الرياض - واس : تُعد المملكة العربية السعودية إحدى الدول التي تتّسم بارتفاع معدلات النمو السكاني، حيث سجلت مؤشراتها السكانية خلال السنوات الماضية، نمواً سنوياً مطّرداً بلغ 2.7 بالمئة، ووصل إجمالي عدد السكان إلى نحو 30 ثلاثين مليون نسمة.
وتشير التقديرات إلى استمرار هذا النمو السكاني خلال العقد القادم، يدعمه في ذلك استمرار التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.
وأسهم النمو السكاني، وعوامل أخرى، كالطبيعة الجغرافية، وتباعد التجمعات السكانية في المملكة، في زيادة الطلب على وسائل النقل بشكلٍ عام، والنقل البري بشكلٍ خاص. حيث يصل إجمالي الطرق القائمة، والجاري تنفيذها، إلى أكثر من 80 ألف كيلو متر، وحجم أسطول المركبات إلى نحو 12,000,000 مركبة.
كما يعد محور النقل في المملكة العربية السعودية أحد ثلاثة محاور يعمل على تنفيذها البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة. ضمن منهجية احترافية تعتمد على التشاور مع الجهات ذات العلاقة لصياغة توجهات قابلة للتطبيق بفعالية. حيث قام فريق العمل الفني بالبرنامج بدراسة واقع المملكة والتجارب الدولية الرائدة لصياغة خارطة طريق واضحة المعالم نحو ترشيد استهلاك الوقود في المركبات الخفيفة.
كما اعتمد مجلس إدارة الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة خلال العام الحالي 2014م اللائحة الفنية لبطاقة اقتصاد وقود المركبات، واللائحة الفنية لمتطلبات مقاومة الدوران والتماسك على الأسطح الرطبة. ووقع مذكرات التفاهم الفنية مع الشركات الصانعة لتطبيق المعيار السعودي لاقتصاد الوقود للمركبات الخفيفة، الذي سيتم اعتماده من مجلس إدارة الهيئة في شهر يناير من عام 2015م - بإذن الله - بعد انتهاء فترة الإخطار.
ويعد المعيار أول معيار يتم اعتماده وطنيا على مستوى دول الخليج ودول العالم العربي. كما أنه يشمل معيار اقتصاد الوقود للمركبات المستعملة الذي يعد الأول من نوعه عالميا.
وتعمل الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة على استكمال بنيتها التحتية الفنية والتقنية لاستكمال متطلبات الرقابة على التقيد بتطبيق المعيار، وجار التنسيق مع برنامج كفاءة الطاقة على إعداد كراسة الشروط والمواصفات الخاصة بمختبر اقتصاد الوقود الذي نتوقع طرحه مطلع العام القادم بإذن الله. كما يجري الإعداد لاستكمال تطوير البرامج التقنية الخاصة بمشاركة البيانات مع المصنعين حيث من المفترض على كل شركة صانعة تزويد الهيئة بخطة المبيعات السنوية، مراجعة الخطة خلال منتصف العام، و تقرير المبيعات الفعلية نهاية كل عام، ومن المفترض تقديم الحزمة الأولى من هذه البيانات شهر سبتمبر من عام 2015 م.
وتُشير الإحصاءات الرسمية إلى أن المركبات الخفيفة تمثل (82%) من إجمالي حجم أسطول المركبات في المملكة، منها (2.2) مليون مركبة تجاوز عمرها الزمني 20 عشرين عاماً. فيما يبلغ معدل الاستهلاك اليومي لهذا الأسطول من البنزين والديزل نحو 811,000 برميل، ما أسهم بشكل رئيس في بلوغ معدل استهلاك قطاع النقل نحو 23% من الاستهلاك الإجمالي للطاقة في المملكة.
وتوقعت الإحصاءات الرسمية استمرار نمو أسطول المركبات للأعوام القادمة، ليصل بحلول عام 2030م إلى أكثر من 26 مليون مركبة، وارتفاع معدل استهلاكها اليومي من البنزين والديزل إلى نحو 1,860,000 برميل، وذلك في حال عدم اتخاذ إجراءات عملية لرفع كفاءة استهلاك الطاقة والحد من الهدر غير المبرر.
وعمل البرنامج السعودي لكفاءة الطاقة، المنبثق من المركز السعودي لكفاءة الطاقة، بالتعاون مع كافة الجهات المعنية في المملكة على تحديد أسباب تدني مستوى كفاءة استهلاك الطاقة في قطاع النقل البري، وتوصّل إلى أنّ تدني معدل اقتصاد وقود المركبات هو السبب الرئيس لذلك. حيث يقارب معدل اقتصاد وقود المركبات في المملكة نحو 12 كيلو متراً لكل لتر وقود، مقارنةً بنحو 13 كيلو متراً لكل لتر وقود في الولايات المتحدة الأمريكية، و 15 كيلو متراً لكل لتر وقود في الصين، و18 كيلو متراً لكل لتر وقود في أوروبا.
كما قام الفريق المختص في البرنامج، المكوّن من وزارات البترول والثروة المعدنية، والتجارة والصناعة، والنقل، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، ومصلحة الجمارك العامة، والإدارة العامة للمرور، والمركز السعودي لكفاءة الطاقة، وشركة أرامكو السعودية، بالعمل منذ عامين مع جهات استشارية دولية، حكومية وغير حكومية، لإعداد برامج فرعية لتحسين اقتصاد الوقود في المركبات القائمة والمستوردة، سواءً الخفيفة منها أو الثقيلة.
يذكر أن البرامج الفرعية التي تم تنفيذها لتحسين اقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة المستوردة
شملت ما يلي:
· إصدار بطاقة اقتصاد وقود المركبات في ديسمبر 2013م، وتطبيق مرحلتها الأولى في أغسطس 2014م، ومرحلتها الثانية في يناير 2015م.
· إصدار مواصفة قياسية لمتطلبات مقاومة الدوران، والتماسك على الأسطح الرطبة، للإطارات في أبريل 2014م، وتطبيق مرحلتها الأولى في نوفمبر 2015م، ومرحلتها الثانية في نوفمبر 2019م.
· توقيع مذكرات التفاهم مع شركات صناعة السيارات العالمية لإصدار "المعيار السعودي لاقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة"، تمهيداً لإصداره واعتماده من مجلس إدارة الهيئة، وتطبيق مرحلته الأولى على جميع المركبات الخفيفة المستوردة، بدءاً من يناير 2016م بإذن الله تعالى.
ويهدف المعيار السعودي لاقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة إلى تحسين معدل اقتصاد وقود المركبات في المملكة بنحو 4% سنوياً، لنقله من مستواه الحالي عند نحو 12 كيلو متراً لكل لتر وقود، إلى مستوى يتخطى 19 كيلو متراً لكل لتر وقود، بحلول عام 2025م، بإذن الله تعالى.
وروعي عند بدء العمل على إعداد المعيار في يوليو 2012م طبيعة العرض والطلب على المركبات في المملكة، والتواصل المستمر مع شركات صناعة السيارات العالمية عبر تقديم تقارير اقتصاد وقود مركباتهم، والأخذ بملاحظاتهم واقتراحاتهم، بشأن تحقق التحسين المستمر في مستوى المعيار، مع المحافظة على الحياد التقني، والمنافسة العادلة، وتنوّع خيارات المركبات المتاحة للمستهلكين.
وأسفرت عملية إعداد المعيار عن موافقة والتزام 78 شركة تمثّل مصدر أكثر من 99,95% من مبيعات المركبات في المملكة بتطبيق المعيار السعودي لاقتصاد الوقود في المركبات الخفيفة.
وللتأكد من تطبيق المعيار، فقد تم إعداد منظومة عمل من أربع جهات حكومية لتتولى مهام مراقبة تطبيق المعيار، والتزام شركات صناعة السيارات العالمية بمتطلبات المعيار، ومتابعة تحسين معدل اقتصاد وقود المركبات في المملكة. وتشمل هذه الجهات كلاً من وزارة التجارة والصناعة، والهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، ومصلحة الجمارك العامة، والمركز السعودي لكفاءة الطاقة.
كما يجري العمل الآن على إعداد برامج فرعية أخرى لتحسين اقتصاد الوقود في المركبات وفقاً للآتي:
· تحسين اقتصاد الوقود في السيارات القائمة عبر إعداد برنامج التقاعد للسيارات القديمة، وتعزيز دور الفحص الفني الدوري للسيارات، ومراجعة أنظمة رخص السير والقيادة لغير السعوديين.
· تحسين اقتصاد الوقود في الشاحنات والحافلات المستوردة، وذلك بإعداد مواصفة قياسية لمصدات الهواء.
· تحديد الخطوات اللازمة لزيادة استخدام المركبات العاملة بالديزل النظيف، نظراً لتفوق كفاءتها على كفاءة مثيلاتها العاملة بالبنزين.
وعند اكتمال تطبيق كافة البرامج في قطاع النقل البري، يمكن تحقيق وفر يصل إلى 300,000 برميل يومياً من البنزين والديزل بحلول عام 2030م، بإذن الله تعالى، دون الأخذ في الاعتبار المساهمة المتوقعة لنشاط النقل العام بين مدن المملكة وداخلها في هذا الوفر.
مواقع النشر