السويداء - سانا -
سوريا - عمر الطويل : يشكل المعرض الدائم للتراث الشعبي ضمن المركز الثقافي العربي بمدينة شهبا فسحة جميلة للتمتع بموروث الأجداد وإبراز العديد من المقتنيات المرتبطة بمعيشتهم بما يحفظها في ذاكرة الأجيال مؤسساً بذلك جسر تواصل هام بين الماضي والحاضر.
632983_199623.jpg
وانطلاقاً من مقولة إن وجود القطعة التراثية في بيتك هي ملك لك لكن وجودها في مركز ثقافي تجعلها ملكا للجميع يشير منير بو زين الدين مدير المركز الثقافي في شهبا إلى أهمية قرار وزارة الثقافة الصادر في شهر آب عام 2008 والقاضي بافتتاح مكان لعرض المقتنيات التراثية في المركز بهدف الحفاظ على التراث.
وبين بو زين الدين أنه جرى تفعيل القرار فوراً وباشر كادر مؤلف من ثلاثة موظفين بجمع التراث من أهالي منطقة شهبا الذين استجابوا للفكرة موضحاً أنه نتيجة الإمكانيات المتواضعة وضعت القطع المجموعة بدايةً في غرفة صغيرة لكن إقبال الناس على تقديم القطع التراثية حفز أكثر على العمل فيما بعد وتم افتتاح معرض دائم للتراث ضمن قاعة كبيرة جهزت وفق الإمكانيات المتاحة.
632983_199624.jpg
ويحوي المعرض أكثر من 400 قطعة تراثية موثقة باستمارات رسمية من مديرية التراث في وزارة الثقافة ومنها أدوات للمعيشة والصندوق الخشبي المصدف ويعادل الخزانة في وقتنا الراهن واللباس الشائع ذلك الوقت وأدوات الطعام مثل صاج الخبز العربي والأدوات المرتبطة بالمكاييل الصاع الثمنية المد وأدوات الزراعة المحراث أدوات الحصاد ووسائل وضع المواد المخزنة البيطس الذي يخزن فيه السمن والدبس والزيت بالإضافة إلى الخابية التي تعادل البراد هذه الأيام لوضع ماء الشرب.
ويشير مدير ثقافي شهبا إلى أنه في العام 2010 تمت الاستفادة من معرض التراث والفنون الذي أقامته جمعية العاديات بالتعاون مع ثقافي شهبا لتوسيع المعرض بافتتاح المضافة العربية التي تحاكي كثيراً من المضافات الموجودة في منازل أهالي المنطقة لما لتاريخ المضافة من دور في حياة سكانها كونها كانت تمثل المكان الوحيد للاجتماعات التي يتقرر فيها الكثير من شؤونهم ناهيك عن دورها التعليمي حيث يجمع شيخ الكتاب الطلاب في المضافة لتعليمهم القراءة والكتابة.
وتضم هذه المضافة وسائل الإنارة القديمة الكاز- السراج- اللوكس وعدة تجهيز القهوة المرة- المحماس- المهباج- ودلال القهوة حيث يتجاوز عمر المهباج الموجود في قاعة التراث 150 سنة إضافة إلى وسائل التسلية القديمة الربابة التي كانت السلوى الوحيدة في الأمسيات بذلك الوقت حيث لا وجود للاختراعات الحديثة كذلك تضم وسيلة التدفئة الوحيدة في حينها ويطلق عليها اسم بابور الجلي والجلي هي فضلات الحيوانات تجفف في فصل الصيف لتستخدم في التدفئة شتاء.
كما يوجد في المعرض الصناعات اليدوية التي كانت تمتهنها النساء المغزل وتستخرج منها خيوط الصوف وأطباق القش المصنوعة من عيدان نبتة القمح والتي تصبغ بألوان متعددة وزاهية.
ولفت الدكتور ثائر زين الدين مدير الثقافة في محافظة السويداء إلى أهمية هذا المعرض الذي يعتبر الأول من نوعه على مستوى المراكز الثقافية في سورية مبيناً أنه جاء على صعيد جمع التراث المادي بجهود فردية تسجل لإدارة المركز كون المديرية لا تملك موازنة خاصة بمثل هذا المشروع حيث كانت القطع المجموعة فيه عبارة عن هدايا من أصحابها داعياً الى ضرورة تخصيص موازنة كافية في المستقبل لمديريات الثقافة لتتمكن من إحداث مثل هذه المعارض صوناً للتراث من الاندثار.
632983_199625.jpg
وقال فوزات حديفة أحد العاملين المساهمين بتأسيس المعرض انه بذل جهداً كبيراً في جمع القطع التراثية حيث تمكن خلال الشهر الأول لبدء العمل من الحصول على 200 قطعة نتيجة تعاون الأهالي الذين قدموها مجاناً إيماناً منهم بأهمية الحفاظ على التراث ما فتح المجال وحفز الكثيرين فيما بعد لتزويد المركز بالمقتنيات التراثية التي يملكونها.
وأشار حديفة إلى ضرورة المحافظة على القطع الموجودة من التلف وترميم الصندوق المطعم غالي الثمن والإشارة إلى أسماء كل الأشخاص الذين أسهموا بتزويد المعرض بالمقتنيات التراثية.
وأوضح إبراهيم أبو كرم رئيس لجنة شهبا لجمعية العاديات أن إقامة هذا المعرض تشكل خطوة غير مسبوقة على مستوى المحافظة وربما في سورية مبيناً أن الجمعية تشجع هذه المسألة لأهميتها في ربط الماضي بالحاضر وعصرنة العادات لتوافق التطور التقني الموجود.
وأضاف أبو كرم ان المعروضات الموجودة في معرض التراث الشعبي في ثقافي شهبا تحمل الكثير من الدلالات والقيم التي يتوجب نقلها للوقت الحاضر مشجعاً المواطنين على المشاركة في دعم المعرض كونه يحفظ القطع التراثية لتبقى حاضرة على مر السنين.
وأبدى المهندس سامي باكير إعجابه بالمعرض مبيناً أنه يعبر عن تقاليد وعادات أهل الجبل ويحتوي على قطع قديمة جداً وبعضها مازال مستعملاً في وقتنا الحالي بما يدل على أصالتها شاكراً كل القائمين على تنفيذه كونه يحمل الكثير من المعاني والدلالات.
مواقع النشر