسلمين"؟ رشدي اعتبر أن الفيلم يعد أسوأ فيديو تم تحميله على اليوتيوب، فيما يحتدم الجدل في العالم الإسلامي على طريقة الرد على "الاستفزازات الغربية".
لا يريد الكاتب الانكليزي من أصل هندي سلمان رشدي، أخذ التهديدات الجديدة بقتله على محمل الجد. تلك التهديدات التي جاءت من قبل جماعة إيرانية متشددة، ونقلتها صحيفة "الجمهورية الإسلامية" الإيرانية. فقد رفعت هذه الجماعة من قيمة جائزة قتل سلمان رشدي من 2.1 مليون يورو إلى 2.5 مليون يورو. وهو آخر رفع لقيمة الجائزة التي وضعت قبل 23 عاماً بعد اتهامه بالإساءة إلى الإسلام ونبيه.
مؤسسة "خرداد" التي ستدفع قيمة الجائزة لمن يقتل رشدي، حسب الصحيفة الإيرانية، تعود تسميتها إلى الخامس عشر من "خرداد"، حسب التقويم الفارسي، والذي يصادف يوم 5/6 من حزيران/ يونيو 1963، وهو يوم احتجاز قائد الثورة الإسلامية في إيران بعد ذلك آية الله الخميني، بعد مظاهرات خرجت مناوئة للسلطات الإيرانية آنذاك. وجائزة قتل رشدي جاءت بعد فتوى أصدرها الخميني عام 1989 بإهدار دمه لنشره رواية " آيات شيطانية" التي اعتبرها كثير من المسلمين حينها مسيئة للنبي محمد.
لا يأبه
"خلف هذا التهديد تقف رغبة أحد رجال الدين بتصدر أسمه عناوين الصحف في طهران"، ويعني بذلك رجل الدين آية الله حسن صانعي صاحب المؤسسة التي رفعت جائزة قتله. هذا هو رد رشدي على التهديدات الجديدة الموجهة ضده في نيويورك خلال تقديمه كتابه الجديد "يوسف انطون"، الذي يعرض فيه سيرته الذاتية بعد فتوى قتله.
لكن قضية رشدي ظهرت مجدداً إلى السطح بعد ظهور فيلم "براءة المسلمين" الذي اعتبر مسيئاً للإسلام، والذي أثار المسلمين في بلدان عربية وإسلامية عدة. ورشدي نفسه يصف الفيلم، بأنه أسوأ فيلم ظهر على صفحة اليوتيوب.
مصلحة جهات معينة
ويمثل هذا الفيلم السيئ بالنسبة لكثير من المسلمين استمراراً لكتاب "آيات شيطانية"، مثلما يقول إيميرس شومايكر خبير الاتصالات في معهد لندن للاقتصاد، الذي يضيف أن التواصل بين الناس أصبح أكثر سهولة على اختلاف اتجاهاتهم الفكرية والدينية، بعد أن كان محدداً بالوقت والمكان في الماضي، إذ أن ثورة الاتصالات قضت على ما يسمى "برفاهية العزلة". ويضيف شومايكر بالقول: "المتطرفين على اختلاف أصولهم يتوحدون على الإنترنيت، وأنهم يفتقدون لأي نوع من ثقافة الحوار"، محذراً من أن مثل هذا يولد مواقف أكثر تطرفاً من قبلهم.
لكن لندسي جيرمان من مبادرة "أوقفوا تحالف الحرب" اللندنية، التي تطالب بوقف مشاركة القوات البريطانية في الحرب بأفغانستان، تقول إن الحملة الجديدة على رشدي وردود الفعل الغاضبة على عرض الفيلم مرتبطان معاً، "لان الموضوع يعود أساساً إلى الغضب المتصاعد المنصب على سياسة الغرب تجاه منطقة الشرق الأوسط". ومادام الغرب يواصل سياساته هذه تجاه البلدان الإسلامية، فإن حدوث ردود فعل غاضبة، مثل تلك التي شاهدناها الأسابيع الماضية ليس أمراً مستغرباً.
العفو والاحترام
أما عادل خان، خبير العلاقات الإسلامية ـ الغربية في جامعة كامبردج فيقول: "يقتدي المسلمون بتصرفاتهم وحتى طريقة استعمالهم القوة وفي عاداتهم الدينية بأمثلة عليا". ويضيف بالقول: "النبي نفسه عفا عن أعدائه وطالب أنصاره بعدم التعدي أو سب آلهة الأعداء". ويطالب خان الغرب بتحمل مسؤوليته واحترام مقدسات واديان الآخرين "خاصة في عالم شديد الارتباط والتواصل كعالمنا اليوم".
لكن الكثيرين في العالم الإسلامي لا يشاركون خان رأيه الهادئ هذا، إذ يقول علي مجتبى زيدي، الناشط الشيعي من مدينة كراتشي، في لقاء مع DW: "على الغرب أن يفهم أخيراً أننا لن نسامح من يعتدي على مقدساتنا" ويضيف بالقول: "سنحول حياتهم إلى جحيم، كي يصبحوا عبرة لغيرهم".
رشدي كاتب معترف به
وبينما ينصب النقاش أساساً حول الفيلم وعمل رشدي "آيات شيطانية" يعتقد الصحفي الباكستاني محسن سيد، أن ليست كل أعمال رشدي سيئة من حيث المحتوى وأسلوب الكتابة مثل "آيات شيطانية". فهو يعتقد أن رواية "أطفال منتصف الليل" التي يروي فيها رشدي فترة انفصال الهند عن بريطانيا، رواية قيمة جداً. وينوه أيضاً، إلى أنه لا يجب أخذ "آيات شيطانية" على محمل الجد، لأن النبي أرفع من أن تمسه كتابات فارغة.
وليس بعيداً عن ذلك يفسر الكاتب الباكستاني سلمان عصماني ردود فعل الناس بأنها معتادة، إذ أن أغلب الناس لم يقرأ لسلمان رشدي أعماله الجديدة التي تلت "آيات شيطانية". ويضيف بالقول: "إذا ما دار الحديث حول كاتب مثير للجدل فإن الناس تصدر أحكامها عليه اعتماداً على السمع فقط لا على الاطلاع". ويضرب مثالاً على ذلك رواية "عوليس" للكاتب الايرلندي جيمس جويس التي أثارت انتقادات وحروباً كثيرة بعد اتهامه بالإباحية.
مواقع النشر