[align=center]طفلك في التاسعة
عن سن التسع سنوات يدور حديثنا التالي، نتوقع من ابن التاسعة أنه أتقن المهارات المختلفة مر بمرحلة مشاهدة الأنشطة وتأملها بدون مشاركة في السابعة جرّبها في الثامنة وتدرب عليها أتى بها مرة صح ومرتين غلط، الآن في التاسعة نتوقع أنه أتقن مهارات وأنشطة مختلفة سواء تعبدية أو منزلية أو اجتماعية.
ابن التاسعة لديه ثقة في نفسه مع هدوء داخلي، هذه الثقة وهذا الهدوء عاملان يساعدانه ليكون أكثر استقلالية عن والديه سواء استقلالية فكرية أو استقلالية اجتماعية تجد من استقلاله الفكري عن آراء الكبار أنه رغم اهتمامه بهذه الآراء وتأثره بها إلا أنه يجادل فيها ويتحداها أحياناً فينتقد الكبار يهيئ نفسه ويهيئكم لاستقلاله الفكري المنتظر في مراهقته، علينا أن نتجنب فرض آرائنا الشخصية عليه بل نعرضها عرضاً ونحترم آراءه قد يزداد عدم تقبل ابن التاسعة لآراء الكبار إذا لم يجد منا من يحرص على الاستماع إليه ومعرفة ما يدور في ذهنه من اعتراضات أو آراء مخالفة فيتحاور مع ابنك بشكل سليم ويحترم حقه في أن يكون له رأيه الخاص.
بالمناسبة احترامك لآرائه لا يعني بالضرورة موافقتها، يقول الدكتور عبد اللطيف خياط في كتابه المميز (دليل الأم للأعمار من 8 – 14 سنة): "لا يعني احترامك لأبنائك الموافقة على كل ما يفعلون أو يقولون، وإنما يعني أن تعتقدي وتظهري أن لهم الحق أن يكون لهم آراؤهم ومشاعرهم".
ابن التاسعة يهيئ نفسه وأسرته لاستقلال آخر غير الاستقلال الفكري، يهيئ نفسه وأسرته للاستقلال الاجتماعي المنتظر في مراهقته، فتجده يهتم بأصدقائه أكثر مما يهتم بالعائلة واستعداداً لمثل هذا الاستقلال الاجتماعي نخلق بدورنا الفرص مبكراً لاحتكاكه بالبيئات الاجتماعية المنتقاة التي تعينه على الفضيلة، سواء على الصعيد الأسري في اختيار منطقة السكن واختيار الأسر التي نوثق علاقتنا بها أو على الصعيد المدرسي _إن أمكن_ من خلال المدارس الأهلية الإسلامية المميزة أو على الأقل ذات السمعة الجيدة من المدارس الحكومية ثم تشجعيه على حسن اختيار الصديق وتكرمين أصدقاءه وتتوددين لهم وتحرصين أن تكوني أنت أقرب أصدقائه إلى قلبه.
الاستقلالية الاجتماعية الناشئة عنده تجعلنا نحرص أكثر وأكثر على تنمية مراقبته لله هذه المراقبة التي بدأناها منذ سن الثالثة واستمرت نختار المواقف المناسبة في الحياة لنتلو على مسامعه قول الله _تعالى_: "مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" (المجادلة: من الآية7)، نردد كثيراً مثل هذه الآية من سورة المجادلة ونربطها بحياتنا حتى ينغرس معناها في نفسه وتبقى حاضرة في ذهنه تؤتي أكلها كل حين.
في هذا السن يعكس ابنك حالته النفسية والمزاجية على جسده أحياناً يعني ممكن يده تؤلمه لما يصير عليه واجب مثلاً، أو بطنه يؤلمه لما يكون لازم يرتب غرفته، ما أستعجل في تصديق أو تكذيب ادعائه أتحقق أكثر إذا تبين فعلاً أنها صورة للهروب مما يكره أتصرف بلطف وأشاركه شعوره أن هذا العمل ممل ومتعب فعلاً إنما يجب القيام به وأبذل جهدي لجعل العمل أكثر متعة، فإذا تجاوب أدعو له بالتوفيق وأتابعه وأثني على جهده يعني مثلاً بنتك يا أختي ما حلت الواجب وبدأت تتعذر أن عيونها تعورت، ليه يا بنتي عسى ما شر وريني عيونك خليني أشوفها إذا حسيتي أن ما فيها شيء، آه الله يعينك أنت عندك واجب القواعد فيه تعب عليكِ، أنا أعرف غير أنه ممل وثقيل دم صح! الشكوى لله بعد، الله يعينك وريني الدفتر أشوف، إيش رأيك إذا خلصتِ الحل نزين الواجب نحط ملصقات ونعدل فيه ونخليه أحلى واجب تشوفه أبلتك، إيش رأيك خلاص ماشي يلا أنا سآتي الآن ملصقات وبعض الحركات والزينة، وأنتِ خلاص ابدئي الله يقويك، بعد ذلك ما ننسى المتابعة ثم الدعاء والثناء على جهدها بعد الإنجاز، كان هذا المثال هو ختام حديثنا عن سن التسع سنوات.
إذن تحدثنا عن ابن السنتين، ثم السيد (لا) ابن السنتين ونصف، ثم جامع القاموس ابن الثالثة، ثم وصفنا الثورات الثلاث (ثورة العاطفة وثورة السلوك وثورة العقل) على التوالي عند ابن الثالثة والنصف وابن الرابعة وابن الرابعة والنصف، ثم مرحلة التوازن والهدوء والتمركز حول الأم في الخامسة، ثم التغلب والتمركز حول الذات في السادسة، ثم المراحل الثلاث لإتقان المهارات والأنشطة وهي على التوالي مرحلة التأمل ومرحلة التجربة ومرحلة الإتقان وظهور الاستقلال أيضاً في السابعة والثامنة والتاسعة، وكما ذكرنا سابقاً كل طفل هو حالة خاصة ولا يتطابق نموه مع أي طفل آخر ولا يوجد الطفل المتوسط الذي يقاس عليه فلا غرابة إذا لم يطابق وصف عمر ما في هذه المادة حال طفلكم.
يتبع ...[/align]
مواقع النشر