تونس - ابتسام جمال (الشروق) : «تعرفت على زوجي في الفايس بوك».. «عرفته على أحد مواقع التواصل الاجتماعي لكني اكتشفت أنه متحيل ومخادع».. «كدت أعقد قراني من ارهابي».. عبارات اصبحت دارجة مع تحولات مجتمع سيطرت عليه التكنولوجيا الحديثة حتى في العلاقات العاطفية والزيجات.
«الشروق» حاولت الدخول في تفاصيل التطورات والتحولات التي تشهدها العلاقات والزيجات التونسية في علاقتها بالتعارف عن طريق «الفايس بوك» وإن كانت «انفتاحا» على الآخر كما يقول بعض الشباب أو «انقلابا» على الوساطات التقليدية والعادات والتقاليد.
كان هاجس كريم (تونسي بكندا) الزواج بتونسية، رغم رفضه الزواج التقليدي. ويقول:" كنت منبهرا بصورها وجمالها وطريق كلامها. بعد أشهر من الحديث الافتراضي أخذت طائرة في اتجاه تونس بنية الزواج قابلتها لمرة وتزوجنا.. بعد الزواج تبين أن ما شعرت به كان مخالفا للافتراضي.. وقضيتنا اليوم في المحكمة للطلاق».
خاطبة «الفايس بوك»
رغم أن حكاية كريم قد باءت بالفشل إلا أنه يعتبر أن الفشل لا يتعلق بوسيلة التعارف بل بطبيعة العلاقات والمفاهيم والتسرع الذي قد يجعل الشاب يتزوج دون معايير واضحة. في المقابل تحدثت عدد من السيدات عن قصص ناجحة لتعارف، فحديث، فلقاء فزواج ليصبح «الفايس بوك» خير خاطبة.
وتحذر عبير الفتيات من بعض أنواع المتحيلين الجدد في وسائل التواصل الاجتماعي حيث تقول إنها وقعت ضحية تحيل شاب ادعى أنه طبيب ويحلم بالزواج بها ولكنه استدرجها للحصول على مبالغ مالية قبل أن يغادر دون أن تتمكن من تتبع آثاره أو معرفة عنوانه وحتى رقم الهاتف غير موجود. أما حكاية «نور» فتبدو أكثر تعقيدا فبعد أن أوهمها شاب بالحب الحلال وبأنه شخص خلوق ومتدين وميسور يرغب في الزواج، حاولت عائلتها معرفة حقيقة هذا الشاب لتكتشف أن له شبهات في تسفير فتيات نحو سوريا، في «جهاد النكاح».
وكانت مصادر حقوقية وأمنية قد حذرت خلال السنوات الأخيرة من بروز استقطاب فتيات ومنهن قاصرات عبر الأنترنت واستدراجهن نحو زواج وسرعان ما يجدن أنفسهن مورطات فيما يعرف بجهاد النكاح.
مجتمع ونفسية
تطورت العلاقات المهنية والعاطفية واستخدامات الفايس بوك في تونس، التي تحتل المرتبة الثانية افريقيا في نسبة مستخدمي الفايسبوك بنسبة 55.27 بالمائة.
ويؤكد أخصائي وخبير العلاقات الأسرية والزوجية الدكتور حمزة الضي، أن تطور التكنولوجيا وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة موقع الفايسبوك في تونس انعكس على طرق التعارف والزواج بين الجنسين. ويعتقد الكثير أن فرص التعارف «التكنولوجية» متاحة أكثر من الفرص التقليدية. ومكنت التكنولوجيا من كسر الشعور بالخجل والتحرر من «العقد» والـ"راحة" في التعبير عن الذات أكثر من العلاقات العادية التقليدية. وتمكن المواقع من فرص أكثر في اللقاء والتعارف ومن هنا بدأ التفكير بمواقع التواصل على أنها مواقع للزواج. في المقابل نبه الدكتور حمزة من أن تتوج العلاقات الافتراضية بالفشل وبنتائج معاكسة «وخيمة لا تحمد عقباها».
وارجع الدكتور أسباب تحول الأنترنات إلى «خاطبة» في نظر البعض، إلى تعدد الخيارات وتقديم الفايس بوك لملامح كل شخص، حيث يحتوي كل «بروفايل» على معطيات مثل العمر والحالة الاجتماعية والمستوى العلمي والثقافي وغيرها من التفاصيل التي تكون موضعا للبحث والاهتمام، وهو ما يمثل حلا سهلا بتكاليف محدودة مقابل تعقيدات التواصل التقليدي ورفضه من بعض الشباب.
«الأكيد أن ارتفاع نسبة العنوسة وتأخر سن الزواج لدى الإناث أو الذكور في مجتمعنا هي من الأسباب التي تجعل الجميع يفتح أبواب التعارف والبحث عن علاقات افتراضية على أمل أن تتحول إلى زيجات. وهي أقل حرجا وإحراجا، كما أنها تكون في أوقات الفراغ والتي لا يمكن توفرها لمن يعمل ولا يملك وقتا في النهار للتعارف.»
وأضاف أن الفتيات هن الأكثر تعلقا بفكرة الزواج نظرا للضغوطات الاجتماعية المسلطة عليها والنظرة التقليدية للفتاة التي لم تتزوج، وتتحول مواقع التواصل الاجتماعية إلى «امل» وفرصة للزواج ولإثبات الذات، وتتحرر المرأة من الحرج وتشعر أنها أكثر حرية في اختيار شريك حياتها بنفسها دون أي تدخل من قبل الأهل، الذين قد تكون مقاييسهم مادية ومغايرة لنظرتها لشريك العمر.
حمزة ضي (مختص في العلاقات الأسرية)
نصائح من أجل تحول «الافتراضي» إلى واقعي
«بين النجاح والفشل في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الزواج هناك نصائح يمكن أن نقدمها للشاب والمرأة.» هكذا عبر الدكتور حمزة ضي عن تحول العلاقات بشكل كبير نحو استخدام الافتراضي. ونبه الى أن العلاقة لا يجب أن تبقى لمدة طويلة في خانة «الافتراضي» حتى لا يتحول المستخدم إلى ضحية تحكم «الشريك» في مشاعره واستغلالها سواء ماديا أو عاطفيا أو جنسيا.
وقال: «هناك مظاهر سلبية تتمثل في الكذب والخداع حيث هناك العديد من التجارب التي يتعرض فيها الشخص للخداع والاستغلال المادي أو الجنسي. فما الضمانة التي تؤكد لنا أن ما يسرده الطرف الآخر عن نفسه صحيحا؟ ننصح بطلب التحدث عبر الصوت والصورة وفي هذه الحالة نقلل من فرص التعرض للخداع في المظهر، ولكن تظل المشكلة قائمة ألا وهي المعلومات والتفاصيل التي يسردها عن نفسه. فالزواج يحتاج إلى بيانات غاية في الأهمية خاصة العمر والحالة الاجتماعية وطبيعة الشخص وغيرها من المعلومات الأخرى الخاصة».
في المقابل لم ينف وجود علاقات ناجحة نجح "الفايسبوك " من خلالها في تقريب المسافات ووجهات النظر على اساس الثقة المتبادلة التي صنعت زيجات ناجحة.
مواقع النشر