الرياض - واس : أولى الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -تغمده الله بواسع رحمته- المرأة السعودية جل اهتمامه بعد توحيده البلاد رغم انشغاله -رحمه الله- في تأسيس أنظمة الدولة الداخلية والخارجية، وكان داعمًا لكل خير يعزّز مكانتها في ضوء ما نصت عليه تعاليم الشريعة الإسلامية السمحة، حتى وصل عدد كتاتيب المرأة في بداية عهده إلى أكثر من 180 دارًا للكتاتيب منتشرة في مختلف أنحاء المملكة.
إعداد : محمد القحطاني
وأفادت أستاذة علم التاريخ عضو مجلس الشورى الدكتورة
دلال بنت مخلد الحربي، أن تأثير الملك عبد العزيز -رحمه الله- في تطور تعليم المرأة السعودية كان واضحاً، وتبين ذلك من خلال ظهور كتاتيب تعليم البنات في عدد من مدن وقرى المملكة، مستشهدة بوثيقة تاريخية أوضحت أنه -يرحمه الله- ساند مشروعا تنمويا رفع إلى مجلس الشورى في 21 صفر 1350هـ الموافق 7 يوليو 1931م، يتعلق بإصلاح كتاتيب البنات في منطقة الحجاز والاستزادة منها، ومعاونتها قدر الإمكان.
وقالت الدكتورة دلال الحربي في حديثها لوكالة الأنباء السعودية: إن أولويات تعليم المرأة في الكتاتيب خلال عهد الملك عبد العزيز، قسمت لقسمين:
- القسم الأول : تعليم الكبيرات مبادئ القرآن الكريم، وحفظ سوره القصيرة، وبعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تشرح أمور دينهن في حياتهن اليومية،
- القسم الثاني: يخص الصغيرات اللاتي كانت أولويات تعليمهن دراسة القرآن والسنة، ومبادئ القراءة والكتابة.
ووفقا للأستاذ المساعد في التاريخ الإسلامي الحضاري بجامعة الملك سعود الدكتورة
سعاد بنت أحمد العمري، فقد بدأت المرأة تعليمها في عهد الملك عبد العزيز في بيوت أسر خصّصت مساحة من مسكنها ليكون دارا للكتاتيب يستقبل الراغبات في تعلّم القرآن الكريم وحفظه مع تعليم مبادئ القراءة.
وأشارت إلى أنه في الحجاز كان يُطلق على صاحب الكتاتيب اسم الشيخ أو الأستاذ أو المعلم، بينما في بقية مناطق المملكة كان يطلق عليه اسم المطوع، مبينة أن عدد كتاتيب المرأة في عهد الملك عبد العزيز بلغ أكثر من 180 دارًا للكتاتيب في مختلف مناطق المملكة.
وقالت الدكتورة سعاد العمري في حديثها لـ"واس" إنه في عهد الملك عبد العزيز - تغمده الله بواسع رحمته - بلغ عدد كتاتيب المرأة في منطقة الحجاز أكثر من (70 دارا للكتاتيب) موزعة على: مكة المكرمة في أواخر القرن الـ 13 الهجري بواقع (أكثر من 45)، وفي مطلع القرن الـ 14 الهجري في كل من المدينة المنورة (أكثر من 11)، وجدة (أكثر من 21)، والوجه (كتاتيب واحدة)، وينبع (اثنتان من الكتاتيب)، بينما بلغ عددها في النصف الأول من القرن الـ 14 الهجري في الطائف (أكثر من 5 كتاتيب).
وأشارت إلى أن عدد الكتاتيب في المنطقة الوسطى بلغ أكثر من 82 دارًا للكتاتيب، موزعة على القصيم (35 في أواخر القرن الـ 13 الهجري) وفي كل من: الدرعية، والعيينة، وحريملاء (كتاتيب واحدة لكل محافظة خلال القرن الـ 13 الهجري ومطلع القرن الـ 14 الهجري)، وفي الرياض (خمسة كتاتيب في القرن الـ 14 الهجري).
وأضافت أن الكتاتيب في المجمعة وقراها بلغ عددها (9 كتاتيب في مطلع القرن الـ 14 الهجري) وفي الزلفي (7 كتاتيب في مطلع القرن الـ 14 الهجري)، وفي النصف الأول من القرن الـ 14 الهجري بلغ عددها في الخرج وقراها (أكثر من 16) وفي الحوطة (خلال النصف الثاني من القرن الـ 14 الهجري 7 كتاتيب).
أما في المنطقة الشرقية فقد بلغ عدد الكتاتيب أكثر من 16 دارا للكتاتيب، موزعة على الأحساء والهفوف (أكثر من 10 كتاتيب في أواخر القرن الـ 13 الهجري)، وأكثر من خمسة كتاتيب خلال منتصف القرن الـ 14 الهجري موزعة على: المبرز، والشماسية، والقطيف، والدمام.
وفي المنطقة الشمالية بلغ عددها (8 كتاتيب خلال النصف الثاني من القرن الـ 14 الهجري موزعة على حائل (3 كتاتيب)، وحفر الباطن (كتاتيب واحدة)، والجوف (اثنتان من الكتاتيب) والقريات (اثنتان من الكتاتيب)، في حين بلغ عددها بالمنطقة الجنوبية أكثر من 8 كتاتيب خلال النصف الثاني من القرن الـ 14 موزعة على: أبها (اثنتان من الكتاتيب) وعسير (كتاتيب القرعاوي) والباحة (عدد لم يحدد) وبيشة (اثنتان من الكتاتيب) ونجران (اثنتان من الكتاتيب) وجازان (اثنتان من الكتاتيب).
وعن الجوانب الإنسانية للملك عبد العزيز تجاه المرأة، أفادت الدكتورة دلال الحربي، أن الملك عبد العزيز -رحمه الله- تبع في عطفه على المرأة نهج الإمام محمد بن عبد العزيز بن سعود -رحمه الله- الذي أظهر في الدولة السعودية الأولى جل عنايته بالأرامل والمطلقات لعلمه بوضعهن الضعيف، فخصص لهن الأرزاق عليهن من مال الدولة ليكشف عنهن الغمة.
ولفتت النظر إلى أن الملك عبد العزيز -رحمه الله- أظهر تعاملاً راقياً مع من عاداه، ومنه أن خص نسائهم بالتقدير والاحترام، فكان يعاملهن بمثل معاملته لأسرته، فلا يمنح بناته وزوجاته منحة إلا خصّهن بها، وبعد استعادته -رحمه الله- للرياض وإعلان مبايعته أصدر أمره الكريم بأن لا يسيء رجاله إلى النساء ولو أقبلن بالشر، لأن لهن حرمات يجب أن تصان وأعراضاً يجب ألا تستباح.
وأبانت أن الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- كان في كل تحركاته العسكرية يضع النساء نصب عينيه، ويضطر في بعض الأحيان إلى تغيير خططه إذا علم أن العملية التي سيقوم بها قد تؤدي إلى إيذاء النساء، كما كان يحذر من الاعتداء على النساء ويتوعد بمعاقبة من يفعل ذلك.
ودوّن كرسي الأمير سلمان بن عبد العزيز للدراسات التاريخية والحضارية للجزيرة العربية العديد من القصص الإنسانية للملك عبد العزيز، ومنها ما قال أستاذ التاريخ في جامعة الملك سعود الدكتور عبد الله بن محمد المطوع، إنه بينما كان الملك عبد العزيز في إحدى جولاته البرية، شاهد امرأة تسوق جمالها في البرية مسافرة بمفردها، فأرسل أحد رجاله ليسألها، فقالت: إن زوجي متوفى، ومسافرة إلى الأحساء للتموّن وشراء بعض مستلزمات الحياة.
وبين الدكتور المطوّع أن الملك عبد العزيز -رحمه الله- لما علم بذلك نظر إلى رجاله وطلب ورقة، فأعطاه عقيل الخطيب ورقة وقلم، وكتب عليها الملك عبد العزيز: أعطوها ما يلزمها من الكساء، ومن الهيل والزنجبيل، قل أو كثر، ثم أعطاها المرأة وقال لها: عودي إلى الرياض وستحصلين إن شاء الله على كل ما تريدي.
وروت في السياق نفسه، الباحثة في علم التاريخ بجامعة الملك سعود فوزية بنت فهد العجمي، أن الملك عبد العزيز كان لا يتخلى عن زيارة أخته الأميرة نوره بنت عبد الرحمن مرتين في اليوم للسؤال عنها وعن أحوالها، وعند وصول الهاتف إلى الرياض أوصى -رحمه الله- المهندسون بمد أول خط هاتفي بين قصره وقصر الأميرة نوره.
مواقع النشر