محمد هاني - العربية : عادت من جديد موجة الحديث عن فرض رسوم على الأراضي البيضاء في السعودية تظهر بقوة، وهذه المرة مدعومة بتسريبات من وزارة الإسكان تتحدث عن قرب صدور قرار من مجلس الوزراء بذلك، والإسراع في تنفيذه من قبل الجهات المعنية، وربطه بحل مشكلة الإسكان في البلاد التي بلغت حدا جعلت من الوزير الجديد لأحدث وزارة في السعودية يشتكي منه.
وذكرت مصادر لـ"العربية.نت" أن مسؤولين كبار في الدولة أصبحوا مقتنعين بأن فرض رسوم على الأراضي البيضاء سيسهم بشكل كبير جدا في حل مشكلة الإسكان وتوفر الأراضي السكنية لقطاع كبير من المواطنين العاجزين عن شراء الأراضي بسبب ارتفاع أسعارها، وسينهي موجة النقد الكبيرة الموجه إلى عدد من الوزارات بسبب عدم حصول أكثر من 60 بالمئة من السعوديين على مساكن.
وقال اقتصاديون لـ"العربية.نت" أن الحديث عن هذا الأمر لا يفضله الكثير من العقاريين أو ملاك مساحات شاسعة من الأراضي، مشيرين إلى أن هذا الموضوع عندما يطرح في الإعلام المحلي سرعان ما يتم مهاجمته، وإغلاقه، بغية منهم عدم طرحه كأحد العلاجات لمشاكل الإسكان في البلاد.
من جانبه قال الدكتور محمد الزهراني أن موضوع فرض رسوم على الأراضي الفضاء طرح منذ سنوات، إلا أنه كان يواجه بالرفض من الكثيرين الذين كانت لهم مصالح في الأمر، ويتم إغلاقه أو السكوت عنه، كما أنه سيكشف بطريقة غير مباشرة حجم الأراضي التي يسيطر عليها بعض النافذين والعقاريين، وسيكون أمامهم أسئلة كبيرة أهونها المطالبة بالرسوم المقررة.
وأضاف أن مشكلة الإسكان في السعودية ترتكز في أمرين الأول هو الأرض، والآخر هو تمويل البناء، وللأسف إنصرفت الدولة خلال العشرين سنة الماضية في حل مشكلة تمويل البناء، وأهملت الأراضي، إلى أن أفاقت على مشكلة لا تعرف كيف تحلها الآن، وكيف تتصرف مع غول الجشع الذي أصبح يرى في الأراضي منجم ذهب لا يحاسبه عليه أحد.
وأبان أن الوصول إلى حل لمشكلة الأراضي سيعني قدرة الحكومة على تجاوز مشكلة أصبحت تؤرق الدولة، خاصة انها ترى أن اكثر من 60 بالمئة من المواطنين لا يمتلكون منازل، وأن قطاع الشباب الذي يمثل غالبية الشباب غير قادر على حل هذه المشكلة، والذي يعاني من البطالة وانخفاض في الرواتب، حيث كان معظم المسؤولين ورجال الأعمال يطالبونهم بالقناعة والقبول بالراتب القليل في سبيل الحصول على دخل مستمر.
ويرى الدكتور محمد القحطاني أستاذ في جامعة الملك سعود أن حلول مشكلة الإسكان في السعودية ليست مستعصية، ولكنها صعبة، وتحتاج قرارات جريئة من الحكومة، مشيرا إلى أن مكة المكرمة كانت تعاني من مشكلة عدم توفر أراضي لكثير من الخدمات والمشاريع البنية التحتية والتي منها القطار، ولكن لما توفرت الإرادة لحل هذه المشكلة تدخلت الحكومة وأوجد حلول لها، وأعتقد أن هذا القرار سيخدم مكة لخمسين سنة مقبلة.
وأضاف أن باستطاعة الحكومة حل مشكلة الأراضي في السعودية، بالكثير من الإجراءات وأقل كلفة من حلول التي طبقت في مكة المكرمة، بل أنها سوف تكسب الكثير منها من خلال وفورات الأراضي التي ستحصل عليها مختلف وزارات الخدمات في المخططات الجديدة خصوصا التعليم والصحة، اللذين بحاجة ماسة لأراضي يقيمان عليها منشآتهما.
وأكد القحطاني أن فرض رسوم على الأراضي الفضاء سيشكل دخل للدولة يمكنها من الصرف على مشاريع الإسكان، خاصة أن بعض الاقتصاديين توقع أن يصل العائد من هذه الرسوم 200 مليار ريال. وهو رقم كبير جدا.
يذكر أن الكاتب محمد العمران نشر مقالة في عدد من المواقع على الإنترنت ذكر فيها أنه في حال فرض هذه الرسوم على الأراضي البيضاء فإن هذا سيؤدي وبلا شك إلى انخفاض أسعارها (وليس رفعها كما توقع الإخوة)، وربما يكون الانخفاض بشكل كبير لن يتوقعه أحد.
وأضاف "لو افترضنا تطبيق هذه الرسوم على أساس 1 في المائة فقط، فهذا يعني أن العقاريين الذين يملكون الأراضي البيضاء في مدينة الرياض سيتوجب عليهم جميعا دفع رسوم سنوية تقدر بنحو 40 مليار ريال على أقل تقدير، وإذا توسعنا بالتحليل ليشمل بقية مناطق المملكة فإن العقاريين سيتوجب عليهم جميعا سداد رسوم سنوية تقدر بنحو 200 مليار ريال على أقل تقدير. هنا يجب أن نتساءل: لو افترضنا أن جميع العقاريين وافقوا على سداد الرسوم، هل يملكون في الأساس سيولة نقدية تكفي للسداد كل عام؟".
تزايد القناعات بضرورة تطبيقها لحل مشكلة الإسكان
مواقع النشر