تتوالى زيادة أسعار الغذاء في العالم لأعلى مستوياتها حسب بيانات مؤشرات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" لأعلى مستوى متجاوزا الذروة التي بلغها في عام 2008 والذي سبب أعمال شغب في عدة دول آنذاك.
برّأ اقتصاديون التجار ورجال الأعمال من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السعودية، معتبرين أن الزيادات الحاصلة حالياً في المملكة ناتجة من تضخم مستورد من الخارج.
وعزوا في حديثهم مع صحيفة الحياة، زيادة الأسعار إلى الارتفاع العالمي في أسعار الغذاء، إضافة إلى موسمي الحج والعمرة، وفقدان الدولار جانباً من قيمته، متوقعين استمرار موجة الارتفاعات السعرية للمواد الغذائية، في ظل تنامي العوامل المؤثرة في التكاليف التشغيلية، إضافة إلى الطلب العالمي المتزايد على المحاصيل الزراعية، في ظل عدم تطوير الصناعة الزراعية في الدول النامية، إضافة إلى تحديد حد أدنى للأجور من الدول المصدرة للعمال إلى السعودية.
وحدد المحلل المالي والاقتصادي علي التواتي، ثلاثة أسباب قال إنها تقف وراء ارتفاع الأسعار في السعودية، الأول هو الارتفاع العالمي لأسعار الغذاء، إذ أثبتت الدراسات أن أكثر دولة عربية ارتفعت فيها أسعار الغذاء هي لبنان، البلد غير النفطي والمنتج للمواد الغذائية، ما يدل على أن ارتفاع أسعار الغذاء عالمي. أما السبب الثاني وفق التواتي فيعود إلى الزيادة خلال المواسم، إذ يكون الارتفاع في مواسم معينة مثل موسمي العمرة والحج، إذ يقدر عدد المعتمرين الذين دخلوا إلى السعودية هذه السنة بنحو خمسة ملايين معتمر، وإذا زاد عدد سكان البلد بهذا المقدار فلا بد من زيادة الأسعار، إذ إن الغذاء والمواد الاستهلاكية والخدمات الموجودة هي فقط للمواطنين والمقيمين، فلا يوجد مخزون كبير لمواجهة الأعداد الكبيرة من الناس في موسم العمرة.
وأضاف: "السبب الثالث هو فقدان العملات الرئيسة مثل الدولار واليورو لأجزاء كبيرة من قيمتها بسبب الأزمة الاقتصادية، والتي يمكن أن تؤثر في الحركة الإنتاجية العالمية، فزيادة الأسعار هي نوع من التعويض في الفقد من القيمة الحقيقية للعملة".
ورأى أن الارتفاع الحاصل لا شأن فيه للتجار ورجال الأعمال ولا وزارة التجارة، إذ توجد كميات قليلة من الغذاء والسكن في السعودية، وأزمة السكن قائمة منذ أكثر من خمس سنوات، على رغم الإجراءات الأخيرة لحل الأزمة، حتى أن أزمة المواصلات لم تجد حلاً لها حتى الآن، إذ لا يوجد أي تطور في وسائل المواصلات في السعودية سواء النقل الجماعي أو خطوط الطيران أو غيرها وجميع هذه الأمور تدعو إلى رفع الأسعار.
وحذر من أن عدم إيجاد حلول سريعة وجذرية سيؤدي إلى استمرار الأسعار في الارتفاع، إذ إن الطلب يتزايد، والعرض قليل، ما يؤدي إلى زيادة الأسعار.
وتوقع الخبير الاقتصادي محمد أمان، أن تتوالى موجة الارتفاعات السعرية للمواد الغذائية في ظل تنامي العوامل المؤثرة في التكاليف التشغيلية، من ارتفاع سعر النفط والطلب العالمي المتزايد على المحاصيل الزراعية في ظل عدم تطوير الصناعة الزراعية في الدول النامية والتي لم يتغير حجم إنتاجها منذ عقود، مشيراً إلى نشوء عامل جديد يتمثل في تحديد الحد الأدنى للأجور من الدول المصدرة للعمال إلى السعودية.
وأشار إلى أن الدول المصدرة للعمال إلى السعودية قامت بتحديد حد أدنى للأجور أعلى من السابق، ما زاد من الأعباء المالية التشغيلية، التي تنعكس على المستهلك، إضافة إلى أن غالبية المواد الخام المستخدمة في التصنيع الغذائي مستوردة من أوروبا، كما أن المواد الغذائية الخام المستوردة من الدول النامية لم تواكب حجم الطلب العالمي والنمو السكاني المتزايد، لأنها تركز على التطور الصناعي، وإهمال التطور الزراعي، إذ لم يتغير حجم إنتاجها منذ عقود إلا بنحو 10 إلى 15% ما ساهم في تنامي الأسعار.
ورجح أمان أن تشهد السنوات المقبلة ارتفاعات تصل إلى 40%، موضحاً أن من الصعب اتباع الدول سياسات تحديد الأسعار التي باتت غير مقبولة عالمياً، معتبراً أن أحد الحلول التي يمكن أن تخفض الأسعار يتمثل في الدعم الحكومي للسلع الضرورية للمستهلك بنسبة تراوح ما بين 20 و30%.
وأكد الخبير الاقتصادي حسام دخلب، أن غالبية الاقتصادات العالمية تعاني من التضخم خلال السنوات الأربع الماضية، وذلك يتضح من خلال تسجيل التضخم مستويات قياسية خلال عام 2008 في كبرى الاقتصادات العالمية ومنها السعودية، التي سجلت مستوى تضخم وصل إلى 10%.
وقال إن الكثير من الدول الصناعية الكبرى استطاع من خلال اتخاذ إجراءات وتقديم خطط إصلاحية ورفع أسعار الفوائد ودعم الشركات، تحسين مستوى الإنتاج الصناعي، والذي يساهم في رفع مستوى الصادرات وتحسن أداء الموازنة العامة للدولة.
العربية.نت
مواقع النشر