القاهرة (رويترز) - يرى الكاتب المصري سليمان فياض أن الخلافة الإسلامية منذ العصر الأموي في القرن الأول الهجري حتى سقوط الإمبراطورية العثمانية في عشرينيات القرن الماضي استخدمت الدين قناعا "لإخضاع البلاد والعباد" بما أساء إلى مقاصد الإسلام.
ويقول في كتابه (الوجه الآخر للخلافة الإسلامية) إن الخلفاء كانوا ممثلين "لأسر ملكية حاكمة" وتوارثوا الحكم بعيدا عن روح الدين الذي استهدف تحرير الإنسان ومن مقاصده "العدل وحرية الاعتقاد والأمن والتكافل الاجتماعي والإخاء والمساواة."
ويرى أن هذه القيم الإنسانية والدينية تم إهدارها طوال "خلافات القهر الإمبراطورية" التي يقول إنها انتهجت الاستبداد والشمولية وكان سقوط آخرها بداية لأنظمة مدنية "تحقق بسلطان الحكم الشوري مقاصد الدين" وتمكنت الأنظمة التي حكمت بعد سقوط الدولة العثمانية من إحباط محاولات العودة إلى نظام الخلافة منذ نهاية العشرينيات.
ويضيف أن صعود جماعات الإسلام السياسي في السبعينيات بتنظيماتها العلنية والسرية عزز الحنين والمطالبة بالعودة إلى نظام الخلافة الذي "فشلت تجاربه... السنية والشيعية" كما وصف ذلك مؤرخون مسلمون معاصرون لذلك الحكم إذ "كتبوا عن وقائع مفزعة لخلفاء القهر في حكم الشعوب وفي صراعات هؤلاء الخلفاء مع بعضهم بعضا."
وفياض (87 عاما) الذي تخرج في جامعة الأزهر عام 1956 عمل بعد تخرجه في وزارة الأوقاف المصرية سكرتيرا للجنة كان عنوانها (الدفاع عن الإسلام) مع الشيخين سيد سابق ومحمد الغزالي اللذين كانا مسؤولين عن إدارة المساجد والدعوة والدعاة.
لكن فياض ترك ذلك العمل واتجه إلى الصحافة وعمل في مجلتي (الإذاعة والتلفزيون) و(إبداع) كما عمل خبيرا لغويا فى مشروع تعريب الكمبيوتر لبعض برامج اللغة العربية لصالح شركات مصرية وعربية. وصدرت له مجموعات قصصية وروايات.
ولفياض سلسلة كتب عن سير أعلام العرب ومنهم (ابن النفيس) و(ابن الهيثم) و(ابن بطوطة) و(ابن سينا) و(الفارابي) و(الخوارزمي) و(ابن رشد) و(الإدريسي) و(الدميري) وله في مجال علم اللغة (معجم الأفعال العربية المعاصرة) و(الدليل اللغوي) و(أنظمة تصريف الأفعال العربية) و(الأفعال العربية الشاذة). ونال جائزة سلطان العويس من الإمارات عام 1994.
تمثال لاتاتورك مؤسس تركيا الحديثة قرب مسجد -
رويترز
وكتاب (الوجه الآخر للخلافة الإسلامية) الذي يقع في 234 صفحة متوسطة القطع صدر في سلسلة (إنسانيات) ضمن منشورات (مكتبة الأسرة) التي تتبناها الهيئة المصرية العامة للكتاب بهدف مساعدة القارئ "في تكوين مرجعيته الثقافية العامة" كما سجل الغلاف الأخير.
وأورد الكتاب تسلسلا لسنوات الحكام في السلطة بداية من معاوية بن أبي سفيان الذي حكم 20 عاما وحكم عبد الملك بن مروان 20 عاما وهشام بن عبد الملك 19 عاما. وفي الخلافة العباسية مكث كل من أبو جعفر المنصور والمأمون 20 عاما والمعتمد 22 عاما.
ويرى المؤلف أن الإسلام لم يفرض نظاما وحيدا للحكم ولا تصورا وحيدا للشورى وأن المسلمين اليوم مطالبون بالأخذ بحقوق الإنسان التي يعتبرها من مقاصد الإسلام.
ويقول إن "منطق العصر" يفرض تداول السلطة وتجدد أهل الشورى كل عدة سنوات درءا للمفاسد وضمانا لمراقبة تصرفات المسؤولين ومحاسبتهم مضيفا أن الآية القرآنية التي تقول "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" التي وردت في سورة (البقرة) هي "درس القرآن الكريم" في هذا الشأن.
وفيما يشبه الخلاصة يقول فياض "إن نظام الخلافة لا ينبغي للمسلمين أن يعودوا إليه مرة أخرى فهو نظام فرضته العصور الوسطى وكان طبيعيا أن يوجد في تلك العصور ... لم يكن ممكنا في تلك العصور سوى هذا التصور لنظام الحكم الإسلامي."
مواقع النشر