بقلم : يحيى البوليني - موقع لجينيات : يُعتقد أنه وفق أبجديات السياسة في أية دولة في العالم أنها إذا تعرضت لتهديدات خارجية عسكرية، وعند التعرض لشبح نشوب حرب ، يكون من ردة الفعل الداخلية أن تحاول جمع شمل أفرادها والقضاء على كل ما يزرع الفرقة فيهم ليواجهوا عدوهم المشترك الذي سيحاربهم جميعا دون تمييز بصف داخلي موحد وقوي.
طµظˆطھ ط§ظ„طط¬ط§ط².jpg
هذا ما تقتضيه السياسة التي تعمل بها كل الدول، أن هناك أوقات تتناسى فيه الأغلبية قوانين التفرقة والتمييز بينها وبين الأقلية وتحاول أن تجعل من أبناء البلد الواحد صفا واحدا، ولكن هذا لم يحدث في الدولة الفارسية المسماة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية.
فهل لا تشعر إيران حقيقة بقرب نشوب حرب ؟
أم هل يكون ما يحدث بينها وبين الغرب مجرد فقاعات هواء فارغة وهو شيئ مدبر متفق عليه في توزيع الأدوار بينهما لكي تدخل إيران كدولة نووية ( مسلمة ) وحيدة في المنطقة ؟
أم أن إيران لا تهتم بالمسلمين السنة إلى هذا الحد ولا ترى منهم نفعا ولا تخشى منهم ضررا ؟، أم أن الحقد الشيعي على أبناء السنة الإيرانيين أنساهم أبجديات التدابير السياسية في وقت الأزمات ؟!!
فتعامل السلطات الإيرانية مع المسلمين السنة فيها لم يختلف منذ أن قامت ثورة الخوميني ومنذ إنشاء الدولة ، فالتجاهل والقمع والحرمان من الحقوق السياسية وأيضا الحرمان من مجرد التعامل معهم كمواطنين عاديين في الدولة ، كل هذا لم يتغير منذ نشأة الدولة الشيعية .
إن حرمان أكثر من خمس عدد المواطنين في الدولة من الحقوق الأساسية والسياسية والشرعية ليس بالأمر الهين ولا بالمحمود العواقب وأنه لابد وأن تأتي لحظة ينفجر فيها الوضع الداخلي وساعتها لن تستطيع أية قوة أن تقف في وجه 20% من السكان محرومين من حقوقهم في دولتهم التي ولدوا وعاشوا عليها ولم يعرفوا غيرها.
فمن حلقات التمييز والاضطهاد أنه منذ نشأة الدولة فلم يكن ذات مرة ولو بالخطأ أو لذر الرماد وزير سني يشغل أي حقيبة وزارية وليس لهم أي منصب حكومي رفيع في الحكومة المركزية ولم يُعين أي منهم في أي بعثة دبلوماسية ولا في سفارة خارج إيران ، ولم يكن لهم يوما أي منصب من المناصب العليا في الأقاليم والمحافظات ، بل لا يوجد مسجد واحد للمسلمين السنة في طهران.
وربما تكون بعض الأحداث اقل أهمية من تلك الاضطهادات إلا أنها قد تكون القشة التي تقصم ظهر البعير ، فكان من أواخر حلقات التمييز والاضطهاد حرمان المسلمين السنة من أن يصلوا العيد ، فلم يخرجوا ولم يحتفلوا ولم يصلوا العيد مثل جميع المسلمين في كل مكان في حين أن أهل فلسطين الواقعين تحت الاحتلال الإسرائيلي صلوا العيد وكأن النظام الإيراني احتلال قمعي على المسلمين السنة أشد من الكيان الصهيوني.
وتشتد الشكوى - التي لا زالت دبلوماسية حتى الآن - من طرف المسلمين السنة للإدارة الشيعية وللمرشد الأعلى الذي يعتبر مرجعا للنظام الإيراني كله ، فيطالب أحد كبار علماء السنة في إيران وإمام جمعة مدينة زاهدان عاصمة إقليم بلوشستان جنوب شرقي إيران الشيخ مولوي عبد الحميد إسماعيل زهي بوضع حد لسياسة التمييز وعدم المساواة منتقدا استمرار الضغوط الحكومية ضد أهل السنة في إيران.
وفي رسالة له للمرشد الإيراني علي خامنئي يقول مولوي عبد الحميد : " نحن إيرانيون، فلا نرضى أن ينظر إلينا كأجانب أو مهاجرين "
ولا يقتصر التضييق على أهل السنة بحرمانهم من ممارسة الحقوق السياسية فحسب بل أيضا بمنعهم من السفر بسحب جوازات سفرهم ، فكما يقول الشيخ محمد حسين كركيج، إمام وخطيب الجمعة لأهل السنة في مدينة "آزاد شهر" في محافظة كلستان شمالي إيران، أن علماء السنة في إيران ليسوا خونة لا في الداخل ولا في الخارج، حتى يتم فرض حظر السفر عليهم. " ، وأيضا من لم يسحب جواز سفره يوضع على قوائم الممنوعين من السفر فعلى سبيل المثال فإن قائمة الممنوعين من السفر شملت كلاً من الشيخ عبد الغني البدري ( مدير الشئون التعليمية بجامعة دار العلوم زاهدان ) والدكتور عبيد الله بادبا ( أستاذ الحديث بدار العلوم ) وفضيلة الشيخ عثمان قلندرزهي (مدير مدرسة مدينة العلوم الدينية بمدينة خاش ) وغيرهم الكثير والكثير.
ويتم التضييق التعليمي أيضا وخاصة في المناهج التعليمية التي تحاول السلطات الإيرانية – رغم اختلاف السنة والشيعة مذهبيا على الأقل – التدخل المباشر في المناهج فتحذف ما لا ترغب واضع ما تود وضعه وتثبيته ، ويتم غلق عدد من الدارس والمعاهد من قِبل المخابرات الإيرانية ، فأُغلقت المدارس الدينية لأهل السنة في كردستان وشمال شرق إيران، كحوزة الإمام الشافعي في مهرآباد والمدرسة الدينية في صالح آباد (سرخس) والحوزة العلمية في مدينة مريوان المسماة بدرغاه شيحان وغيرها الكثير حتى تنشأ أجيال أهل السنة وهي لا تستطيع التفرقة بين المذهب السني والشيعي ، وهذا مالا يحدث مع أية أقلية دينية في العالم أن تتدخل سلطات الأغلبية في مناهج الأقلية الدينية.
ويتعرض علماء أهل السنة للاعتقال بشكل مستمر ، ويقدمون للمحاكمة بصورة هزلية صورية ويقضي عليهم بالحبس لمدد طويلة دون جريمة حقيقية ودون قانون واضح يطبق على الجميع.
فمنذ وقت قريب حكمت محكمة إيرانية بالسجن على 56 من علماء ودعاة أهل السنة من مختلف المدن الكردية بمحافظتي كردستان وآذربيجان الغربية ، وبلغ مجموع الأحكام 164 عاماً بعدما تم القبض عليهم وحرمانهم منذ فترات طويلة من اللقاء بأسرهم وأقاربهم ومحامييهم ، والغريب أنه بعد الحكم عليهم يتم وضعهم في سجون مخصصة للمجرمين وأصحاب السوابق ، ودخل عدد منهم دخل منذ فترة في إضراب عن الطعام احتجاجاً على تلك الظروف السيئة في المحاكمات والمعتقلات.
وقد لا يصل عدد من العلماء للسجن أو المحاكمة ، بل تتم تصفيتهم عن طريق طعنات مجهولة بعدها يفر الجناة وتختفي معالم الجريمة ولا يتم فتح تحقيق جدي فيها لتسجل بعدها ضمن الحوادث التي لا يستدل على فاعلها وتقيد ضد مجهول فحدث مع أن أشخاصاً مجهولين كانوا في سيارة في شارع "بهشتي" في مدينة زاهدان عاصمة محافظة سيستان وبلوشستان، قاموا بطعن أحد شيوخ السنة وهو الشيخ ملازهي بالسكين ، ولم يؤد الطعن على الوفاة بفضل الله بل أدى إلى تعرضه لإصابات قاتلة وبعدها فر الجناة ليتكرر نفس الأمر ولكن الشاهد في القضية أن أحد المهاجمين للشيخ كان يحمل معه جهازا حكوميا لإحداث صدمة كهربائية مما يؤكد انتماءات الجناة.
وتكتمل حلقات التضييق أيضا بمصادرة الأموال والممتلكات والتي ترتكبها عصابات حكومية منظمة تحمل اسم " الهيئة التنفيذية لتعليمات الإمام " ، ولهذا فقد انتقد " ركني " إمام جمعة ميناء لنجة ذات الأغلبية السنية العربية والمعروفين بعرب الهولة في إقليم هرمزجان بشدة مصادرة ممتلكات السنة في هذا الميناء ومنع تنفيذ مشاريع إنمائية في هذه المنطقة.
وماذا بعد ؟ وهل سيصبر أهل السنة طويلا على كل تلك الممارسات القمعية لهم في إيران في حين لا يتعرض أهل أية ديانة سماوية أو حتى وثنية لأي نوع من المضايقات التي يتعرض لها المسلمون السنة ، فيوجد في طهران وحدها اثنا عشر معبدا للنصارى، وأربعة لليهود بخلاف معابد المجوس
مواقع النشر