سابعا : ميراث أولاد الأم
أولاد الأم هم الذين شاركوا المورث في أمّه دون أبيه ، وهؤلاء الإخوة أدلوا إلى الميت بواسطة الأم وكان مقتضى القاعدة أن " من أدلى إلى الميت بواسطة حجبته تلك الواسطة إن وجدت " لكن الإخوة لأم يشذون عن هذه القاعدة حيث يرثون مع وجود أمهم التي أدلوا بها إلى الميت ، بل الأكثر من ذلك أنهم يحجبونها من الثلث إلى السدس عند تعددهم ، كما يشذون أيضا عن تطبيق القاعدة العامة للميراث في أن للذكر مثل حظ الأنثيين ، حيث يشتركون في الثلث إذا ما تعددوا ذكرهم كأنثاهم ،و لميراثهم صور :
الصورة الأولى : الـسـدس فـرضـا :
و ذلك بالشروط التالية :
1 ـ انفراد الأخ لأم ذكرا كان أو أنثى .
2 ـ انعدام الفرع الوارث مطلقا ذكرا كان أو أنثى مباشرا أو غير مباشر.
3 ـ انعدام الأصل المذكر ( الأب و الجد ) .
مثال 1 : هلك عن : زوجة و أم و أخ لأم .
الزوجة : الربع فرضا لانعدام الفرع الوارث مطلقا .
الأم : الثلث فرضا لانعدام الفرع الوارث مطلقا ، و انعدام العدد من الإخوة .
الأخ لأم : السدس فرضا لانفراده و انعدام من يحجبه .
مثال 2 : هلك عن : أم و أخت شقيقة و أخت لأم .
الأم : السدس فرضا لوجود العدد من الإخوة .
الأخت الشقيقة : النصف فرضا لانفرادها و انعدام من يعصبها و انعدام من يحجبها .
الأخت لأم : السدس فرضا لانفرادها و انعدام من يحجبها .
مـلاحـظـة : إن إعطاء الواحد من أبناء الأم السدس هو أن هذا السدس هو نصيب الأم ، ولا يعقل أن يأخذ الأخ لأم أكثر ممن أدلى بها .
الصورة الثانية : الـثـلـث فـرضـا :
و ذلك عند تعدد أولاد الأم ذكورا وحدهم ، أو ذكورا وإناثا ، أو إناثا وحدهن ، يشتركون في الثلث للذكر مثل حظ الأنثى ، شريطة انعدام من يحجبهم .
مثال 1 : هلك عن : زوجتين و أم و أخ لأم و أخت لأم .
الزوجتان : الربع فرضا لانعدام الفرع الوارث مطلقا ، يقتسمانه على السواء .
الأم : السدس فرضا لوجود العدد من الإخوة .
الأخ لأم + الأخت لأم : الثلث فرضا لتعددهما و انعدام من يحجبهما ، يقتسمانه على السواء .
ملاحظة : إن إعطاء أولاد الأم الثلث في حال التعدد لأنه الحد الأقصى للأم ، فيأخذونه هم أيضا عند تعددهم مهما بلغ ذلك العدد ويقتسمونه بالسوية بينهم دون مفاضلة وذلك لأنهم يدلون جميعا بالرحم المحض فكانت المساواة بينهم عادلة.
الصورة الثالثة : الحجب :
يحجب أولاد الأم بستة أشخاص :
1 ـ الابن .
2 ـ ابن الابن .
3 ـ البنت .
4 ـ بنت الابن .
5 ـ الأب .
6 ـ الجد .
مثال 1 : هلك عن : أم و أب و أخوين لأم .
الأم : السدس فرضا لوجود العدد من الإخوة .
الأب : الباقي تعصيبا لانعدام الفرع الوارث مطلقا .
الأخوان لأم : محجوبان بالأب .
مثال 2 : هلك عن : بنت و بنت ابن و أم و أخت لأم .
البنت : النصف فرضا لانفرادها و انعدام المعصب لها .
بنت الابن : السدس فرضا تكملة للثلثين .
الأم : السدس فرضا لوجود الفرع الوارث .
الأخت لأم : محجوبة بالبنت .
دلــيــل مــيــراث أولاد الأم :
الأصل في ذلك القرآن الكريم :
قال تعالى : (( وان كان رجل يورث كلالة أو امرأة و له أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ، وإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصي بها أو دين )) النساء 12 .قال صاحب الكشاف : " و الكلالة المقصود بها أحد أمور ثلاثة أو تنطلق على أحد أمور ثلاثة : على من لم يخلّف ولدا و لا والدا ، وعلى من ليس بولد و لا والد من المخلّفين ، وعلى القرابة من غير جهة الولد والوالد ، و الكلالة في الأصل مصدر بمعنى الكلال وهو ذهاب القوة من الإعياء ، واستعير للقرابة من غير جهة الولد والوالد " .
و قال " أبو بكر" ـ رضي الله عنه ـ عندما سئل عن الكلالة : " أقول فيها برأي فإن يكن صوابا فمن الله ، و إن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، والله ورسوله بريئان منه : الكلالة من لا ولد له و لا والد " .
و لما ولّي " عمر " ـ رضي الله عنه ـ قال : " إنني أستحي أن أخالف أبا بكر في رأي رآه " رواه ابن جرير وغيره عن الشعبي .أما الأخوة المقصودة في هذه الآية فهي الأخوة لأم ، وقد انعقد الإجماع بشأنهم ، ومما يؤكد هذا قراءة أبّي : (( وله أخ أو أخت من الأم )) ، وقراءة سعد بن أبي وقاص : (( وله أخ أو أخت من أم )) ، كما يزيد هذا التفسير تأكيدا هو ورود لفظ الكلالة في آخر السورة وذلك في قوله تعالى (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة )) وتفسيرهم للأخوة الواردة فيها بالإخوة الأشقاء أو لأب .
و بعد التسليم بهذا يكون منطوق الآية و لفظها دالا على أن للأخ لأم و الأخت لأم إذا ما انفردا السدس فرضا ، و إذا ما تعددوا بأن كانوا أكثر من الواحد ، اثين أو ثلاثة أو أكثر ، ذكورا أو إناثا أو مختلطين ، فلهم الثلث فرضا يقتسمونه على السواء ذكرهم كأنثاهم ، و إن كان هناك قول بأنهم يرثون في الثلث للذكر مثل حظ الأنثيين ، و لكن الرأي الأول أظهر لأنه يتفق مع المبدأ الذي قررته الآية نفسها حين جعلت الذكر و الأنثى سواء في أخذهما للسدس عند انفراد أيها به ، كما أن سياق الآية و هو : (( فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث )) يقتضي المساواة في النصيب حيث كلمة " الشركة " عند إطلاقها تقتضي ذلك .
أما دليل حجبهم فهو قوله تعالى : (( و إن كان رجل يورث كلالة )) حيث كما قلنا من قبل أن الكلالة هو من لا ولد له و لا والد ، لذا فهم يحجبون من الميراث بالولد ذكرا كان أو أنثى مباشرا أو غير مباشر ، ويحجبون بالوالد وهو الأب و الجد و إن علا .
مـلاحـظـة : اختص الإخوة لأم بخمسة أشياء هي :
1 ـ يرثون مع من يدلون بها وهي الأم .
2 ـ و يحجبونها من الثلث إلى السدس إذا تعددوا .
3 ـ ويرث ذكرهم المنفرد كأنثاهم .
4 ـ و يتساوون فيما يرثون في حالة التعد ( للأنثى مثل حظ الذكر ) .5 ـ و يحجبون بالأنثى في ميراثهم .
يقول صاحب الرحبية :
وولـــــــــــــدُ الأمِ ينالُ السُدْسا *** والشرطُ في إفرادِهِ لا يُنسـى
والثلث فرضُ الأم حيث لا ولدْ *** ولا من الإخوةِ جمْعٌ ذو عَدد
.
.
وهْــــــــــــــو للاثنين أو ثنتينِ *** مِن ولـَدِ الأم بغيرِ مَيْـــــــــنِ
وهكــــــذا إن كثـُروا أو زادوا *** فما لهم فيما ســـــــــواه زادُ
ويستــــــــوي الإناثُ والذكورُ *** فيهِ كما قد أوضحَ المسطورُ
مواقع النشر