المدينة المنورة - واس : يحرص حجاج بيت الله الحرام، على زيارة المساجد والمعالم الدينية والتاريخية التي تزخر بها مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم بعد أن منّ الله عليهم بأداء شعائر الركن الخامس من أركان الإسلام بيسر وأمان.
ويشكّل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الوجهات التي ينشدها الزائرون لطيبة الطيبة، يؤدون فيه الصلاة، ويتشرفون بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما، كما يحرص ضيوف الرحمن على زيارة جوامع قباء والقبلتين وساحة معركة أحد ومقبرة الشهداء، والمساجد السبعة، ومسجد الجمعة وجبل أحد، وتوثيق زياراتهم لكافة الأماكن التاريخية والدينية قبل عودتهم إلى أوطانهم.
ويعدّ المسجد النبوي أحد أكبر المساجد في العالم وثاني أقدس موقع في الإسلام بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة وهو أحد المساجد الثلاثة التي وردت في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، مسجدي هذا والمسجد الأقصى والمسجد الحرام»، وهو المسجد الذي بناه النبي صلى الله عليه وسلم عند قدومه من مكة المكرمة مهاجراً.
وشكل المسجد النبوي بعد الهجرة مركزاً للدعوة الأولى إلى الله تعالى والمدرسة الأولى في الإسلام، ويضم المحراب والمنبر والأساطين، والحجرة النبوية الشريفة، وهي الحجرة التي سكنها النبي الكريم وأزواجه المطهرات، وتقع الحجرة داخل مسجده وفيها قبره عليه الصلاة والسلام، وقبر أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وشارك في بنائه الصحابة رضوان الله عليهم، وتعهده الخلفاء عبر التاريخ بالتوسعة والصيانة، وشهد المسجد عدّة توسعات عبر التاريخ، بدءاً بعهد الخلفاء الراشدين ثم الدولة الأموية فالعباسية والعثمانية، وأخيراً في عهد الدولة السعودية حيث شهد المسجد النبوي توسعات تاريخية تعدّ الأكبر لاستيعاب الأعداد المتزايدة من المصلين والزائرين في مواسم العمرة والحج وعلى مدار العام.
ويعتبر المسجد النبوي أول مكان في الجزيرة العربية يتم فيه الإضاءة عن طريق استخدام المصابيح الكهربائية وذلك عام 1327هـ، وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - أصبح من أكبر مساجد العالم، حيث يستوعب مع ساحاته ما يزيد على مليون مصل.
كما يعتبر المسجد النبوي مركز إشعاع للعلماء وطلاب العلم، حيث تنظمّ في رحابه حلقات العلم الشرعي في القرآن الكريم وعلومه، كما يشاهد الزوار المعالم التاريخية والأثرية التي يفوح منها عبق النبوة وبما يعيد إلى أذهانهم الذكريات العطرة، والصور الرائعة للسيرة النبويّة الخالدة على هذه الأرض المباركة.
ويمثّل جامع قباء، إحدى أبرز المحطات التي يقف عندها الزائرون خلال زيارتهم لطيبة الطيبة، إذ يعدّ أول مسجد بني في الإسلام، وأول مسجد بني في المدينة النبوية، ويقع مسجد قباء إلى الجنوب من المدينة المنورة، وقد بناه النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حينما هاجر من مكة المكرمة متوجهاً إلى المدينة، وقد اهتم المسلمون من بعده بعمارة المسجد خلال العصور الماضية، فجدده عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم عمر بن عبد العزيز في عهد الوليد بن عبد الملك، وتتابع الخلفاء من بعدهم على توسعة المسجد وتجديد بنائه، وقام السلطان قايتباي بتوسعته، ثم تبعه السلطان العثماني محمود الثاني وابنه السلطان عبد المجيد الأول، حتى كانت التوسعة الأخيرة في عهد الدولة السعودية وقد تم توسعة المسجد ليستوعب 55 ألف مصلٍ، وكلفت الوزارة أحد أمهر المكاتب الهندسية المتخصصة في العمارة الإسلامية لتصميم المسجد على نسق المسجد القديم.
ولمسجد قباء فضلٌ عظيم، فقد ورد فيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء وصلى فيه كان له كأجر عمرة"، كما ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم أن النبي كان يأتي مسجد قباء كل سبت ماشياً وراكبًا فيصلي فيه ركعتين.
ويحرص حجاج بيت الله الحرام أثناء قدومهم لطيبة الطيبة على زيارة مسجد القبلتين وأداء الصلاة فيه، حيث يقع في منطقة بني سَلِمَهْ على هضاب حرة الوبرة في الطريق الشمالي الغربي للمدينة المنورة، وفيه نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتحول إلى قبلة الكعبة المشرفة بعد أن كانت القبلة هي بيت المقدس، وذلك يوم الـ 15 من شعبان من العام الثاني للهجرة، كما جاء في الآية الكريمة: "قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ".
كما يمثّل موقع المساجد السبعة أحد المواقع التاريخية التي يحرص زوار المدينة المنورة على زيارتها، والذي جرت فيه أحداث موقعة الخندق، كما يتوافد الزوار على العديد من المواقع الدينية والتاريخية ومنها مسجد سيدنا حمزة، وجبل أحد الذي سُمّي بجبل أحد لتوحده وانقطاعه عن غيره من الجبال أو لما وقع لأهله من نصرة التوحيد ويقع شمال المدينة وبسفحه وقعت معركة أحد، وقبر "سيد الشهداء" أسد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حمزة بن عبد المطلب، وقبور شهداء أحد، ويبعد عن المسجد النبوي الشريف بحدود 5,5 كم تقريباً.
ومن فضائل هذا الجبل أنه على ترعة من ترع الجنة، وأنه يحبنا ونحبه، فهذا كله فضل من الله تعالى، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أحد جبلٌ يحبّنا ونحبّه، وهو على ترعةٍ من تُرع الجنة"، رواه ابن ماجة.
ويقف كثير من زوار طيبة الطيبة على جبل الرماة وهو جبل صغير يقع في الجهة الجنوبية الغربية من جبل أحد في المنطقة التي وقعت فيها المعركة سنة ثلاث للهجرة، وسمي بجبل الرماة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع الرماة عليه قبيل المعركة، وأوصاهم أن يحموا ظهور المسلمين وليمنعوا تسلل المشركين من خلفه.
كما يقصد الزوّار مسجد الجمعة الذي صلّى في موضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما خرج مهاجراً من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وعلى مقربة من محل إقامته بقباء أدركته صلاة الجمعة فصلّاها في بطن وادي الرانوناء، وسمّي بمسجد الجمعة.
ويفد الزوار إلى مسجد الميقات الذي يعرف كذلك بمسجد ذي الحليفة، وكذلك بمسجد الشجرة، والشجرة المقصودة هي الشجرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم ينزل تحتها بذي الحليفة كما ذكر في صحيح مسلم، وذي الحليفة هو ميقات أهل المدينة المنورة ومن مرّ بها، ويمر عليه الحجاج لعقد نية الإحرام للعمرة والحج، إضافة إلى كونه معلماً سياحيا بارزاً ونقطة تسوق.
وتحتضن مدينة المصطفى صلى الله صلى الله عليه وسلم مقبرة البقيع التي دفن فيها أكثر من 10 آلاف صحابي من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام وكثير من التابعين، كما أنها مقبرة أهل المدينة المنورة ومن مات فيها من المسلمين، وتقع بمحاذاة المسجد النبوي في الجهة الشرقية، حيث يسنّ زيارته والسلام على الأموات والدعاء لهم بما ورد في السنة النبوية المطهّرة.
مواقع النشر