ألين مايارد (ومضة) -- اجتمع أعضاء مجتمع الويب [الإنترنت] في المغرب، مؤخراً، خلال إطلاق "لو ماروك ديجيتال" Le Maroc Digital (المغرب الرقمي)، المنظّمة غير الربحية التي تهدف إلى الإضاءة على الإمكانات الاقتصادية والاجتماعية للحقل الرقميّ في البلاد.
خلال إطلاق "لو ماروك ديجيتال" في مكاتب "أفيتو". (الصورة من عثمان غيلان)
"نعمل على جمع كلّ الفاعلين في المجال الرقميّ، لتحديد المشاكل التي يواجهونها والعثور على حلولٍ لها،" كما قال المدير العام لـ"أفيتو" Avito، العربي العلوي بلرحيتي، في حديثه إلى "ومضة".
وبينما يتزايد أصحاب المصلحة في مجال الإنترنت، إلّا أنّ نموّهم مرهونٌ بنقص الوعي لدى الحكومة، ونقص البنى التحتية المناسبة، ونقص فرص التمويل، وانتشار الإنترنت بمعدّلاتٍ منخفضة، والحذر من الدفع عبر الإنترنت، وغيرها الكثير.
وبالتالي، يريد "لو ماروك ديجيتال" إنشاء مساحةٍ للحوار بين مختلف اللاعبين في هذا القطاع، وتطوير مركزٍ للبحث عن الحلول، وتنظيم الجماعات الضاغطة لتنفيذ هذه الحلول بمساعدة الحكومة وغيرها من المؤسَّسات.
عائلة الإنترنت الكبيرة
جاء هذا المشروع من بنات أفكار مدراء كلٍّ من "أون أوف" ONOFF، و"أفيتو" و"أش مول" Hmall.ma، و"جروب ويب.كوم" GroupeWib.com، و"جروبون" GROUPON؛ وبعد نجاح شبكتهم، يريدون الحثّ على العضوية فيها في الخريف المقبل، كما يأملون إقناع مئة شخصٍ للانضمام إليهم في مجهودهم هذا.
وسوف ينقسم المشاركون إلى مجموعتَين: مجموعة التجارة الإلكترونية التي ستضمّ مَن يحقّق العائدات من خلال بيع المنتَجات أو الخدمات عبر الإنترنت، مثل "إيبيسيري" epicerie.ma؛ ومجموعة الإعلام التي ستشمل الفاعلين الذين يحقّقون عائداتهم من خلال الإعلانات مثل "هيسبرس" Hespress، ومواقع الإعلانات المبوّبة مثل "أفيتو"، ووكالات الإنترنت مثل "نت جروب" Netgroup.
أطلِق "لو ماروك ديجيتال" خلال حفل إفطار.
القوّة في الأرقام
الاجتماع سويّاً أمرٌ ضروريٌّ جدّاً، كما قال بلرحيتي، مضيفاً أنّ "هذا يساعدنا لمعرفة أنّنا لسنا وحدنا مَن يواجه هذه المشاكل." وفي السياق، فإنّ هذه المنظّمة سوف تنظّم منتدياتٍ لتبادل الأفكار حول الحلول لمختلف القضايا. كما أنّ أصحاب المصلحة سيلتقون للدفاع عن المصالح المشتركة والعمل على تنفيذ الحلول التي تولد عن هذه النقاشات.
"يوجد قسمٌ للاقتصاد الرقميّ في وزارة الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي، ولكن لا يوجد ممثّلون عنّا هناك كفاعلين في قطاع الإنترنت، كما أنّ الوصول إلى الحكومة صعب،" بحسب العلوي بلرحيتي الذي أضاف أنّه "إذا حدّدنا ممثّلين عنّا في الوزارة، فهم سيساعدوننا في إيجاد الحلول وتنفيذ القوانين الضرورية وذات الصِّلة."
التحدّيات
أشار العلوي بلرحيتي إلى ثلاثة تحدّياتٍ رئيسية.
"معدّل انتشار الإنترنت مرتفع بالمقارنة مع أفريقيا [ملاحظة من المحرّر: انتشار الإنترنت يقارب 50%]، ولكنّه منخفضٌ جدّاً بالنسبة للاقتصاد الرقمي ونموّه،" كما قال بلرحيتي متأسّفاً. أمّا لمواجهة هذا الأمر، فأشار إلى أنّه يمكن القيام بذلك عبر العمل مع مشغّلي الهواتف والحكومة للبحث عن حلول وزيادة انتشار الإنترنت.
بالإضافة إلى ذلك، تُعتبَر العائدات تحدّياً كبيراً أيضاً. وقد لفت هذا الرائد المغربي إلى أنّه "بالرغم من أنّ المجال الرقميّ أصبح أساسياً، لكنّه لا يحظى بالاهتمام الذي يستحقّه من المعلِنين." وقدّر العلوي بلحريني أنّ الإنترنت لا تحظى إلّا بما يساوي 3% من ميزانية الإعلانات في المغرب، مشيراً إلى أنّ هذا الرقم سخيفٌ مقارنةً مع ما هو عليه في بلدانٍ أخرى كفرنسا، حيث يقارب 25%.
وأضاف أنّه "لا يوجد إلّا عددٌ قليلٌ من الفاعلين الذين يمكنهم الاستمرار من دون الإعلانات على الإنترنت." ولهذا السبب، من الضروريّ إجراء إعادة توزيع للميزانيات الإعلانية على الإنترنت، إلى جانب تثقيف المعلِنين حول أهمّية ومنافع القطاع الرقميّ.
من جهةٍ أخرى، يعتقد العلوي بلرحيتي أن التحدّي الكبير الذي تواجهه شركات التجارة الإلكترونية هو الخدمات اللوجستية، "ولا يهتمّ بهذا الجانب إلّا عددٌ قليلٌ من أصحاب المصلحة، إضافةً إلى أنّنا نعاني من النقص في القوانين التي تتعلّق بتوصيل الطرود الصغيرة. ‘كايمو‘ Kaymu و‘جوميا‘ Jumia تهتمّان بخدماتهما اللوجستية بنفسَيهما، ولكن لا يستطيع كلّ الفعالين في هذا المجال القيام بذلك."
بدوره، يأمل كمال الركاد من "أش مول" أن تنجح هذه المنظّمة الجديدة في تخفيض الضرائب التي تطال القطاع، وأيضاً تخفيض تكاليف التحويلات المالية للدفع عبر الإنترنت، وذلك من خلال العمل مع "مركز النقديات"Centre Monétique Interbancaire ومختلف مقدّمي حلول الدفع والبنوك.
الحماس يقابله الشكّ
في وقتٍ كان الحماس يغمر اللقاء الأوّل، إلّا أنّ البعض لم يخفِ شكوكه حيال هذا الأمر.
أشار البعض إلى أنّ المغرب يمتلك منظّماتٍ مثل "الاتّحاد الوطني المغربي للتجارة الإلكترونية" FNEM التي أثارَت الجدل وكانت عرضةً للدعاوى القضائية، وأيضاً مثل "الاتّحاد المغربي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والعمليات الخارجية" APEBI. ولكنّ الواقع الذي يدلّ على أنّ الوضع لم يتحسّن وأنّ اللاعبين المبتكِرين، مثل "أفيتو" و"أش مول"، الذين لم يشاركوا مع هذه المنظّمات، يؤكّد الحاجة إلى لاعبٍ جديدٍ على الساحة.
من ناحيةً أخرى، أبدى بعض الحاضرين تحفّظاتٍ حول إمكانية التعاون مع السلطات. ولكنّ طاهر علمي من "آد ويب" AdWeb، الذي يمثّل الرأي السائد، قال إنّ "العمل الجماعي يمكن أن يغيّر الأمور" وأن يشكّل عاملاً ضاغطاً في المقابلات القادمة مع وزير الصناعة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي. كما أشار علمي إلى "رابطة شركات تكنوبارك" ASTEC التي تمثّل 170 شركةً توظّف 1500 شخص، وكيف استطاعَت أن تجلس على الطاولة نفسها مع الوزراء ولم يتبقَّ إلّا اتّخاذ التدابير الملموسة.
بدورهم، رفع بعض الصحافيين أصواتهم للاعتراض، مشيرين إلى أنّ الشركات الرقمية لم تكن جذابةً ومربحةً بما فيه الكفاية لكي تستحقّ الاهتمام من الحكومة. وبالتالي، هذا النوع من سوء التفاهم وعدم الفهم، هو ما يؤكّد على الحاجة إلى منظّماتٍ مثل "لو ماروك ديجيتال".
مواقع النشر