السلام عليكم
قال تعالى: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [آل عمران:178].
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ) [الأعراف: 182، 183].
وقال سبحانه: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) [المؤمنون: 55، 56].
وهذه السنة الإلهية تعمل عملها في هذه الأوقات وذلك في معسكر أهل الكفر والنفاق، وبخاصة أولئك الذين بلغ بهم الكبر والغطرسة والظلم والجبروت مبلغاً عظيماً ونراهم يزدادون يوماً بعد يوم في الظلم والبطش والكبرياء ومع ذلك نراهم ممكنين ولهم الغلبة الظاهرة كما هو الحاصل الآن من دولة الأمريكان واليهود حيث ظلموا وطغوا وقالوا بلسان حالهم ومقالهم: «من أشد منا قوة». وقد يحيك في قلوب بعض المسلمين شيء وهم يرون هؤلاء الكفرة يبغون ويظلمون ومع ذلك هم متروكون لم يأخذهم الله بعذاب من عنده، وقد يتسرب اليأس والإحباط إلى بعض النفوس ولكن المسلم الذي يفقه سنة الله عز وجل ويتـأملها ويرى آثارها وعملها في الأمم السابقة لا يحيك في نفسه شيء من هذا لأنه يرى في ضوء هذه السنة أن الكفرة اليوم وعلى رأسهم أمريكا ودولة اليهود هم الآن يعيشون سنة الإملاء والاستدراج التي تقودهم إلى مزيد من الظلم والطغيان والغرور، وهذا بدوره يقودهم إلى نهايتهم الحتمية وهي الهلاك والقصم في الأجل الذي قد ضربه الله لهم؛ قال تعالى: (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) [الكهف:59].
ففي الإملاء للكفار وتركهم يتسلطون على المسلمين في مدة من الزمن ابتلاء وتمحيص للمؤمنين حتى إذا آتت سنة الابتلاء أكلها وتميز الصف المؤمن الذي خرج من الابتلاء نظيفاً ممحصاً عندئذٍ تكون سنة الإملاء هي الأخرى قد أشرفت على نهايتها فيحق القول على الكافرين ويمحقهم الله كرامة للمؤمنين الممحصين الذين يمكن الله لهم عز وجل في الأرض ويخلفون الأرض بعد محق الكافرين.
قال تعالى: (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) [آل عمران:141].
فذكر الله سبحانه التمحيص قبل المحق ولو محق الله الكفار قبل تهيأ المؤمنين الممحصين فمن يخلف الكفار بعد محقهم. إن الله عز وجل حكيم عليم وما كان سبحانه ليحابي أحداً في سننه ولله عز وجل الحكمة في وضع السنتين، سنة الابتلاء وسنة الإملاء في آيتين متتاليتين في سورة آل عمران، قال تعالى: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ) [آل عمران:178]. ثم قال بعدها: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [آل عمران179].
ولعل من الحكمة والله أعلم أن يعلمنا الله عز وجل أن هاتين السنتين متلازمتان ومتزامنتان وأن إحداهما تهيئ للأخرى.
وفي الوقوف مع سنة الإملاء فوائد منها: عدم الخوف والاغترار بقوة العدو؛ ذلك لأن ناصيته بيد الله عز وجل والله عز وجل يملي له ليمحق لا ليدوم ظلمه ولو شاء الله عز وجل لقصمه ولكن الله عز وجل له الحكمة في تأجيل هذا القصم. وهذا الإيمان يذهب اليأس عن النفوس ويزيل الإحباط والخوف الذي ينشأ من تسلط الأعداء وقوتهم.
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشداً يعز في وليك ويذل فيه عدوك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر إنك سميع الدعاء، اللهم ارحم عبادك الموحدين والطف بهم في فلسطين والعراق وأفغانستان وفي كل مكان، اللهم احقن دماءهم واحفظ لهم دينهم وأعراضهم وأموالهم، اللهم فك أسر المأسورين من المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم اشف صدورنا وأقر أعيننا بنصرة دينك وأوليائك، اللهم قاتل اليهود والأمريكان الذين يكذبون رسلك ويعادون أولياءك ويصدون عن سبيلك وأنزل عليهم رجزك وعذابك إله الحق، اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم وندرأ بك في نحورهم.
مواقع النشر