لبنى نعيم (البيئة والسماكين) : يعرف التلوث البيئي بانه الحاق الضرر بالموارد الطبيعية وتعرض الكائنات الحية للاخطار، وذلك بفعل فرض او ادخال طاقة او مواد على عناصر البيئة من قبل الانسان بشكل مباشر او غير مباشر، ان ذلك يؤدي الى احداث التغيرات الفيزياوية او الكيمياوية او البايولوجية او الصفات الجمالية في الغلاف المائي او الهوائي، ما يجعلها ضارة بالجهة التي تستفيد منها..
ضمن هذا المحور تشير التقارير والابحاث العلمية الى ان تلوث البحار والانهار يحدث نتيجة للتطور الصناعي واستعمال السيارات والتصنيع الذري وما يولده من فضلات مشعة وكذلك الانفجارات الذرية .. ومن ابرز العناصر الملوثة في الجو مواد الفلور وثاني اوكسيد الكبريت وغاز الفحم واكاسيد الاوزوت واملاح الزنك والحديد والرصاص وبعض العناصر المشعة مثل اليود(131) ..وبعض المركبات العضوية وغيرها، وهناك مستويات للتلوث تحدد من خلالها خطورة تاثيرات التلوث على النبات والحيوان والانسان .. ان مادة (الفلور).. والتي تطرحها مصانع الالمنيوم والفوسفات على وجه الخصوص ادت الى تعرض اوراق الاشجار الى الحروق والى موتها كما في الغابات القريبة من مصانع الالمنيوم والفوسفات في جبال (الالب) وتتباين درجة التأثير من نوع الى أخر من النبات واكثر من ذلك فان النمو الشجري ومن ثم الانتاج الخشبي قد تدهور .. وقد ادى الى انقراض بعض انواع الاشجار وتقلص الغابات مما له اثر في انجراف التربة، وهو ما يؤثر في التوازن البيئي، وتتكرر النتائج السلبية نفسها عندما يتحرر غاز ثاني اوكسيد الكاربون من معامل التكرير والبوتاس والتعدين والمحطات الحرارية حيث تتعرض الاوراق الى الحروق وتدهور في النمو..
تلوث المياه
تمثل البحار اهم مكونات الكرة الارضية.. ان للمسطحات البحرية الهائلة التي يقدر حجمها بـ(3و1 مليار كلم3) تاثيراً كبيراً في الكرة الارضية ومكوناتها اذ تتفاعل المسطحات البحرية مع الجو فتتنوع تبعاً لعدد من متغيرات مناخات العالم..
ان اهم الاخطار التي تتعرض لها البحار وتهددها بالتلوث هي رمي الفضلات فيها من قبل الانسان، هذا التوجه الذي تتنامى مع التطور الصناعي الذي تلا الثورة الصناعية حيث تحولت البحار بصيغة او اخرى الى مكامن كبيرة لاستقبال كل ما تلفظه المصانع وهي في حالة تزايد سواء مباشرة كون المصانع مقامة على سواحل البحار او غير مباشرة حيث تنتقل الفضلات عبر الانهار ونتيجة للحالتين فقد اختلت الموازنة الطبيعية للمنظومة البحرية ومنظومة الجو مما له انعكاساته الخطيرة على الحياة..
وتتصف البيئة البحرية بانها بيئة غنية في الكائنات النباتية والحيوانية المجهرية التي تفرز العديد من المواد الكيمياوية المضادة للبكتريا الملوثة الناتجة عن القاء الفضلات والى درجة تمتلك القدرة على اماتتها.. مما يجعل البيئة البحرية ذات قدرة على التنقية الذاتية.. غير ان التطور التقني بما فيه التصنيع وما رافقه من رمي للسموم والنفط قد اثر في هذه الكائنات المجهرية سلباً حيث اضعف قدرتها على افراز المضادات وفي حالات كثيرة تعرضت هذه الكائنات المجهرية الى الموت ولا سيما في المناطق الصناعية او الخلجان التي تصب فيها مياه الانهار.
في الدول الصناعية.. لقد ادى ذلك الى فقدان البيئة البحرية لقدرتها على التغذية الذاتية مما حول البحار الى بيئة مليئة بالبكتريا.. لقد أوضحت بعض الدراسات العلمية ان الكائنات المجهرية قد انخفضت الى ما يزيد على 40بالمائة مما يسوغ القلق لدى الانسان.. ومن ابرز الامثلة على البحار الملوثة التي تحولت الى بحار غير منتجة (بحر البلطيق) الذي ان وجدت فيه بعض الاسماك القليلة فانه لا ينصح باستهلاكها كما اشرت ذلك منظمة الغذاء والتجارة الدولية..
أنواع التلوث المائي
يعتبر التلوث العضوي احد انواع التلوث المائي وهو اخف الانواع ومصدره عادة يكون عن طريق المجاري التي تنقل الفضلات البشرية في المياه.. التلوث الاخر هو التلوث الكيميائي.. حيث تنتقل الملوثات الكيميائية الى المياه عن طريق شبكة المجاري اضافة الى ما تلفظه المصانع ومياه الري الزائدة...
ومن ابرز هذه الملوثات (المنظفات) التي يتزايد استعمالها في المرحلة المعاصرة .. وهي على النقيض من مادة الصابون القابلة للتفكك بفعل الكائنات الحية اذ انها ثابتة وغير قابلة للتفكك حيوياً وقد ثبت ان من جملة آثار المنظفات (تسرطن الفئران) بفعل الفحوم الهايدروجينية التي تمثل اساس المنظفات، والعلاج هو في ايجاد البديل من المنظفات القابلة للتفكك الحيوي.. يضاف الى ذلك التلوث الحاصل عن النفط والذي يعرف بالفحم الهايدروجيني والصادر عن ناقلات النفط وتصادمها او غرقها، وعن مياه تبريد المصافي، لقد قدرت الكميات التي تلقى سنوياً في البحر المتوسط 2و1 مليون طن من النفط ما يزيد من تراكم الفحم الهايدروجيني باستمرار وبذلك تحول هذا البحر وغيره الى بحار ملوثة ما عرض وسيعرض الموازنة البيئية للاختلال كما يؤدي الزئبق والرصاص والكادميوم والمبيدات دوراً يفوق في تأثيره السمي الفحم الهايدروجيني، هذا بالرغم من قلة تركيز هذه المواد في المياه البحرية ..
ان خطرها نابع من تركزها في البلاتكتون النباتي وكذلك في البلاتكتون الحيواني الذي يتغذى على النبات ومن ثم في اجسام الاسماك ويتجاوز تأثير سمية هذه المواد تأثيراتها في السلسلة الغذائية الى اخطارها على الحياة البشرية حيث ان لها دورها المسرطن اضافة الى انواع التسمم.
المعالجات
اما العراق وفي ضوء تطور صناعته النفطية وتوسع مشاريعه الصناعية فيكمن تأثير الاخطار البيئية المرافقة لمثل هذا التطور ممثلة بالملوثات العالقة او المذابة في المياه المستعملة في عمليات التشغيل والصيانة في مثل هذه المشاريع وكذلك تلوث المياه وهواء المناطق القريبة او المحيطة وبتلوثات جانبية تصيب الكائنات الحية على اليابسة وفي الماء والهواء اضافة الى التلوث الحراري والضوضاء.. وقد تحسس المعنيون بذلك وطورت خبرات معالجة هذه المشكلات مع استيعاب لخصوصية البيئة المحلية.. حيث تمت السيطرة على ما يعلق من زيوت وبالحدود المسموح بها والسيطرة على ما يلفظ من عملية الاحتراق والوصول الى ضمان توفير الحد الضروري من الاوكسجين البايولوجي والكيمياوي من اجل حماية الكائنات الحية وتنظيم عملية التخلص من النفايات الصلبة ومعالجتها..
اعداد م/ لبنى نعيم
مواقع النشر