اهــــ(الأحداث)ــــم

• تداول ارتفاع 20.80 نقطة عند 11,811.98 • بيع 100 مليون سهم الاتصالات • القمة العربية الإسلامية • وقف عدوان اسرائيل • انهاء ازمة فلسطين • تقرير: إسرائيل سبب موت وتجويع سكان غزة • احزاب إيران غربية الطابع
صفحة 3 من 8 الأولىالأولى 12345 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 73
  1. #21

    افتراضي

    الحلقة العشرون..

    مكتبة الشيخ عامرة وأغلبها نسخ قديمة الطبع...
    مساحتها حوالي ستة أمتار في أربعة ..
    والرفوف ملصقة بجميع جدران الغرفة ...
    يجلس الشيخ بجوار نافذة قريبة من الأرض ..
    ويستقبل النافذة في الواجهة الجنوبية من الغرفة وأمامه تلفونان ..
    أحدهما للفتاوى الشرعية والآخر تلفون البيت الخاص..
    وليست هناك مقاعد للجلوس أو طاولة للكتابة.. بل يجلس الشيخ على الأرض فوق
    سجادة صلاة .. ويكتب على لوح تعلق عليه الأوراق ..
    يراجع الشيخ في مكتبته الكتب أو يجيب على الفتاوى .. أو ينظم المعاملات أ ويقرأ
    الرسائل..
    بخصوص الرسائل في تلك الليلة التي دخلت فيها للمكتبة ..
    شاهدت بوسط الغرفة كومة ضخمة من الرسائل والأوراق المبعثرة ..!!
    قال الشيخ وهو يشير لها بأسى: هذه رسائل الأسبوعين الأخيرة ولم أستطع قراءتها ؟؟
    تأتي للشيخ رسائل من كل بلاد الدنيا ..
    أذكر مرة طلب الشيخ محمد مني ومن الشيخ فهد السليمان جامع فتاويه ..
    أن نجرد رسائل الناس ونرتبها ونبوبها ففتحنا الظروف ..
    فوجدنا رسائل من البلاد العربية ومن أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا ومن كل بلاد الدنيا ..
    ورسائل فيها شيكات تبرعات ورسائل فيها طلب مؤلفات واستفتاءات..
    ورسائل من مراكز إسلامية ..
    سمعت الشيخ يقول مرة : أكثر الرسائل التي تأتيني هي من الجزائر ..!!
    ولذلك لا عجب إذا رأيت كثيرا من الطلبة الجزائريين في حلقة الشيخ..
    رأيت رسائل من علماء مشهورين يستشيرون الشيخ في بعض المسائل والنوازل .
    ومنهم وبكثرة الشيخ العلامة بكر أبو زيد .. وممن رأيته كثيرا يحرص على الاستفادة
    من علم الشيخ سواء بالاستفتاء أو بسماع دروسه على أشرطة الكاسيت سماحة الشيخ
    عبد العزيز آل الشيخ مفتي المملكة الحالي..
    وليست مكتبة الشيخ هي ما رأيته تلك الليلة فقط ..
    بل إن لديه في القبو مكتبة أخرى تحتوي على المراجع التي تقل مراجعتها ..
    و يوجد بها عدد من المخطوطات ..
    ومنها مخطوطة تفسير الشيخ عبد الرحمن الناصر السعدي العالم المشهور ..
    المسمى بتفسير الكريم المنان ...
    وهذا التفسير قد كتبه الشيخ بخط لا يكاد يقرأ على دفتر الأستاذ
    والذي يسمى دفتر حسابات (مسك الدفاتر)!!
    يجلس الشيخ في اغلب أوقاته بالمكتبة وغالبا لا يقيل إلا فيها ..
    وله في زاويتاها الشمالية فراش صغير وبطانية قديمة يتوسدها ويقيل هناك حتى أذان
    العصر..
    في تلك الليلة عدت أنا والأخ محمد وفي الطريق مررنا بمنزل الشيخ القديم..
    وسأتكلم إن شاء الله عن هذا المنزل لاحقا حينما أحكي عن زيارة الأمير
    ممدوح بن عبد العزيز لعنيزة..
    أرجو أن لا يكون الملل قد دخلكم بتفاصيل قد لا يريدها البعض..
    ولكن أرجو أن يأتي زمان يأتي فيه من يحتاج لمثل هذه المعلومات..
    نرجع لجاري في درس الشيخ ..
    كان ذلك الطالب المجد يظهر لي الاحترام والتقدير ..
    كنت أرى ذلك (عن حسن نية ) نبلا منه وطيبة ..
    فكسبني ذلك الشخص وصرت أخرج معه أحيانا بعد الدرس لبيته أو
    للمكتبة ونحو ذلك ..
    أذكر مرة أن الشيخ قال لي : انتبه يافلان من الناس لا تحدثهم بأمورك الخاصة ..
    ترى الطلبة يحسدون بعض !! ونقل لي أثرا عن ابن عباس أنه قال : يتحاسد طلبة
    العلم في آخر الزمان كما تتحاسد التيوس في زروبها!!.. ونحو ذلك الكلام..

    والظاهر أن صاحبنا بسبب قربه من الشيخ ..
    شعر أنني سأضايقه في قربي وكثرة لقاءاتي مع الشيخ ..
    حينها لم أكن أعرف الحسد ولم أمارسه والله في حياتي ..
    كنت أتحدث مع ذلك الشاب في بعض أموري الخاصة وفي اليوم التالي يستفسر مني
    الشيخ..
    حول ما قيل عن كذا وكذا !!
    كأنه يلمح لما قلته لذلك الشاب..؟؟؟
    غير أنني حينما أقارن ما أشاهده منه من سماحة نفس معي وحسن معشر..
    أستبعد أن يكون هو من نقل هذا الكلام للشيخ ويا لغبائي!!
    كتبت مرة رسالة للشيخ قلت له فيها بما معناه..
    أنني أرغب في أن أستفيد من علمكم في حلكم في عنيزة وفي سفركم خارجها!!
    حيث يشرفني أن أكون خادما لكم كما كان أنس وابن مسعود يخدمان رسول الله
    صلى الله عليه وسلم ..
    حينما قرأ الرسالة الشيخ فرح بها وسر خاصة انه رأى مني الحرص على ذلك..
    حدثت ذلك الشاب بهذه الرسالة ..
    فما كان منه إلا أن حذرني من ذلك وقال : لا أنصحك وهذا سوف يغير عليك
    قلوب الطلبة الآخرين وسوف يقولون : هذا الولد له عند الشيخ ثلاثة شهور ..
    والآن يريد أن يكون رفيقه في سفره..؟؟ لا ، انتبه وأنا أخوك لا تفعل ...
    أخذ صاحبنا يهول لي الأمور حتى عزمت على ترك ذلك العمل المتهور!!!
    وجاء يوم سمعت الشيخ يذكر أنه سيسافر للرياض ..
    فوقع في نفسي أن أطلب منه أن أرافقه ولكن ما حذرني منه صاحبي جعلني أتردد !!



    !!!

  2. #22

    افتراضي

    الحلقة الواحدة والعشرون

    كنت يوما أسير مع الشيخ بعد صلاة العصر ..
    فجاءه رجل ذو هيئة ومعه مرافق له ..
    عرف نفسه للشيخ بأنه الأمير فلان ....
    دعاه الشيخ للتفضل في بيته للقهوة والتعارف .. فرحب بذلك الرجل والظاهر أن هذا هو
    غايته من الزيارة ...
    قال لي الشيخ: تفضل معنا ...
    فدخلت مع الضيف من باب الملحق ..
    بعد دقائق أحضر الشيخ القهوة والتمر وإبريق الشاي معه...
    فحملتها من يديه فكنت خادم القوم في تلك الجلسة ..
    ويعلم الله قدر شعوري بالفخر والشرف أن أخدم شيخنا وضيوفه..
    بعد انتهاء الجلسة وانصراف الضيوف ..
    عرضت على الشيخ أن أرافقه لسفرته في الرياض ..
    فقال : وما غرضك من ذلك ؟؟
    فكررت له ما قلت له في الرسالة ....
    فقال : أهلا بك وسهلا ولكن سفري ذلك جزء منه زيارة عائلية وسوف أرى..
    ثم فاتحني الشيخ بموضوع آخر ...
    هو موضوع الدراسة النظامية .. قال لي:
    لما لا تكمل دراستك؟
    فقلت له لا مانع عندي ولكن كيف؟؟
    ملفي الدراسي ليس لدي !!
    كنت أتهرب من الموضوع حتى لا تكتشف هويتي الحقيقية!!
    قال الشيخ: دع الأمر لي وسوف أسجلك في المعهد العلمي...
    قبلت وأظهرت الفرح والاغتباط وأنا في داخلي أغلي كالمرجل من الخوف!!
    قلت له ياشيخنا ...
    هل أنا في حلم ؟؟ أم في علم ؟؟
    أن أكون الآن معك في بيتك مع الشيخ ابن عثيمين؟؟
    ابتسم ودعا لي وقال : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ...
    التقيت بصاحبي .. وجاري .. بعد ذلك فحدثته بما كان ...
    وكان السفر بعد يومين ...
    كان ذلك بمثابة حراب أغرسها في قلبه دون أن أشعر أو أقصد ذلك والله..
    دهشت وربي من حرصه على تثبيطي وتذكيري بالعواقب ..
    ولكن حتى تلك الساعة لم ينكشف لي ما يدبره ...
    شجعني بندر على الذهاب ...وقال لا تتردد ..
    ذات يوم بعد صلاة العصر ألتفت إلي شاب أعرفه جيدا وهو من أصحاب جاري ذاك!!
    وسألني أسئلة مباشرة فيها وقاحة وصلف ...
    قال : ايش اسمك؟؟
    قلت فلان ..
    قال : قلي اسمك كاملا .. ؟؟
    قلت : فلان بن فلان .. ذكرت اسم الأب فقط..!!
    قال: وما لقب العائلة؟؟
    عرفت خلالها أنه مرسل لتخويفي من شيء ما!!
    ولم أحب هذا الشخص مطلقا ، فهو رجل سيء الخلق حقود ..
    بعد يومين استعديت للسفر وحزمت حقيبتي ..
    وطلبت من جاري ذاك أن يوصلني هو إلى بيت الشيخ ...؟؟؟
    بل واقترضت منه مبلغا من المال لمصاريفي!!
    كنت كمن يطلب الماء من بياع الزيت!!
    ولقد جاء فعلا في اليوم التالي ،لا ليوصلني بل ليعطيني رسالة واضحة مفادها ..
    لقد حذرتك وأنذرتك ولكنك لا تسمع كلامي وسوف تندم..!!
    لقد كانت نظراته والتي أتخيلها الآن أمام عيني تقذف بالشرر المستطير !!
    ثم انطلق بسيارته مغضبا بعد أن رد باب سيارته في وجهي !!
    لم اقدر الموقف حق قدره ..ولم أكن أحسب الأمور بمثل حساباته ولم تكن لي معرفة بطبائع البشر الحيوانية نعوذ بالله من ذلك..
    أطلقت جرس باب منزل الشيخ فخرج أحد أبناء الشيخ ..
    وهو يحمل حقيبتين ووضعها في مؤخرة السيارة..
    وكانت تظهر على وجهه علامات الغضب وعدم الترحيب بي !!
    ولم يسلم علي أو يخبرني أين الشيخ أو ماذا سنفعل !!
    أي حال أنا فيه !!
    انتظرت في الخارج حوالي النصف ساعة حتى خرج الشيخ فقال :
    أين كنت ؟؟
    أنا أنتظرك؟؟؟
    لم أخبره بما حصل .. بل سكت وصافحت أبناءه الآخرين ..
    يقولون العيون شواهد تكشف ما في القلوب ..
    منذ أول مرة رأيت فيه أبناء الشيخ عرفت أنني لديهم غير مرضي عني بل أنا مغضوب علي..
    وإنني أقسم وأجزم أن ذلك كله من فعل صاحبي الذي ظننته صديقا لي!!
    فهو أحد أقربائهم والرجل منذ سنوات عديدة قريب منهم ومن الشيخ .. وقد كسب ثقتهم فلا شك أنه ذو مصداقية في خبره عني !!
    ولقد حاولت مرارا وتكرارا أن اثبت لهم أنني شخص مختلف عما صوره الرجل عني ولكن بدون فائدة .. فالناس للأسف حكمهم في الغالب يترسخ ويتجذر منذ الصدمة الأولى!!
    خاصة أن الوقائع التي حصلت قد زادت الأمر تعقيدا .. والحمد لله..
    ولكن الله سبحانه وتعالى عوضني كثيرا بشيخنا وليغضب كل الناس عني!!
    إذا كان حبك لي صادق فكل الذي فوق التراب تراب..
    توجهنا للمطار برفقة سائق الشيخ..
    وهي سيارة كابر يس موديل تسعة وسبعين!!
    لونها بني مخطط بلون البيج !!
    يقول السائق لي : أنا أسوق الشيخ منذ خمسة عشر عاما بهذه السيارة..
    ولقد باءت كل محاولاتي ومحاولات إدارة جامعة الإمام لتغيير السيارة ..
    حيث أن الشيخ يراها سيارة ممتازة ولا يهم شكلها أو موديلها المهم أن توصله



    !!!

  3. #23

    افتراضي

    الحلقة الثانية والعشرون

    على ذكر سيارة الشيخ ...
    التابعة لجامعة الإمام ... أذكر مرة أنني رافقت الشيخ من الجامعة وحتى بيته..
    وحين وصلنا للمنزل أمرني الشيخ بالنزول من السيارة ..!!
    فقلت له : خل فلان يوصلني للسكن لو سمحت بذلك ؟؟
    فقال : لا؟؟
    أنزل هنا وامش على قدميك!!
    خرجت من السيارة فلما رأى أثر كلامه علي قال لي:
    هذه السيارة يابني أعطيت لي لاستعمالها في عملي وشغلي...
    ولا يجوز لي شرعا أن أسمح لأحد آخر باستعمالها سوى بإذن من الجامعة!!!
    ولا حتى لأبنائي وأهلي !!
    أذكر من ورع الشيخ الشيء الكثير ولقد ذكر لي احد كبار طلبة سماحة الشيخ العلامة
    عبد العزيز بن باز رحمه الله أنه حينما ذكر له بعض مواقف الشيخ ابن عثيمين
    في الورع تعجب من ذلك وقال : من يقدر على هذا؟؟؟
    وهو من هو في ورعه وزهده رحمهما الله وعفا عنهما فهما والله نادران في زمانهما
    نحسبهم كذلك والله عز وجل حسيبنا وحسيبهم..
    وصلنا ذلك اليوم لمطار القصيم الإقليمي ..
    حملت الحقائب ودخلنا سويا لصالة المسافرين ..
    لمح الشباب العامل في المطار من موظفين وعسكر الشيخ فجاء بعضهم للسلام على الشيخ
    وهم مبتهجون بذلك !!
    أما أنا فقد كنت في شبه السكرة من الفرح ..
    يا الله أين كنت وأين أنا الآن ...؟؟
    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..
    لم يكن هناك أي تأخير فقد وصلنا وقت نداء ركوب المسافرين للطائرة ..
    بعد تجاوزنا لمعاملات السفر جاء مدير المطار للسلام على الشيخ ..
    وأدخله في مكتب الضابط المناوب ..
    وقدموا لنا الشاي ..
    وحينما استكمل ركوب المسافرين توجهنا للطائرة أنا وشيخنا..
    كان مقعد الشيخ على الدرجة الأولى وذلك على حساب جامعة الإمام التي
    ستستضيف الشيخ لمحاضرة للمبتعثين من طلابها خارج المملكة ..
    وعادة الشيخ إن سافر على حسابه الشخصي أن يركب الدرجة السياحية ..
    لكن في عدة مواقف شاهدتها يرفض ربان الطائرة حينما يعلم بوجود الشيخ ..
    إلا أن ينقل في الدرجة الأولى .. إكراما للشيخ وحبا واحتراما له..
    في تلك الرحلة كنت أنا بطبيعة الحال في الدرجة السياحية أو ما يسمى الضيافة..
    ولكن بعد إقلاع الطائرة ، جاءني الشيخ بنفسه وقد استأذن لي أن أكون برفقته..
    فكنت بجواره في الدرجة الأولى...
    لكم أيها الإخوة والأخوات أن تدركوا تلك المشاعر التي كانت في نفسي تلك اللحظات..
    كنت أراقب الشيخ وأحاول أن استفيد من كل تصرفاته فهو قدوة لي في كل شيء..
    بعد شرب القهوة جاء مضيف الطائرة للشيخ وقال له:
    هل ممكن أن ترافقني لغرفة قيادة الطائرة ، الكابتن يدعوك لو تكرمت ؟؟
    قام الشيخ من مقعده وتوجه لمضيفه وبقيت لوحدي حتى قرب وصولنا للرياض ..
    علما أن الرحلة تستغرق حوالي الأربعين دقيقة فقط!!
    رجع الشيخ وجلس على كرسيه ..
    وبدأ في تلاوة حزبه من القرءان .. حيث يقرأ يوميا جزأين كاملين من صدره ...
    وصلنا لمطار الرياض ونزلنا في الصالة العامة واستقبلنا مندوب الجامعة ..
    توجهنا مباشرة لجامعة الإمام ولمكتب الدكتور عبد الله التركي مدير الجامعة حينها..
    سلم الشيخ على الدكتور التركي وسلمت عليه .. وبقيت معهما لدقائق ..
    ثم خرجت للخارج وانتظرت خروج الشيخ ..
    بعد ساعة تقريبا ناداني مندوب الجامعة وقال : الشيخ يدعوك للحاق به لموقع
    المحاضرة..
    نزلت مع المندوب حيث يظهر أن هناك مخرج خاص من مكتب الدكتور عبد الله ..
    سألني مندوب الجامعة .. هل أنت ابن الشيخ ؟
    قلت :لا ... أنا أحد تلاميذه ...
    قال لي : هنيئا لك يا أخي هذا الشرف ..
    دخلنا لصالة ضخمة جدا وفيها من الفخامة والنظارة ما يبهر العقول ...
    ولم يكن هناك حضور سوى الصفين الأول والثاني !!
    وبعض الناس هنا وهناك!!
    حيث أن المحاضرة خاصة فقط بالمبتعثين وأظن عددهم حوالي المائة وعشرون ..
    تحدث الشيخ حديثا طويلا حول ما يتعلق بسفرهم من أحكام فقهية ومن تنبيهات
    وتحذيرات من بعض الأخطار التي قد تواجههم في أمور دينهم ..
    وبث الشيخ في نفوسهم الحماسة في الاستفادة مما لدى الآخرين والعودة لبلادهم
    لكي تنتفع الأجيال بهم وحذرهم من الأفكار المسمومة والتي عاد بها بعض أبناءن
    ونحو ذلك من توجيهات ومعان مفيدة..
    ثم فتح الباب للأسئلة والتي أخذت اغلب وقت المحاضرة وكانت أسئلة مفيدة للغاية..
    بعد انتهاء المحاضرة ... توجهنا لكلية الدعوة والإعلام وصحب الشيخ
    للكلية الدكتور سعيد بن زعير ولا أدري هل هو عميد الكلية أم هو أحد دكاترته..
    ودخلنا في قاعة أصغر من الأولى وأظنها تابعة للكلية ..
    وكانت غاصة جدا بالطلبة ، وقد امتلاء الدرج وأمام الأبواب وأطراف المسرح بالحضور..
    تحدث الشيخ في كلمة مختصرة ثم استقبل أسئلة الناس ..
    كانت في تلك الأيام أحداث أشغلت الناس والمجتمع وهي قضية ..
    مقتل الشيخ جميل الرحمن ودخول مجموعة من قادة المجاهدين الأفغان لولاية كنر..
    وكانت تلك الأيام قد اضطربت آراء الناس حول ما يحدث ..
    ولا أنسى أبدا عشرا ت الوفود التي قدمت على الشيخ في عنيزة من مدن المملكة..
    والتي تستفتيه حول هذا الموضوع خصيصا ..
    سئل الشيخ في تلك القاعة عن موقفنا نحن كمسلمين من تلك الفتنة..
    فأجاب بكلام مبني على الدليل من كتاب الله وسنة رسوله ..
    وقال : الذي أرى أن توقف التبرعات عن المجاهدين هناك جميعا حتى تنتهي الفتنة
    ولا نعينهم في أن يقتل بعضهم بعضا .. ونحو هذا الكلام..
    أثارت تلك الفتوى من الشيخ موجة من الحيرة والترقب في وجوه الدكاترة والمشائخ
    الموجودين في القاعة ..
    وبعد انتهاء المحاضرة .. طلب الدكتور سعيد بن زعير من الشيخ أن يزور مكتبهم
    دخل الشيخ وكنت معه واجتمع حوله عدد من الدكاترة ومدراء الأقسام ..
    ودار نقاش علمي مع الشيخ حول فتواه ...
    التعديل الأخير تم بواسطة ابو فيــصل ; July 27th, 2008 الساعة 19:07



    !!!

  4. #24

    افتراضي

    الحلقة الثالثة والعشرون

    كان النقاش حول قضية كنر والجهاد فيه شيء من الحدة .. خاصة من طرف المشائخ ..
    أما الدكتور سعيد الزعير فلم يتكلم بكلمة واحدة ... طوال النقاش..
    حينما بلغ النقاش حدا تبعثرت فيه الأوراق وتشوشت فيه الأفكار قال الشيخ:
    سبحان الله ؟؟
    هذا هو رأيي الذي أدين الله به وأنتم قولوا رأيكم، وليتبع الناس ما يرونه حق
    أما أنا فلن أرسل لشخص فلسا واحدا وأعرف أنه سيستعين به في إيذاء أخيه
    فما بالك بقتاله أو بقتله !!
    ولقد رأيت وجه الشيخ محمرا من الغضب والتوتر..
    حينها قال الشيخ سعيد بن زعير:
    ياشيخنا والله نحن نحبك ونقدرك ونرى أن رأيك لا تبتغي به غير وجه الله لكن الإخوان
    رغبوا في النقاش والحوار حتى تتضح لكم الصورة ، فهذا جهاد قد أنفقت عليه مبالغ
    طائلة وأرواح كثيرة ودعم من هذا البلد وأهله طوال سنوات طويلة فهمنا الأكبر أن لا
    تشوه صورته الناصعة ..
    ثم قام الدكتور سعيد وقبل رأس الشيخ واعتذر منه وانفض المجلس.
    بعد ذلك توجهنا لمكتب الدكتور عبد الله التركي ومنه خرجنا لصلاة الظهر
    في الجامع الكبير .....
    كنت برفقة الشيخ وكذلك كان معنا الدكتور عبد الله التركي ...
    حينما رأى الشيخ الجمع الهائل من طلبة الجامعة والذين غص بهم كل المسجد..
    فلا ترى فيه موطئ قدم من كثرتهم..
    قال الشيخ : ياأخ عبد الله كم يتسع هذا الجامع..؟؟
    قال: حوالي الثلاثين ألفا ...
    ثم قال الشيخ : الله المستعان كم سيخرج لنا عالما من هؤلاء !!!
    بعد الصلاة ألقى الشيخ كلمة قصيرة في المصلين يحثهم فيها على الحرص على العلم
    واستغلال الأوقات ونحو ذلك ...
    ثم خرجنا بالكاد من الجامع بسبب تكاثر المسلمين على الشيخ ..
    توجه الشيخ برفقة الدكتور عبد الله التركي في سيارته الفارهة ..
    ولم أكن أعرف وجهتنا فقد كان كل شيء مرتبا مسبقا !!
    قالوا لي: أركب في هذه السيارة وأشاروا لسيارة فيها شاب أدم .عليه مرايات ..
    وفي الطريق تعارفنا وعرفت مقصدنا ..
    كان ذلك الشاب هو ابن الدكتور سعيد بن زعير ونحن متجهون للغداء في منزلهم..
    وصلنا لمنزلهم فكان في استقبالنا جمع كبير من الناس ..
    لم اعرف منهم سوى من ذكرت بالإضافة لشيخ كبير ضعيف البنية ..
    سألت عنه : فقيل لي: هذا الشيخ عبد الله بن جبرين .. حفظه الله ورعاه ..
    حينما ترى ذانك الشيخان الجليلان سويا تزداد تلك الجلسة رونقا وبهائا..
    كان الشيخ عبد الله وشيخنا يتبادلان الحديث وإجابة الناس حول ما يسألان عنه
    بكل أدب وسمو يليق بهما ..
    لا حظت شيخنا مرارا يهمس في أذن الشيخ عبد الله بكلام فيضحك الشيخ منه!!
    بعد ذلك رافقنا شخصا لا اعرفه حينها ..
    جسمه وطوله وبنيته اقرب ما يكون من شيخنا ..؟؟؟
    سأل الشيخ : ما عرفتنا على الأخ ؟
    فقال : هذا فلان أحد تلاميذنا ، ولقد قال لي : إنه يرغب في صحبتي ليستفيد من علمي
    ويخدمني كما خدم ابن مسعود رسول الله صلى الله عليه وسلم..
    شعرت بالخجل ، وتسمرت في مقعدي ولم أتكلم ..
    وصلنا لمنزل الرجل في حي النسيم بشرق الرياض..
    بجوار جامع الهدى القريب من مدرسة سلاح الحدود..
    ونحن ننزل أغراضنا سألت الشيخ : من هذا الرجل؟؟
    فقال : هذا أخي عبد الرحمن!!!
    الأستاذ عبد الرحمن رجل فاضل جدا وخلقه وطيبته وسماحة نفسه يشهد عليها جميع
    من عرفه ، وشيخنا يحبه ويثق فيه وينزل دوما في الرياض في بيته ...
    وذلك قبل أن يبني شيخنا بيته في الرياض والذي هو ملاصق لمنزل أخيه عبد الرحمن..
    حدثني الشيخ عن مرض أخيه عبد الرحمن ..وهو صغير ..
    حيث أنه بقي طريح الفراش مدة من الزمن حتى يئس الأطباء من علاجه ..
    فبقي أهله حوله يترقبون ساعة أجله وهم بلا حول له ولا قوة...
    غير أن جارا لهم أو أحد أصحابهم احضر لهم طبيبا شعبيا ..
    ففحصه وقلبه يمينا ويسارا وهو كالجثة الهامدة ..
    قرر ذلك المعالج الشعبي أن يكويه في بعض مواضع جسمه ..
    فكواه .. ثم انتظروا عدة أيام ..
    فبدأ عبد الرحمن يستعيد عافيته حتى عاد صحيحا كما كان وأفضل ..
    والأمور بيد الله سبحانه قبل كل شيء...
    غير انه للأسف وبعد عدد من السنوات التي كانت فيه علاقتي مع الأخ عبد الرحمن
    ممتازة لم يتركه صاحبنا حتى أغار صدره علي والله المستعان..
    كنت أتوقع أننا سنبقى في منزل الأخ عبد الرحمن طوال فترة بقاءنا في الرياض..
    ولقد أحببت الرجل من أول ما رأيته ... وأحببت البقاء في بيته ..
    ألقى الشيخ محاضرة تلك الليلة في إحدى جوامع الرياض ثم توجهنا لمنزل أبناء عمومة الشيخ
    حيث حضر جمع لا باس فيه من الأقارب متفاوتي الأعمار ..
    ومنهم أخو الشيخ الدكتور عبد الله العثيمين الأديب المشهور ..
    ومنهم ابن الشيخ البكر عبد الله العثيمين.. وغيرهم ..
    بعد العشاء رافقنا الأخ عبد الله ابن الشيخ لمنزله المستأجر ..
    حيث أنه يقيم في بشكل مؤقت قبل رجوعه لعنيزة..
    كان عبد الله مهذبا جدا وغير متحفظ ..
    والظاهر أن صاحبنا لم يلحق أن يفسد الأمور مع الجميع جملة واحدة ..!!
    في اليوم التالي .. توجهنا بعد العصر للمطار وذلك للعودة للقصيم ...
    حينما جئنا لتفتيش المعادن أخذ جهاز الإنذار يرن حينما مر الشيخ ؟؟
    فأمر العسكري الشيخ بالرجوع وإنزال ما لديه من معادن.. ولم يعرف الشيخ..
    ابتسم الشيخ ولم يرد إحراج الرجل فبدأ بخلع ساعته المعلقة في جيبه ..
    فدخل تحت الجهاز فرن مرة أخرى!!
    فعاد الشيخ وأخرج كومة المفاتيح من جيبه .. وهكذا تكرر ذلك ثلاث مرات..
    حينها تقدم شاب من عائلة الشيخ للعسكري وهمس في أذنه فارتفع حاجباه ..
    واحمر وجهه خجلا وقال : الله المستعان هذا الشيخ ابن عثيمين ؟؟
    والله ما عرفتك ياشيخ ؟؟ اللي ما يعرف الصقر يشويه ..!!
    ثم قبل رأس الشيخ واعتذر منه وأصر أن يصحبه حتى أجلسه عند باب السفر



    !!!

  5. #25

    افتراضي

    الحلقة الرابعة والعشرون

    عدنا لعنيزة والعود أحمد ولكن كانت تنتظرني حوادث لم تخطر على البال..
    لكن رحمة الله تعالى سبقت تلك المكائد والشرور فجعلت من دون ذلك فتحا قريبا!!
    وصلنا للمطار استقبلنا نسيب الشيخ الأخ خالد المصلح ..
    وأنعم بأبي عبد الله علما وخلقا وتفانيا في الدعوة إلى الله ..
    والشيخ خالد من قبيلة حرب ومن عائلة ثرية ووالداه مقيمان في جده ولقد أحبه شيخنا
    وقربه وزوجه اكبر بناته فنعم النسيب ونعم الصهر !!
    وهو متخصص في علوم غير شرعية في الأصل.
    حيث هو خريج جامعة البترول والمعادن وعمل في التدريس فترة بسيطة ثم فصل ..
    والتحق بجامعة الإمام ودرس وحصل على أعلى النسب وهو الآن دكتور في نفس
    الجامعة وأظن تخصصه مادة العقيدة ...
    قادنا الأخ خالد لعنيزة وفي الطريق توقف بجوار أحد المساجد المتقدمة بأطراف عنيزة..
    ودخل الشيخ للمسجد وصلى ركعتين سنة القدوم من السفر..
    لم أرى شخصا محافظا على أداء السنن مهما كانت الظروف والأوضاع لم أرى مثل شيخن
    في ذلك، لا أقول في كثرة العبادة بل الاستمرارية في كل ظرف ..
    تعبدا لله تعالى..
    أذكر مرة موقفا لن أنساه ...
    جاء أحد الطلبة للشيخ وقال له: ياشيخ أليس من وقع على يده حائل من وصول الماء
    إلى البشرة من صمغ أو دهان ونحوه فإنه يجب عليه أن يعيد وضوءه وصلاته إن صلى
    حتى ولو جهل أو نسي أو كان قليلا ...؟؟
    قال : بلى...
    قال: ياشيخ إن على يدك أثر دهان !!
    وفعلا كان على يد الشيخ دهان فشق ذلك عليه ..
    وجلس يفكر منذ كم يوم وقع ذلك الدهان على يده؟؟
    فقال لي: لقد جاءنا الدهان في اليوم الفلاني وذلك قبل أربعة أيام !!
    استقبل القبلة وأعاد جميع الصلوات للأربعة أيام الماضية بل بسننها والوتر والضحى ..
    ولم يعجل في ذلك بل صلى بكل أناة كما هي عادته!!
    وكان في تلك السنة يبلغ حوالي تسعة وستين عاما رحمه الله..
    ختم صلاته ثم أوصلاني للسكن .. ونسيت حقيبتي في سيارة خالد..
    لم أخبر أحدا من الطلبة بسفري برفقته سوى من ذكرت ..
    ولكن الخبر انتشر كما تنتشر النار في الهشيم..
    وكنت أشاهد من غالبهم نظرات الغيرة الطبيعية والتي فطرت عليها قلوب الأوادم..
    ذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه الإخلاص ..
    أن الحسد شيء فطر عليه الخلق فهو من طبائعهم ولكن المذموم منه ما ترتب عليه
    تعد أو إيذاء بلفظ أو بفعل ...
    ولكنني لم أحاول إشغال نفسي بردود الأفعال على ذلك وعشت بينهم بكل احترام
    وسلام.. ولكن مع بعضهم؟؟
    أو مع غالبهم؟؟
    سوى صاحبنا ومن يدور في فلكه..!!
    ظننت أن ذلك اليوم يوم عطلة وليس هناك درس للشيخ هكذا ظننت !!
    وما اكذب الظن!!
    شيخنا لا يفرط في درسه ولو جاء من سفر بعيد قبله بدقيقة !!
    أذكر مرة جئت مع الشيخ من الرياض برا ..
    برفقة تلميذه الأمير عبد الرحمن بن سعود الكبير ..
    وصلنا على أذان المغرب ..
    سألت الشيخ : هل الليلة درس ؟؟
    قال : نعم .؟ بالتأكيد إن شاء الله اذهب وأحضر كتبك وتوجه للجامع!!
    يقول لي أحد الطلبة الذين حضروا وفاة والدة الشيخ عليها رحمة الله ..
    يقول في ذلك اليوم .. توقعنا بل جزمنا أن الشيخ لن يحضر الدرس ؟؟
    ولذلك كان الحضور ليس بذاك ومع ذلك حضر شيخنا وألقى درسه ..
    حفاظا على أمانة التعليم ...
    وصدق صلى الله عليه وسلم حينما قال : وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما
    يصنع...
    نسيت أن أقول أن الشيخ أحضر معه موافقة رسمية من مدير الجامعة
    الدكتور عبد الله التركي بقبولي في المعهد العلمي في عنيزة تحت اسم فلان الشمري!!
    حيث كتبت معروضا للدكتور فشرح عليه بالموافقة ..مع أن الدراسة قد ابتدأت منذ
    حوالي الأسبوعين !!



    !!!

  6. #26

    افتراضي

    الحلقة الخامسة والعشرون

    حضرت الدرس تلك الليلة وجلست في مكاني المعتاد ..
    صافحت جاري العزيز !!
    فبادلني السلام والكلام غير أن القلوب شواهد!!
    في اليوم التالي توجهت صباحا لبيت الشيخ لكي آخذ حقيبتي ..
    وكنت واعدت جاري المذكور بناء على طلبه هو !!
    أن يوصلني لمنزل الشيخ..
    حيث قال لي : أريدك في موضوع...!!
    في اليوم التالي ضحى وفي الطريق لمنزل الشيخ بدأ يسألني أسئلة كثيرة تدور عن أصلي
    وفصلي وأين كنت أعيش ..؟؟
    وأين يقيم والداي ...؟؟
    ونحو هذه الأسئلة الكثيرة التي ارتبت فيها!!
    وارتبت في توقيتها بالذات ؟؟
    أوقف سيارته أمام المنزل وتركها مدارة وبقي يسألني بوقاحة وبقصد الإيقاع بي في
    مصيدة..!!
    حتى ضجرت وارتفعت أصواتنا بالجدال والنقاش المرير ...
    جدال بين اثنين ..
    أحدهما رجل عاقل رشيد عمره فوق الثلاثين قد حصل من العلم والخير والاستقرار
    والحظ مالله به عليم..
    والآخر ضائع مشتت في مقتبل العمر قليل الخبرة والعلم لا أهل له ولا بيت ولا مال سوى الله سبحانه
    وتعالى ورحمته وفضله ..
    قلت له : يافلان ... ؟
    مالذي تريده من وراء ذلك ؟ عندها كشف أوراقه
    وقال : أنت كذبت في كل ما قلته !!
    ولقد عرفت حقيقتك كلها!!
    أنت رجل خطير ..
    أنت اسم قبيلتك الحقيقية كذا ووالدك هو كذا وكذا ..
    ثم أخذ يسرد حقائق ووقائع تدل على أنه قد تقصى عني حتى عرف عني كل شيء!!
    ثم ختم كلامه بقوله: أنا اتصلت بوالدك بالأمس وتحدثت معه وأخبرني بأنك فار من المنزل وأنك قد أوقعته بحرج شديد بفعلك وتركك لدراستك ... الخ الكلام ..
    ثم حينها : انقلبت تعابير وجهه فاسود وتساقط الشرر من عينيه .. وقال:
    أقسم بالله إن لم تغادر عنيزة وتترك الشيخ سأفعل بك وأفعل ...!!
    وهددني بكلام لا ينطق به عاقل فكيف بطالب علم !!
    لم يكن يهمني كلامه بقدر أن أهمني أن يعلم شيخنا بذلك ...
    فرق كبير أن أخبر الشيخ أنا بالحقيقة من قبل أو أن يخبره ذلك الرجل بما يريده..!!
    هناك فرق شاسع لمن يعلم طبائع الناس بينهما...
    ولا شك أن الحقيقة الناصعة هي سلبية مهما كان الناقل .. أنا أم هو
    غير أن الأمر يختلف كثيرا حينما يفسر ولو لم يكن له تبرير منطقي!!
    ثم طردني من سيارته وذهب ..
    بقيت أمام باب الشيخ منتظرا لأكثر من نصف ساعة وأنا متردد ماذا سأفعل؟؟
    إن رجعت للسكن وسكت فالعواقب غير معلومة..
    وإن تحدثت مع الشيخ الآن فلا ادري هل سيقبل مني أم لا ؟؟
    احترت حيرة لا يعلم مداها إلا الله تعالى...
    لقد مرت علي في الشهور الماضية التي قضيتها في عنيزة مرت علي أيام جميلة..
    ولحظات لا تنسى من الجد والاجتهاد .. هل يذهب كل ذلك سدى؟؟
    هل سيضيع كل ذلك بجرة قلم أو كيد حاسد؟؟
    أنا مخطئ لا شك فيما فعلته .. ولكن هل قصدت ارتكاب ذلك الخطأ؟؟
    لم أكن مجرما والله أو مرتكبا لعظيمة والحمد لله ..
    هي أخطاء ولو كانت في نظر البض جسيمة بنيت على السفه وعدم تقدير الأمور حق قدرها..
    بنيت على عدم الناصح والمرشد الصدوق قبل ذلك ..
    بنيت على الحرمان والضياع والخوف ...
    هل سأحرم من ذلك العلم الجليل بسبب ذلك الخطأ ؟؟
    هل سينتهي كل شيء الآن ...؟؟؟



    !!!

  7. #27

    افتراضي

    الحلقة السادسة والعشرون

    أخيرا قررت أن أطرق الباب على بيت الشيخ ..
    وليست غايتي هي حقيبتي أو أي شيء آخر !!
    كنت أريد التأكد فقط هل علم الشيخ بكلام صاحبنا ؟؟
    طرقت الباب .. فرد ت علي امرأة من سماعة الباب ...
    فسألت عن الشيخ ... فقالت من يريده ؟؟
    فقلت : فلان.....
    فلم تجبني وأغلقت الخط في وجهي ...!!
    وبعد دقيقة أو دقيقتين .. خرج الشيخ وبيده الحقيبة ..
    ركزت النظر في عينيه ووجهه..
    كنت أتوسم في تعابير وجهه ،فرأيت منه ابتسامته المعتادة !!
    غير أنها هذه المرة متكلفة ومصطنعة !!!
    بل ومعها احمرار شديد في بشرة الوجه !!!
    سلمني الحقيبة ببرود متوقع وقال : انتظر الابن عبد الله و سوف يوصلك الآن للسكن..
    ثم دخل وقد بدا لي أنه يستعجل الذهاب !!
    يبدو أن عبد الله قد وصل برا لعنيزة في الليلة الماضية ..
    ولا شك أن هناك أمرا جللا عجله أو شيئا آخر!!!
    خرج عبد الله ووضعت الحقبة خلف السيارة ثم جلسنا في المرتبة الأمامية..
    الأخ عبد الله رجل جريء وصادق ولا يعرف اللف والدوران ولذلك دخل في الموضوع
    مباشرة!!
    وقال: من أنت ؟
    ومن بعثك؟
    أنت رجل ثبت لنا أنك مخادع وكذاب ..
    وكذبت على الوالد في أمور كثيرة .....
    وانطلق يتكلم بكلام كثير لا أستجمعه ... بقيت صامتا طوال المسافة القصيرة للسكن ..
    والتي مرت علي كأنها دهر !!
    لم أناقشه ، ولم أحاول الرد على كلامه .. فواضح جدا أنه قد ملئ قلبه علي والله شاهد
    لم أصدق وصولنا للسكن .. بقيت متسمرا مكاني وخفت أن يختم بكلامه بلطمة على
    وجهي .. وليته فعل ولم يتكلم بكلامه الذي تفوه به...!!
    ثم قال لي : انزل وخذ حقيبتك ...
    نزلت ثم لحقني وقال : والله ما أضمنك تحط لي شيء في السيارة؟؟
    ثم حملت متاعي وصعدت لغرفة السكن والحمد لله أنني لم أجد فيها أحدا!!
    سقطت على فراشي وبقيت أبكي بكاء الثكلى ..
    كان موقفا هائلا وكلاما شديدا يصعب على من هو في سني تحمله ..
    لقد وصفت بأقذع الأوصاف، ورميت بتهم عظيمة لا استحقها والله ؟؟
    لكن هل ألومهم ؟؟
    أنا لا ألوم عبد الله ابن الشيخ ولا عبد الرحمن أخ الشيخ ولا عائلة الشيخ
    لا ألومهم ولا أحمل الضغينة عليهم والله الآن ..
    لقد مرت على تلك القصة سنون عديدة ..
    فهي الآن فقط ذكريات بقيت في الخيال ..
    هم بشر وقد نقل لهم عني ما يسئ ..
    وثبت لهم بعض ما نقل عني فكانت تهمة متلبسة بجميع تفاصيلها!!
    يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ربما يكن أحدكم ألحن بحجته فأحكم له فيقتطع قطعة من النار .. إنما أنا بشر !!!) إذا كان هذا من رسول الله فما بالك بمن سواه..
    اللوم كثير منه يقع على ذلك الناقل اللذي امتلاء قلبه حقدا وغلا علي لا لشيء سوى ظنه الغبي أنني جئت لأجل منافسته على المكانة التي حصل عليها من شيخنا..
    هل كل من كان أكثر علما هو خير الناس ؟؟
    ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الحسد ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ما فائدة العلم الذي تعلمناه إذا كان سيوصلنا لهذه الحال...؟؟؟
    اللوم أيضا يقع علي أنا في عدم إخبار الشيخ بالوقائع فور قدومي لعنيزة ..
    ولا اشك ثانية واحدة أن شيخنا لن يتردد في حلها بصرف النظر عن علاقتي به..
    فهو رجل علم وإصلاح ورأيت من المواقف ما هو أصعب من مواقفي سعى شيخنا بحلها والإصلاح فيها ...
    كدت أجن من الحزن والهم والضيق لم أكن أعلم مالذي سأفعله ...
    أذن الظهر فلم أطق الاستعداد للصلاة ...
    انتظرت قدوم الشيخ للمسجد.. حيث يمكنني مشاهدته حينما يقدم ماشيا ..من نافذة غرفتي ... وحينما رأيته قادما زادت حسرتي وألمي عليه وعلى تلك الساعات التي قضيتها معه ولو أنها قليلة ولكنها باهظة الثمن!!
    قلت في نفسي: ما ذنب شيخنا من هذا كله ؟؟
    أنا الملوم وأنا من يستحق اللوم ؟؟
    أنا الذي أسأت إليه ويجب علي بصرف النظر عن كبر الخطأ وصغره يجب علي أن اعتذر منه.. وأشرح له ما حصل ..
    استجمعت قواي ونزلت للمسجد وصليت مع الجماعة ..
    وبعد الصلاة رافقت الشيخ لبيته ...
    لم يكن يلتفت إلي مع أنني كنت أسير بجواره فعلمت أن الشيخ غاضب مني ..
    والله المستعان وعليه التكلان .......



    !!!

  8. #28

    افتراضي

    الحلقة السابعة والعشرون

    حينما رأيت الشيخ معرضا عني سبب لي ذلك صدمة عنيفة..
    صحيح أنني نعمت بظل أبوته لفترة وجيزة من الزمن ..
    غير أنها لا يمكن أن تعوض!!
    خنقتني العبرة وكدت أبكي بمشهد الناس ..
    لاحظ الشيخ ذلك بالتفاتة سريعة منه نحوي ...
    فأشار للجميع بالرجوع وبقيت أنا وهو نمشي دون أن نتكلم بكلمة..
    واضح أن الأمر محرج للشيخ وأنه شعر في نفسه بخيبة الأمل ..
    فقد كان يطمح مني شيئا غير ما فعلت فيه ..
    لقد كان اهتمامه بي نابعا من سماحة نفس ورغبة في تنشئتي تنشئة صالحة
    وهو فضل منه بعد فضل الله ولو شئت لحدثتكم بكلمات وعبارات من شيخنا
    فيها من الرحمة والعذوبة واللطافة أملاء بها صفحات وصفحات ..
    غير أن القصد من هذه القصة هو تسليط الضوء على جزء من حياة شيخنا
    قصة هو بطلها وهو مخرجها وهو كاتب حروفها غير أني راصد وأحكي لكم ما صار .
    والله على ما أقول شهيد...
    وصل لبيته ، فقلت له ياشيخنا : اسمح لي بالحديث معك في داخل البيت ..
    فقال : لا بأس ...
    دخل للمنزل ورد الباب ثم فتح باب الملحق الخارجي ..
    وأنا انتظر الشيخ ليفتح باب الملحق مر صاحبنا الذي نفخ بوق هذه الفتنة بجوار المنزل..
    فلما لمحني وحيدا وأهم بالدخول للمنزل غاب بسيارته خلف البيوت المجاورة..
    أصبحت كالطريدة بالنسبة إليه وخيل إلي أنه كحيوان مفترس يريد النيل مني !!
    دخلت للبيت وتوجه الشيخ للقبلة لصلاة السنة الراتبة للظهر...
    جلست بجوار مكان جلوسه المعتاد في صدر المجلس ..
    صلى ثم سلم ثم دنا من مكانه فقال : هات ما عندك!!
    بدأت بحمد الله والصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام ..
    قلت يا شيخنا: لقد كنت شابا حبب الله لي العلم وطلبه..
    .. فمنذ التزامي واستقامتي
    وأنا منصرف له بكل ما أوتيت من طاقة وجهد ..
    ثم رويت للشيخ تفاصيل أموري مما سردت بعضه عليكم في الحلقات الماضية ..
    وحدثته عن مشكلتي مع الوالد .. وكذلك عن سفري للرياض..
    ثم تعرفي على سعود المعاشي ..
    وقصة الانتساب لقبيلة شمر ... حتى وصلت للقصيم ..
    كنت أتحدث معه والعبرة تخنقني ..
    وأحاول جاهدا أن لا أفقد أعصابي ..
    لم يكن الشيخ يقاطعني بل كان يستمع لي بكل إنصات ..
    مع أن ملامح وجهه لم يظهر منها علامات القبول لكل ما كنت أقوله ..
    وله الحق في ذلك فالتهمة قد ضخمت حتى وصلت لحد أطلعكم عليه لاحقا..
    حيث لم أعرف كل شيء آنذاك...
    شيخنا رجل أريب ولماح وشديد الذكاء ..
    فهو يميز الغث من السمين ويزن الأمور بموازين دقيقة ..
    هذه الموازين والمقاييس أو المعايير ليست مبنية على الهوى والظن والتشكك والبناء على
    ذلك.. بل هي مبنية على سبر الأغوار ودراسة المسألة من جميع وجوهها مع خشية الله
    تعالى وتأله ومراقبة وابتغاء مرضاته لا تأخذه في الحق لومة لائم .. وهكذا العلماء هم
    قال الله تعالى ( إنما يخشى الله من عباده العلماء)...
    بقيت أتكلم أكثر من ساعة كاملة ..
    فلما ختمت حديثي قال لي: ما فعلته خطأ وتصرف أهوج ..
    ولو أنك أطلعتني من أول الأمر على ما حصل .. لأمكننا التصرف .. ولكن
    قدر الله وما شاء فعل...
    أذهب الآن للسكن ، وسوف أرى ماذا يمكننا عمله..
    قبلت رأس الشيخ وخرجت وأنا خائر القوى لا أكاد أستطيع السير..



    !!!

  9. #29

    افتراضي

    الحلقة الثامنة والعشرون

    رجعت للسكن وانتقلت لغرفة الأخ محمد زين العابدين بأمر من الشيخ!!
    هل هو تحفظ علي ؟؟ لكي يراقبني؟؟ أم كان ذلك بسبب آخر أجهله ؟؟
    كان الأخ محمد هو غالبا الوسيط بيني وبين الشيخ وقد لمحت مرارا
    الأخ محمد يلتقي بصاحب الفتنة!!
    لا أقصد من ذلك أبدا أن أتهم الأخ محمد ، فراية محمد والله عندي بيضاء ولكنه رجل
    حصيف يسعى للإصلاح والتقارب بكل الوجوه الممكنة .
    لقد كانت ردة فعله طوال المشكلة أنه لم يظهر الانفعال والغضب بل كظم غيضه
    وانتظر ما تصير عليه الأمور بيني وبين الشيخ...
    تغيرت الوجوه علي وتنكرت النفوس وضاقت علي الأرض بما رحبت ..
    أصبح السكن بالنسبة لي ككابوس مخيف ونفق مظلم لا نهاية له
    لم يؤذني أحد بكلام أو فعل الحمد لله ،
    ولكن كانت مجرد النظرات والصمت الرهيب حولي
    يولدان الكآبة والحزن والأسى في نفسي ..
    لم يكن الطعام في السكن مع الطلبة لي مستساغا بل أصبح غصة في الحلق ..
    ولذلك لم أحرص على مخالطة الطلبة ولا أن أتحدث معهم ..
    كنت أطلب من علاء الدين أن يعطيني الطعام فأذهب به لغرفتي
    أو أن أنتظر خروج الطلبة فآتي فآكل من الطعام البارد وحدي..
    كنت أجلس في الغرفة اقرأ القرءان ..
    حينما يمر المرء بأوقات عصيبة فإنه يحتاج لمن يؤنسه ..
    لقد كان أنيسي في تلك الليالي القرءان وأنعم به من أنيس..
    لقد كنت أقرأ السور بتأن وتدبر وأشغل فكري بمعانيها العظيمة مما أفهمه وأدركه ..
    فيكون في ذلك من الأنس والتطمين والترويح ما جعلني أغتبط بما أنا فيه!!
    من السور العظيمة التي قرأتها مرارا وتكرارا سورة يوسف ..
    حيث كنت كلما وصلت لمقطع انكشاف شخصية يوسف لإخوته وقد صار سيد مصر
    تصيبني نوبة بكاء ثم يتبعه أمل واستبشار قريب بفرج الله تعالى..
    من السور التي تأثرت بها كثيرا في تلك الأيام سورة فاطر!!
    إن في هذه السورة من المعاني والعبر والتوجيهات والإشارات العظيمة
    مالو تأمله المرء لخرج بآلاف مؤلفة من العبر والفوائد..
    من السور التي تأثرت أيضا بها سورة القصص وقصة موسى عليه السلام وإلقاء
    أمه له في التابوت وخوفها عليه ثم عيشه وترعرعه في بيت عدوه
    وما وجده في حياته من العنت والمطاردة والخوف حتى بعثه الله سبحانه وتعالى
    لفرعون وقومه وبني إسرائيل ...
    القرءان يا إخوتي الكرام يا أخواتي هو خير صديق ومؤنس في الشدائد
    وصدق الله تعالى حينما قال ( ألا بذكر الله تطمئن القلوب)

    في ذاكرتي عن تلك الأيام تشويش رهيب فكلما طرقت باب الذاكرة
    لكي تفتح لي نافذة أو كوة أو خرقا صغيرا نحوه ترفض ذلك رفضا قاطعا ..!!
    كأنها تقول لي : مالك ومال تلك الأيام ...!!
    ألم يكف ما تجرعته فيها من آلام هائلة!!
    دع تلك المآسي في جوفي ، ولا تفتح الباب فتفسد على نفسك ما بقي من عمرك!!
    فيكفيك ما أنت فيه الآن من متاعب أنت في غنى عن المزيد منها ..!!
    وخوفي أن يأتيك ما كنت تظنه عبرة وعظة للآخرين فيكون في مجرد ذكره
    تعجيل حتفك !!!
    فهل تريد الآن أن تنبش الأوجاع وتعيد الذكريات الحزينة!!
    قلت لها : دعينا يا ذاكرتي الحزينة دعينا نروي للناس ما حصل حتى يعتبروا من حالي ..
    وليعلموا كيف أن رحمة الله سبقت سخطه وعقابه ..
    حينما هبت جنود أبليس وأعوانه لنجدة أشرار الناس في النيل من علم الأمة
    دعيني أحكي لهم كيف طردني الناس ورموني بالأحجار حتى فررت منهم على قارب
    صغير غرقت به في منتصف البحر .. فبقيت أسبح وأسبح حتى وصلت للشاطئ المقابل!!
    ولم أكد أصل !!
    ثم زحفت على بطني على الرمال حتى ارتفعت على تلة في الشاطئ.. تشرف
    على غابة أمامي ...
    فتجولت بناظري حولي فرأيت من خلف الأشجار المظلمة ..
    عيونا لا تختلف نظراتها عن تلك النظرات التي فررت منها ..
    والتي تطورت حالها من مجرد العتاب أو الحقد ليتبعها الإيذاء والمطاردة!!
    حينها سقطت مغشيا علي ...
    دعيني أروي لهم كيف أن شيخنا لمحني من بعيد ملقيا على شاطئ الأحزان..
    فجاء ذلك الشيخ الجليل يسير من داخل تلك الغابة ووقف على رأسي ...
    فرآني لا يكاد يسترني ثوب من العري..
    قد تشققت أشداقي من العطش ..
    وقد ضمر بطني من الجوع
    وقد تتابعت أنفاسي الضعيفة من الجهد فكدت اتلف وأموت ...
    حينها انحنى الشيخ نحوي ..
    ووضع يده الباردة على وجهي ومسح بها دمعتي وقال:
    لا تحزن يابني إن الله جاعل لك فرجا قريبا !!



    !!!

  10. #30

    افتراضي

    الحلقة التاسعة والعشرون

    لقد ولد الصمت الرهيب حولي بعد تلك الجعجعة التي مرت في الرياض ولد ذلك
    في نفسي فراغا وخواء ورغبة في الموت أو الانتحار!!
    ليس هو الانتحار بمعنى إزهاق الروح بل بالعودة من حيث أتيت !!
    لم أترك فكرة تدور في خلد أي إنسان إلا وفكرت فيها ..
    بقيت معلقا بين السماء والأرض أيهما يجذبني ..
    حين ذلك وأنا في معمعة الفكر استدعيت من الشيخ ..من طرف الأخ محمد زين العابدين
    قال لي شيخنا: استمر في حضور الدرس مثلك مثل الآخرين ولا تقصر في الطلب ..
    وسوف أتحدث مع والدك في الموضوع أو أنه قال : لقد تحدثت مع والدك في الموضوع ؟؟
    نسيت والله ..!!
    والنتيجة : إن خطأك وجسارتك على والدك وهروبك من المنزل وتركك لدراستك وتغيير
    نسبك كل ذلك لا يجوز أن يمنعك من طلب العلم..
    كان الشيخ كمثل الطبيب يشخص المرض ويضع يده على موضع الألم ثم يقرر الدواء ..
    هل سيكون بالبتر أو بالترياق أم بالحمية؟؟؟
    قلت له: جزاك الله خيرا إن كلامك هذا يعطيني بصيص أمل ..
    لم أطل معه الحديث ...
    عدت بعدها للسكن ..
    أتعرفون مالذي فعله صاحبنا ذاك؟؟
    لقد صار يصحب شيخنا مشيا على قدميه بعد كل صلاة لظنه أنني لن أجرؤ على
    السير مع الشيخ بحضوره!!
    ظن ذلك المسكين أنني بمجرد ذهابي مع الشيخ بعد الدرس فقد كسبت وده ..!!
    إذا فما حال عشرات الطلاب الآخرين ؟؟
    هذا من فضل الله تعالى علي والحمد لله ..
    في البداية هبته وخشيت شره وبطشه خاصة بعد الذي فعله في من إساءة وتشويه سمعه..
    ولكنني عدت لسابق عهدي فحينها مل وتراجع !!
    ولكنه لم يعدم حيلة لمنعي من الخير ..
    كلف شخصا اعرفه جيدا بمراقبتي فكان ذلك المعتوه يسير خلفنا بسيارته السوداء
    وينتظرني بعد
    كل صلاة فيسير بالسيارة حتى يصل الشيخ لبيته حينها أسلم على الشيخ وارجع!!
    شعر الشيخ بعد أيام بما يفعله الرجل فاستدعاه وسأله مالذي يفعله ومن كلفه بذلك ؟؟
    فتعذر بأعذار يعيب علي ذكرها هنا !!
    حينما عزمت على حضور الدروس بعد الحديث مع شيخنا ..
    وجدت أن مكاني قد سيطر عليه شخص آخر جاء من طرف جاري القديم!!
    ولكنني لم استسلم لهذا التعامل الرخيص البليد...
    صرت احضر مبكرا وأنازع على المكان الذي حافظت عليه شهورا حتى دان الجميع لي
    بذلك..
    كنت اجلس بجوار ذلك الحقود ولكن بيني وبين قلبه كما بين المشرق والمغرب!!
    والحمد لله يشهد علي جميع من عرفني أنني لم أتفوه نحوه ولا في ظهره بعبارة واحدة
    تسيء له.. بل كنت أقر بفضله وعلمه وسبقه مع بغضي لفعله معي والله حسيبي وحسيبه
    بعد عدة أيام استدعيت من الشيخ مرة أخرى وهذه المرة مع محمد زين العابدين..
    أذكر تلك اللحظة جيدا كانت بعد صلاة عشاء ..
    سرنا ثلاثتنا إلى بيت الشيخ دون مرافق آخر ..
    كان الشيخ يتكلم ونحن منصتون، يقول لي:..
    فلان قد حمل عليك ويريد منك أن تترك عنيزة وهذا لا حق له فيه ولا أوافقه عليه ..
    ولكن أنت يجب عليك أن تحاول كسبه والتودد إليه ..!
    أو ابتعد عنه ولينصرف كل واحد منكما لطلب العلم ...
    ثم عاتبني الشيخ في تحدثي مع الرجل ذاته سابقا في أمور تخص الشيخ وكيف أن الناس سيستغلون ذلك ضدي!!
    وأنه زعم أنني جاسوس مدسوس ضد الشيخ !!
    وكلفت بالتقرب منه لكي أكسب ثقته ومن ثم أطلع على أسراره وخصوصياته ..
    فابعثها لمن اتبعه!!
    فقلت له ياشيخ : هل تصدق هذا الكلام ؟؟
    صمت الشيخ ولم يرد أن يسمع الأخ محمد جوابه !!
    خوفا من أن يصل الكلام لصاحبنا فيفهم أن الشيخ في صفي وخيرا فعل !!
    وعدت شيخنا خيرا وأن استمر في العلم وفي دراستي النظامية إرضاء لوالدي ..
    فقال : سوف أتصل على والدك حتى يأتي هنا لكي أتفاهم معه!!
    فقلت له : افعل ياشيخنا ما تراه الأصلح وأنا أرضى به ..
    ثم طلب الشيخ مني التأخر قليلا ليتكلم مع محمد على انفراد ..
    فتكلما قليلا وهما يسران .. ثم دعاني الشيخ..
    فكرر علي كلامه السابق كأنه يتوثق مني ثم قال ..
    سوف أسافر بعد أسبوعين لمكة لأداء العمرة وسوف اطلب من والدك الحضور لمقابلتي
    هناك!!
    ولم يذكر لي هل سأرافقه أم لا؟؟



    !!!

صفحة 3 من 8 الأولىالأولى 12345 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. قصيدة رائعة من روائع الشاعر سليمان بن شريم
    بواسطة المنتقد في المنتدى منتدى أدب وشـِـعر ورواية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: November 19th, 2009, 02:44
  2. عائض القرني - أنا سُنّي حسيني ,,,
    بواسطة أم مالك الأزدية في المنتدى منتدى أدب وشـِـعر ورواية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: September 25th, 2009, 06:14
  3. قصه رائعة وممتعة
    بواسطة هلالي القرن في المنتدى روايات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: February 16th, 2009, 08:57
  4. قصيدة رائعة إقروها وإفهموها زين قبل لا تجيكم المنية
    بواسطة ابو فيــصل في المنتدى منتدى أدب وشـِـعر ورواية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: July 23rd, 2008, 01:28
  5. إذكر الله بطريقة رائعة !!!
    بواسطة giiiJIق في المنتدى وعظ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: April 26th, 2008, 21:39

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

تنفيذ شركة تصميم مواقع الانترنت توب لاين
روابط مهمه روابط مهمه تواصل معنا
تواصل معنا