بعقلين (جبل لبنان) (رويترز) - قاد الشغف بالموسيقى اللبناني بيتر نعمة إلى تعلم العزف على 46 آلة موسيقية بل وتجاوز هذا ليعيد إحياء بعض الآلات التي طواها النسيان وابتكار خط إنتاج للآلات الموسيقية يحمل اسمه.
وداخل منزله الريفي في بعقلين الشوفية الواقعة في جبل لبنان يجلس بيتر نعمة حول آلاته كملك على عرش من النغمات والأوتار مستعرضا حرسه الموسيقي من آلات شرقية وغربية.
نشأ نعمة في منزل يعبق باللحن وتفتح وعيه الموسيقي على صوت عمه أستاذ الموسيقى الذي يسكن في المنزل نفسه "وعيت على صوت البيانو وكنت لا أغفو إلا على هذا الصوت وفي عمر السنتين كنت أستمع إلى أغنية وأحفظها بسرعة".
وفي عمر السنتين ونصف السنة اكتشفه الباحث الموسيقي عبد الغني شعبان فتولى تعليمه وتنبأ بأن يكون ظاهرة غير عادية.
يحكي نعمة قائلا "من هنا انطلقت فكرة الأهل لتشجيعي وعملوا لي بيانو على مقاس يدي لكي أستطيع أن أعزف الموسيقى".
كان حلم نعمة في عمر السبع السنوات أن يصبح مُصنعا لآلات الموسيقى وكان حينذاك يدرس حوالي 16 آلة موسيقية فبدأ من حيث مهنة والده ويقول "كان أبي ميكانسيان (يعمل في تصليح السيارات) فكنت أستعين بقطع السيارات في كاراج والدي وأحولها إلى آلات.. كما تحولت معظم أدوات المطبخ والمنزل إلى آلات موسيقية أيضا".
تمكن نعمة (47 عاما) على مر السنوات من إعادة إحياء آلات كانت تستعمل في عصر النهضة الموسيقية وأضاف لمساته على آلات أخرى من البيانو إلى الكمان والتشيللو والفيولا والكونترباص والجيتار والساز والقانون والعود والساكسوفون.
وتطول قائمة الآلات الموسيقية التي أضفى نعمة لمساته الخاصة عليها لتشمل الفلوت والكلارينيت والترومبون والترومبيت والتوبا والدرامز والطبلة والكاتم والرق والمثلّث والميتالوفون والإكسيليفون وصولا إلى آلات غير معروفة شعبيا في لبنان مثل اليوكيليلي والبيكولو والجامبيه والماندولين والماراكاس والبامبير والكونجا والماريمبا.
الموسيقي اللبناني بيتر نعمة وهو يعزف الكمان في صالة العرض الخاصة به في بعقلين الشوفية الواقعة في جبل لبنان - رويترز
ولا يقتصر عمل نعمة على تصنيع الآلات فهو يعمل على إعادة إصلاح وترميم الآلات القديمة "آلاتي مكفولة لمدى الحياة. كل ما أطلبه هو عدم حرقها أو رميها في الماء عندها يمكن لهذه الآلة أن تعيش ثلاثة آلاف سنة فأنا لا أستعمل أخشابا غير معتقة لأقل من 20 عاما ويصل عمر بعض الأخشاب إلى 90 عاما".
وكان نعمة أطلق قبل عامين حملة (الموسيقى للجميع) وشجع من خلالها الأطفال على تعلم الموسيقى بدلا من آلات الحرب والقتل وحفز الكبار أيضا على عدم اليأس.
وقال "أُعلم الموسيقى من سن سنتين ونصف إلى 85 سنة. أُعلم الموسيقى بطريقة بيتر وهي طريقة سلسة ومرنة .. وألقي الدرس بشكل خبرية".
وأضاف "لا أعطي دروسا خصوصية بل أن هناك ما يفوق المئة تلميذ عندي في المركز أُعلمهم على مختلف الآلات وأهمها الآلات المنسية".
ويتحدث نعمة بزهو واعتزاز لكون آلاته الموسيقية أصبحت علامة مسجلة في لبنان تحمل اسم "بيترز" يعزف عليها كبار العازفين عالميا في أكثر من فرقة موسيقية كبيرة.
وقال "عندي كلارينت وآلات نفخ في إيطاليا، أكثر من كمان في فرنسا، فيولا وأكثر من كمان في كندا، تشيللو في أستراليا، عدد من الكمانات واليوكوليلي في ألمانيا، وكذلك في بلغاريا، أكثر من عود مميز صار في أمريكا مع عدد كبير من الجيتارات".
ومضى يقول "اخترعت 21 آلة وبعض الآلات أحييتها من القديم... كل الآلات الموجودة من تصنيعي وهدفي أن يتمكن الجميع من تداول كل هذه الآلات وليس فقط وضعها في المتاحف والمراكز الموسيقية".
ويعتبر نعمة أن إحدى نقاط قوته هي صنع آلات للمبتدئين ثمنها 100 دولار لكنه يصنع أيضا آلات عالية الجودة يمكن أن يصل سعرها إلى 60 ألف دولار وبالتالي يمكن الجميع أن يجد ما يريده وما يمكنه شراؤه.
مواقع النشر