دمشق - ا ف ب : وصلت المواجهات بين القوات النظامية السورية والمقاتلين المعارضين الاربعاء، للمرة الاولى منذ بدء الاضطرابات قبل اكثر من 16 شهرا، الى مشارف حيي باب توما وباب شرقي المسيحيين في وسط دمشق، فيما تستمر المعارك على اشدها في حلب. واسفرت اعمال العنف في سوريا الاربعاء عن مقتل 110 اشخاص على الاقل، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وتواصلت الاربعاء المعارك في حلب (شمال) بين الجيش النظامي و"الجيش السوري الحر"، المكون بشكل اساسي من جنود منشقين، للسيطرة على ثاني كبرى المدن السورية والعاصمة الاقتصادية للبلاد، في حين افادت بعثة المراقبين الدوليين ان القوات الحكومية تستخدم الطيران الحربي لقصف المدينة، وان المعارضة المسلحة "تملك اسلحة ثقيلة بما في ذلك دبابات".
في هذا الوقت، اكد الرئيس بشار الاسد الاربعاء ان الجيش السوري يخوض "معارك بطولة وشرف" ضد "العدو" يتوقف عليها "مصير" الشعب السوري والامة.
عادت الاشتباكات الاربعاء الى قلب دمشق فانتقلت من باب توما وباب شرقي فجرا لتصل بعد الظهر الى حي التضامن جنوبا، بينما تتواصل المعارك عنيفة في حلب حيث يدافع الجيش الحر عن الاحياء التي يسيطر عليها، في يوم بلغت حصيلة قتلاه 110 بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال الاسد في كلمة وجهها الى الجيش السوري بمناسبة عيد تاسيسه السابع والستين ونقلتها وكالة الانباء الرسمية (سانا) ان "معركتنا مع العدو معركة متعددة الأشكال واضحة الأهداف والمعالم.. معركة يتوقف عليها مصير شعبنا وأمتنا ماضيا وحاضرا ومستقبلا". واضاف ان "الجيش العربي السوري خاض وما يزال معارك الشرف والبطولة دفاعا عن سيادة الوطن وكرامة الأمة (...)"، مضيفا ان "عدونا بات اليوم بين ظهرانينا يتخذ من عملاء الداخل جسر عبور له ومطية لضرب استقرار الوطن وزعزعة أمن المواطن".
ميدانيا، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان عصر الاربعاء ان "اشتباكات عنيفة تدور منذ اكثر من ساعة بين القوات النظامية ومقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة في سوق الثلاثاء بحي التضامن بالعاصمة السورية"، موضحا ان الحي "يتعرض لقصف مدفعي ولم ترد حتى اللحظة معلومات عن خسائر بشرية".
وشهدت دمشق فجر الاربعاء لاول مرة اشتباكات في محيط حيي باب توما وباب شرقي المسيحيين بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية، بحسب المرصد. ويقع هذان الحيان بوسط دمشق القديمة ويتميزان بوجود الكثير من الفنادق وبحركة سياحية لافتة.
وقد بلغت حصيلة اليوم 110 قتلى بحسب المرصد الذي اشار الى ان بين القتلى 67 مدنيا نحو نصفهم في ريف دمشق حيث سقط 30 مدنيا بينهم 28 في عرطوز، بالاضافة الى 14 مقاتلا معارضا. وقتل ما لا يقل عن 29 من القوات النظامية بينهم ضابط خلال اشتباكات في محافظات دمشق وادلب ودرعا وحمص.
وفي حلب التي تشهد منذ السبت هجوما واسع النطاق شنه الجيش السوري لاستعادة السيطرة عليها، تدور معارك في الاحياء التي يسيطر عليها الجيش السوري الحر.
ومنذ الثلاثاء، افاد مصدر امني سوري عن استقدام تعزيزات اضافية من الطرفين تمهيدا ل"معركة طويلة الامد" في حلب، فيما اعلن الجيش الحر الاستيلاء على ثلاثة اقسام للشرطة في المدينة بعد معارك سقط فيها العديد من عناصر قوات الامن والمقاتلين المعارضين.
قال الاسد في كلمة وجهها الى الجيش السوري بمناسبة عيد تاسيسه السابع والستين ونقلتها وكالة الانباء الرسمية (سانا) ان "معركتنا مع العدو معركة متعددة الأشكال واضحة الأهداف والمعالم.. معركة يتوقف عليها مصير شعبنا وأمتنا ماضيا وحاضرا ومستقبلا"
وافاد احد قادة الجيش السوري الحر العميد عبد الناصر فرزات الاربعاء مراسل وكالة فرانس برس قرب حلب، ان المقاتلين المعارضين يسعون الى السيطرة على مقرات المخابرات في مدينة حلب، بعد استيلائهم على ثلاثة مراكز للشرطة.
في هذا السياق، افاد مصدر امني في دمشق فرانس برس ان "هدف المتمردين هو الاستيلاء على مقر المخابرات الجوية في حي الزهراء الذي يقع في الضواحي الغربية لمدينة حلب". واوضح المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان تحقيق ذلك "سيفتح الباب (امام المتمردين) على الاحياء القريبة والثرية في المدينة والتي لا يسيطرون عليها الآن"، مشيرا الى ان المقاتلين المعارضين "يحاولون منذ خمسة ايام الاستيلاء على هذا المقر من دون ان يحققوا اي نجاح".
وذكرت صحيفة "الوطن" السورية الاربعاء ان "وحدات الجيش العربي السوري ضيقت الخناق على الارهابيين المنتشرين في احياء شعبية عدة في مدينة حلب ونفذت عمليات نوعية في الأحياء الشرقية التي تشهد وجودا مكثفا للمسلحين". كما اشارت الى ان الجهات الامنية "قامت بتمشيط حي باب النيرب" و"أوقعت خسائر بشرية في صفوف المسلحين الذين استهدفوا مقار أمنية ومبنى فرع حزب البعث".
ويسعى الجيش الحر من خلال معركة حلب، بحسب خبراء ومحللين عسكريين، الى الحصول على منطقة آمنة بشمال البلاد، لا سيما بعد ان سيطر المعارضون على مناطق واسعة في ريف حلب قريبة من الحدود التركية.
قال ناشطون ان بين قتلى يوم الاربعاء 67 مدنيا نحو نصفهم في ريف دمشق حيث سقط 30 مدنيا بينهم 28 في عرطوز، بالاضافة الى 14 مقاتلا معارضا
وعلى الجانب الاخر من الحدود بدأ الجيش التركي تدريبات عسكرية على سرعة دباباته وقدرتها على المناورة في المنطقة الجنوبية الشرقية المحاذية لسوريا، بحسب وكالة انباء الاناضول. وتاتي هذه التدريبات بعد ان ارسلت تركيا قافلة من الدبابات والاسلحة وبطاريات صواريخ ارض جو الى الحدود مع سوريا لتعزيز دفاعاتها مع تصاعد العنف على الجانب الاخر من الحدود.
وافادت الناطقة باسم بعثة المراقبين الدوليين في سوريا سوسن غوشة فرانس برس ان الجيش السوري يستخدم الطيران الحربي في قصف حلب. ولفتت الى ان المراقبين الدوليين يملكون كذلك "معلومات مؤكدة عن ان المعارضة (المسلحة) في حلب تملك اسلحة ثقيلة بما في ذلك دبابات". واضافت "نحن قلقون جدا من القتال العنيف في حلب"، مشيرة الى ان هناك تقارير عن "نزوح جماعي من المنطقة"، ومؤكدة وجود "نقص في الاغذية والوقود والغاز".
واعلن برنامج الاغذية العالمي الاربعاء انه ارسل مساعدة غذائية الى حلب، مضيفا ان "الوضع الانساني يتدهور في حلب والاحتياجات الغذائية في تزايد".
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان "ان الهجوم الجاري على مدينة حلب والذي يعرض حياة المدنيين لمخاطر اكبر، هو تطور متوقع جاء بعد نمط مقلق من الانتهاكات التي ترتكبها قوات الامن الحكومية في ارجاء البلاد".
وافاد مراسل فرانس برس من منطقة في ريف حلب عن قصف استمر معظم الليل على مناطق في شمال غرب المحافظة، مشيرا الى "سقوط صواريخ غراد في المنطقة".
سياسيا، سجل
انقسام جديد في صفوف المعارضة السورية غداة الاعلان في القاهرة الثلاثاء عن تأسيس "مجلس الامناء الثوري السوري" من شخصيات غير حزبية، وتكليفه المعارض البارز هيثم المالح تشكيل حكومة انتقالية في المنفى. ووصف رئيس المجلس الوطني عبد الباسط سيدا الخطوة بانها "متسرعة" و"تضعف المعارضة، فيما اعتبرها الجيش السوري الحر في الداخل بانها فكرة "ولدت ميتة، كونها صدرت عن فصيل واحد لا يمثل اطياف المعارضة ولا يلبي مطالب الشعب".
وفي بغداد اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ومبعوث الرئيس الروسي للشرق الاوسط ميخائيل ليونيدفيج خلال لقاء الاربعاء على ضرورة ايجاد "حل سلمي يحقن دماء السوريين ويحقق التحول المطلوب" في سوريا.
في هذه الاثناء بدأ وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو الاربعاء زيارة الى اربيل بهدف بحث اوضاع الاكراد في سوريا، وفقا لمصادر حكومية في اقليم كردستان العراق.
الى ذلك اكدت السفارة الروسية في دمشق الاربعاء لفرانس برس ان "لا تغيير في عملها" ولا تعليمات تقضي باجلاء الرعايا الروس من البلاد بعد ادراجها اسم سوريا في قائمة البلدان التي "تعيش ظروف طارئة".
شهدت دمشق فجر الاربعاء لاول مرة اشتباكات في محيط حيي باب توما وباب شرقي المسيحيين بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية، بحسب المرصد. وفي موسكو قال المتحدث باسم الرئيس الروسي ان فلاديمير بوتين سيدافع بقوة عن موقف روسيا من الازمة في سوريا عندما يلتقي رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الخميس في لندن. وصرح المتحدث ديمتري بيسكوف بحسب ما نقلت عنه وكالات الانباء الروسية "نتوقع ان تتاح لنا فرصة اخرى لمواصلة حوارنا وان نوضح للجانب البريطاني موقفنا الواضح والثابت بشان المسالة السورية". ورفض المتحدث كذلك تصريحات كاميرون التي تلمح الى ان بوتين يرى ان على الرئيس السوري بشار الاسد التنحي، وقال "نعتقد ان السبب في هذه التصريحات هو خطأ في الترجمة".
وفي براغ اعلنت الخارجية التشيكية ان سفارتها في دمشق ستمثل المصالح القنصلية للولايات المتحدة التي اغلقت بعثتها الدبلوماسية في العاصمة السورية في شباط/فبراير.
مواقع النشر