الكيماويات النباتية أو كما يسميها الباحثون العناصر الغذائية النباتية، هذان المصطلحان يعنيان الكيماويات أو العناصر الغذائية الموجودة بالنباتات. ولم تتواجد تلك المركبات بالنباتات مصادفة، ولكنها طريقة الطبيعة الأم في الحفاظ على جمال نباتاتها . فلو نظرنا إلى مركب الكبريت الذي يوجد في البصل والثوم على سبيل المثال لوجدناه يعمل كطارد للحشرات لكي يحافظ على صحة وسلامة الخضروات. كما أن المواد الصباغية الحساسة الموجودة في النباتات مثل البيتاكاروتين والتي توجد عادة في الشمام والجزر تكسب الأطعمة التي نتناولها ألوانها الجذابة. وبعض المركبات الأخرى في النباتات تحميها من البكتريا والفيروسات وأعداء طبيعيين آخرين.
(1)
ذات قدرات مذهلة ويمكن تطوير سلالات عالية الكيماويات من
الخضروات لاستخدامها ضد أمراض السرطان وأمراض القلب
الثوم
عندما نتناول أطعمة تحتوي على مثل هذه المركبات الحامية للنباتات فإنها تبدأ في حمايتنا كذلك ليس من الحشرات بالطبع ولكن عن القوى التي تسبب دماراً للجسم مثل الكوليسترول المرتفع وتصلب الشرايين وأمراض القلب وأنواع معينة من السرطان وكذلك الشيخوخة نفسها. إن عوائل العناصر الغذائية النباتية هي عوائل كبيرة كل عضو فيها يعمل بطريقته الخاصة ولكن فيما يبدو ، فإن أقوى أسلحتها ضد الأمراض هي قدراتها المضادة للأكسدة.
كل يوم يواجه جسم الإنسان هجوماً من قبل مواد ضارة تعرف باسم الجذور الحرة أو
الشقوق الحرة Free Radicals وهي عبارة عن جزئيات أكجسين فقد كل منها نتيجة التلوث وضوء الشمس وعوامل أخرى الكتروناً . وفي محاولتها لاسترجاع الكتروناتها المفقودة، فإنها تهيم في داخل الجسم سارقة الكترونات أينما تجدها. والضحايا من الجزئيات في هذه الغارات تتلف في هذه العملية لتصبح جذوراً حرة هي الأخرى. وإذا لم يتم التدخل لإيقاف هذه السلسلة من التفاعلات تكون النتيجة عدداً ضخماً من الجزئيات المدمرة التي تتحول بمرور الوقت إلى تلف يتعذر إصلاحه.
لنضرب مثلاً على ذلك : يعتبر الكوليسترول الطبيعي مادة مفيدة وحميدة. ولكن حينما تتلف الجذور الحرة جزئيات الكوليسترول ، فإنه يبدأ في الالتصاق بجدران الشرايين مسبباً تصلباً بالشرايين وأمراض القلب . ولنعطي مثلاً آخر : حينما تهاجم الجذور الحره جزئيات بالحامض النووي بالجسم فإن هذه المادة الجينية الرئيسية والتي تملي على خلايا الجسم كيف تؤدي وظائفها يتم إتلافها . وهذا هو ما يسمح للسرطان بالنمو . ويعتقد العديد من العلماء أنه حتى السرطان يعد أحد نواتج التلف الذي تسببه الجذور أو الشقوق الحرة .
إن العناصر الكيميائية الغذائية النباتية باستخدام قواها المضادة للأكسدة قد تستطيع إنقاذ حياة الإنسان حيث إنها في الأساس تقف حائلاً بين الجذور الحرة الغازية وبين خلايا الجسم مقدمة الكتروناتها الخاصة . وعندما تلتهم الجذور الحرة هذه الالكترونات الحره فإنها تستعيد استقرارها ولا تسبب أي تلف مرة أخرى. وتعد معظم العناصر الغذائية النباتية من مضادات الأكسدة .
كيف تتخلص العناصر الغذائية النباتية من المخلفات السامة ؟
تقوم العناصر الغذائية النباتية على تحييد والتخلص من الكيماويات السامة من أجسامنا قبل أن تتاح لها الفرصة في التسبب لنا بالأمراض . وهي تقوم بذلك عن طريق التلاعب بأنزيمات المرحلة الأولى وأنزيمات المرحلة الثانية ، فأنزيمات المرحلة الأولى تشبه العملاء المزدوجين فالجسم يقوم بإنتاجها ، وهي مهمة لكي تقوم الخلايا بوظائفها الطبيعية ، ولكنها تملك القدرة على الانقلاب ضدنا أيضاً فعندما تدخل السموم المسببة للسرطان أجسامنا فإن أنزيمات المرحلة الأولى تساعدها على أن تصبح نشطة. وعلى الجانب الآخر ، فإن أنزيمات المرحلة الثانية تمثل الطرف الصالح ، حيث تبحث عن المواد المسرطنة وتزيل السموم منها قبل أن تسبب أي تلف . فمثلاً عندما نتناول نبات البروكلي وهو من مجموعة النباتات الصليبية أو أية خضروات أخرى ، فإن بعض العناصر الغذائية النباتية تبدأ في القضاء على أنزيمات المرحلة الأولى التي تمثل العدو ، وفي الوقت نفسه فإنها تزيد أنزيمات المرحلة الثانية التي تمثل الصديق . وهذه العملية تساعد على تحييد السموم المختلفة المسببة للسرطان التي تتراكم طبيعياً بالجسم .
البصل
هناك طريقة ثالثة تحارب بها العناصر الغذائية النباتية الأمراض وذلك عن طريق الحفاظ على هورمونات بعينها أبرزها هورمون الإستروجين الأنثوي في معدلات صحية . والإستروجين هو أحد الهورمونات المفيدة والضارة في نفس الوقت. فعندما يتم إفرازه بمعدلات طبيعية ، يساعد في السيطرة على كل شيء بداية من الطمث وحتى العيوب الخلقية وفي الوقت نفسه ، فإنه يخضع الكوليسترول الذي يسبب انسداداً بالشرايين للرقابة. وبالتالي فإنه يقي من الإصابة بأمراض القلب . ولكن حينما ترتفع معدلات الإستروجين عن الحد الطبيعي ، فإنها قد تستحدث الأورام السرطانية المرتبطة بالهورمونات مثل سرطان الثدي والمبيض على النمو. هناك طرق عديدة تحافظ بها العناصر الغذائية النباتية على الأستروجين في معدلاته الطبيعية. على سبيل المثال ، يوجد نوع من العناصر الغذائية النباتية يدعى الأيزوفلافونات يشبه إلى حد ما الإستروجين الطبيعي. وعندما نتناول أطعمة تحتوي على هذا المركب الكيميائي فإن هذه الهورمونات الزائفة تتعلق بمستقبلات الإستروجين بالجسم ، مما يجعل الهورمونات الطبيعية لا تجد مكاناً تذهب إليه سوى خارج الجسم .
البروكلي
وعلى الرغم من أنه عادة ما يشار إلى الإستروجين على أنه هورمون واحد ، إلا أنه في الحقيقة له أشكال مختلفة. فأحد أنواع الإستروجين يسمى "الفاهيدروكسيسترون 16" تم ربطه بسرطان الثدي ، في حين أن نوعاً آخر يسمى "الفاهيدروكسيسترون 2" يبدو أنه لا يسبب أي ضرر. وهناك أنواع معينة من العناصر الغذائية النباتية تمتلك القدرة على زيادة معدلات النوع غير الضار من الإستروجين ، وفي الوقت نفسه خفض معدلات النوع الخطير .
ما هي الأطعمة العلاجية ؟
في الحقيقة ان قدرات مركبات العناصر الغذائية النباتية مذهلة جداً. وكما حدث مع الفيتامينات والمعادن من قبل يتوقع العلماء أن يأتي يوم تستخدم فيه العديد من هذه المركبات لعلاج الأمراض في المستشفيات وفي الوقاية منها بالمنزل. يقول الدكتور برادلو "لقد اعتاد الناس الإصابة بمرض البري بري وهو مرض ينتج عن نقص أحد الفيتامينات ويتسم بانخفاض في الاتساق العضلي العصبي لعدم حصولهم على كميات كافية من الثيامين ( فيتامين ب3) في غذائهم . ولكننا بدأنا الآن في تعزيز الخبز بهذا الفيتامين ، ونتيجة لذلك لم يعد أحد يصاب بمرض البري بري . وبنفس الطريقة قد يكون من الممكن تطوير سلالات عالية الكيماويات النباتية من الخضروات حتى يمكن استخدامها علاجاً ضد أمراض السرطان وأمراض القلب .
يؤكد الباحثون أنه توجد طريقة واحدة تحصل بها على العناصر الغذائية النباتية التي يحتاجها الجسم وهي الحصول عليها من العبوات الموجودة في الطبيعة الأم ، أي الخضروات والفواكه والبقول ، وأن تتناول من خمس إلى تسع حصص غذائية على الأقل في اليوم .
الفواكه
(2)
الكيماويات النباتية أو كما يسميها الباحثون
العناصر الغذائية النباتية، والتي تحدثنا عنها الأسبوع الماضي يعنيان الكيماويات أو العناصر الغذائية الموجودة بالنباتات. وفي الحقيقة ان قدرات مركبات العناصر الغذائية النباتية مذهلة جداً. ويؤكد الباحثون أنه توجد طريقة واحدة تحصل بها على العناصر الغذائية النباتية التي يحتاجها الجسم وهي الحصول عليها من العبوات الموجودة في الطبيعة الأم، أي الخضروات والفواكه والبقول، وأن تتناول من خمس إلى تسع حصص غذائية على الأقل في اليوم.
كبريتيد الأليليك ... قدرة هائلة على الحيلولة دون ترسب الكولسترول والدهون الثلاثية ومحاربة السرطان
ط¨طµظ„ ظˆ ط«ظˆظ….jpg
سنستعرض بعض هذه الكيماويات وهي :
1 - كبريتيد الأليليك : عندما تقطع ثمرة من الثوم أو البصل الطازج فإنك سوف تتعرف على أحد أقوى العناصر الغذائية النباتية الطبيعية وهو كبريتيد الأليليك ،ان هذه المركبات تعرف بقدرتها على استثارة دموعك قد تمتلك القدرة كذلك على الوقاية من أمراض السرطان وأمراض القلب . إن كبريتيد الأليليك هو نوع من العناصر الغذائية النباتية التي تستحث نمو الأنزيمات الطاردة للسموم . لقد أثبتت الأبحاث أن هذا المركب فعال على وجه الخصوص في محاربة سرطان جهاز المعدة والأمعاء .
وفي دراسة أجريت على 120.000 رجل وامرأة في هولندا فحص الباحثون كميات البصل المحتوي على الكبريتيد التي تناولها هؤلاء الهولنديون وقارنوها بمعدلات الإصابة بسرطان المعدة. وقد وجد أنه كلما زادت معدلات البصل التي تناولها الخاضعون للدراسة ، انخفض خطر الإصابة بسرطان المعدة .
وفي دراسة أخرى أظهر الثوم أحد أعضاء عائلة البصل مقدرة مماثلة في سحق الأورام فقط أعطى الباحثون المجموعة من الفئران كميات كبيرة من الثوم كل يوم على مدار أسبوعين ، بينما لم تتلق مجموعة ثانية أي ثوم. وعندما تعرضت الحيوانات للكيماويات المسببة للسرطان ، كانت نسبة إصابة المجموعة التي تناولت الثوم بالأورام السرطانية منخفضة بمقدار 76% عن المجموعة الأخرى التي لم تتناول سوى الطعام العادي .
إن كبريتيد الأليليك يملك كذلك قدرة هائلة على الحيلولة دون ترسب الكوليسترول والدهون الثلاثية في تجلطات الدم وتصلب الشرايين المهددة للصحة. وفي إحدى الدراسات عبأ الباحثون غذاء للمتطوعين بمزيد من الزبد والدهون من تلك التي قد نجدها في أحد المخابز الفرنسية ، ثم راقبوا معدل ارتفاع الكوليسترول وتجلط الدم لديهم. وبعد ذلك أعطوا نفس المتطوعين مستخلص بصل عالي نسبة الكبريتيد. ولم يعمل هذا المستخلص فقط على منع ارتفاع الكوليسترول الناتج عن تناول الكثير من الدهون ولكن رفع أيضاً من قدرة أجسام المتطوعين على إذابة الجلطات.
2 - الجزرانيات : الجزرانيات هي أصباغ نباتية يتكون من حوالي 600 صبغ نباتي أصفر وأحمر والذي يشمل البيتاكاروتين هو الذي يعطي الطماطم اللون الأحمر الجميل ويكسب الجزر والشمام لونهما البرتقالي البراق. وتوجد الجزرانيات في الخضروات ذات الأوراق الخضراء الداكنة مثل السبانخ والبروكلي ونحن لا نستطيع رؤيتها لأن الكلوروفيل أو ما يعرف باليخضور في هذه النباتات يفوق قوة لونه الأخضر على قوة أصباغ الكاروتين الأفتح لوناً منه .
تعتبر الجزرانيات من مضادات الأكسدة القوية ، مما يجعلها أحد المحاربين الأساسين ضد أمراض القلب والسرطان. إن هناك علاقة واضحة بين تناول الكثير من الأطعمة الزاخرة بالبيتاكاروتين والنسب المنخفضة للإصابة بأمراض القلب والسرطان. وقد ترجع بعض هذه الفوائد لنوع آخر من الجزرانيات في الفواكه والخضروات والذي لم يكتشفه العلماء بعد .
لقد كشفت الأبحاث التي أجريت على عدد من الجزرانيات منها على سبيل المثال الليكوبين وهو مركب يوجد في الطماطم ومركب الليوتين والذي يوجد في اللفت والسبانخ والزيكساثين الذي يوجد في معظم الخضروات ذات الأوراق الخضراء. لقد وجد الباحثون أن من تناولوا سبع حصص غذائية أو أكثر من الطماطم النيئة كل أسبوع انخفض لديهم معدل الإصابة بمرض سرطان القولون والمستقيم والمعدة بنسبة 60% عن هؤلاء ممن تناولوا حصتين أو أقل . وما دام الليكوبين المكون الفعال في الطماطم لا يتأثر بالحرارة والمعالجة فيبدو أنه حتى الكاتشاب وصلصة الطماطم يمدان الجسم بفوائد مشابهة للطماطم النيئ .
ط¬ط²ط±.jpg
البيتاكاروتين يكسب الجزر اللون البرتقالي البراق
لقد أصيب باحثوا جامعة هارفارد بالدهشة بعد فحص الخضروات ذات الأوراق الخضراء وخاصة السبانخ فقد وجدوا أن الناس الذين يتناولون أعلى معدلات من الليوتين والزيكساثين وهما اثنان من الجزرانيات انخفض لديهم خطر الإصابة باضمحلال بقعة الشبكية والذي هو السبب الرئيسي في فقدان البصر لدى هؤلاء ممن تعدوا سن الخمسين.
3 - الفلافونيدات : الفلافونيدات مثلها مثل الجزرانيات تكسب بعض الفواكه والخضروات التي نأكلها بعض الألوان خاصة الأحمر والأصفر والأزرق. وكما يحدث مع الجزرانيات فإن هذه الألوان عادة ما يخفيها اليخضور الموجود في النبات.
إن الفلافونيدات التي توجد بكميات كبيرة في التفاح والكرفس والتوت البري والعنب والبروكلي والبصل والهندباء والشاي الأخضر والأسود، تعد من مضادات الأكسدة القوية ، مما يجعلها من أعتى الدفاعات التي يستخدمها الجسم ضد أمراض القلب والسرطان. والفلافونيدات تعمل على تغليف مئات الأقراص أو الخلايا الصغيرة في الدم والمعروفة بالصفائح الدموية فهي تمنع الصفائح الدموية من التجلط معاً داخل مجرى الدم مسببة الجلطات ، الأمر الذي يساعد في الوقاية من الأزمات القلبية.
قام علماء من هولندا بدراسة أنماط تناول الطعام لنحو 805 من الرجال تتراوح أعمارهم بين 65 إلى 84 عاماً وقد وجدوا أن هؤلاء ممن تناولوا أقل كميات من الفلافونيدات في طعامهم ارتفع لديهم خطر الوفاة جراء الأزمات القلبية بنسبة 32% عن هؤلاء ممن تناولوا أعلى كميات. انه لا يستلزم الأمر تناول الكثير من الفلافونيدات للحصول على الفوائد. فقد كانت المجموعة التي تتناول أعلى معدل من الفلافونيدات تتناول ما يعادل 4 أكواب من الشاي ونصف كوب من التفاح وثمن كوب من البصل يومياً.
4 - الإندول : إن جميع الخضروات التي تتبع الفصيلة الصليبية مثل الكرنب والبروكلي والخردل لها مذاق لاذع لا يروق للحشرات والعنصر الغذائي النباتي الذي يقدم الحماية للنبات يسمى إندول-3 كاربينول. وفي الإنسان يلعب هذا المركب دوراً في تنظيم الهرمونات ، وهو الأمر الذي قد يكون مفيداً في الوقاية من سرطان الثدي.
فقد ثبت أن مركب
أندول-3 كاربينول يعمل على خفض معدلات الأشكال الضارة من الإستروجين في حين يرفع المعدلات الحميدة منه. وقد وجد دكتور برادلو وزملاؤه في معمل أبحاث سترانج للسرطان أنه عندما أخذت السيدات 400 ملليجرام من هذا المركب في اليوم (
وهي تعادل الكمية الموجودة في نحو نصف رأس من الكرنب ) ارتفعت لديهن معدلات الإستروجين غير الضار بدرجة كبيرة. في الحقيقة لقد كانت لديهن نفس المعدلات التي توجد لدى عداءات الماراثون ، الأمر الذي يعد كسباً كبيراً ، حيث أنه قد ثبت أن التمارين العنيفة لها آثار إيجابية على معدلات الإستروجين .
يضيف الدكتور برادلو قائلاً : "قد يعمل مركب
أندول-3 كاربينول على محاربة سرطان فقرات العنق". ويتوقع أن يأتي اليوم الذي تستطيع النساء تناول مكملات أندول -3 كاربينول للوقاية من سرطان الثدي وأنواع السرطان الأخرى المرتبطة بالهرمونات.
ظ…ظ„ظپظˆظپ.jpg
جميع الخضروات التي تتبع الفصيلة الصليبية مثل الكرنب لها مذاق لاذع
المصدر : جريدة الرياض - العدد 19967 و العدد 15974
مواقع النشر