مراقبون: الاقتصاد يسقط النظام السوري إذا لم تفعل الاحتجاجات
[gdwl]
تحذير من «عواقب» التراجع الحاد للسياحة في سورية
في وقت يؤكد فيه محلل اقتصادي أن العصيان المدني
«قد يشكل عنصرا حاسما» في إنهاك النظام الاقتصادي الرسمي في البلاد.[/gdwl]
حبشي الشمري من الرياض
[align=justify]يؤكد عديد من المراقبين دخول الاقتصاد السوري في ''المنطقة الرمادية'' داخل مرحلة الانكماش، في وقت يحذر فيه عديدون من ''عواقب'' التراجع الحاد للسياحة في البلاد، التي تشكل تقريبا 23 في المائة من إجمالي إيرادات الحكومة السورية من النقد الأجنبي.
وهنا يلفت الدكتور إبراهيم الدوسري ـ محلل اقتصادي ـ إلى أن العصيان المدني ''قد يشكل عنصرا حاسما'' في إنهاك النظام الاقتصادي الرسمي في سورية، مشيرا إلى أن ''عدم دفع الفواتير في الخدمات العامة سيعجل بانهيار الدولة''، مثل فواتير الكهرباء والهاتف.
ويشير إلى أن المظاهرات أثرت بشكل جلي في الاقتصاد، ''ها هي الليرة فقدت 15 في المائة من قيمتها مقابل الدولار في أبريل.. إننا نتوقع مزيدا من الانخفاض حدث بعد ذلك''، لافتا إلى أن ذلك ''سيرفع الأسعار على المواطن، ما يجعل توسع المظاهرات أمرا مؤكدا''.
ويزيد الدوسري أن الاقتصاد السوري تأثر بعزوف عديد من الاستثمارات الأجنبية عن المشاركة في المشاريع الاقتصادية داخل البلاد وتوقف مشاريع أخرى. ويذهب المحلل الاقتصادي إلى أن الاحتياطي من النقدي الأجنبي في البنك المركزي السوري ''لا يفي بمتطلبات سورية أكثر من ستة أشهر''، وهو لا يستبعد أن ''ينهار النظام الاقتصادي السوري في حال عدم تلقي دمشق مساعدات خارجية''. ويضيف أنه ''إذا استمرت العقوبات الدولية (على سورية) فإن ذلك قد يخفض نسبة النمو إلى 2 في المائة أو حتى 1 في المائة، في ظل احتياطي النقدي بحدود 17 مليار دولار، و''هذا سيجعل الحكومة السورية تضطر للسحب من الاحتياطي النقدي''.
ومما يزيد من التحديات التي يواجهها النظام السوري الحالي أن ''الاقتصاد السوري قائم على الإشراف المباشر من الدولة على عديد من القطاعات، وإن كانت بعضها مشتركة مع القطاع الخاص''.
وهنا يلفت المحلل الاقتصادي إلى أن المشكلة الرئيسية تأتي من قطاع السياحة الذي يشكل رافدا رئيسا من إيرادات الدولة، والقطاع النفطي الذي ''قد يتأثر من فرض العقوبات من جهة، واحتياج النظام لمزيد من الإنفاق على المؤسسات العسكرية لمواجهة الاحتجاجات الشعبية التي تعم أعدادا كبيرة من المدن في سورية.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ نسبة النمو في سورية نحو 3 في المائة 2011، بعد أن سجلت 5.5 في المائة في 2010. وهذا مؤشر في رأي الخبراء على أن الاقتصاد الذي تشرف عليه الدولة إلى حد بعيد، تلقى صفعة قوية ولو أنها غير مرئية تماما بالنسبة إلى العالم الخارجي.
ويبدو القطاع السياحي بوضوح الأكثر تأثرا بالأزمة الحالية، لا سيما بعد أن شهدت السنوات الماضية تدفقا للسياح إلى شوارع دمشق وحلب وغيرها من المدن.وتؤمن السياحة نسبة 12 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، وبلغ حجم العائدات من السياحة 6,5 مليار دولار في 2010. وتعمل نسبة 11 في المائة من اليد العاملة في سورية في قطاع السياحة وتصل البطالة، بحسب الأرقام الرسمية، إلى 8 في المائة، إلا أن محللين مستقلين يقدرون النسبة بأكثر من ذلك.
وبدا أن ذلك يشكل طوقا خانقا على النظام السوري، وهو ما تجلى في خطاب الرئيس السوري بشار الأسد الذي دعا في خطابه الأخير الذي ألقاه قبل أسبوعين أمام السوريين للمساعدة في استعادة الثقة باقتصادهم، منوها بالأشخاص الذين ساهموا ماديا في دعم العملة المحلية/ الليرة، التي فقدت 15 في المائة من قيمتها مقابل الدولار في أبريل (نيسان) الماضي.
وحذر الأسد حينها من أن ''أخطر شيء نواجهه في المرحلة المقبلة هو ضعف أو انهيار الاقتصاد السوري''.
ويؤكد عديد من العاملين في القطاع السياحي أن أحد أكبر القطاعات التي تورد عملات أجنبية إلى البلاد، شهد تراجعا حادا في ظل إلغاء عديد من وكالات الأسفار الأجنبية برامجها السياحية إلى البلد المضطرب، في وقت تراجع فيه حجم الاستثمار الأجنبي بفعل إلغاء بعض المشروعات.
وسبق أن أكد محمد نضال الشعار وزير الاقتصاد والتجارة السوري، أن بلاده دخلت مرحلة إصلاح اقتصادي وسياسي، استجابة لمطالبة المواطنين، وقال الشعار، في تصريحات نشرتها صحيفة ''تشرين'' السورية، في حينه: إن الحكومة استجابت بشكل فاعل لمطالب المواطنين، ولكن أحيانا تكون التوقعات أكثر مما يقدم''. وأضاف أن هناك أزمة يجب أن تعبرها سورية قبل التمكن من رؤية حلول، وخاصة في الاقتصاد، حيث ينبغي اتخاذ قرارات ورؤية نتائج هذه القرارات، ونقلت الصحيفة عن الشعار قوله: إن العمل الفعلي قائم ونجد العديد من الإيجابيات عندما ننظر إلى الاقتصاد، ونحن نسعى لتحسين أدائنا، وسنقوم بما هو ضروري للوصول إلى أهدافنا.
وأوضح الوزير السوري أن المواطنين يقومون بأعمالهم والمعامل مفتوحة، ولذلك يجب تحفيز الاقتصاد، ونحن لا ننكر حدوث تراجع، ولكن هذا التراجع لا يتعلق بما نمر به فحسب، بل هناك الأزمة الاقتصادية العالمية التي جاءت قبل هذه الأحداث.
ورأى الشعار أن سورية بلد غني جدا، والحكومة تحاول إعادة تعبئة الموارد وتحفيزها لخدمة الاقتصاد، لافتا إلى تقديم محفزات شاملة للاستثمار، وردا على سؤال حول التعاون مع أوروبا، قال الشعار: إن سورية تفرق بين السياسة الأوروبية والشعب الأوروبي، معتبرا أن السياسة تحتمل الاتفاق والاختلاف وهذا أمر طبيعي، أما فيما يتعلق بالشعب الأوروبي، فهناك تاريخ وعلاقات وحضارة وقيم وثقافة مشتركة مع الشعب السوري، ولا يمكن إنكار هذا الأمر الذي له انعكاسات في العديد من المجالات، ومنها الجانب الاقتصادي، موضحا أهمية استمرار التعاون مع المجتمع الأوروبي.
لكن مراقبين عديدين ما زالوا يشككون بقدرة السلطات السورية في الوقت الحالي على فعل ما يمكن لإنقاذ البلاد من الوضع الاقتصادي المتردي.[/align]
مواقع النشر