منصور الجفن (الرياض) : تمثّل التنمية الزراعية على مختلف أشكالها أحد أهم أهداف حكومتنا الرشيدة منذ وقت مبكر؛ لتحقيق تنمية مجتمعية متعددة وتوفير أمن غذائي متنوع، متحدية بذلك بيئة زراعية قاسية، فيها الكثير من الصعاب الجمة، والظروف المناخية الأصعب، وذلك في بلد يغلب على طبيعته الصحراوية وندرة المياه، عدا تلك المياه الجوفية الكامنة في أعماق طبقات الأرض.. لكن الإرادة والعزيمة كانت التحدي الحقيقي لتتحول المملكة -بالرغم من هذه الظروف- من بلد مستورد للكثير من المحاصيل الزراعية، إلى بلد مصدر -خاصة للقمح في إحدى الفترات-، كمؤشر على نجاح هذا الهدف.
المشاركون في الندوة أكّدوا أهمية منح فترة سماح لقروض المزارعين وإعادة دعم زراعة القمح
المطلوب تحويل «القروض» إلى طويلة الأجل من (15-20) سنة والتدرج في نسبة الإفادة من خصم الإعانة كلما كان السداد مبكراً
وكان من ضمن تلك الأدوات الفاعلة لتحقيق هذا التحدي والتغلب على الظروف؛ قنوات الدعم والمساندة المتعددة، مثل: وزارة الزراعة، والمراكز الأكاديمية والبحثية، وقطاعات التمويل وفي مقدمتها صندوق التنمية الزراعية، الذي كان بمثابة الذراع الرئيس لدعم المزارعين، وتقديم القروض والتسهيلات لهم، حيث بلغ إجمالي القروض الزراعية المقدمة للمزارعين أكثر من (44) مليار ريال، بنسبة تحصيل بلغت (85%)، وعلى الرغم من هذه النسبة العالية في التحصيل؛ نتيجة إبراء الذمة أولاً، إلاّ أنّ هناك نسبة قليلة من المشروعات الزراعية متعثّرة في السداد؛ نتيجة بعض الظروف، وفي مقدمتها قرار التخلي عن زراعة القمح، وعدم تنفيذ القرار المتعلق بمعالجة ما ترتب على هذا القرار، إضافة إلى بعض المشاكل التي يعانيها بعض المزارعين في التسويق، ومتطلبات الإدارة، والتشغيل، والعمالة، في ظل غياب ثقافة العمل الجماعي عبر جمعيات زراعية تعاونية، توجه مسار هذا النشاط إلى بر الأمان، يعزز ذلك عودة زراعة القمح، واستثمار تلك البنية، والثقافة، التي تكونت خلال المرحلة الماضية.
«ندوة الثلاثاء» تناقش موضوع القروض الزراعية المتعثرة، وأهمية إعادة تشغيل مشروعات زراعة القمح، خاصة وأنه ليس المحصول المسؤول عن استنزف المياه في نظر الكثيرين.
حجم المشكلة
في البداية بيّن "م. ناصر الناصر" أنّ الدولة مدركة تماماً لحجم المشكلة التي يعانيها المزارعون، وهي بمثابة الأم الحانية لكل مواطن، حيث تحمي وترعى مصالحه، مؤكّداً على أنّ صندوق التنمية الزراعي لن يتخذ أي خطوة تضر بالمواطن، لكن في المقابل على كل مقترض أن يلتزم بالتسديد، والدولة من المؤكد أنّها سوف تعمل على تحصل حقوقها بشكل لا يضر بالمواطن.
وأضاف أنّ التنمية الزراعية في جميع دول العالم تواجه تحديات، ومشاكل، وخسائر، ودعماً حكومياً من دون حدود، لافتاً إلى أنّه في أوروبا -على سبيل المثال- الصراع قائم على حجم الإعانات التي تقدم للمزارعين، وصندوق التنمية الزراعية السعودي تم تأسيسه لأجل خدمة التنمية والتيسير على المزارعين.
قرار لم يفعّل
وأشار "م. الناصر" إلى أنّه تم مناقشة مُدد السداد في صندوق التنمية الزراعي، من أجل عمل ثلاث محاور للإقراض: (قصير، متوسط، طويل الأجل)، موضحاً أنّ طويل الأجل ينطبق على البيوت المحمية، ومشروعات الدواجن، والمصانع، إلاّ أنّ هذا لم يفعّل!، متسائلاً: على الرغم من أنني عملت في الصندوق، ووصلت إلى عضو في مجلس إدارة الصندوق، إلاّ أنني لم أفهم لماذا لم يفعّل؟، لافتاً إلى أنّ نظام الصندوق ينص على وجود قروض طويلة الأجل ومدتها (25) سنة.
وقال إنّ مشروعات الأغنام خسرت، وبدأ الصندوق يطالب مقترضين أغلبهم مفلسين، واكتشف الصندوق أخيراً أنّ (83) مشروعاً للأغنام منها (82) مشروعاً مقفلة، عدا مشروع واحد، وكان في الرمق الأخير، فصار هناك نقاش طويل، حتى تم تخفيف القيود على مشروعات الأغنام بعد القناعة أنّها مشروعات غير اقتصادية، مؤكّداً على أنّ هناك تعثّراً، وهناك مشاكل تواجه المشروعات والمقترضين.
قلة الأيدي العاملة أبرز مشاكل القطاع الزراعي
البيوت المحمية
وعلّق "صالح المهنّا" على ما ذكره "م. ناصر الناصر"؛ مبيّناً أنّ البيوت المحمية أيضاً لو تُركت بهذا الشكل واستمر عليها الضغط؛ فستصل إلى ما وصلت إليه مشروعات الأغنام، مضيفاً: "يجب أن لا تتوقف المشروعات، بل يجب أن يصحح مسارها، إذا كان هناك شك بوجود أخطاء إدارية، أو فنية، أو أي حالة خاصة"، معتبراً أنّ وزارة الزراعة مقصرة في مساعدة مزارعي البيوت المحمية في مكافحة الآفات الزراعية.
وتداخل "م. ناصر الناصر" معلقاً على ما ذكره "صالح المهنّا"؛ موضحاً أنّ القروض تمثّل حالياً لبعض المزارعين مشكلة، وإذا طُبق ما ترمي إليه وزارة المالية من اتخاذ أمور إجرائية مع المتعثرين فهذا -حسب رأيه- كارثة على القطاع الزراعي، حيث ستكون هناك مشاكل بين المزارعين وبين الصندوق، ومن الممكن أن تتصعد العملية بشكل أكبر؛ نتيجة الفقر وغير ذلك من المشاكل.
التزام بالسداد
وعلّق "يوسف الدخيل" على ما ذكره "م. ناصر الناصر" و"صالح المهنّا"؛ مبيّناً أنّه يجب أن يكون لدى المزارعين الرغبة في الوفاء والتسديد، بصرف النظر عن مطالبة البنك بحقوقه، أو اتخاذ إجراءات قانونية للضغط على المقترضين للوفاء بالتزاماتهم، مشيراً إلى أنّ الصندوق الزراعي قد توسع في البيوت المحمية، وبدأ في تسهيل عملية الإقراض، إلى أن أصبح عدد البيوت المحمية كبيراً وتدار من قبل أشخاص غير متخصصين في كثير من الأحيان، مضيفاً أنّه كان من الواجب أن يكون لدى المستثمر في هذا النشاط الإستراتيجية الكاملة للتسويق، التي تعتبر من أهم ركائز العمل الزراعي والتجاري والصناعي، والذي من خلاله يستطيع المستثمر تسويق إنتاجه، واستثمار الفرص والقدرة على التسديد والوفاء بالإلتزامات، وتجاوز الكثير من العقبات.
مطالبة المتعثّرين
واعتبر "عبد الله العيّاف" أنّ مشكلة البيوت المحمية تتلخص في نقطتين: الأولى تسويقية، والثانية قلّة العمالة، مطالباً صندوق التنمية الزراعية بتأجيل المطالبة بالقروض حتى تنتهي المكاتب الاستشارية التي تعاقد معها الصندوق لدراسة المبادرات المطروحة، مع البحث عن إيجاد طريقة فاعلة لعملية التسويق، مشيراً إلى أنّ المزارع هو الوحيد الذي لا يستطيع تحديد سعر بضاعته بل تخضع للعرض والطلب ويتم عبر المزاد، مقترحاً أن يتم تأسيس شركة أو جمعيات يتم من خلالها تحديد أسعار محاصيل المزارعين بشكل معتدل، بشكل يتناسب مع تكلفة الإنتاج وقدرة المستهلك.
سلة الغذاء
وعلّق "محمد السلمان" على ما ذكره "عبد الله العياّف"، مؤكّدا على أنّ الدولة حريصة على بناء هذا الوطن وتحقيق الأمن الغذائي لمواطنيه، وكذلك التطلع إلى الاكتفاء الذاتي، وهذه من أهم سياسات واستراتيجيات الدولة لتأمين الغذاء، سواءً كان من مصادر خارجية عبر الاستيراد أو من خلال مصادر داخلية كمنتجات زراعية، أو حيوانية، أو سمكية، أو دواجن، وغير ذلك، ومن هنا فإن الدولة لم تقصّر في منح المزارعين القروض الميسرة، وتشجيعهم، معتبراً أنّ عدم تأدية وزارة الزراعة لدورها الكامل من المشاكل التي يواجهها المزارعين، الذين لم يتم تمكينهم من تأمين سلة الغذاء للوطن.
وزارة الزراعة
وعلّق "م. عبد الرحمن الجمعة" على ما ذكره "محمد السلمان" و"عبد الله العياف"؛ مبيّناً أنّ دور وزارة الزراعة يتمثّل في المساعدة بتقديم المبيدات والاستشارات والإرشاد بالنسبة للآفات الزراعية، مؤكّداً على أنّ مشكلة البيوت المحمية في الإدارة والتشغيل والتسويق، مضيفاً: "إذا تم حل هذه الثلاث نقاط فسيكون هناك انفراج لهذه المشكلة"، موضحاً أنّ مشكلة التسويق لن يضبطها لصالح المزارع والمستهلك سوى إنشاء جمعيات تُعنى بتسويق المنتجات الزراعية، وتحافظ على الأسعار من خلال تثبيتها، منوهاً أنّ بعض المزارعين غير مقتنعين بالجمعيات التعاونية.
المزارع ضحية !
وعلّق "م. ناصر الناصر" على ما ذكره "م. عبد الرحمن الجمعة" و"محمد السلمان" و"عبد الله العيّاف"؛ معتبراً أنّ المشكلة بدأت بوزارة الزراعة وصندوق التنمية الزراعية، حتى صار المزارع ضحية كافة الأطراف، حيث بدأت الدولة في دعم المزارع من دون حدود، من خلال أراضٍ زراعية، و(3.5) ريال قيمة القمح، وسحبت الدعم من دون إنذار مسبق، مضيفاً: "لا شك أنها خفّضت الأسعار، وهذا أثّر على الجدوى الاقتصادية التي قدمها المزارع عبر دراسة تضمن سداد القروض للجهات الداعمة أو الممولة للزراعة، سواءً للقمح أو لغيره".
وأشار إلى أنّ الدولة حينما قررت التراجع عن الزراعة فقد أصدرت مرسوماً ملكياً يتضمن عدد من البنود للتراجع عن الزراعة، وكان أحد هذه البنود يتضمن تعويض ومعالجة ما يتعلق بالمزارعين، من آثار نتيجة هذا القرار، مبيّناً أنّه من الملاحظ أنّ جميع تلك القرارات طُبقت عدا هذا القرار، حيث صُرف النظر عنه، ولم تعالج أي مشكلة مما ترتب على القرار، ومن ضمنها: مشكلة القروض، وبالتالي المزارع ذهب ضحية لعدم معالجة الآثار المترتبة على الأمر السامي الكريم، المرتبط بتخفيض وتقليص الزراعة في المملكة.
الأمن الغذائي
وعاد "محمد السلمان" ليتداخل؛ مشدداً على ضرورة أن تدرس الجهة المانحة للقرض أولاً أسباب تعثّر المزارعين عن تسديد القروض، وإذا كان ذلك ناتج عن عدم كفاية القرض، أو عدم كفاية مدة جدولة السداد، أو عدم وجود الحماية من المنتجات المستورة، وبالتالي لابد أن يتحمل الصندوق ووزارة الزراعة جزءاً من مسؤولية الخسارة أو التعثّر، مؤكّداً على أنّ توقيف المشروعات الزراعية المتعثّرة لن يكون في صالح الوطن، ولا الجهة المقرضة أو المقترض.
وأضاف أنّ معاناة الزراعة كثيرة، ومتشعبة، والمشاكل التي يواجهها المزارعون متعددة، وليس هناك من يقف معهم للتغلب على تلك المشاكل المؤثرة على سير مشروعاتهم الزراعية، داعياً إلى أن يكون هناك صوت مرتفع للوقوف مع المزارع؛ لوضع إستراتيجية للمحافظة على المزارعين، والمحافظة على تلك المكتسبات التي تحققت في البنية الزراعية المتنوعة لتحقيق الأمن الغذائي.
لا توجد متابعة جدية لكيفية إدارة القروض من نواحٍ فنية وإدارية وتسويقية ومواجهة المعوقات التي تواجه المزارعين في حينه
دوائر التعثّر
وعلّق "خالد اليحيا" على ما ذكر "محمد السلمان"؛ معتبراً أنّ دوائر التعثّر تتركز في ثلاث أطراف، متمثلة في وزارة الزراعة، وصندوق التنمية الزراعية، والمقترض، حيث لوزارة الزراعة دور كبير في توزيع الأراضي في البداية، إذ أسهمت في تحديد الأراضي التي تُمنح للمزارعين والمقترضين؛ مما يفترض أنّها قد أجرت دراسات كاملة على الأراضي الصالحة للزراعة، من حيث التربة، والمياه، وتحديد هل هي قابلة للمنح والاستثمار الزراعي أم لا؟، وبالتالي يكون موضوع الإقراض عليها مجدياً اقتصادياً، أما الأراضي غير الصالحة للزراعة فكان يتعيّن عدم الإقراض عليها لعدم الجدوى، ومن هنا تقدم المستثمرون الزراعيون لصندوق التنمية الزراعية بطلب الحصول على قروض زراعية في هذه الأراضي، وبدأت المشكلة، منوهاً بأن البنك الزراعي لديه مشكلة متعلقة بإدارة المشروعات الزراعية المقرضة، حيث إنّه ليس لديه إدارة لمتابعة القروض!.
وأضاف أنّ الصندوق لديه هيكلية إدارية تعتمد على وجود مدير مشروع داخل الصندوق، يشرف ويتابع مجموعة من المصانع المقترضة، وهو مسؤول عنها في هيكليتها، وزيارتها، وقروضها، ومحاسبها القانوني، ومشكلاتها الفنية، وكيفية سدادها للقروض، أو تمويلها عبر القطاعات الأخرى.
المبالغ المعتمدة لا تغطي قيمة المعدات وتجهيزات الأرض والمزارع تحمل فوق طاقته وينتظر تمديد فترة السماح خمس سنوات
قرارات ارتجالية !
وعلّق "سليمان الملوحي" على ما ذكره "خالد اليحيا"؛ مبيّناً أنّ مجلس إدارة صندوق التنمية الزراعية يصدر أحياناً قرارات من دون الرجوع إلى المعنيين بالموضوع -المزارعين-، معتبراً أنّ بعض الأشخاص في إدارة الصندوق ليس لديهم الخلفية أو الخبرة أو الإلمام الكامل بالجوانب الزراعية، ومعاناة المزارعين، داعياً إلى وضعهم في الصورة حال اتخاذ قرارات تخص المزارعين، مؤكّداً على أنّ الصندوق له دور كبير في دعم المزارعين، لافتاً إلى أنّه قد لا يوجد أي دولة في دول العالم تقرض المزارع بالطريقة التي يقرض بها صندوق التنمية الزراعية السعودي، حيث يتم إقراض المزارع، وهناك فترة سماح لمدة ثلاث سنوات، وهناك من (22%) إلى (25%) إعانة للمزارع عند السداد في الفترة المحددة خلال ستة أشهر.
إبراء ذمة
وعلّق "خالد اليحيا" على التصريح الصحفي المنشور لمدير عام صندوق التنمية الزراعية، وجاء فيه: أنّ نسبة تحصيل القروض الزراعية بلغت (85%) من قيمة القروض المقدمة للمزارعين، والبالغة (44.000.000.000) ريال، بينما بلغت القروض التي تحت التحصيل (15%)؛ مما يؤكّد على أنّ نسبة التحصيل جيدة وليست ضعيفة، وحتى لا يكون المسؤولين المعنيين في الدولة أمام صورة غير واضحة؛ فإنه من الواجب التذكير أنّ نسبة ال(15%) من الديون غير المحصلة ليست مبالغ معدومة، بل جارٍ تحصيلها، على الرغم من وجود حالات تعثّر للكثير من المزارعين؛ بسبب الظروف والعوائق التي تناولنا بعض منها.
وعلّق "سليمان الملوحي" على ما ذكره "خالد اليحيا"؛ مشيراً إلى أنّ تسديد (85%) من القروض الزراعية يدل على صفا نية المزارعين في الإلتزام بالسداد، والرغبة الأكيدة في ذلك، إنطلاقاً من إبراء الذمة والوفاء بما عليهم من التزامات مالية لجهة الإقراض، على الرغم من إيقاف زراعة القمح، وكون دخل المزارع غير مجزي وغير محفز لدى الغالبية منهم للسداد.
جهات ضغط
وتداخل "عبد الله العياف"؛ موضحاً أنّ الصندوق الزراعي ما زال يقف مع المزارعين، وليس هو الجهة التي تضغط عليهم، وإنما هناك جهات أخرى تضغط على الصندوق، مثل: وزارة المالية وغيرها، أما الصندوق فإنه مقتنع بمستوى التحصيل، إدراكاً منه أنّ المزارعين لديهم مشاكلهم التشغيلية والتسويقية، وقد وضع مبادرات جارٍ دراستها عبر مكاتب استشارية لمساعدة المزارعين.
خسارة مضاعفة
واعتبر "م. ناصر الناصر" أنّ القرار الاستراتيجي بشأن القمح وما يتعلق به هو قرار لم ينظر لمستقبل الأمن الغذائي في المملكة، وكذلك الوضع الاجتماعي والفقر والتوزيع السكاني وعوامل كثيرة، مشيراً إلى أنّه هناك قرى أنشئت على الزراعة، وحينما ألغيت الزراعة أصبح معظم بيوتها مهجورة، وتُركت البنية والتجهيزات، لافتاً إلى أنّ أسوأ من ذلك أنّ جزءاً كبيراً من المكائن والمعدات والآليات صُدّرت إلى دول مجاورة بمبالغ زهيدة، فخسرنا الخبرة، والمعدات، والأمن الغذائي، وتحول المزارعون إلى زراعة البرسيم؛ نتيجة هذا القرار قبل خمس أو ست سنوات.
إعانة القمح
وتمنى "م. ناصر الناصر" إعادة دراسة إعانة القمح، وتشغيل مزارع ومشروعات القمح، واستخدام الميزة النسبية للمناطق، بحيث ينصب الدعم الميزة النسبية لكل منطقة، فمثلاً القصيم يتم دعم زراعة النخيل، مع إعطاء إعانة لكل كيلو جرام من التمر، وكذلك الجوف يعطى إعانة لزراعة القمح، وزراعة الزيتون، وهكذا في كل منطقة حسب الميز النسبية.
وأضاف أنّ قرار وقف زراعة هذا المحصول لم يكن وفق دراسات متعمقة، مبيّناً أنّه لا يمكن أن تكون مشكلة المياه هي المبرر، فقد تم الإتفاق على أنّ الماء ليس مشكلة، وإلاّ لماذا تركت الناس يزرعون أعلافاً وبرسيماً لمدة ثماني سنوات؟، علماً أنّ استهلاك المياه للبرسيم يمثل من أربعة إلى خمسة أضعاف استهلاك القمح، وهناك استنزاف عالٍ جداً، ومع ذلك نجد أن مزارع الأعلاف متروكة بطاقة قصوى، وبالتالي نقول أنّ الماء في هذه الحالة ليس مبرراً.
هدر الأموال
وعلّق "محمد السلمان" على ما ذكره "م. ناصر الناصر"؛ معتبراً أنّ وقف زراعة القمح أثّر على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمزارعين، والأمن الغذائي للبلد، وكلّف الدولة خسائر كبيرة، مشيراً إلى أنّ حجة نقص المياه واهية، موضحاً أنّ الأمطار التي هطلت على المملكة هذا العام وما قبله كفيلة برفع منسوب المياه الجوفية بشكل جيد، مضيفاً بأنّ الدراسات حول المياه غير دقيقة وغير علمية، وربما تكون غير صحيحة!، مؤكّداً على أنّ الاستثمار الزراعي داخل الوطن هو بناء للمواطن، وضمان لتوفير الغذاء، وما يجرى من توجه وتشجيع للزراعة في الخارج بمثابة هدر لأموال الدولة، مع عدم ضمان تصدير المنتج من القمح في تلك البلاد إلى المملكة؛ لأنّه يعتبر من أهم متنوعات الوعاء الغذائي للدول المنتجة.
الاكتفاء الذاتي
وقال "محمد السلمان" إنّ المملكة بذلت الكثير من المال والوقت من أجل توطين البادية والحد من الهجرة من القرى الصغيرة إلى المدن، لكن يبدو أنّ وزارة الزراعة بهذا القرار قد ساهمت في هدم هذا الهدف، والقضاء عليه؛ مما أدى إلى هجر المزارعين وأبنائهم، وساهم في ارتفاع نسبة البطالة، معتبراً أنّ قرارات وزارة الزراعة غير مدروسة بشكل جيد؛ مما أدى إلى زيادة أسعار المواشي، والأعلاف، وزيادة نسبة البطالة بين المواطنين.
وأضاف أنّه ينبغي على وزارة الزراعة عند اتخاذ قرارات هامة وذات تأثير على الوطن والمواطن الرجوع والتنسيق مع العديد من الوزارات ذات العلاقة، سواءً الداخلية، أو الاقتصاد والتخطيط، أو المالية، وكذلك المزارعين أصحاب الشأن، موضحا أنّه في ظل هذا النمو السكاني الكبير فإن على وزارة الزراعة أن تعي أنّ تحقيق الأمن الغذائي من الأولويات الإستراتيجية، وهذا لن يتحقق إلاّ من خلال الاكتفاء الذاتي من إنتاج المزارع المحلية.
نقص عمالة
وتداخل "صالح المهنّا"؛ مبيّناً أنّ قلّة العمالة من المشكلات التي يواجهها المزارعون وتؤثّر على الإنتاج وتحقيق الربحية، وبالتالي القدرة على سداد القروض، موضحاً أنّ المزارعين يعاملون معاملة الشركات والمؤسسات التجارية والصناعية التي لديها مداخيل وأرباح عالية، على الرغم من معاناتهم مع المحاصيل الزراعية من آفات وعوامل مناخية تؤدي في بعض الأحيان إلى إلحاق خسائر.
وعلّق "خالد اليحيا" على ما ذكره "صالح المهنا"؛ مشدداً على أنّ القطاع الزراعي يحتاج إلى عمالة زراعية أجنبية بنسبة (99%)، مطالباً بتحقيق العدالة مع المزارعين، معتبراً أنّ من مشاكل مشروعات البيوت المحمية أنّها بالأساس لا تتحمل قروضها؛ بمعنى أن القرض أضخم من المشروع نفسه، وبالتالي كان من الواجب أن تكون مدة سداده في حدود (20-25) سنة، أو أن يكون لها إعانة لا تقل عن (50%)، مشيراً إلى أنّ البيوت المحمية بدأت دراساتها من قبل وزارة الزراعة على أساس أسعار مبالغ فيها للمنتجات.
عمالة موسمية
وعلّق "عبد الله العياف" على ما ذكره "صالح المهنّا" و"خالد اليحيا"؛ مؤكّداً أنّ المزارعين يعانون كثيراً في الحصول على العمالة الكافية، كما يعانون من هروبها، لافتاً إلى أنّ عموم المزارعين -خصوصاً مزارعي البيوت المحمية ومزارعي النخيل- يحتاجون إلى عمالة كبيرة، وقد تبلغ مدة الحصول على تأشيرة العمالة الزراعية مدة تزيد عن سبعة أشهر، يتعرضون خلالها إلى إيقاف وتعطيل استثمار بيوتهم المحمية. واعتبر أنّ فكرة العمالة الموسمية تحتاج إلى دراسة عميقة؛ لأنّ العامل في بلده سوف يدفع مبالغ للمكاتب، ومصروفات نقل، بينما فترة عمله لدى المزارع خلال موسم ربما تكون مدته ثلاثة أشهر، أو أقل، أو أكثر قليلاً؛ مما لن يحقق له عوائد مجزية، ولن تغطي تكاليف وصوله للمملكة، ومن هنا قد يلجأ العامل إلى الهرب من الكفيل، أو قد يرتكب أموراً أخرى لتحقيق عائد مجزٍ.
سياسة الصندوق في الإقراض وفترة السماح
يعتمد الصندوق كلياً في سياسته الإقراضية على ما يتوفر لديه من سيولة وما يتم تحصيله مما يستحق من أقساط قروضه لدى المزارعين، ويتم الإقراض وفقاً لنظامه الأساسي ولائحة إقراضه على قروض قصيرة الأجل تشمل أجور الحراثة، وقيمة البذور، والأسمدة، والمبيدات، والمحروقات، ومستلزمات قوارب الصيد، المتمثلة في: القراقير، وشباك الصيد، والأعلاف المركبة، والصيصان؛ للمشروعات المتخصصة، وتُسدد في مدة أقصاها سنة، وقروض متوسطة الأجل تشمل المجالات الزراعية الأخرى لجميع الأنشطة الزراعية، بشقيها: النباتي والحيواني، وكذلك تمويل المشروعات الزراعية المتخصصة بمختلف أنشطتها، وتُسدد هذه القروض على أقساط سنوية خلال (10) سنوات.
ويمنح الصندوق المزارعين فترة سماح؛ نظراً لاختلاف أنواع الاستثمار الزراعي في طبيعتها واحتياجاتها حتى تبدأ في تحقيق عائد مناسب يمكن المزارع من تسديد أقساطه، وتيسيراً عليهم ومساعدتهم لمواجهة نفقات الاستثمار في مراحله الأولى، حيث تمنح جميع القروض العادية المتوسطة لمختلف المجالات الزراعية ولزراعة المحاصيل فترة سماح مدتها سنتان، وكذلك بالنسبة للمشروعات الزراعية فيما عدا مشروعات تربية وتسمين الأغنام، حيث تمنح ثلاث سنوات، وكذلك بالنسبة لمشروعات الصناعات الزراعية الصغيرة، في حين تعطى قروض مزارع الفاكهة والنخيل فترة سماح مدتها ست سنوات، وذلك من تاريخ عقد القرض بالنسبة لكل منها.
وتهدف سياسة الصندوق إلى دعم ومساعدة المزارعين كافة -وصغارهم بصفة خاصة-، والتيسير عليهم، إذ يتم إقراضهم بنسبة (100٪) من إجمالي تكلفة المجالات الزراعية المطلوبة في حدود (200.000) ريال، ثم بنسبة (75٪) لما يزيد على (200.000) ريال حتى (3.000.000) ريال، ثم بنسبة (50٪) لما يزيد عن ذلك، فيما يتم تمويل المشروعات الزراعية المتخصصة بنسبة (75٪) ل(3.000.000) ريال الأولى من تكلفة المشروع، حسب دراسة الصندوق، ثم بنسبة (50٪) لما يزيد عن ذلك، وبحد أقصى (20.000.000) ريال لإجمالي القرض أو لمجموع ما بذمة المقترض، كما يشجع الصندوق الجمعيات التعاونية الزراعية لتفعل دورها في خدمة المزارعين، خاصةً فيما يتعلق بالجوانب التسويقية، والخدمات المرافقة لها، مثل: التخزين المبرد، والفرز، والتدريج، والتعبئة، وغيرها، وذلك بتمويلها بقروض يمكن أن تغطي كامل التكلفة اللازمة.
تاريخ التعثّر بدأ مع تخلي الدولة عن زراعة القمح..!
بدأت المملكة في سبعينيات القرن الماضي برنامجاً لتشجيع المزارعين على زراعة القمح، وكانت تضمن لهم في ذلك الوقت سعراً يبلغ (3500) ريال للطن، وأسست المؤسسة العامة لصوامع الغلال عام 1972م لتسهيل تصريف الإنتاج، فاتسعت المساحة المزروعة، وزادت أعداد المزارعين، وما لبثت مشكلة نقص المياه أن برزت في المملكة، وألقت دراسات كثيرة التبعية على القطاع الزراعي، خصوصاً زراعة القمح التي تستنزف كميات كبيرة من المخزون الاستراتيجي للمياه، وخفضت السعر تدريجياً في مواجهة الانتقادات لدفعها أسعاراً مبالغاً فيها، حتى وصل إلى (1000) ريال للطن، إذ كانت تنتج (2.5) مليون طن من القمح سنوياً، يكفي الطلب المحلي لديها، ويساعد على تصديره للخارج.
ورأى الكثير من المزارعين أنّه ينتج عن قرار وقف زراعة القمح عدد من المشاكل، كأن يصعب على جميع مزارعي القمح تسديد أقساط القروض بعد ترك زراعة القمح، وانخفاض دخل معظم مزارعي القمح بصورة حادة ومؤثرة؛ نتيجة تطبيق قرار تخفيض إنتاج القمح، وبالتالي التأثير السلبي في مستوى معيشة أسر المزارعين، كما ستتأثر مراكز الصيانة وقطع الغيار لمعدات القمح، وكذلك بعض الصناعات المحلية التي اعتمدت على زراعة القمح، مثل: صناعة الأسمدة، والمبيدات، والمعدات الزراعية، إلى جانب تأثر منشآت حضرية وبنى تحتية كثيرة بالريف سلباً من قرار التخفيض، وسيتجه العديد من المزارعين لزراعة الأعلاف -التي تستهلك كمية أكبر من المياه-؛ من أجل الحصول على مصدر للدخل وسداد الديون، وهذا يتنافى مع مقصد القرار الذي يهدف إلى توفير المياه، وتصبح معظم الآلات الزراعية الخاصة بزراعة القمح عديمة الجدوى.
كما يتوقع انخفاض إنتاج المحاصيل الخضرية الأخرى في المزارع وسترتفع أسعارها؛ بسبب هجر المزارع والتحول عن مهنه الزراعة، حيث إنّ نشاط زراعة القمح كان يغطي على الخسائر الموسمية، بالإضافة إلى أنّ هجران الزراعة يزيد من نسبة البطالة في المجتمع؛ مما يرفع أعداد المهاجرين من الريف إلى المدن بحثاً عن العمل، والأهم من ذلك: فقدان المجتمع كوادر بشرية تمتلك خبرات كبيرة في مجال زراعة القمح، حيث ستصبح هذه الخبرات عديمة الاستخدام.
جمعية في كل منطقة والبقية في «حكم الميت»..!
طالب "يوسف الدخيل" بأن يكون في كل منطقة جمعية للبيوت المحمية؛ لكي تتمكن من حصر البيوت المحمية بالمنطقة، وإرشاد المزارعين لزراعة المحاصيل المناسبة للسوق، مثل: الطماطم والخيار والكوسة وغيرها، وفق أجندة زراعة تحدد لكل مزارع ما يجب أن يزرعه من هذه المحاصيل في البيوت المحمية؛ لكي يتم موازنة العرض والطلب في السوق، وذلك من أجل إدارة الأهداف التسويقية لمزارعي البيوت المحمية بشكل منظم ومدروس.
وقال إنّ هذه الطريقة نُفذت في بريطانيا مع مزارعي السكر عندما واجهتهم خسائر كبيرة، ولكن عندما تم استخدام نظام "الكوتا" أصبح من غير الممكن أن ينتقل المزارع من إنتاج محصول إلى آخر، إلاّ من خلال موافقة الجمعية، وهذه الموافقة تكون مشروطة بوجود مزارع آخر من منسوبي الجمعية يتبادل معه زراعة المحاصيل، ومن هنا تمت السيطرة على مستوى العرض والطلب وتم القضاء على تلك الخسائر التي كان يعاني منها المزارعون.
وعلّق "عبد الله العيّاف" على ما ذكره "يوسف الدخيل"؛ معتبراً أنّ غياب الجمعيات التعاونية المتخصصة -خصوصاً الجمعيات التعاونية التسويقية- يعود إلى ضعف ثقافة العمل الجماعي التعاوني، مشيراً إلى أنّه يوجد في المملكة حوالي (27) جمعية زراعية تشرف عليها وزارة الزراعة، منها حوالي (23) جمعية تعتبر في حكم الميتة، لافتاً إلى أنّه تم التقدم إلى وزارة الزراعة لدعم الجمعيات الزراعية، من خلال إيقاف أي خدمات للمزارعين، مثل: تأييد طلب الحصول على عمالة، أو مبيدات، أو ما شابه ذلك، ما لم يكونوا أعضاء فاعلين في تلك الجمعيات.
وأضاف أنّ وزارة الزراعة قادرة على رعاية ودعم الجمعيات التعاونية الزراعية بمختلف تخصصاتها، كما أنّها قادرة على تخصيص الخدمات الموجودة بالوزارة ومنحها للجمعيات، ومنها إعطاء الجمعيات إمكانية دراسة المشروعات الزراعية، وكذلك صلاحية تأييد حصول المزارعين على العمالة الزراعية.
صورة الجمعيات
وعلّق "م. ناصر الناصر" على ما ذكره "عبدا لله العيّاف"؛ مبيّناً أنّ الجانب المهم في هذا الموضوع هو العودة للحديث عن الجمعيات التعاونية، مطالباً بتحسين الصورة الذهنية تجاه هذه الجمعيات، وزيادة الوعي بدورها في ظل إقرار الجهات العليا سلسلة من التنظيمات للجمعيات التعاونية، مشيراً إلى أنّ الغرب نجح بشكل باهر في تخصيص الجمعيات التعاونية، فهناك مثلاً جمعية تعاونية للماعز، وجمعية للجزر، وللبصل، والطماطم، وغيرها؛ لذا يجب أن ندخل في جمعيات متخصصة، على أن تشارك وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الزراعة فيها، مطالباً صندوق التنمية الزراعية أن يتعامل بطريقة أكثر مرونة؛ لأنّه يتعامل مع تنمية عميقة في الوطن.
إعادة هيكلة الإعانات الزراعية
صدر قرار مجلس الوزراء رقم 217 بتاريخ 7/28/ 1425ه بإعادة هيكلة الإعانات الزراعية؛ وفقاً لما رآه مجلس إدارة صندوق التنمية الزراعية الذي يقضي بما يلي:
- تشمل الاعانات الزراعية المعدات والتجهيزات المنفذة على أرض المنشأة الزراعية التي لها علاقة بالعمليات الزراعية والإنتاجية والتسويقية المباشرة، بما في ذلك المستودعات المبردة الملحقة بالمشروعات الإنتاجية والناقلات المبردة، ومعدات الفرز والتدريج والتعبئة لدى المنتجين؛ على أن تشمل هذه الإعانة الجمعيات الزراعية والصناعات التي تعمل على توطين صناعة المعدات والتجهيزات التي تستخدم حديثاً في المشروعات والأنشطة الزراعية كقطاع الدواجن والألبان، والمعدات الحقلية.
- لا تشمل الإعانات حفر الآبار أو مضخاتها أو المباني السكنية أو الإدارية أو رأس المال العامل أو المركبات، ما عدا الناقلات المبردة المستخدمة في العمليات التسويقية المباشرة لنقل الإنتاج إلى الأسواق.
- تُمنح الإعانة بمقدار (25%) من قيمة القرض للمجالات المشمولة بالإعانة، ولا تتحقق تلك الإعانة إلاّ بالتزام المقترض بسداد أقساط القرض في المواعيد المتفق عليها في عقد القرض مع الصندوق، وخلال مدة محددة من حلول القسط، ويحسم من قيمة القسط ما يعادل نصيبه من الإعانة المقررة ، أما إذا لم يسدد المقترض القسط في الموعد المقرر أو خلال المدة المعطاة للسداد؛ فتنتفي الأحقية في الإعانة ويطالب بسداد قيمة القسط كاملة.
«نطاقات» يهدد استمرار المشروعات الزراعية..!
يعاني العديد من المستثمرين الزراعيين لتحقيق اشتراطات وزارة العمل المتعلقة بالموافقة على إصدار التأشيرات الجديدة للعمالة وفقاً لبرنامج "نطاقات"، حيث يصعب تحقيق شرط توظيف سعودي لكل (10) تأشيرات، خصوصاً في ظل عدم توافر العمالة الوطنية الراغبة في العمل بالمجال الزراعي.
وقد بذل كثيرون جهوداً حثيثة لتوفير عمالة وطنية، لكنها لم تثمر عن نتائج ملموسة؛ نظرا لرفض الشباب الإنخراط في العمل، إلى جانب فشل التجارب السابقة، إذ يعمد البعض إلى ترك العمل من دون سابق انذار، إلى جانب كون الرواتب متدنية للغاية، إذ تتراوح بين (600) و(800) ريال شهرياً للعمالة الوافدة، فيما لا يقبل المواطن براتب أقل من (2000) ريال، كما أنّ طبيعة العمل تتطلب التواجد في المزرعة منذ الصباح الباكر وحتى غياب الشمس، فضلاً عن كونها تقع في أماكن بعيدة عن النطاق العمراني، وقد تقع بعض المشروعات الزراعية في مأزق بسبب نظام "نطاقات"؛ مما يتسبب في خسائر مادية، وربما تعثر المشروعات أو توقفه، خصوصا وأنّ الوزارة ستحرم العمالة من الحصول على تجديد الرخصة، وتجديد الإقامة، وبالتالي إصدار تأشيرة الخروج النهائي؛ مما يعني عدم القدرة على استثمار الموسم الزراعي بالشكل الأمثل.
من يدفع الفارق؟
انتقد "سليمان الملوحي" أساليب الصندوق في الإقراض، معتبراً أنّ المبالغ لا تتماشى مع قيمة المعدات أو التجهيزات التي يقرضها الصندوق، مشيراً إلى أنّ هناك ماكينة بسعر (300.000) ريال، والصندوق يقرض المزارع (130.000) ريال، متسائلاً عن من يدفع الفارق؟، ولمن سوف يلجأ المزارع في حال عجزه عن توفير كامل المبلغ، مطالباً بأن يتم منح المزارع كامل التكلفة من دون إدخاله في تصنيفات الشرائح.
وقال إنّ هذه الطريقة سوف تحدث خللاً لدى المزارع، حيث قد يلجأ من خلالها إلى البحث عن معدات وتجهيزات رديئة أو ليست بالجودة المطلوبة؛ مما يهدد استمرارية المشروع، مشدداً على أهمية تمديد فترة السماح المحددة إلى خمس سنوات، حيث إنّ السنتين الأولى لأي مشروع تعتبر تأسيسية، وقد يتعرض فيها المزارع إلى الخسارة أو عدم تحقيق الربحية، أو تطبق القروض طويلة المدى بحيث تمتد من (15-20) سنة، مستشهداً بالمشروعات المتعثّرة التي عُمل لها جدولة من جديد بعد تحويل ملكيتها إلى مستثمر زراعي آخر، بينما صاحب المشروع الأصلي لا يتم معه تطبيق هذا المبدأ!.
إيقاف دعم القمح أثّر في بعض المشروعات الزراعية
دراسات جدوى نمطية..!
أوضح "خالد اليحيا" أنّ آلية منح القروض في صندوق التنمية الزراعية تعتمد على تقديم دراسات جدوى نمطية، وليس هناك متابعة جدية لكيفية إدارة هذه القروض من نواحي فنية، وإدارية، وتسويقية، وتطويرية، ومعالجة المعوقات، التي تواجه المزارعين في حينه؛ مما أدى إلى تعثّر بعض هذه المشروعات، أما من جانب المزارعين فليس لديهم أي مرجعيات زراعية تعينهم على إدارة مشروعاتهم، مثل: الجمعيات الزراعية التعاونية التي تقدم لهم العون الفني والتسويقي.
وقال إنّ هناك فرقاً من الناحية القانونية بين الاقتراض من بنك تجاري يواجه مقترضاً متعثّراً، فيدخل الدين في دائرة الديون المعدومة أو المشكوك في تحصيلها بعد استنفاد وسائل استرداد الدين -من ضمانات وغيره-، وبين الاقتراض من بنك أو صندوق تديره وزارة المالية، ويخضع لمراقبة ديوان المراقبة العامة، فهنا المقترض أمام نظام، وبالتالي إزاء تحصيل؛ مما يفرض على المزارع المتعثّر البحث عن حلول في كثير من جوانبها قانوني وإجرائية، مثل: إعادة الجدولة وغيرها، وبالتالي على الجهات المعنية بحث ومعالجة حلة كل مزارع على حدة نسبة إلى الظروف التي أدت إلى تعثره.
مزارعون باعوا آلياتهم لسداد الصندوق الزراعي بعد تعثّر مشروعاتهم
مقترحات وتوصيات
- رفع سقف القروض من (20.000.000) إلى (30.000.000) للمشروع الواحد.
- جعل نسبة التمويل (100%) من قيمة القرض.
- تحويل القروض من متوسطة الأجل إلى طويلة الأجل من (15-20) سنة، بدلاً من (10) سنوات.
- إعادة دراسة أسعار إقراض الآلات والمعدات، حيث إنّ الأسعار على اللوائح القديمة، ولا تواكب الزيادة في أسعار المعدات والتي أغلبها يكون مستوردا من الخارج، وتحديثها كل فترة لتتماشى مع الأسعار السائدة بالأسواق.
- جعل الإعانة التي تخصم عند السداد من(25%) إلى (50%) خلال فترة السماح المقدرة بفترة ستة أشهر، بحيث تتدرج نسبة الإفادة من خصم الإعانة كلما كان السداد مبكراً، مثال: من يسدد بالشهر الأول يحصل على (50%) من الخصم، وفي الشهر الثاني (40%) ..الخ.
- تفعيل وتوسيع نطاق إعانة أدوات ترشيد استهلاك المياه والتي كانت مقررة بنسبة (75%)، حيث إنّ النظام في هذه النقطة غير واضح.
- إقراض عمليات الصيانة وقطع الغيار؛ لكي تساعد المزارع في استبدال بعد الأعيان التي تستهلك أثناء فترة المشروع.
- منح قروض على البذور، والأسمدة، والمبيدات، لكل موسم، وليس لموسم واحد فقط.
- التنسيق بين وزارة الزراعة وصندوق التنمية الزراعية من أجل تطبيق الروزنامة الزراعية، والدورة الزراعية، وربطها بعملية إقراض البذور والأسمدة.
- دعم إقراض ورفع إعانة السداد للمشروعات التي تطبق الزراعة العضوية والزراعة النظيفة.
- الزيارات الدورية للمشروعات المتخصصة؛ للإشراف عليها، ومتابعتها، والتأكد من تطبيقها الإجراءات السليمة.
المشاركون في الندوة :
م. ناصر بن حمد الناصر استشاري في القطاع الزراعي عضو مجلس إدارة صندوق التنمية الزراعية الأسبق
م. عبد الرحمن بن عبد الله الجمعة مدير إدارة الزراعة بالمديرية العامة للزراعة بالقصيم
سليمان بن محمد الملوحي نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بعنيزة، رئيس مجموعة الملوحي الزراعية
صالح بن حسن المهنّا مُزارع بيوت محمية
عبد الله بن سليمان العيّاف مزارع، عضو الجمعية التعاونية لمنتجي التمور بالقصيم
يوسف بن عبد الله الدخيل عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بعنيزة، رئيس لجنة الزراعة والتمور
خالد بن عبد العزيز اليحيا محامٍ ومستشار قانوني، عضو لجنة المحامين بغرفة القصيم
محمد بن صالح السلمان مدير عام شركة السلمان الزراعية ببريدة
منصور الجفن
مواقع النشر