اريخ العملات السعودية
اخواني الاعزاء ساقوم بشرح لتاريخ العملات السعودية مقسم على النحو التالي:
1 - المحاولة الأولى لإصدار عملة ورقية
2- تطور النظام النقدي في المملكة العربية السعودية
3 – التطور في عهد جلالةالملك سعود بن عبد العزيز
4 – التطور في عهد جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز
5 – التطور في عهد جلالة الملك خالد بن عبد العزيز
6 – التطور في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز
7 – الميدليات التذكارية
8 – اصدار المئوية بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس المملكة العربية السعودية
المحاولة الأولى لإصدار عملة ورقية:
كان المجتمع السعودي معتاداً على تداول العملات المعدنية (الذهب والفضة) ب وكان يشك في نجاعة العملة الورقية . وليس ذلك صعب الفهم والإدراك ، لأن فترات عدم الاستقرار تجعل المعادن الثمينة ملاذاً للناس ، لحفظ مدخراتهم ودخولهم من التآكل ، بل ويمكن استخدامها في أي مكان من العالم .
ولكن ترسيخ الأمن والاستقرار في المملكة الفتية ، وما نتج عن ذلك من تزايد حجم العماملات المالية والتجارية ، زيادة عدد الحجاج الذين يفدون إلى المملكة من الخارج ، جعل العملات المعدنية غير مواكبة لتطلعات الناس .
كما أن العملات المعنية ثقيلة الوزن ، وصعبة النقل خاصة على الحاج الوافدين من دول بعيدة ، وكذلك على التجار ، والجهات الحكومية والشركات الكبيرة ذات الأعمال المنتشرة في أماكن مختلفة من المملكة .
قامت مؤسسة النقد العربي السعودي في أول سنة من عمرها 1372هـ (1953م) بتجربة إصدار ما يشبه العملة الورقية ، لسبر غور قبول الناس لها ، وهي ما سميت بإيصالات الحجاج ، حيث يستطيع الحاج شراءها من الصيارفة عند وصوله إلى المملكة . وقد صدرت في البداية بفئة العشرة ريالات ، ثم أعيد إصدار تلك الفئة إصافة إلى فئتين جديدتين من فئة الريال الواحد والخمس ريالات .
لقد كان نجاح التجربة باهراً ، حيث كان الطلب عليها كبيراً ، مما اضطر المؤسسة إلى زيادة الكمية المصدرة ، حتى بلغت ثلاثة وتسعين مليون ريال في عام 1373م . والظاهرة الأهم هي أن المواطنين والحجاج لم يستبدلوا تلك الايصالات بالعملة المعدنية ، بل استمروا في استخدامها للتداول . والدليل على ذلك أنه لم يعد إلى المؤسسة مما أصدر في عام 1372هـ من الايصالات إلا نحو الخمس .
واستنتجت الدولة ممثلة بمؤسسة النقد العربي السعودي ، أن المواطنين والحجاج راغبون في استبدال العملات المعدنية بعملة ورقية ، وهو تطور مهم يعبر عن الثقة القوية بحكومة الدولة الفتية وقدرتها على حماية عملتها الورقية ، وهو أمر أصعب بكثير من حماية العملة المعدنية ذات القيمة الذاتية .
[
تطور النظام النقدي بالمملكة
تطور النظام النقدي بالمملكة العربية السعودية بشكل تدريجي ، منذ بروزالكيان السياسي السعودي عام 1343/1344هـ (1925/1926م) ثم التوحيد الشامل للبلاد ، تحت اسم المملكة العربية السعودية عام 1351هـ (1932م) . فقد كان النظام النقدي يعتمد على تداول نقود معدنية ، ترتبط قيمها بوصفها وسائط للدفع مع قيمها الجوهرية بوصفها سلعاً (العملات الفضية والذهبية العالية النقاوة) وبالتالي كانت تتعرض لتقلبات واسعة في سعرها ، عند اختلاف هذه القيم تجاه بعضها بعضاً مما أدى إلى ظهور الحاجة إلى وجود نظام حديث ، يعتمد على إصدار العملة الورقية الرسمية ذات الإبراء القانوني الكامل عام 1380هـ (1906م) ثم تطوره فيما بعد ، مع زيادة الوعي المصرفي ، إلى أن بلغ مستوى حديثاً يشمل أحدث النظم الآلية للمدفوعات ( المدفوعات البنكية الالكترونية) . وقد شهد اقتصاد البلاد خلال هذه الفترة تحولاً كبيراً ارتبط بشكل وثيق باكتشاف النفظ عام 1357هـ (1938م) وتصديره بكميات تجارية منذ عام 1364هـ (1945م) لمواجهة التوسع الاقتصادي العالمي ، وإعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية . وبفضل هذا الحدث البالغ الأهمية في تاريخ البلاد تغير الاقتصاد من مرحلة العوز والفاقة إلى أحد الاقتصادات المزدهرة الحديثة والموثرة في مسار الاقتصاد العالمي . ولم يكن هذا التحول سهلاً ، ولا خالياً من المتاعب . فقد أدى الارتفاع المتواصل في إنتاج النفط إلى زيادة كبيرة في دخل البلاد من النقد الأجنبي غير أنه لم تتوافر للبلاد آنذاك المؤسسات المالية ، القادرة على إدارة إيرادات الحكومة ومصروفاتها المتنامية ، وتلبية احتياجات الحكومة والجمهور من النقد المحلي والأجنبي ، والمحافظة على سعر مستقر للعملة المتداولة . وقد زاد من حدة المشكلات في السبعينيات الهجرية (أوائل الخمسينيات الميلادية) التوسع الكبير في الإنفاق الحكومي ، والتقلبات في الأسعار العالمية لمعدني الذهب والفضة ، التي أثرت بدورها في كمية وقيمة النقد المتداول من الريال الفضي السعودي ، والعملات الذهبية الأجنبية المستخدمة في التعامل .
الارهاصات الأولية لنظام النقد السعودي
اتبعت المملكة في بداية عهدها نظاماً نقديا ، يستند إلى نظام المعدنين الذهب والفضة ، حيث يجري تداول العملات الفضية والذهبية جنباً إلى جنب . ويعد نظام النقد الحجازي النجدي الصادر بالأمر السامي المنشور في جريدة أم القرى بالعدد 160 وتاريخ 13/7/1346هـ (6/1/1928م) أول نظام للنقد السعودي . ومن أبرز ملامحة الآتي :
1- إلغاء التعامل بالريالات العثمانية وفئاتها ، وتحل محلها الريالات العربية وفئاتها ، ابتداء من غرة شعبان 1346هـ (23 يناير 1928م) .
2- يساوي الريال العربي وفئاته (نصف الريال وربع الريال) الريال العثماني وفئاته ، من حيث الحجم والوزن ، وعيار الفضة (وزن الريال العثماني 24.055 غراماص من الفضة نقاوة 0.833) .
3- اعتماد الجنيه الإنجليزي الذهب معياراً لقياس الريال الفضي العربي وتحديد سعره بـ 10 ريالات عربية .
4- حددت أجزاء الريال العربي بـ 11 قرشاً أميرياً أي 22 قرشاً دارجاً وفقاً لتحديد أجزاءالجنيه الذهب بـ 110 قروش أميرية أي 220 قرشاً دارجا .
وبصدور هذا النظام ، أصبحت المعاملات الاعتيادية تتم بالريال الفضي العربي ، الذي حل محل الريال العثماني (المجيدي) الذي كان استخدامه شائعاً قبل ذلك . واستمر التعامل بالعملات الأجنبية الذهبية ، وخاصة الجنيه الذهبي الإنجليزي للمدفوعات الكبيرة . وبعد توحيد البلاد عام 1351هـ (1932م) ضربت ريالات فضية جديدة ، تحمل اسم المملكة العربية السعودية ، طرحت للتداول عام 1354هـ (1935م) بوزن أقل ونقاوة أعلى وفقاً لمواصفات الروبية الهندية (11.6638 غراماً ونقاوة 0.916) لسهولة سكها وتداولها ، التي كانت ترد إلى المملكة بكثرة في موسم الحج . واستمر التعامل بشكل رئيسي بالريال الفضي السعودي ، والمسكوكات المعدنية من النحاس والنيكل للقرش وأجزائه لفترة تقارب ربع قرن من الزمن .
فترة عدم الاستقرار النقدي 1346-1370هـ (1938-1951م) .
لم تتمكن المملكة خلال هذه الفترة من المحافظة على قيمة ثابتة للريال السعودي الفضي ، الذي شكل العمود الفقري لعملتها الوطنية ، أو أسعار صرف مستقرة للريال مقابل الجنيه الإنجليزي الذهبي ، الشائع تداوله في ذلك الوقت ، لظروف خارجة عن إرادتها ، فقد شهد العقد الثالث من القرن العشرين تقلبات واسعة ، وتحولات كبيرة عصفت بالاستقرار الذي وفره نظام قاعدة الذهب لاسعار الصرف العالمية ، نتيجة للسياسات المالية التوسعية ، والتخفيضات المتتالية للعملات الأوروبية ، التي أعقبت الحرب العالمية الأولى . وقد بلغت الأزمة ذروتها بحدوث الكساد العالمي الكبير 1347-1350هـ (1929-1932م) الذي أدى إلى انهيار اسعار الفضة ، أعقبه تخلي بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية ، وهما دولتا الاحتياطي العالمي الرئيسيتين ، عن قاعدة الذهب في عامي 1349-1352هـ (1931-1933م) على التوالي وارتفاع أسعار الذهب تبعا لذلك . وتحت وطأة هذه الظروف ، لم يعد بالإمكان الالتزام بقيمة التعادل المحددة بين الريال السعودي ، والجنيه الذهب الإنجليزي (10إلى1) بموجب نظام النقد السابق ذكره .
وقد تكالبت عدة عوامل دولية ومحلية في حدوث الاضطراب ، وعدم الاستقرار في نظام النقد السعودي المشار إليه سابقاً . فقد أدى عدم انتظام المعروض من العملات الذهبية والفضية ، وخاصة الجنيه الإنجليزي الذهب ، الذي كان يعد معيار القيمة ، إلى حدوث تقلبات واسعة في أسعار الصرف بين الجنيه والريال السعودي ، لا تتناسب مع قيمة محتواهما من الذهب والفضة في أسواق المعادن العالمية . وارتبط ذلك الوضع بالمصاعب والضغوط الكبيرة ، التي أحدثتها الحرب العالمية الثانية ، وقبلها الكساد الكبير على موارد البلاد من السلع والخدمات ، وخاصة تحويلات الحجاج التي شكلت مصدراً لحصيلة البلاد من الجنيهات الذهبية الأجنبية . ونظراً لعدم وجود سلطة نقدية مركزية ، تنظم إصدارات البلاد من الريال الذي كان يسك في الخارج ، ويرد على دفعات غير منتظمة ، وعدم توفر شبكة مصرفية متطورة تلبي المدفوعات المرتبطة بمتطلبات الحكومة والقطاع الأهلي ، تعرض سعر صرف الريال إلى فوارق كبيرة ، لا تتلاءم مع قيمة محتواه من الفضة في السوق العالمية ، مما ساهم في تهريبه إلى الخارج بكميات كبيرة ، لبيعه بوصفه سبائك معدنية / ولم يعد النظام بأكمله وطرق مدفوعاته التقليدية ملائمين لمتطلبات قطاع النفظ الحديث ، الآخذ في النمو بشكل مطرد .
دفع ذلك الوضع الحكومة إلى إلزام شركة أرامكو بتسديد حصتها من عائدات النفظ بالذهب ، بدلا من الريال الفضي السعودي . فباشرت دار السك في ولاية فيلاديلفيا عام 1365هـ (1946م) بإصدر قطع ذهبية من فئتي الدولار والأربعة دولارات ، لتدفع بواسطتها شركة أرامكو للحكومة حصتها من عائدات النفظ .
النظام النقدي السعودي الحديث
أصبح تأسيس حكومة مركزية قوية ، بعد توحيد البلاد سنداً قويا لقيام حركة اقتصادية نشطة ، تنعم بالأمن والأمان في كنف الدولة الفتية . ولكن ذلك استوجب تطوير الإطار النقدي والمصرفي للبلاد . ويمكن تاريخ النظام النقدي الحديث بالمملكة ، بإنشاء مؤسسة النقد العربي السعودي عام 1372هـ (1952م) . فقد كانت البلاد في أمس الحاجة في ذلك الوقت إلى حهاز مصرفي حكومي ، يتولي إدارة دخل الحكومة المتنامي ، بفضل الزيادة المطردة للصادرات البترولية ، وتنظيم أوضاع النقد بعد الاضطراب الكبير ، الذي تعرضت له نظم الصرف والمدفوعات بالمملكة في تلك الفترة ، بسبب التقلبات الواسعة للأسعار العالمية لمعدني الذهب والفضة ، اللذين كانت تسك منهما عملة البلاد .
وقد وافق جلالة الملك عبد العزيز – يرحمه الله – في أوائل عام 1371هـ (1952م) على استقدام بعثة مالية أمريكية فنية ، رأسها المستشار المالي والأقتصادي السيد / آرثر . ن . يونج ، لتقديم المشورة للحكومة السعودية في مجال تطوير أنظمة النقد والميزانية العامة والتعرفة والإدارة الجمركية . وبناء على التقارير والتوصيات التي رفعها الخبير الأمريكي ، بالتشاور مع خبير المالية آنذاك الشيخ / عبد الله السليمان الحمدان (رحمه الله) صدر المرسومان الملكيان برقمي 30/4/1/1046 و 30/4/1/1047 وتاريخ 25/7/1371هـ (20/4/1952م) بإنشاء مؤسسة النقد العربي السعودي ، واعتماد نظامها الأساسي . وقد تحددت أهم وظائف المؤسسة ، بموجب المرسومين ، في تثبيت قيمة العملة السعودية دعمها داخلياً وخارجياً ، ومعاونة وزارة المالية بتوحيد المركز الذي تودع فيه إيرادات الحكومة ، وتصرف منه مدفوعاتها وفقاً لبنود الميزانية المعتمدة ، وحفظ الأموال الاحتياطية المرصودة لأغراض النقد وتشغيلها ، وتقديم المشورة للحكومة ، فيما يتعلق بسك العملات وطرحها للتداول ، ومراقبة المصارف التجارية والصيارفة والمتعاملين في بيع العملات الأجنبية وشرائها . وقد حظر على المؤسسة ، ضمن أشياء أخرى ، إقراض الحكومة والهيئات الخاصة والأفراد ، وإصدار العملة الورقية . كانت المهمة الرئيسية – قبيل مباشرة مؤسسة النقد أعمالها – تحديد سعر صرف واقعي ومستقر للريال السعودي ، يمكن المحافظة عليه ، والدفاع عنه لفترة زمنية معقولة . وبما إنه قد تقرر أن يطرح الجنيه الذهبي السعودي ، الذي سك منه مليونان وخمسمائة آلف قطعة في الخارج ، بوصفه عملة رسمية فور قيام المؤسسة بمهامها ، فقد تطلب الأمر النظر في الأبعاد الثلاثة لعلاقة سعر الريال بالدولار والذهب والفضة ، والمحافة قدر الإمكان على القيم التاريخية السائدة في الأسواق المحلية والعالمية ، لهذه الأسعار خلال تلك الفترة . وفي ضوء استقرار سعر الفضة بما يقارب 90.5 سنتاً للاوقية ، ومحتوى الريال من الفضة الخالصة البالغ 0.34375 من الأوقية ، وهامش أمان مقدارة 15 في المائة لقاء مخاطر التهريب ، وانخفاض محتوى العملة من المعدن ، جراء الاستعمال اليومي ، تعين أن يكون سعر صرف الريال مقابل الدولار في حدود 26.75 و 27.50 سنتاً . وينسجم هذا السعر إلى حد كبير ، مع القيمة التي حددت للجنيه الذهبي السعودي ، وهي 40 ريالاً للجنيه ، حيث ستتراوح قيمته ، وفقاً لهذا الترتيب ، ما بين 10.70 إلى 11.0 دولاراً ، وهو سعر مقارب لقيمة الجنيه الذهبي الإنجليزي الرائج في ذلك الوقت ، والذي كان يتراوح سعره في السوق المحلية خلال عام 1371هـ (1952م) ما بين 40.70 إلى 45.4 ريالاً (10.80 إلى 12.23 دولاراً) .
وقد استنتج أنه طالما بقي سعر الجنيه السعودي دون ، أو مساوياً ، لسعر الجنيه الإنجليزي ، فلن يترتب على ذلك خسائر على الحكومة ، أو مشكلات عند طرحه للتداول بالسعر المقرر .
مؤسسة النقد العربي السعودي
باشرت مؤسسة النقد العربي السعودي ، التي تعد ثاني أقدم بنك مركزي في الوطن العربي عملها في 14/1/1372هـ (4/10/1952م) . وقد بدأت المؤسسة بداية متواضعة ، حيث بلغ مجموع الموجودات والمطلوبات الذي ظهر في أول ميزانية نصف سنوية ، أصدرتها المؤسسة عن المدة المنتهية في 30/6/1372هـ (16/3/1953م) 47.5 مليون ريال وتكونت الموجودات من موجودات بالعملات المحلية بمبلغ 26.5 مليون ريال ، وموجودات بالعملة الأجنبية بمبلغ 21 مليون ريال ، وفي جانب المطلوبات ، بلغ رأسمال المؤسسة في ذلك الحين 21 مليون ريال ، وقيمة الاحتياطي 10.1 ملايين ريال ، والودائع الحكومية 15.8 مليون ريال ، والمطلوبات الأخرى 0.6 مليون ريال . وبلغت الحسابات النظامية 11.9 مليون ريال .
ومن بين المهام الأولى التي ألقيت على عاتق المؤسسة استكمال النظام النقدي الخاص بالمملكة ، فطرحت في غرة صفر من عام 1372هـ (19 نوفمبر 1952م) الجنيه الذهبي السعودي ، ليحل محل العملة الذهبية الإنجليزية ، وقد حدد سعره بمبلغ 40 ريالاً أي ما يساوي 10.90 دولارات ، وهو سعر متوافق مع السعر المستهدف للريال مقابل الدولار البالغ 27.0 سنتاً (3.70 ريالات للدولار) . وأعلنت المؤسسة عن عزمها المحافظة على هذا السعر بالتعاون مع المصارف التجارية والصيارفة ، مالم تطرأ تغيرات جوهرية على الأسعار العالمية للذهب والفضة . وأبلغت جميع الإدارات الحكومية بقبول الجنيه السعودي بالسعر المحدد ، ومنع تصديره للخارج . وبإصدار العملة الذهبية السعودية ، أصبحت جميع عملات البلاد ذات صبغة وطنية .
وقد مرت المملكة خلال الأعوام 1375-1377هـ (1956-1957م) أي بعد فترة قصيرة من إنشاء المؤسسة بأزمة مالية حادة ، أدت إلى انخفاض سعر صرف الريال في السوق الحرة ، وساتنزاف احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي . وقد ترتب على ذلك فرض قيود على العملة والاستيراد ، وتطبيق برنامج للتثبيت والاستقرار النقدي . وقد ساهمت عدة عوامل في إحداث هذا الخلل الاقتصادي ، كان من أهمها انخفاض مفاجئ في دخل الحكومة من النفط ، في أعقاب أزمة السويس عام 1375هـ (1956م) لم يقابله تكيف في الإنفاق الحكومي . فقد انخفضت إيرادات النفط عام 1375هـ (1956م) لتبلغ 290.2 مليون دولار ، ثم استقرت عند مستوى مقارب لذلك خلال السنتين التاليتين ، بعد ارتفاعها بمقدار ستة أضعاف خلال السنوات الخمس السابقة من 56.7 مليون دولار عام 1369هـ (1950م) إلى 340.8 مليون دولار عام 1374هـ (1955م) . وقد مولت الحكومة جزءاً كبيراً من مصروفاتها ، عن طريق الاقتراض الداخلي ذي الطابع التضخمي ، وأحدثت السيولة المفرطة ، والقوة الشرائية المفتعلة ضغطاص شديداً على ميزان المدفوعات ، أثر على مستوى الطلب على النقد الأجنبي ، لتمويل الطلب الكبير على الواردات ، وكذلك التحويلات الخارجية الأخرى ، ونتيجة لذلك ، انخفضت موجودات المؤسسة من الذهب والفضة والنقد الأجنبي خلال شهر رجب 1377هـ (1958م) أي 14 في المائة من النقد المتداول ، كما انخفض سعر الصرف في السوق الحرة من معدله الرسمي البالغ 3.75 ريالات للدولار إلى أدنى مستوى له وهو 6.25 ريالات للدولار .
وتطلب برنامج التثبيت والاستقرار ، الذي سبق بمشورة خبيرين من صندوق النقد الدولى – هما سعادة الأستاذ / أحمد زكي سعد المدير التنفيذي للدول العربية في صندوق النقد الدولي آنذاك . وسعادة الأستاذ / أنور علي مدير إدارة الشرق الاوسط في الصندوق نفسه ، الذي أصبح فيما بعد محافظاً للمؤسسة – إزالة العجز في الميزانية ، الذي كان المصدر الرئيسي للمصاعب الاقتصادية ، بتنفيذ خطة ، لترشيد المصروفات ، وتسديد الديون الحكومية خلال فترة زمنية محددة .
كما اجريت إصلاحات على نظامي الرقابة على النقد ، والاستيراد لجعلهما أكثر فاعلية . واستحداث نظام سعر الصرف المزدوج ، حيث طبق السعر الرسمي (3.75 ريالات للدولار) للواردات الاستهلاكية الضرورية وسعر السوق الحرة للواردات الكمالية . وبفضل التطبيق الحازم للبرنامج ، تمكنت الحكومة من تحقيق الاستقرار المالي والنقدي ، ومن ثم إلغاء نظام مراقبة النقد ، وتثبيت سعر صرف الريال على أساس 4.50 ريالات للدولار اعتباراً من 1/7/1379هـ (31/12/1959م) .
كما تكللت جهود المؤسسة في الإصلاح النقدي ، بصدور نظام النقد بالمرسوم الملكي رقم 6 وتاريخ 1/7/1379ه (31/12/1959م) الذي إجاز إصدار العملة الورقية ، وحصر امتياز طبع وسك وإصدار النقد السعودي في المؤسسة ، وفرض تغطية كاملة من الذهب ، والعملات الأجنبية القابلة للتحويل للعملة المصدرة .
كما أدخل النظام العشري للعملة ، حيث قسم الريال إلى عشرين قرشاً بدلاً من اثنين وعشرين قرشاً ، وقسم القرش إلى خمس هللات . وحدد سعر تعادل للريال بما يوازي 0.197482 غراماً من الذهب الخالص . وتم سحب إيصالات الحجاج من التداول ، وكذلك أبطل التعامل بالريالات الفضية ، والجنيهات الذهبية السعودية بوصفهما نقوداً ، واقتصر دورهما على كونهما سلعتين يتعامل بهما الجمهور .
مواقع النشر