((( 120 )))
هاربات وهاربون لـ «عكاظ»:
الضـــــــــرب المــــــــــبرح والاضطهاد دفـــــــعانـــا إلـــــــــــــــى المجــــــهول
سعاد الشمراني ـ الرياض، منى الشريف ـ جدة
ناقشت «عكاظ الشباب» سابقا ظاهرة هروب الفتيات والفتيان من النواحي الأمنية، وفي هذه المساحة نناقش معهم الأسباب التي تدعوهم إلى هذا الهروب والخروج من المنزل إلى عوالم مجهولة، وهنا التقينا بحالات مارست هذه التصرف، بينوا لنا لماذا الهروب أو التفكير فيه، وما هي العوامل التي تدفعهم لهجران الأسرة والمنزل إلى غير رجعة؟
الضرب المبرح
عندما أصبحت في نهاية المرحلة الثانوية كنت أهرب مع أصدقاء السوء من المدرسة، وعندما علم والدي بذلك ضربني ضربا مبرحا حتى سالت الدماء من جسدي، فاضطررت للهروب من المنزل واختبأت في شقة أحد الوافدين الأجانب، فسعى الوالد في طلبي والبحث عني وعندما علم بمكاني أعادني للمنزل، ولكن للأسف أحجمت وأعرضت عن الدراسة بشدة فاضطر والدي إلى إلحاقي بالمجال العسكري فكان الوضع فيه أصعب وأمر بسبب العقوبات الصارمة التي لم أتحملها لصغر سني، فتارة أعاقب بالزحف على الأسفلت في وسط الظهيرة وتارة الوقوف في البرد القارس ليلا، فاضطررت إلى الهروب ثانية ولكنني لم أعد إلى المنزل خوفا من عقاب والدي فكانت النتيجة 8 أشهر من الضياع حاولت خلالها البحث عن أي عمل يدر علي المال، ولك أن تتخيل هذه الأعمال (حراسة، حمال، وغيرها من الأعمال) ودفعت ثمن ذلك من أخلاقي وقيمي التي تربيت عليها في منزلي.
وعندما ضاقت بي السبل وكبرت معاناتي وتعبت من استغلال ضعاف النفوس لظروفي وحاجتي، قررت العودة إلى حضن أسرتي مهما سيكون عقابي، ولكن والدي استقبلني واحتواني بعفوه الأمر الذي فاجأني فعلا. وأنا أقترح على الآباء أن يحتووا أبناءهم بالحب والنصح والإرشاد وحل مشكلاتهم بالرفق واللين.
سعد.ع ـ الرياض
حبسوني في المنزل
أنا فتاة تجاوزت الـ30 من العمر، أفكر جديا في الهرب من المنزل والسفر إلى خارج المملكة عن طريق البحرين، السبب أنني أعاني مع أسرتي التي ترفض تزويجي من الشخص الذي أحبه منذ 6 سنوات وتقدم لي مرات عدة، لكنه يواجه بالرفض من إخوتي الذين استغلوا وفاة والدي ومرض والدتي لفرض قيودهم علي ومنعي من إكمال دراستي وحبسي في المنزل إلى أن تقدم بي العمر، ما جعلني أفكر في الهرب مرارا.
س. ص ـ الدمام
هروب مستمر
تزوجت منذ 14 عاما، كان عمري حينها 17 عاما، وبدأت أتحمل معاناة الضرب المبرح بلا سبب، ولم يكن لي أحد ألجأ إليه، حيث كان أبي منفصلا عن والدتي وكلاهما متزوج، وكان زوجي دائما ما يعايرني «انتي ما وراك رجال ولا انتي بنت رجال» ويستدل على ذلك بألا أحد منهم يزورني أو يتفقد أحوالي، بدأ زوجي يمارس عادة ضربي منذ بداية زواجي به، وكنت لا أستوعب لماذا يمارس هذا التصرف ضدي، وكنت أخاف منه في تلك السن الصغيرة، وفي كل مرة أهرب يعيدني ويفصل خطوط الهواتف النقالة والثابتة ويغلق الأبواب علي، وتستمر معاناتي مع الحمل ومع ضربه اللا مبرر، وعندما كبرت في أواخر العشرينيات صرت أفهم وأشتكي، وآخر مرة ضربني نزفت دما إلى أن أغمي علي، وأتت الشرطة التي أنقذتني منه بتقرير طبي بعد أن أبلغتهم جارتي بوضعي، بعدها هربت من هذا الوحش الكاسر وإلى الآن أنا هاربة بأطفالي الخمسة في منزل جارتي أولا ثم استأجر لي أهل الخير منزلا أقيم فيه ولا يعرف زوجي عني أي طريق لأنه لو عرف لقتلني.
حنان محمد ـ جدة
إجبار على الزواج
أنا في الـ17 من عمري، هربت من منزل والدي بعد أن تعرضت لضرب شديد من أخي بسبب رفضي الزواج من صديقه، والدتي مطلقة ومتزوجة من زوج آخر وأنا أسكن مع والدي وزوجته وأخي من أبي الذي يجبرني كثيرا على السهر وترك المذاكرة لأطبخ له ولندمائه دائمي السهر لديه، وهم يسهرون على الشيشة والسكر والأفلام الخليعة، ودائما ما كنت أخاف على نفسي وأبلغت أبي عن هذا الوضع، والنتيجة أن زوجته تنتقم مني بضربي وطردي من البيت، فقررت الهروب من هذا الجحيم لأبحث عن حياة أفضل.
سليم عبدالله ـ جدة
مدمن مخدرات
عمري الآن 22 سنة وتزوجت عندما كنت في الـ14، ولدي الآن 4 أبناء ونسكن في غرفة على السطح في نفس عمارة أهل زوجي، أهلي يقيمون في جنوب المملكة، وحالتي محزنة جدا لأن زوجي مدمن مخدرات وقبض عليه، وأهله لا يهتمون بي أو بأبنائي ولا يطعموننا أو يصرفون علينا، وفي إحدى المرات هجم رجل على غرفتي في السطح فاستنجدت بأهل زوجي، لكن والدته اتهمتني بأنني على اتفاق معه، وطردتني وأبنائي إلى الشارع، وعندما اتصلت بوالدتي لأعود إليها طلبت مني أن آتي وحيدة دون أبنائي، وها أنذا هاربة من منزل إلى آخر لا أكاد استقر في مكان حتى أرحل منه.
فاطمة ـ جدة
أخصائي نفسي:
الهروب نتاج القسوة والفجوة بين الآباء والأبناء
لدكتور إبراهيم حسن الخضير رئيس قسم الطب النفسي بمستشفى القوات المسلحة بالرياض، أوضح أن الفجوة موجودة دائما بين الأجيال، بالإضافة إلى انعدام لغة الحوار بين الأب والابن، والتنافر الدائم بينهما موجود أيضا، بسبب تشدد الآباء الذين يرسمون خطى ثابتة لأبنائهم ليسيروا عليها ولا يقبلون التجاوزات في ذلك، في حين يرغب الابن أن يفرض رأيه وتوجهه، وهنا يقع الخلاف إذ يبحث الابن عن محيط آخر ليكون حياته بنفسه، فيلجأ للهرب بعيدا عن محيط أسرته وتحديدا محيط والده، بالإضافة إلى التأثيرات التي يحدثها رفاق السوء على الأبناء أو البنات، ولكن المشكلة تكمن في أن الهروب عادة ما يؤدي بالهاربة أو الهارب إلى ارتكاب أعمال وتصرفات غير أخلاقية ناهيك عن جرائم السرقة أو الإرهاب أو الجرائم الأخرى.
------------------------------------------
لاحول ولا قوة إلا بالله
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ }
{وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }النور33
والله إن في بعض القسوة الأسرية على الفتيات تحديدا إكراه غير مباشر على البغاء
ربما كردود فعل على واقع الحال وانتقام قهري من الأسرة والمجتمع وحتى الحاجة
إلى المادة في ظل هذا القهر والإضطهاد ولايعني موقفي هذا أني أبرر لمثل هذه الأفعال
ولكنه الهروب من القهر والعنف والتسلط هو دافعها بعد أن فقدت الأمان الذي أفقدها
وجاء الوازع الديني والأخلاقي فزلة قدم صغيرة تقودها حتما إلى الهاويه
اما الشباب فمصائبهم في أنفسهم تتطور إلى الإتيان بأفعال إجرامية غايتها كسب المال
ووهم الإثراء السريع
مجرد رأي يحتمل الخطاء والصواب
مواقع النشر