بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لكل داء دواء يستطب به ..... الا الحماقة اعيت من يداويها
معنى الحمق
قال ابن الأعرابي :-
الحماقة مأخوذة من حمقت السوق إذا كسدت فكأنه كاسد العقل والرأي فلا يشاور ولا يلتفت إليه في أمر حرب . وقال أبو بكر المكارم : إنما سميت البقلة الحمقاء لأنها تنبت في سبيل الماء وطريق الإبل. قال: ابن الأعرابي: وبها سمي الرجل أحمق لأنه لا يميز كلامه من رعونته .
الحمق من الطبع والغريزة :-
يقول أبي إسحاق :-
إذا بلغك أن غنياً افتقر فصدق وإذ بلغك أن فقيراً استغنى فصدق وإذا بلغك أن حياً مات فصدق وإذا بلغك أن أحمق استفاد عقلاً فلا تصدق .
القاضي أبو يوسف يتكلم عن الحماقة فيقول :-
ثلاث صدق باثنتين ولا تصدق بواحدة إن قيل لك إن رجلاً كان معك فتوارى خلف حائط فمات فصدق وإن قيل لك إن رجلاً فقيراً خرج إلى بلد فاستفاد مالاً فصدق وإن قيل لك إن أحمق خرج إلى بلد فاستفاد عقلاً فلا تصدق .
و يقول احد الحكماء :-
الأدب عند الأحمق كالماء في أصول الحنظل كلما ازداد رياً زاد مرارة .
من أسماء الحمقى :-
الخطل الخرف الملغ الماج المسلوس المأفون المأفوك الأعفك الفقاقة الهجأة الألق الخوعم الألفت الرطيء الباحر الهجرع المجع الأنوك الهبنك الأهوج الهبنق الأخرق الداعك الهداك الهبنقع المدله الذهول الجعبس الأوره الهوف المعضل الفدم الهتور عياياء طباقاء . فإذا كان يتجه لشيء في أسماء كثيرة وقريب هذه الأسماء على أحمق وقيل : لو لم يكن من فضيلة الأحمق إلا كثرة أسمائه لكفى .
الفرق بين الأحمق والمائق :-
سئل بعض الأعراب ما الفرق بين الأحمق والمائق فقال : الأحمق مثل المائح على رأس البئر والمائق هو مثل المائح الذي هو أسفل البئر فبينهما من الجودة في الحماقة ما بين هذين .
الصفات العقلية :
يقول عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه :-
ما عدمت من الأحمق فلن تعدم خلتين سرعة الجواب وكثرة الإلتفاتات
وتكلم رجل عند معاوية فأكثر الكلام فضجر معاوية فقال :-
اسكت . فقال : وهل تكلمت ؟
. ومن علامات الأحمق خلوه من العلم أصلاً فإن العقل لابد أن يحرك إلى اكتساب شيء من العلم وإن قل فإذا غلب السن ولم يحصل شيئاً من العلم دل على الحمق .
قال الأعمش :-
إذا رأيت الشيخ ليس عنده شيءٌ من العلم أحببت أن أصفعه .
كان عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب صديقاً للوليد يأتيه ويؤانسه فجلسا يوماً يلعبان بالشطرنج إذ أتاه الآذن فقال : أصلح الله الأمير رجل من أخوالك من أشراف ثقيف قدم غازياً فأحب السلام عليك فقال : دعه فقال عبد الله : وما عليك ائذن لي فنظل نحن على لعبنا فادع بمنديل يوضع عليها ونسلم على الرجل ونعود ففعل ثم قال : ائذن له فإذا هو رجل له هيبة وبين عينيه أثر السجود وهو معتم قد رجل لحيته فسلم ثم قال : أصلح الله الأمير قدمت غازياً فكرهت أن أجوزك حتى أقضي حقك فقال : حياك الله وبارك عليك ثم سكت عنه فلما أنس أقبل عليه الوليد فقال : يا خال هل جمعت القرآن قال : لا كانت شغلتنا عنه شواغل قال : أحفظت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومغازيه وأحاديثه شيئاً قال : لا كانت شغلتنا عن ذلك شواغل . قال : فأحاديث العرب وأشعارها قال : لا . قال : فأحاديث أهل الحجاز ومضاحيكها قال : لا . قال : فأحاديث العجم وآدابها قال : ذاك شيء ما طلبته فرفع الوليد المنديل وقال : شاهك فقال عبد الله بن معاوية : سبحان الله قال : لا والله ما معنا في البيت أحد فلما رأى ذلك الرجل خرج وأقبلوا على لعبهم .
يفرح الأحمق بالمدح الكاذب : -
ومن خصال الأحمق فرحه بالكذب من مدحه وتأثره بتعظيمه وإن كان غير مستحق لذلك .
يعرف الأحمق بست خصال : -
الغضب من غير شيء والإعطاء في غير حق والكلام من غير منفعة والثقة بكل أحد وإفشاء السر وأن لا يفرق بين عدوه وصديقه ويتكلم ما يخطر على قلبه ويتوهم أنه أعقل الناس .
علامات الحمق : -
قال أبو حاتم بن حيان الحافظ :-
علامة الحمق سرعة الجواب وترك التثبت والإفراط في الضحك وكثرة الإلتفات والوقيعة في الأخيار والإختلاط بالأشرار والإحمق إن أعرضت عنه أعتم وإن أقبلت عليه اغتر وإن حلمت عنه جهل عليك وإن جهلت عليه حلم عليك وإن أحسنت إليه أساء إليك وإن أسأت إليه أحسن إليك وإذا ظلمته أنصفت منه ويظلمك إذا أنصفته فمن ابتلى بصحبة الأحمق فليكثر من حمد الله على ما وهب له مما حرمه ذاك .
وجاء في كتاب : أخبار الحمقى و المغفلين / لابن الجوزي قيل إن محمد بن علي رضي الله عنه رأى في الطواف أعرابياً عليه ثياب رثة وهو شاخص نحو الكعبة لا يصنع شيئاً ، ثم دنا من الأستار فتعلق بها ورفع رأسه إلى السماء وأنشأ يقول : -
أما تستحي مني وقد قمت شاخصـاً
............................. أناجيك يا ربـي وأنـت عـلـيم
فإن تكسني يا رب خـفـاً وفـروة
........................... أصلي صلاتـي دائمـاً وأصـوم
وإن تكن الأخرى على حال ما أرى
......................... فمن ذا على ترك الصـلاة يلـوم
أترزق أولاد العلوج وقد طـغـوا
............................. وتترك شـيخـاً والـداه تـمـيم
فدعا به ، وخلع عليه فروة وعمامة ، وأعطاه عشرة آلاف درهم ، وحمله على فرس ، فلما كان العام الثاني جاء الاعرابي الى الحج وعليه كسوة جميلة وحاله مستقيمه ، فقال له : يا أعرابي ، رأيتك في العام الماضي بأسوأ حالٍ وأراك الآن ذا بزة حسنة وجمال ، فقال : إني عاتبت كريماً فأغنيت . ارجو ان اكون قد وفقت فى نقل المفيد والمعذرة عن كل نقص وتقصير ...والسلام عليكــم ورحمـة الله وبركاته ...
مواقع النشر